18‏/03‏/2025

شمس القلوب التي لا تغيب

 

شمس القلوب التي لا تغيب

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

....................

     اصْطَادَتْ قَلْبي اللبُؤَةُ الشَّركَسِيَّةُ / وَدَخَلْتُ إلى قَلْبِ الليلِ لَيْلًا بِلا قَلْبٍ/ سَلامًا أيَّتُها الفَرَاشَةُ الشَّركَسِيَّةُ / التي تَحُلُّ مُعَادَلاتِ الرِّياضياتِ تَحْتَ أشجارِ الصَّنَوْبَرِ في الأبْجَدِيَّةِ الكريستالِيَّةِ /

     القَنَّاصُ الأعمى رَفَعَ الرَّايةَ البَيْضَاءَ/بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمِي البَيْضَاءِ والحمراءِ/ والأيتامُ دَفَنُوا أُمَّهَاتِهِم/ وصَارُوا يُجَهِّزُونَ مَلابِسَ العِيدِ في الليلِ الطويلِ/ وأنا السَّجينُ بَيْنَ أوْعِيَتي الدَّمويةِ وحِيطانِ الزَّنازين/ أُبَايِعُ القِطَّ مَلِكًا عَلى فِئرانِ التَّجَارُبِ / والسَّفينةُ تَغْرَقُ / وفِئرانُ السَّفينةِ تَهْرُبُ مِنَ الصَّدى إلى الصَّدَأ / أنا مُؤرِّخُ الخَرَابِ / عِشْتُ كَي أَعُدَّ خُطُوَاتي نَحْوَ المِشْنَقةِ الوَهَّاجةِ / والجُثَثُ تَطْفُو عَلى الشَّايِ بالنَّعناعِ / رَحَلَت العَصَافِيرُ المُلَوَّنةُ مِن نَوَافِذِ البَيْتِ الرَّمَادِيَّةِ / وبَقِيَ أثَرُ الرَّصَاصِ عَلى الحِيطان / رَحَلَتْ طُيُورُ البَحْرِ مِن تَوَابِيتِ البَحْرِ / وَبَقِيَ صُرَاخُ الغَرْقَى في المساءِ الرَّهيبِ /   أركضُ إلى شَجَرِ المقابرِ في لَيْلِ الشِّتاءِ / وأكتبُ قَصَائِدَ الغَزَلِ للدِّيدانِ التي سَتَأكُلُ جُثماني /

     مَن أَحَبَّ شَيْئًا عُذِّبَ بِهِ / والشَّركسياتُ عَذَابي في الليلِ الطويلِ الذي لا يَرْحَمُ شَرَاييني /  دَمِي صَارَ كَابُوسًا / وشُقُوقُ جِلْدِي صَارَتْ مَقْبَرَةً جَمَاعِيَّةً / وأنا الطِّفْلُ التَّائِهُ بَيْنَ مَناديلِ الوَدَاعِ والتَّطْهِيرِ العِرْقِيِّ /(( نَهَاري نَهَارُ الناسِ حتى إذا بَدَا / لِيَ الليلُ هَزَّتْنِي إلَيْكِ المَضَاجِعُ )) /

     مُذ وَدَّعَتْنِي وَدَّعَنِي كُلُّ شَيْء / فَصِرْتُ اللاشَيْء / حِبَالُ المشانِقِ مُلَوَّنةٌ كَرَبَطَاتِ العُنُقِ للسَّجَّانِينَ وَرِجَالِ الأعمالِ وسَمَاسِرَةِ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / وأنا اليَتِيمُ الهارِبُ مِن البَحْرِ / حِينَ يُمَثِّلُ بِجُثَّةِ البُحَيرةِ / الجَمَاجِمُ مُعَلَّقَةٌ كالمصابيحِ في سَقْفِ غُرفتي / والرُّؤوسُ تَتطايرُ عَلى جُسورِ المُدُنِ المهجورةِ / ورَائحةُ التُّفاحِ في شَرَاييني / ورَائحةُ حِبَالِ المشانِقِ عَلى فُرشاةِ أسناني / والضَّحايا في المقابرِ الجماعِيَّةِ بلا أسنانٍ ولا ذِكْرَياتٍ / والأيتامُ يَبِيعُونَ العِلكةَ أمامَ مَحكمةِ أمْنِ الدَّولةِ بَعْدَ ضَيَاعِ الدَّولةِ /

     نَسِيَت الرَّاهباتُ حُبُوبَ مَنْعِ الحَمْلِ في مَزْهَرِيَّاتِ غُرَفِ الاعترافِ / وَمَحَاكِمُ التَّفتيشِ تُصْدِرُ أحكامَ الإعدامِ تَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ الأخيرِ / تَرَكْنا بَيْتَنا في الأندَلُسِ للحَشَرَاتِ والصُّلْبَانِ / والبَقُّ يَأكلُ خَشَبَةَ الصَّليبِ / وأنا الغَرِيبُ / صَلَبْتُ الصَّلِيبَ عَلى الصَّلِيبِ / والمطرُ الذهبيُّ نَسِيَ رَسَائِلَ العُشَّاقِ القَتْلَى على نَوَافِذِ الزَّنازين / التي تُطِلُّ عَلى نَعْشِ البَحْرِ وأشلاءِ النَّوَارِسِ / مَساميرُ النُّعوشِ هِيَ حُبُوبُ هَلْوَسَةٍ لِقِطَطِ الشَّوارعِ / والرَّايةُ البَيْضَاءُ في السُّوقِ السَّوداءِ / لا ظِلالٌ للسُّيوفِ المكسورةِ في حَرْبِ الخَيَالِ / ولا أطيافٌ للشَّركسياتِ البَاكِيَاتِ في مَقبرةِ الهَدِيلِ .