26‏/03‏/2025

شركسية تحل معادلات الرياضيات في ليل الشتاء

 

شركسية تحل معادلات الرياضيات في ليل الشتاء

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     عِندَما يَفْتَرِسُنِي بَرِيقُ عُيُونِ الشَّركسياتِ في الغُروبِ/ أَتَحَرَّرُ مِنَ الجَاذِبِيَّةِ / وأسْبَحُ في الغُيومِ / فيا أيَّتُها البُحَيرةُ المشلولةُ / امْنَحِي الغريقَ فُرْصَةً كَي يَقْتُلَ الحُزْنَ في عَيْنَيْكِ /

     المَقتولُ يَسْمَعُ صَوْتَ المَطَرِ / لَكِنَّهُ يَعْزِفُ عَلى البيانو في طُرُقَاتِ السُّلِّ / جُثتي طَافِيَةٌ عَلى طَحَالِبِ المُسْتَنْقَعِ / فَلا تَكْرَهِيني يا أُمِّي / ولا تُشْفِقْ عَلَيَّ يَا ضَوْءَ القَمَرِ / سَأكُونُ رُومَانسِيًّا حِينَ تَبِيعُ الأراملُ الخُضَارَ أمامَ المَحَاكِمِ العَسْكَرِيَّةِ /

     أيَّتُها الشَّركسيةُ الغامضةُ التي تُحَلِّقُ في غَابَاتِ القُوقازِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / سَوْفَ تَجِدِينَ شَظَايَا جُمْجُمَتِي عَلى أجنحةِ الفَرَاشَاتِ/ جَسَدي مَعَ البُحَيرةِ / وقَلْبي مَعَ العَاصِفَةِ / هَل أنا مُخْلِصٌ أَمْ خَائِنٌ ؟ / هَل دِمَائِي سُنبلةٌ أَمْ أرْزَةٌ ؟ / سَتَكْسِرُني الرِّيحُ في فَجْرِ يَوْمٍ خَرِيفِيٍّ / وَلَن تُفَرِّقَ أُمِّي بَيْنَ قَطَرَاتِ المَطَرِ وَقَطَرَاتِ دَمِي / والبَدْوُ الرُّحَّلُ يَكْتُبُونَ دُستورَ الوَحْدةِ الوطنيةِ / والقَرَاصِنَةُ يَكْتُبُونَ دُستورَ رُعْيَانِ الغَنَمِ / ماتَ الرَّاعي / وانكسرَ المِزْمَارُ / والقَطِيعُ يَسِيرُ إلى حَافَةِ الجَبَلِ /

     أشجارُ المقابرِ تَشْرَبُ دَمِي السَّاخِنَ بِدَمٍ بَارِدٍ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تُبَخِّرُ دُمُوعي في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ / وَلَمْ يَبْقَ إلا المِلْحُ عَلى وِسَادَتِي المُشَقَّقَةِ / أَحْرَقَ الإعصارُ فِرَاشَ الزَّوْجِيَّةِ / وَذَهَبَ العَاشِقُونَ إلى فِرَاشِ المَوْتِ / وَبَقِيَتْ طَاوِلاتُ المَطْعَمِ وَحِيدَةً / كُلَّمَا رَأيْتُ امرأةً جَميلةً في آخِرِ لَيَالي الصَّيْفِ / رَأيْتُهَا عَلى فِرَاشِ المَوْتِ في لَيْلَةٍ خَرِيفِيَّةٍ بَارِدَةٍ/ مَرَافِئُ الاحتضارِ مَزْرُوعَةٌ بِكَامِيراتِ المُرَاقَبَةِ والحواجزِ العَسكرِيَّةِ / كُلَّمَا أرَدْتُ أن أعْشَقَ السَّرَابَ في صَحْرَاءِ العِشْقِ / تَذَكَّرْتُ مَلَكَ المَوْتِ / المَوْتُ قَضَى عَلى الرُّومَانسِيَّةِ/ فَاعْشَقِينِي أيَّتُها الغُيومُ البَعِيدةُ/ واحْزَنِي عَلَيَّ / سَتُطَالِبِينَ بِدَمِي بَعْدَ اغتيالي / وَسَاعِدْنِي أيُّها السَّرَابُ الأُرْجُوَانِيُّ / كَي نَقْتُلَ الحُزْنَ في قَلْبِ الفَرَاشَةِ /

     رَمَى الإعصارُ مَساميرَ نَعْشي في حَاوِيَةِ القُمامةِ/وَحُكومةُ الوَحْدَةِ الوَطنيةِ وَضَعَتْ مِشْنَقتي عَلى طَوَابِعِ البَرِيدِ/ تَخْلِيدًا لِتَارِيخي في شَوَارِعِ الجِرْذان / والشَّارِعُ الذي يَضُمُّ حُفَرَ المَجَاري صَارَ يَحْمِلُ اسْمِي / شُكْرًا للعَبِيدِ الذينَ ذَهَبُوا إلى المَوْتِ قَبْلَ أن يُجَامِعُوا زَوْجَاتِهِم / وَشُكْرًا للسَّبايا اللواتي نَسِينَ قُمْصَانَ النَّوْمِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ / والأسِرَّةُ تَظَلُّ خَالِيَةً في لَيْلِ الشِّتاءِ الطويلِ / يَسِيلُ المِكياجُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / فَمَا فائدةُ الرُّومانسيةِ أيَّتُها اللبُؤَاتُ المَنْسِيَّاتُ ؟ / يَضْحَكُ العُشَّاقُ في عَرَبَاتِ القِطَارِ/والتَّوابيتُ مَصْفُوفةٌ عَلى سُطُوحِ القِطَاراتِ كَصَنَادِيقِ الخُضَارِ الخَشَبِيَّةِ / والبَدْوُ الرُّحَّلُ يُؤَلِّفُونَ الأغاني الوَطَنِيَّةَ بَعْدَ ضَيَاعِ الوَطَنِ .