12‏/12‏/2023

الأقفاص

 

الأقفاص

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     الزَّوجاتُ الخائناتُ في أقفاصِ الذِّكْرَيَاتِ / واللبُؤَاتُ في أقفاصِ حَديقةِ الحَيَوَانَاتِ / والحَيَوَانَاتُ المَنَوِيَّةُ في أقفاصِ أجسادِ القَتيلاتِ / وَطَنٌ مَنْذُورٌ للأققاصِ وَقَوَانِينِ الطوارئِ / كَيْفَ نَهْرُبُ يا جُثماني مِن أشِعَّةِ القَمَرِ / وَنَرْكُضُ في أزِقَّةِ المرفأ مِثْلَ القِطَطِ الضَّالَّةِ ؟ /

     قَمِيصُ النَّوْمِ الفُسْفُورِيُّ/ لَكِنَّ المرأةَ قَتَلَهَا شَمْعُ الذِّكرياتِ/ والمَوْجُ أحْرَقَ جُثةَ المَرأةِ / وَنَثَرَ المساءُ رَمَادَهَا في حَنَاجِرِ النَّوارسِ / كَسَرَت العاصفةُ شَوَاهِدَ القُبورِ / وَبَقِيَ عِظَامُ الأطفالِ في عُلبةِ المِكْياجِ / المَوْتُ حَجَرُ الزَّاويةِ في رِئتي/ وَدَمِي يَخُونُ رِئتي مَعَ أكفاني/ وأحلامُ الطفولةِ الضَّائعةُ نَشيدٌ للتَّوابيتِ الذهبيةِ في مُدُنِ الرَّمادِ / وأنا المساءُ المكسورُ / عِشْتُ كَي أُؤرِّخَ لِسُقُوطِ المُلُوكِ الخَوَنَةِ في لُعْبَةِ الشِّطْرَنجِ والانقلاباتِ العَسكريةِ /

     أيُّها المنبوذُ في مُدُنِ السَّرابِ / سَوْفَ تَخْلِطُ الزَّوبعةُ رَمَادَ جُثتِكَ مَعَ رَمَادِ جُثةِ زَوْجَتِكَ / وتَضَعُهُمَا في قِنِّينةٍ أمامَ أحزانِ البَحْرِ / لا مَعْنى لأظافرِ العُشَّاقِ الرُّومانسِيَّةِ / لأنَّ القُلوبَ الدَّافئةَ ضَاعْتْ في مَملكةِ الصَّقيعِ / لا مَعْنى للرَّسائلِ الغرامِيَّةِ الكريستالِيَّةِ / لأنَّ الحَمَامَ الزَّاجِلَ ضَاعَ في مَرْفَأ الخريفِ / ولا مُسْتَقْبَلَ لِنَوَارِسِ البَحْرِ سِوَى جُثَثِ البَحَّارَةِ الغَرْقَى /

     أنا لاعِبُ التِّنِسِ الذي كَسَرَ المِضْرَبَ / ولا أعْرِفُ هَل خُنْتُهُ أَمْ خَانَني / أعْرِفُ أنَّ مَوْجَ البَحْرِ يَحْقِدُ عَلَيَّ / وأعْرِفُ أنَّ سُورَ المقبرةِ يَعْشَقُ رُمُوشي / فيا سَجَّاني الرُّومانسِيَّ / امْنَحْنِي إجازةً كَي أَزُورَ جُثماني تَحْتَ قَمَرِ غَرْناطة / وأُزَوِّرَ شَهادةَ مِيلادِ البَحْرِ / دَمْعُ أُمِّي يَكْسِرُ مَساميرَ نَعْشِي تَحْتَ أمطارِ الخريفِ / وأنا النَّوْرَسُ المطرودُ مِن حَنجرةِ البَحْرِ / العائِشُ في أرشيفِ الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ / فيا أيَّتُها المِشنقةُ الكريستالِيَّةُ / كُونِي لَيْلَى / واكْتَشِفِي الذِّئْبَ في دَاخِلي /

     أيَّتُها الجاريةُ التي تَفتخِرُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا في سُوقِ النِّخاسةِ/إنَّني أفتخِرُ بِحَجْمِ مِشْنقتي في سُوقِ الوَحدةِ الوَطنيةِ / العُشَّاقُ تَحْتَ المطرِ النُّحَاسِيِّ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تُحْرِقُ أخشابَ التَّوابيتِ / ورَائحةُ القَهْوَةِ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ تَغْسِلُ جُلودَ السُّجناءِ الذينَ لا يَسْتَحِمُّونَ إلا في أرشيفِ القَرَابين/

     أيُّها النَّجْمُ المُسافِرُ مِن اللمَعانِ إلى الاحتراقِ/ البَحْرُ خَانَ البُحَيرةَ / والنَّهْرُ هُوَ السَّجَّانُ الواقفُ بَيْنَ جُثماني وأجفاني/فلا تَكْرَه اللبُؤةَ الغريقةَ يا شَقِيقي النَّهْر/ إنَّ الجِرْذانَ تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ جِلْدِها/ والطحالبُ تَنْمُو في أوعيتها الدَّمويةِ / وأنا الغريبُ عَن ذَاتي / المُهَاجِرُ مِن شَراييني / المَنْفِيُّ في قلبي/ عِشْتُ مَوْتي في حَيَاتي  كَي أُؤرِّخَ للحُبِّ الضَّائعِ / وَمُتُّ كَي أُؤرِّخَ لِضَيَاعِ البَحْرِ .