30‏/01‏/2024

حظر تجول في هيكلي العظمي

 

حظر تجول في هيكلي العظمي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     أنا الجُثْمَانُ المُحَنَّطُ في مَتَاحِفِ الغُزاةِ/ أَحْرُثُ جَسَدَ المطرِ بَحْثًا عَن أحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / والرِّيَاحُ تَحْرُثُ جَدَائِلَ أُمِّي بَحْثًا عَن نَهْرِ الوَدَاعِ/ وَلَمْ أَسْتَفِدْ مِن أعلامِ القَبائلِ المُنَكَّسَةِ إلا الطَّعْنَ في الظَّهْرِ / وَسَرِقَةَ المِلْحِ مِن خُبْزِ أُمِّي / دِفْءُ فِرَاشِ المَوْتِ في ليالي الخريفِ الباردةِ / والمَوْجُ يَنْكِحُ بَوَّابَةَ المَقبرةِ / والأطفالُ القَتلى يَغرَقُونَ في دِمَائِهِم وَضَفَائِرِ أُمَّهَاتِهِم /

     سَقَطَ تَارِيخُنا عِندَما سَقَطَت الأوسمةُ العسكريةُ في آبارِ النِّفْطِ / وَسَقَطَت الحضارةُ عِندَما سَارَ قَطِيعُ الغَنَمِ إلى حَافَةِ الجَبَلِ / وانكَسَرَ مِزْمَارُ الرَّاعي تَحْتَ وَمِيضِ البَرْقِ / ومَاتَ الرَّاعي والرَّعِيَّةُ /

     كَيْفَ عَرَفَ حَارِسُ المقبرةِ خَارِطَةَ ضَرِيحي بِلا دَلِيلٍ سِيَاحِيٍّ ؟/ كَيْفَ عَرَفَ حَفَّارُ القُبورِ عَنَاوِينَ القَتلى ؟ / كَيْفَ عَرَفَتْ أشجارُ الكَرَزِ رَقْمَ صُندوقِ بَريدي ؟ / تَمُوتُ الرِّمالُ المُتَحَرِّكَةُ في مَعركةِ السَّرابِ / والعناكبُ تأكلُ حَلَمَاتِ النِّساءِ القَتيلاتِ /

     كُنْتُ سَأصِيرُ رُومَانسِيًّا / لَوْ لَمْ يَتَجَسَّد الشَّيطانُ في المَرْأةِ / كُنْتُ سَأصِيرُ شَجَرَةً / لَوْ لَمْ تَتَجَسَّدْ حِبَالُ المشانقِ في السَّنابلِ/ قَلْبي يُرَاوِدُ الرَّصاصةَ عَن نَفْسِها/فيا أيَّتُها الرَّاهبةُ المشلولةُ/ كَيْفَ تَمْشِينَ إلى غُرفةِ الاعترافِ في ليالي الصَّقيعِ ؟ / الصَّليبُ يَحْفِرُ الطريقَ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ كَسِكَّةِ الحديدِ / ونَصْلُ المِقصلةِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / فَكَيْفَ تَتَنَفَّسِينَ شَظَايَا الأُنوثةِ ؟ / الحَلِيبُ البَنَفْسَجِيُّ يَسِيلُ عَلى الثَّلْجِ الأزْرَقِ / وأشجارُ البُرتُقَالِ تَطْلُعُ مِنَ الهَيَاكِلِ العَظْمِيَّةِ /

     أنا المَلِكُ المَخْلُوعُ / والسَّبايا فَي قَصْري المهدومِ مَجروحاتٌ عاطفيًّا / دُوَيْلَةٌ لَقِيطَةٌ بَيْنَ مُلوكِ الطوائفِ وشُيوخِ القَبائلِ/ عَلَمٌ مُنَكَّسٌ بَيْنَ شُيوخِ القبائلِ وأُمَرَاءِ الحُرُوبِ / والحَشَرَاتُ تُحَنِّطُ نُهُودَ رَاعِيَاتِ الغَنَمِ في آبَارِ النِّفْطِ /

     أَوْصَى النَّهْرُ بالتَّبَرُّعِ بِأعْضَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ للبُحَيْرَةِ الخائنةِ/ وأنا المُهَاجِرُ في أوردتي البلاستيكيةِ/ أحْشُو بُنْدُقِيَّتي بِدُمُوعي كَالذَّخِيرَةِ المَغشوشةِ / وَفِرَاشُ مَوْتي لَوْحَةٌ فَنِّيةٌ في مُتْحَفِ القَبائلِ / التي تَتصارعُ عَلى مِلْحِ الدُّموعِ وآبارِ النِّفْطِ وقُمصانِ النَّوْمِ للجَوَارِي /

     نَبِيعُ كُرَيَاتِ دَمِنَا الحمراءَ على إشاراتِ المُرُورِ الخضراءِ / وَنشتري السَّبايا في سُوقِ النِّخَاسَةِ بالبِطَاقاتِ المَصْرِفِيَّةِ / البَدْوُ الرُّحَّلُ باعوا أعلامَ القبائلِ المُنَكَّسَةَ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / كَي يُحَوِّلُوا البَدَوِيَّاتِ إلى شَرْكَسِيَّاتٍ / وَرَاعِيَةُ الغَنَمِ تَلْعَبُ التِّنسَ الأرضيَّ بالتَّنُّورَةِ فَوْقَ الرُّكبةِ / حَقًّا /  لا شَرَفٌ لِصَحْرَاءِ الطُّغَاةِ سِوَى السَّرَابِ / ولا تاريخٌ لِمُلُوكِ الطوائفِ سِوَى آبَارِ النِّفْطِ في الرِّمَالِ .