27‏/02‏/2022

يوهانس فلهلم ينسن وسقوط الملك

 

يوهانس فلهلم ينسن وسقوط الملك

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................

     وُلد الأديب الدنماركي يوهانس فِلهِلم ينسِن ( 1873_ 1950) في فارسو ، وهي قرية في شمال جوتلاند بالدنمارك . وتُوُفِّيَ في كوبنهاجن . كان والده طبيبًا بيطريًّا .

     يُعتبَر ينسِن أول كاتب دنماركي كبير في القرن العشرين. وقد حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1944.

     اتَّجه في بداية حياته لدراسة الطب ، لكنه اضْطُر إلى ترك دراسته بسبب ظروفه المادية الصعبة. وتوجَّه إلى عالَم الكتابة والأدب . تزوَّجَ عام 1910 ، واستقر في كوبنهاجن لعدة سنوات، لكنه كان مُحِبًّا للسفر ، فزار معظم بلاد العالم ، ونشر عددًا من الروايات المسلسَلة باسم مستعار، وعمل مُراسلاً للصحف في إسبانيا وأمريكا .

     تُعتبَر روايته " الدنماركيون " ( 1898 ) أول عمل ينشره باسمه الحقيقي ، وقد عرَّفت القُرَّاءَ بِه ، وأسَّست لعلاقة متينة بينه وبين مُتابعي الأعمال الأدبية . ثُمَّ أتبعها في نفس العام برواية " حكاية سكان هيمرلاند " التي تُمثِّل ميلادَه الأدبي الحقيقي ، وبداية شُهرته العالمية .

     كان ينسن كاتبًا غريب الأطوار، ومُثيرًا للجدل في الحياة الثقافية الدنماركية ، فهو مَعروف بجداله المتهور، وأُطروحاته الفكرية الغريبة، وأفكاره التي تعتريها الشكوك والعنصرية ، ومعَ هذا ، فلم يُظهِر أية ميول فاشية أو مُعادية للأجناس والأعراق .

     ولا يزال ينسن حتى يومنا الحالي ، يُعتبَر الأب الروحي للحداثة الدنماركية ، خصوصًا في مجال الشِّعر الحديث. فقد كتب قصيدةَ النثر، وعُرف بأسلوبه القائم على استخدام اللغة الحية والمباشرة، وامتازت أعمالُه الأدبية بتصوير تطور الفرد كجزء من التطور العام للبشرية والحضارة .

     إن اسم الكاتب ينسن يرتبط دائمًا بروايته الملحمية العالمية " سقوط الملِك " ( 1933) التي كانت السبب الرئيسي لفوزه بجائزة نوبل للآداب . وتَمَّ اختيار هذه الرواية أفضل رواية دنماركية في القرن العشرين ، وذلك في استفتاء نظَّمته الصحافة الدنماركية عام 1999.

     وهذه الرواية التاريخية تتحدث عن وقائع تاريخية مُتخيَّلة بأسلوب رمزي مُبطَّن ، حيث تظهر التناقضات الإنسانية ، وتبرز الإشكاليات التاريخية ، وتتكشف تفاصيل الحياة وطبيعة حركتها في الزمان والمكان . وتظهر الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًّا في كشف خيوط اللعبة الإنسانية والتاريخية _ إِن جاز التعبير _.

     والروايةُ تُمثِّل سيرة تاريخية رمزية مُتخيَّلة لزمن الملوك والقياصرة، حيث يتمُّ تسليط الضوء على شخصية الملِك كريستيان الثاني ، أحد ملوك الدنمارك في القرن السادس عشر .

     تقوم الرواية على فكرة المزج بين الواقعية النقدية والواقعية الشاعرية ، وضمن هذا الخليط الرمزي ، يتَّضح مسارُ حياة هذا الملِك ومصيرُه ، وتظهر مشاعره وأحلامه وانكساراته ولحظات ضَعفه . كما تتناول الروايةُ أحوال الدنمارك بعد تمرد الشعب السويدي على الاحتلال الدنماركي في ذلك الوقت .

     وهنا يتَّضح مبدأ التحليل الرمزي ، ومحاولة إسقاطه على تفاصيل الواقع . كما تتَّضح الدلالات الفلسفية العميقة التي تحكم العلاقات الإنسانية ، وتتحكم بالعلاقات بين الدول والشعوب .

     قدَّم الكاتب رؤيته التحليلية للإشكاليات النقدية المتعلقة بثقافة عصر ما قبل الحداثة ، وصَوَّرَ مراحل التطور الإنساني كجزء من منظومة تطور البشرية على جميع الأصعدة .

     إنَّ هذه الرواية العالمية تكمن قُوة تأثيرها في الأفكار الكامنة بين السطور ، وصُوَرها الفنية متعددة الطبقات والدلالات،والأزمات الإنسانية الوجودية،والعلاقات الدولية المنكسرة والمتشظية، واستحضار التاريخ ، وإعادة صياغته فلسفيًّا ورمزيًّا وخياليًّا ، من أجل إثبات حقيقة أن الرموز السُّلطوية تظل باقية في كُل زمان ومكان .

     من أبرز أعماله الأدبية : الغابات ( 1904) . قصائد ( 1906) . العالم الجديد ( 1907) . أساطير جديدة ( 1908 ) . روح الشمال ( 1911) . الفصول ( 1923) .