19‏/03‏/2025

الخناجر في الحناجر

 

الخناجر في الحناجر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     كَمَا تَفْتَخِرُ المَرْأةُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا/أفْتَخِرُ بِحَجْمِ مِقْصَلَتِي/مَا فَائِدَةُ قَمِيصِ النَّوْمِ إذا كَانَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ سَيُحْرِقُ الأخضرَ وَاليَابِسَ ؟/ مَا فَائِدَةُ فِرَاشِ المَوْتِ إذا كَانَ بَلاطُ الزِّنزانةِ هُوَ أرشيفَ ذِكْرَياتي ؟ / مَا فائدةُ الأغاني الوَطنيةِ إذا كانت الأعلامُ مُنَكَّسَةً تَحْتَ وَمِيضِ البَرْقِ ؟ /

     البَدْوُ الرُّحَّلُ يَسْكُبُونَ حَلِيبَ السَّبايا في بَرَامِيلِ النِّفْطِ / وأنا المنبوذُ في أوْرِدَتي النُّحَاسِيَّةِ / أجْمَعُ عِظَامَ المَوْتَى كَطَوَابِعِ البَرِيدِ التَّذكاريةِ/ وأظافرُ النِّساءِ في سَرَادِيبِ المحاكمِ العَسكريةِ / تُضِيءُ طَرِيقي إلى حَبْلِ المِشْنَقةِ الكريستالِيِّ / فيا بِلادي التي شَبِعَتْ مِنَ المَوْتِ / أطْعِمِي الأطفالَ الجِيَاعَ في أزِقَّةِ الفِئرانِ وأرشيفِ الوَحْدَةِ الوَطنيةِ / أَكَلَ البَقُّ أخشابَ نَعْشي / فَكَيْفَ أَمُوتُ بِلا مَكَانٍ ؟ / أَكَلَ الصَّدَأُ مَسَامِيرَ نَعْشي / فَكَيْفَ أَمُوتُ بِلا زَمَانٍ ؟ / هَاجَرَتْ أحلامُ الطُّفُولَةِ مِنَ اللامَكَانِ إلى اللازَمَانِ / يا نَوْرَسَ الغُرُوبِ / ضَعْ بَصْمَتَكَ عَلى تَابُوتِ البَحْرِ / كَي يَتَذَكَّرَ القَرَاصَنَةُ وَجْهَكَ المُسَافِرَ في الغَيْمِ / وَيَتَذَكَّرَ حَفَّارُ القُبورِ شَجَرَةَ الكَرَزِ التي تَصْعَدُ مِن شَوَاهِدِ القُبورِ /

     كَمَا يَسْقُطُ دَمِي الأخضرُ في الشَّايِ الأخضرِ / يَسْقُطُ النَّعناعُ في رُفَاتِ المَوْتَى / وأنا اليَتِيمُ / أحْرُسُ ثَلاجَةَ المَوْتَى مِنَ الذِّكرياتِ وأجنحةِ الفَرَاشَات / لا تاريخٌ لأشلائي / ولا جُغرافيا لأمعائي / لكنَّ مُسْتَقْبَلِي لامِعٌ كأشجارِ المقابرِ في لَيْلِ الانقلاباتِ العَسكريةِ /

     مَنَارَةٌ مِن عِظَامِ الأطفالِ تُطِلُّ عَلى بَحْرِ الدُّموعِ / وأنا أحْرُسُ جُثمانَ البَحْرِ مِن أعلامِ القَرَاصِنَةِ وأعلامِ القَبَائلِ المُنَكَّسَةِ / ومَنَادِيلُ الوَدَاعِ للصَّبايا تُغَطِّي جِيَفَ الفِئرانِ التي نَسِيَهَا المَوْجُ عَلى رَصيفِ المِيناءِ/ والأطفالُ يَقْضُونَ العُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ في تَشْرِيحِ جُثَثِ آبَائِهِم / الذينَ عَادُوا مِنَ المعاركِ بلا أوسمةٍ ولا أكاليلِ غَار/ وأنا أقضي وَقْتَ فَرَاغِي في تَشْرِيحِ جُثَّةِ النَّهْرِ / انتَهَت الحَرْبُ يا قَوْسَ قُزَح / الجُنودُ لَمْ يَعُودُوا / وأجنحةُ الحَمَامِ الزَّاجِلِ تَكَسَّرَتْ / وَلَن تَصِلَ الرَّسائلُ / والأراملُ يَنْتَظِرْنَ استلامَ جَثَامِينِ أبْنَائِهِنَّ عِندَ الحواجزِ العَسكريةِ/ ونَبَاتَاتُ الزِّينةِ البلاستيكِيَّةُ تَنمو في فُوَّهَاتِ المَدَافِعِ / والعُشَّاقُ نَحَتُوا أسْمَاءَهُم عَلى أشجارِ المقابرِ الجماعِيَّةِ/ والتَّطْهِيرُ العِرْقِيُّ جِنْسِيَّةُ مَن لا جِنْسِيَّةَ لَهُ / أُهَرِّبُ خُدُودَ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ في قَصَائدي مِثْلَ الماريجوانا / وأُهَرِّبُ أنقاضَ وَطَنِي في أمعائي النُّحَاسِيَّةِ / وَسَوْفَ تَظَلُّ مَحطةُ القِطاراتِ فَارِغَةً في المساءِ الجليدِيِّ / وَتَرْكُضُ بَنَاتُ آوَى إلى المقبرةِ تَحْتَ أمطارِ الليلِ / والصَّيادُ الأعمى يُطْلِقُ النَّارَ عَلَى الحَيَوَاناتِ المَنَوِيَّةِ في أدغالِ الغُروبِ .