29‏/12‏/2023

حاجز عسكري بين الزيت والزعتر

 

حاجز عسكري بين الزيت والزعتر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     أغْلَقَت الزَّوابعُ قَلْبي بالشَّمْعِ الأحمرِ/ فَافْتَحِي قَلْبي أيَّتُها الشَّركسيةُ بِلَمَعَانِ عُيونِكِ/ واذْهَبِي إلى العَشَاءِ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ / مَعَ أعاصيرِ قَلْبِي المكسورِ كَشَظَايَا اليَاقُوتِ / كُلَّمَا نَطَقْتُ اسْمَكِ أمامَ أشجارِ الغُروبِ / أحْسَسْتُ بِرَائحةِ اليَاسَمِينِ في خُيوطِ أكفاني /

     وَضَعَ البَحْرُ اسْتِقَالَتَهُ عَلى مَكْتَبِ الإعصارِ / وأنا المُهَاجِرُ مِن أظافري / الغريقُ في دَمْعِ البُرتقالِ / أبْحَثُ عَن شَظَايَا جُمْجُمَتِي في سُفُنِ القَرَاصِنَةِ / ورَمْلُ الشُّطآنِ الحزينةِ يُوَقِّعُ عَلى قَرَارِ إعدامي/ سَنُدَافِعُ عَن حُقوقِ المَرْأةِ بَعْدَ مَوْتِ المَرْأةِ / سَأكُونُ رُومَانسِيًّا بَعْدَ مَوْتِ قَلْبي / ودَائِمًا يَصِلُ العُشَّاقُ إلى حَبْلِ المِشْنَقةِ مُتَأخِّرِين / وَالقِطَارُ يَذهَبُ ولا يَعُودُ / والمحكومُ بالإعدامِ يَتَذَكَّرُ جَدَائِلَ أُمِّهِ في الخريفِ البَعِيدِ / والبَحَّارةُ الغَرْقَى يُنَادُونَ عَلى أُمَّهَاتِهِم تَحْتَ صَوْتِ المطرِ/ والحضارةُ تَتساقطُ كأحجارِ الشِّطْرَنجِ في مُدُنِ الطاعون/ بَيْنَ صَفِيرِ القِطَارَاتِ وصَفَّاراتِ الإنذارِ /

     في مُدُنِ الوَهْمِ / أشلاءُ النِّساءِ عِندَ نِقَاطِ التَّفتيشِ العَسْكَرِيَّةِ / والأيتامُ يَنتظرونَ استلامَ جَثَامِينِ آبَائِهِم عِندَ الحواجزِ العسكريةِ/ مُدُنٌ للكُوليرا وصَوْتِ الرَّصاصِ وصَوْتِ المطرِ / والطحالبُ الذهبيةُ تُضِيءُ هَيْكَلي العَظْمِيَّ/ وَنَسِيَ الغُبارُ جُثَّةَ الجُنديِّ في أرضِ المعركةِ / لكنَّ الأوسمةَ العسكريةَ تُزَيِّنُ أشلاءَهُ المُتَطَايِرَةَ/ والإعصارُ أجبرَ الرِّمَالَ المُتَحَرِّكَةَ عَلى تَقديمِ استقالتها للصَّحراءِ / والصحراءُ تَنْبُتُ بَيْنَ قَطَرَاتِ دَمِي وقَطَرَاتِ المَطَرِ / والسَّنابلُ تَخْرُجُ مِن شُقُوقِ قَلْبي المكسورِ /

     أيُّها النَّسْرُ العَجُوزُ الذي يَعِيشُ مُرَاهَقَتَهُ المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبُورِ / لَقَدْ ضَاعَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ بَيْنَ مَلاقِطِ الغَسِيلِ ومَلاقِطِ الحَوَاجِبِ / وأشجارُ الخريفِ نَسِيَتْ حَبْلَ الغسيلِ عَلى سُورِ المقبرةِ / وحَفَّارُ القُبورِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ رَبطةِ العُنُقِ وحَبْلِ المِشْنَقةِ / فَكُنْ وَسيمًا أيُّها السَّرابِ كَشَجَرِ المقابرِ / كَي تَقْبَلَكَ الصَّحراءُ زَوْجًا وجَلَّادًا في مَوْسِمِ الخِيَانَةِ الأُرْجُوَانِيَّةِ /

     أيُّها الطِّفْلُ المَنبوذُ الذي يَخْتَبِئُ مِن أُمِّهِ / بَيْنَ فِرَاشِ المَوْتِ والحقيبةِ المدرسيةِ / هَل تَعْرِفُ أيْنَ يَقَعُ قَبْري؟/ أرى خُدُودَ فَرَاشَةٍ غَامِضَةٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ / عِندَ غُروبِ الشَّمْسِ في بَحْرِ الدُّموعِ/ طِلاءُ أظافِرِ العَرَائِسِ عَلى خَشَبَةِ الإعدامِ / والمِكياجُ يَتساقطُ في حُفَرِ المَجَاري / سَقَطَت الأقنعةُ عَن وَجْهِ النَّهْرِ / وَلا مُسْتَقْبَلَ للجَرَادِ سِوَى الغَرَقِ في عَرَقِ النِّسَاءِ وأحزانِ المَسَاءِ / وأعلامُ القَبائلِ مُنَكَّسَةٌ بَيْنَ أجنحةِ الفَرَاشَاتِ وَتَجَاعِيدِ الذُّبَابِ / وَتَبْحَثُ فِئرانُ التَّجَارُبِ عَن أشلائي في حُطَامِ السُّفُنِ / صَوْتُ المطَرِ كَسَرَ صَوْتَ البيانو / والمُغنِّي يَرْكُضُ إلى قَبْرِ أبِيهِ تَحْتَ الأمطارِ القِرْمِزِيَّةِ .