10‏/02‏/2025

النشيد الوطني للدويلات البدوية اللقيطة

 

النشيد الوطني للدويلات البدوية اللقيطة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

  أُبَايِعُ رَاعي الغَنَمِ مَلِكًا على القَطيعِ / الذي يَسيرُ إلى الهاويةِ / أُبَايِعُ رَاعي الغَنَمِ عَدُوًّا للغَنَمِ / وأدْعَمُ الوَحْدةَ الوَطنيةَ في الملاهي الليلِيَّةِ / مَاتت أسماءُ السُّجناءِ / وَبَقِيَتْ أرقامُهُم /

     أَخِي الإنسان/ أيُّها الذِّئْبُ الذي يَزرعُ كَبْسُولةَ السِّيَانَيْدِ في حَبَّةِ الكَرَزِ/ اتْرُكْ رَغيفَ الخُبْزِ للأرملةِ الرَّمَادِيَّةِ / أنا الضَّحِيَّةُ / لَكِنِّي قَتَلْتُ قَاتِلي/ والرِّيحُ تُخَبِّئُ البَنادقَ الآلِيَّةَ في أرغفةِ الخُبْزِ / لا جَسَدي ذِئبٌ/ ولا أظافري لَيْلَى / قَتَلْتُ الذِّئْبَ في حَنْجَرتي/ وَصِرْتُ ذِئْبًا / لا أُهَاجِمُ الأغنامَ / بَلْ أُهَاجِمُ الرَّاعي / أنا الحُزْنُ الذي يَغْسِلُ أشِعَّةَ القَمَرِ بالبَارُودِ / أنا انقلابُ السُّنبلةِ على الأرْزَةِ / أنا الانقلابُ وَحَبْلُ المِشْنقةِ / أنا السَّجينُ والسَّجَّانُ / ولا سِجْنَ إلا الذِّكريات / مَاتَ الفُرْسَان / فما فائدةُ إسطبلِ الخُيُولِ ؟ / مَشى قَطيعُ الغَنَمِ إلى الهاويةِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الرَّصاصيةِ / وَمَشى الرَّاعي إلى قَميصِ النَّوْمِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجته /

     ضَوْءُ القَمرِ شَاهِدٌ على بُكائي في ليالي الشِّتاءِ / والرِّيحُ المشلولةُ شَاهِدةٌ على انكسارِ عُكَّازِ أبي في ليالي الانقلاباتِ العَسكريةِ / وَرَاعي الغَنَمِ بَاعَ فِلِسْطِينَ لِرَاعِي البَقَرِ / وَرَاعي الغَنَمِ سَلَّمَ مَفاتيحَ الأندلسِ لِرَاعي الخنازيرِ / تَاريخُ السَّرابِ يَكْتُبُهُ الرُّعْيان / لا زَمانٌ ولا مكان /

     مَساميرُ نَعْشِي فَريسةٌ / وجُثماني قَفَصٌ ذَهبيٌّ / وَدُمُوعُ أُمِّي تَتساقطُ في غِرْبالِ الجُثَثِ/ وَرَائحةُ الشَّمْسِ تَكْسِرُ شَوَاهِدَ القُبورِ النُّحَاسِيَّةَ / والطحالبُ تُحاولُ الخروجُ مِنَ المُسْتَنْقَعِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ الذي سَيَمُوتُ / وَحْدَهُ ضَوْءُ القَمرِ هُوَ سَيِّدُ المُسْتَنْقَعَاتِ في مَملكةِ السَّرابِ /

     السَّفينةُ تَغْرَقُ/والأسماكُ أكَلَتْ جُثةَ الرُّبَّانِ/ وَفِئرانُ السَّفينةِ مَشلولةٌ على الكراسي المُتحرِّكةِ/ لا وَقْتٌ للبُكاءِ / ولا فُرْصَةٌ للهَرَبِ / أنا المطرُ الأصفرُ / كانَ عَلَيَّ أن أعْرِفَ أنَّ أحلامَ الطفولةِ أقصرُ مِن حَبْلِ البِئرِ / أنا الذاكرةُ المَنْسِيَّةُ / كانَ عَلَيَّ أن أعْرِفَ أنَّ أحزانَ الشَّركسياتِ أكبرُ مِن غَاباتِ القُوقازِ / أنا الطِّفلُ اليتيمُ / كانَ عَلَيَّ أن أعْرِفَ أنَّ جَدَائِلَ أُمِّي أطْوَلُ مِن حَبْلِ المِشنقةِ /  أنا الرُّومانسيُّ المَنبوذُ / كانَ عَلَيَّ أن أعْرِفَ أنَّ فِرَاشَ الموْتِ أدْفَأُ مِن فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ /

     سَيَبْدَأُ تاريخُ أحزانِ النِّساءِ مِن قَميصِ عُثمانَ لا قَميصِ النَّوْمِ / أظافرُ السُّجَنَاءِ تُضِيءُ عَتَمَةَ المَمَرَّاتِ بَيْنَ الزَّنازين / فيا أيُّها البَحَّارُ المَشلولُ بَيْنَ فِئرانِ السَّفينةِ وفِئرانِ التَّجَارُبِ / سَوْفَ تَسقطُ النَّوارِسُ في رِئَةِ البَحْرِ عِندَ الغُروبِ / لَكِنَّ الدِّماءَ سَتُشْرِقُ مِن جَديدٍ في الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ / وَتَرْتدي البُحَيرةُ تَنُّورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / وَتَتَجَوَّلُ بَيْنَ شَوَاهِدِ قُبورِ الجُنودِ .