16‏/03‏/2024

الزوابع تتبرع بأطراف صناعية للبحر المشلول

 

الزوابع تتبرع بأطراف صناعية للبحر المشلول

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     يَحْفَظُ الأطفالُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / بَيْنَ أرقامِ الزَّنازينِ الانفراديةِ وأرقامِ الجُثَثِ المجهولةِ / والبَحْرُ يَدْرُسُ الرِّياضياتِ كَي يَحْسُبَ عَدَدَ الغَرْقَى/ والمساءُ يَركضُ في مَقبرةِ الهديلِ/ وَكُلَّمَا رَأيتُ شَاهِدَ قَبْرٍ غَامِضًا / قَرَأتُ عَلَيْهِ اسْمِي الوَاضِحَ /

     أيَّتُهَا الرَّاهبةُ الجالسةُ على عَرْشِ الأنقاضِ / اكْسِري صَلِيبَكِ البلاستيكيَّ / وَاتْبَعِي طُيُورَ البَحْرِ في المساءِ / أيَّتُها النِّساءُ المجروحاتُ عاطفيًّا / حَطِّمْنَ مَزهرياتِ غُرفةِ الاعترافِ / وَاصْعَدْنَ إلى الخِياناتِ الذهبيةِ والهاويةِ اللازَوَرْدِيَّةِ /

     أطفالُ البَحْرِ المشلولِ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ / في انتشالِ الجُثَثِ مِن تَحْتِ أنقاضِ القُصورِ الرَّمليةِ/ وَكُلَّمَا نَظَرَ النَّهْرُ الأعمى إلى المرايا / أَطَلَقَ الرَّصَاصَ على المرايا / وَحُزْنُ الشُّطآنِ الفَيْرُوزِيَّةِ يَقْلِبُ الطاولةَ عَلى القَرَاصِنَةِ / وأنا المنبوذُ / سَأقْتُلُ الرَّمْلَ الأزرقَ كَي أجْلِسَ عَلى عَرْشِهِ /

     الجُثَثُ المُتَفَحِّمَةُ تَحْتَ ثَلْجِ الذاكرةِ الأخضرِ / وَدِمَاءُ النَّوَارِسِ عَلى أوتادِ خِيَامِ اللاجئين / والبَحْرُ مُغلَقٌ بالشَّمْعِ الأحمرِ / والعُشَّاقُ القَتْلَى في مُتْحَفِ الإبادةِ الجمَاعِيَّةِ / يَتَنَاوَلُونَ العَشَاءَ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ /

     سَلامًا أيُّها الجَرَادُ الأُرْجُوَانِيُّ الذي يَأكُلُ لَحْمِي في أعيادِ السَّرابِ / الزَّوابعُ المُخْمَلِيَّةُ تَصْنَعُ للبُحَيْرَةِ قِلادةً مِن أسنانِ النِّساءِ المُغتَصَبَاتِ / والخريفُ البَعيدُ مُعَطَّرٌ بِسُعَالِ الأمواجِ / وَمُزَيَّنٌ بِعِظَامِ الضَّحايا/ دِمَاءُ الأطفالِ المذبوحينَ تُزَيِّنُ حِيطانَ البُيوتِ المهجورةِ/ والرَّمْلُ يَتَبَوَّلُ عَلى جَثَامِينِ البَحَّارَةِ الغَرْقَى / وَالطِّفْلُ اليَتِيمُ سَهِرَ مَعَ جُثةِ أُمِّهِ في لَيْلِ الرَّعْدِ قَبْلَ دَفْنِها / وَضَجِيجُ المَوْجِ يَضَعُ الأزهارَ الصِّناعيةَ عَلى ضَرِيحِ الرُّبَّانِ الغامضِ /

     كُلُّنَا مُهَرِّجُون / لَكِنَّ السِّيركَ مُغلَقٌ بالشَّمْعِ الأحمرِ / كُلُّنا سَبَايا / لَكِنَّ الحواجزَ العَسكريةَ تَنتشِرُ في سُوقِ النِّخَاسَةِ/ فَكُنْ يا شَجَرَ المقابرِ رُومانسيًّا عِندَما تَركضُ الجِرذانُ في حَناجرِ الفَتَيَاتِ البَاكِيَاتِ / شَبِعَتْ بِلادي مِنَ المَوْتِ / لَكِنَّ الأطفالَ جَائعون / ارْتَوَى وَطَنِي مِنَ الهزيمةِ / لَكِنَّ الجُنودَ عَطْشَى/ حِيطانُ غُرفتي مُزَيَّنَةٌ بِعِظَامِ الضَّحايا/ وَالبَقُّ أَكَلَ خَشَبَ البَرَاوِيزِ للصُّوَرِ التَّذكاريةِ / وَعَائِلتي مَنْسِيَّةٌ في المَقابرِ الجَمَاعِيَّةِ / والمَطَرُ يَكْسِرُ نَوَافِذَ الخريفِ البَعِيدِ في أحلامِ الطفولةِ /

     أيَّتُها الفَرَاشَةُ المُتْعَبَةُ مِنَ الحُبِّ/ إنَّ لَحْمِي ذُبَابٌ مُتْعَبٌ مِنَ الحَرْبِ / ضَاعَتْ أحلامُ الطفولةِ بَيْنَ أُمَرَاءِ الحُروبِ وتُجَّارِ الأسلحةِ / لَكِنَّ عِظَامَ القَتلى هِيَ الأسلحةُ في مُوَاجَهَةِ الحُبِّ الأوَّلِ .