19‏/12‏/2023

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

 

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     سَرَطَانُ الثَّدْيِ مِثْلُ دُودِ المقابرِ / كِلاهُما يَلْتَهِمُ صُدُورَ النِّساءِ / والزَّوابعُ تَكتشفُ مقابرَ جماعِيَّةً في حَنجرةِ البَحْرِ / فَيَا قَلْبي المكسورَ / كُن عَنيفًا مِثْلَ ضَوْءِ القَمَرِ / حِينَ يَحْفِرُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ / ويُنَقِّبُ عَن عِظَامِ الضَّحايا / سَيُصْبِحُ المساءُ الحزينُ رُومانسِيًّا / حِينَ تَسْتَحِمُّ النِّساءُ بالمُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ / وتَضَعُ البُحَيرةُ اسْتِقَالَتَهَا عَلى مَكْتَبِ البَحْرِ /

     العاصفةُ تَقضي وَقْتَ فَرَاغِهَا في تَشريحِ جُثةِ النَّهْرِ / والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تَشريحِ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم / دَمِي طَلَّقَ البُحَيرةَ / لأنَّ القصيدةَ هِيَ زَوْجتي وعَشِيقتي / أبنائي قَتَلُوني / وكأنَّ بَنَاتِ أفكاري بَنَاتُ آوَى / التاريخُ مِثْلُ الجنينِ / كِلاهُمَا يأتي مَعَ الدَّمِ / والمرايا في غُرفةِ إعدامي خَانَتْ جُثماني / والبَاعَةُ المُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ الأزهارَ الصِّنَاعِيَّةَ أمامَ المحاكمِ العسكريةِ /

     لا مَقبرةٌ لِعِظَامِ الأسماكِ / ولا جِنْسِيَّةٌ لأشلاءِ الرُّبَّانِ / فَلْيَكُنْ حُزْنُ البَحْرِ نَهْرًا بِلا ضِفَافٍ / يُحَاوِلُ البَحَّارَةُ الهربَ مِنَ السَّفينةِ قَبْلَ غَرَقِهَا/ لَكِنَّ فِئرانَ السَّفينةِ تأكلُ جُثَثَ البَحَّارَةِ في السَّحَرِ /

يَشْعُرُ النَّهْرُ بِالفَرَاغِ العَاطِفِيِّ / وأزرعُ السَّنابلَ في فِرَاشِ المَوْتِ / لأنَّ احتضاري صُورةُ الشِّتاءِ عَلى مَزهرياتِ المساءِ / وبُكائي صُورةُ النَّوَارِسِ عَلى بَريقِ الخناجِرِ / كَسَرْتُ أجنحةَ الفَرَاشَةِ / وَبَحَثْتُ عَن الحُبِّ الأوَّلِ بَيْنَ أكوامِ الجُثَثِ / وبَحَثْتُ عَن أحلامِ الطفولةِ بَيْنَ أكْوَامِ البَعُوضِ /

     أيُّها الطِّفْلُ الذي يَضَعُ جُثمانَ أُمِّهِ في حَقِيبَتِهِ المدرسيةِ/ويَرْحَلُ إلى الغُروبِ/أيْنَ بَيْتُكَ المهجورُ؟/ الفَيَضَانُ يَكْسِرُ البَرَاوِيزَ عَلى الحِيطانِ / وَمَسَامِيرُ نَعْشِي هِيَ الأثاثُ المُسْتَعْمَلُ في بَيْتَ الجَرَادِ / والزَّوبعةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ تُفَتِّشُ عَن الحَشَرَاتِ في أنقاضِ قَلْبي/ ونَسِيَ المَوْجُ الفَيْرُوزِيُّ جُثَثَ الأطفالِ على الأراجيحِ الكريستالِيَّةِ / التي تَهْتَزُّ بَيْنَ أشِعَّةِ القَمَرِ وأجفانِ السَّبايا/ فَكُن وَاثِقًا بِضَوْءِ القَمَرِ/ حِينَ تَخُونُكَ قَطَرَاتُ النَّدى عَلى شَجَرِ المقابرِ/ كُن مُنْتَمِيًا إِلى جَدَائِلِ أُمِّكَ / حِينَ يُسْقِطُ المساءُ عَنْكَ جِنسِيَّةَ المَطَرِ /

     جُثماني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ النَّهارِ والليلِ / وشَراييني صَفَّارةُ إنذارٍ بَيْنَ الصَّيفِ والشِّتاءِ / الأضرحةُ تَمْتَلِئُ بِرَائحةِ شَمْسِ الشِّتاءِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَكْسِرُ شَوَاهِدَ القُبورِ في الليلِ الطويلِ / فَاجْمَعْ خُيُوطَ أكفانِ الرِّيحِ في حَنْجَرتي/ وخَزِّنْ شَظَايا قَلبي الوحيدِ في مَنَادِيلِ الوَدَاعِ/ لا إسْطَبْلاتٌ للمُلوكِ المَخلوعين / ولا ذِكْرَياتٌ للمَلِكَاتِ السَّبايا / الأراملُ جَالِسَاتٌ عَلى شَاطِئِ الرَّحيلِ / يَنْتَظِرْنَ القَراصنةَ الرُّومانسِيِّين / وفِئرانُ المِيناءِ المهجورِ تَنتظِرُ جُثَثَ البَحَّارَةِ الغَرْقَى .