13‏/03‏/2025

القمر الوحيد وليالي بنات آوى

 

القمر الوحيد وليالي بنات آوى

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........................

     وَمِيضُ البَرْقِ فَوْقَ الجثامينِ الطازَجةِ/والبَحْرُ زِيرُ نِسَاء/ لأنَّهُ احتضنَ جُثَثِ النِّساءِ الحزيناتِ في ليالي الشِّتاءِ المُضِيئةِ / ودَمُ الحَيْضِ لِجَوَارِي القَصْرِ يَسِيلُ عَلى ثَلْجِ الأشلاءِ الأزرقِ / في لَيْلِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / ويَنكسِرُ لَمَعَانُ عُيُونِ النِّساءِ في صُحُونِ المَطْبَخِ / كما تنكسِرُ أجنحةُ العَصافيرِ في الخريفِ الباردِ/ وَالعَوَاصِفُ لَمْ تُفَرِّقْ في حُروبِ القَبائلِ بَيْنَ ثَلاجةِ المَطْبَخِ وثَلاجةِ الجُثَثِ / أبْنِي قَصْري الرَّمْلِيَّ بَيْنَ أعلامِ القَراصنةِ الرُّومانسِيِّينَ وأعلامِ القَبائلِ المُنقَرِضَةِ/ والرِّيحُ تَكْسِرُ أجراسَ الكنائسِ في ليالي الشِّتاءِ الدَّامِيَةِ / والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في غَسْلِ أكفانِ آبائِهِم وتَغسيلِ جُثَثِهِم / وأحزاني رَصاصةٌ بَيْنَ رَغيفِ الخُبْزِ وتُفَّاحِ النُّعُوشِ /

     أيَّتُها المَرْأةُ الآتيةُ مِن لَيْلِ الخريفِ المُفْعَمِ بِرَائحةِ التَّوابيتِ والجَوَّافةِ والذِّكرياتِ/ أسْمَعُ دَقَّاتِ قَلْبِكِ / وأسْمَعُ ضَجِيجَ أصَابِعِكِ عَلى بَابِ بَيْتي / وأعْرِفُ أنَّكِ جِئْتِ إلَيَّ في مُنْتَصَفِ الليلِ كَي تَقْتُلِينِي / وأنا أجْلِي الصُّحُونَ في مَطْبَخِ الجُثَثِ والأمطارِ / سَوْفَ تَظَلُّ أشِعَّةُ القَمَرِ وَرَاءَ الغُيومِ الحزينةِ شَاهِدَةً عَلى قَتْلِي وَمَوْتِ الحُبِّ/سَيَظَلُّ الليلُ الجارحُ شَاهِدًا عَلى غَرَقِ سَفينتي وغَرَقِ العِشْقِ في قَلْبي / أنا النَّوْرَسُ المُجَرَّدُ مِن جِنْسِيَّةِ البَحْرِ / أركضُ في خَنادقِ دَمِي ولا أصِلُ /

     أركضُ في الفَجْرِ الكَاذِبِ / لكنَّ مِشْنَقتي صَادقةٌ / وَطَنٌ مَنْذُورٌ لِنَهْرِ الدِّماءِ / مَصِيرٌ مَنْذُورٌ للمِلْحِ/ المِلْحُ في دَمْعِي/ المِلْحُ في خُبْزِ أُمِّي / المِلْحِ في جَسَدِ البَحْرِ / فَكَيْفَ أكُونُ حَبَّةَ كَرَزٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ ؟ / أبيعُ كُرَيَاتِ دَمِي في طُرُقَاتِ المَرْفَأ اللازَوَرْدِيِّ / كَمَا يَبيعُ الأطفالُ العِلْكَةَ عَلى إشاراتِ المُرُورِ / والبَحْرُ يَدْرُسُ الرِّياضياتِ كَي يَحْسُبَ عَدَدَ الرَّصَاصَاتِ في رِئَةِ النَّهْرِ /

     كالطِّفْلِ المَنبوذِ الذي عَرَفَ أنَّ أُمَّهُ تَخُونُ أبَاهُ /كانَ شَاطِئُ الغُروبِ في ذاكرةِ المحاكمِ العسكرِيَّةِ/يا ثَلْجَ الدِّماءِ/لا تَبْحَثْ عَن سَاعَةِ الحائطِ في سِجْني/إنَّ سِجْني بِلا حِيطان/وَدِّعُوا الرُّبَّانَ أيُّها البَحَّارةُ/وَلا تَكْرَهُوا فِئرانَ السَّفينةِ / إنَّ السَّفينةَ تَغرَقُ/لا ذِكْرَيَاتٌ ولا حِكَايَات/كُلُّ شَيْءٍ مَات/

     قَلْبي المُوحِشُ في مَملكةِ النِّسَاءِ المُتَوَحِّشَاتِ / فَامْدَحْني يا حَفَّارَ القُبورِ / مَقْبَرتي مِنَ الرُّخامِ المُسْتَوْرَدِ / والنَّباتاتُ البلاستيكِيَّةُ تُزَيِّنُ قَبْري/ وأنتَ تنتظِرُ الرَّاتِبَ الشَّهْرِيَّ في ليالي الخَوْفِ / وُلِدْتُ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ بَاردةٍ/ لَكِنِّي أحترِقُ مِنَ الدَّاخِلِ / لأُضِيءَ الطريقَ أمامَ دُودِ المقابرِ /  أنا المَصلوبُ على قَلْبي المكسورِ / أركُضُ كالطِّفْلِ اليَتيمِ بَيْنَ حُطَامِ قَلْبي وحُطَامِ سَفينتي / والرَّاهباتُ مَصْلُوباتٌ عَلى أبراجِ الكَنائسِ في لَيالي الصَّقيعِ الوَهَّاجَةِ .