06‏/01‏/2022

هاروكي موراكامي والسوداوية المفرطة

 

هاروكي موراكامي والسوداوية المفرطة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.......................


     وُلد الروائي الياباني هاروكي موراكامي ( 1949 _ ... ) في مدينو كيوتو ، عقب الحرب العالمية الثانية ، لوالدَيْن يعملان في تدريس الأدب الياباني .

     أمضى معظم فترة صباه في مدينة كوبي . ومنذ طفولته كان موراكامي متأثرًا بالثقافة الغربية ، وبالتحديد الموسيقى والأدب الغربي . وقد درس الدراما في جامعة واسيدا في طوكيو حيث تعرَّف على زوجته يوكو .

     بدأ عمله في محل للتسجيلات ، ثم افتتح مقهى بطوكيو بمشاركة زوجته في عام 1974 . وفي عام 1978 ، وأثناء مشاهدته لمباراة بيسبول بإستاد جينجو ، داهمه الإلهام لكتابة رواية . وبدأ حينها في الكتابة . وانتهى من تأليف رواية " استمع للرياح تُغنِّي " المكوَّنة من 200 صفحة، في الخريف من نفس العام ، وشارك بها في مسابقة للكُتَّاب الجدد ، وفاز فيها ، ونُشِرت الرواية في العام التالي .

     نُشِرت روايته الثانية " بنبول 1973 " في عام 1980 . وتتناول مواضع الوَحدة والصداقة والقَدَر ، وتم ترشيح الرواية لجائزة أكوتاجاوا . ومع النجاح الذي حقَّقته أولى رواياته ، قرَّر أن يواصل عمله في الكتابة بشكل دائم ، وباع المقهى الخاص به .

     في عام 1982 ، أصدر رواية " مطاردة الخراف الجامحة " ، والتي شكَّلت مع الروايتين السابقتين " ثلاثية الفأر " .

     وفي عام 1985 ، نشر رواية " أرض العجائب الحارة ونهاية العالم " ، وهي رواية غريبة وسريالية ، وتنقسم بين روايات متوازية .

     وفي غضون عامين ، أصدر رواية " الغابة النرويجية " ( 1987 ) . وتدور أحداثها في طوكيو في أواخر الستينيات ، وهي الحقبة التي تظاهرَ فيها الطلاب اليابانيون ضد النظام الحاكم . وحازت الرواية على شُهرة واسعة بين الشباب . في أواخر الثمانينيات ، استاء موراكامي من المناخ الاجتماعي في اليابان ، ومن شُهرته المتزايدة هناك، فأقام مؤقتًا في أوروبا لعدة سنوات،ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1991.

     أقام بولاية نيوجيرسي ، وعمل باحثًا مساعدًا بجامعة برنستون ، وتمَّت ترقيته إلى أستاذ مساعد بالجامعة في عام 1992 ، ثم بدأ التدريس في جامعة وليام هوارد تافت في عام 1993 .

     وأثناء تدريسه بالجامعة ، كتب موراكامي عام 1995 ، واحدة من أفضل رواياته، وهي"نهاية تاريخ الطائر". وقد ركَّزت على جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الياباني في القارة الآسيوية ، وصوَّرتها بالكابوس .

     وفي عام 1995 ، تعرَّضت مدينة كوبي لزلزال مُدمِّر ، كما قامت جماعة " أوم شينريكيو " الدينية المتطرفة بتنفيذ هجوم على مترو أنفاق طوكيو ، مِمَّا دفع موراكامي إلى العودة لليابان ، وألهمته هذه الأحداث الأليمة لكتابة رواية " تحت الأرض " ( 1997 ) ، التي تُعتبَر تصويرًا واقعيًّا لحادث مترو الأنفاق الإرهابي ، ورواية " بعد الزلزال " ( 2000 ) ، وهي مجموعة من ست قصص قصيرة ، تستكشف الآثار النفسية التي خلَّفها الزلزال لدى سكان اليابان .

     أمَّا رواية " سبوتنيك الحبيبة " ( 1999 ) ، فتبحث في طبيعة الحب ، وتدور أحداثها حول اختفاء روائي شاب يُدعَى سومير .

     وفي عام 2002 ، صدرت أشهر رواياته " كافكا على الشاطئ " ، ونُشِرت الترجمة الإنجليزية لها في عام 2005 . وقد حقَّقت نجاحًا هائلاً فَوْر صدورها ، وحصلت على ثناء النُّقاد والقُرَّاء .

     تَمَّ تحويل بعض أعمال موراكامي إلى أفلام ومسرحيات . وفي عام 2015 ، تَمَّ اختياره ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة على المستوى العالم ، في القائمة التي تُعِدُّها مجلة التايم الأمريكية .

     لاقت أعماله نجاحًا باهرًا ، حيث تصدَّرت قوائم أفضل الكتب مبيعًا ، سواءٌ على الصعيد المحلي أَم العالمي ، وتُرجِمت إلى أكثر من خمسين لغة .

     حصل موراكامي أيضًا على عِدَّة جوائز أدبية عالمية منها ، جائزة عالم الفنتازيا ( 2006 ) ، وجائزة فرانك أوكونور العالمية للقصة القصيرة ( 2006 ) ، وجائزة فرانز كافكا ( 2006 ) ، وجائزة القدس ( 2009 ) .

     تأثَّرَ موراكامي بالكُتَّاب الغربيين ، وظهر هذا التأثر واضحًا في أعماله الأدبية ، الأمر الذي دفع بعض المؤسسات الأدبية اليابانية لانتقاد بعض أعماله لبُعدها عن المنهج الأدبي الياباني .

     وغالبًا ما تتَّسم أعمال موراكامي بالسريالية والسَّوداوية والعدمية، كما تتناول معظم رواياته موضوع الانسلاخ الاجتماعي والوَحدة والغربة والأحلام .

     يُعَدُّ موراكامي من أهم رموز أدب ما بعد الحداثة . كما وصفته مجلة الغارديان بأنه " أحد أعظم الروائيين في يومنا هذا " ، بسبب أعماله وإنجازاته .