18‏/12‏/2023

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

 

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     لا تَكْرَهي المرايا/ لا تَكْسِري المزهرِيَّات/ ضَوْءُ القُلوبِ مَات / سَقَطَتْ كَبْسُولةُ السِّيَانَيْدِ في قَارُورةِ العِطْرِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ أضاعَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في مُدُنِ الطاعون / أيْنَ سَيَذهَبُ الرَّمادُ بَعْدَ حَرْقَ جُثمانِ الفَراشةِ ؟ / السَّبايا مَصْلُوباتٌ على أعمدةِ الكَهْرباءِ في طُرُقاتِ السُّلِّ / والنَّهْرُ يُطَالِبُ بِدَمِ الأشجارِ / الذي تَسْكُبُهُ الرِّياحُ في حُفَرِ المَجَاري /

     هَرَبَتْ فِئرانُ السَّفينةِ إلى الدَّورةِ الدَّمويةِ للبَحْرِ / وجُثَثُ البَحَّارةِ تَتَعَفَّنُ في أزِقَّةِ المِيناءِ / وسَقَطَ حَليبُ المَلِكَاتِ في آبارِ النِّفْطِ/ والويسكي في نُهُودِ السَّبايا / والخُلَفَاءُ حَائِرُونَ بَيْنَ بَراميلِ النِّفْطِ وَبَرِيقِ المُسدَّساتِ / جَدَائِلُ البُحَيرةِ مَقْصُوصةٌ / والحَشَرَاتُ الذهبيةُ تَضَعُ البَيْضَ في قُمصانِ النَّوْمِ / ولَمْ تُفَرِّق السَّبايا بَيْنَ الدَّورةِ الدَّمويةِ والدَّورةِ الشَّهريةِ /

     لا تَكْرَهْنِي يا أبي / حِينَ تَخْرُجُ الفِئرانُ مِن ثُقوبِ جِلْدي/ يَنكَسِرُ لَمَعَانُ عُيُونِ النِّساءِ في مَرايا الخريفِ / والدُّموعُ تَحْفِرُ خَنَادِقَ الذِّكرياتِ في خُدودِ الأيتامِ / وأشجارُ المقبرةِ عَشيقتي الخائنةُ وسَجَّانتي المُخْلِصَةُ / وُجُوهُ الزَّوجاتِ الخائناتِ تُحَاصِرُ قَلْبَ البَحْرِ في الشِّتاءِ الدَّامي /

     أَزُورُ مُتْحَفَ الخريفِ عِندَ الغُروبِ/ كَي أرى جُثَّتي المُحَنَّطَةَ في مِلْحِ الدُّموعِ / وَضَعَ الأغرابُ الجثامينَ النُّحَاسِيَّةَ في الأكياسِ البلاستيكِيَّةِ / فما فائدةُ الأثاثِ الجديدِ في عِمَارَةٍ آيِلَةٍ للسُّقوطِ ؟/

     تَتفجَّرُ أُنوثةُ البُحَيراتِ بَيْنَ رَائحةِ البَصَلِ في مَطَابِخِ الوَأدِ / وبَيْنَ رَائحةِ العِطْرِ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / لكنَّ الخِيانةَ وَاحدةٌ / فيا أيُّها العاشقُ الغريبُ / سَوْفَ تَقْتُلُكَ المرأةُ الغامضةُ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ باردةٍ / وأنا المنبوذُ / دَخَلْتُ في عُزلةِ الرِّياحِ الشَّمْسِيَّةِ / قَمَرًا بِلا ذِكرياتٍ ولا عَشيقات / قَمَرًا مَات / فارْحَمِي المَوْجَ المذبوحَ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ / أيَّتُها القاتلةُ المقتولةُ / إنَّ بَرِيقَ عَيْنَيْكِ يَتَفَجَّرُ في جِلْدِي/ ويَفْتَرِسُنِي في لَيالي الشِّتاءِ الطويلةِ/ ذَهَبَت الصَّبايا إلى شُموعِ الاحتضارِ / وتَرَكْنَ مَلاقِطَ الحواجبِ على حِبَالِ الغسيلِ / فلا تَحْزَنْ عَلَيَّ يا صَوْتَ الرَّصاصِ / إنَّ حَبْلَ الغسيلِ هُوَ حَبْلُ مِشْنَقتي /

     دَخَلَت الصَّحراءُ في السَّرابِ الأوَّلِ والرَّقصةِ الأخيرةِ / دُودُ المقابرِ يَأكلُ صُدورَ النِّساءِ كَسَرَطَانِ الثَّدْيِ / انكَسَرَت الخَلاخِيلُ بَيْنَ أجنحةِ الحَمَامِ الزَّاجِلِ / وَذَابَ الكُحْلُ في عَصيرِ الليمونِ الذي نَسِيَ العُشَّاقُ أن يَشْرَبُوهُ / وَطُبُولُ الحربِ على خَشَبَةِ المَسْرَحِ أوْ خَشَبَةِ الإعدامِ / لا مُسْتَقْبَلٌ للصَّحراءِ إلا السَّراب / ولا حُلْمٌ للرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ إلا الضَّباب .