13‏/04‏/2025

شروط الشفق لتسليم جثتي

 

شروط الشفق لتسليم جثتي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     الزَّوابعُ تُغنِّي بَيْنَ أسنانِ الضَّحايا وشَوَاهِدِ القُبورِ / لأنَّ مَوْسِمَ تَزَاوُجِ الجَرَادِ بَدَأَ في عِظَامي/ أظافري تُضِيءُ طَرِيقِي في مَرَافِئِ الجِرذان / وَتَلْمَعُ الأمطارُ عَلى حَبْلِ مِشْنَقَتِي كأجفاني النُّحَاسِيَّةِ /

     تَصُبُّ الدِّيدانُ الكُحْلَ في آبارِ القُرَى المَزروعةِ بالحواجزِ العسكريةِ وكَاميراتِ المُرَاقَبَةِ / كَمَا يَصُبُّ الخَلِيفةُ المَنِيَّ والنِّفْطَ في أرحامِ السَّبايا / نَجْمَعُ جَدَائِلَ النِّساءِ المُغتَصَبَاتِ مِثْلَ لَوْحَاتِ المَتَاحِفِ / رَمى المساءُ الأوسمةَ العسكريةَ في أكوامِ النُّفاياتِ في شَوارعِ الحضارةِ / والعَوَاصِفُ تُلْقِي جُثَثَ الجُنودِ المَهْزُومِينَ في حاوياتِ القُمَامَةِ في أزِقَّةِ الدَّمْعِ / فلا تَقْلَقْ يَا سَجَّاني وَسَجِيني / إنَّ الرَّاقصاتِ في المَلاهِي الليلِيَّةِ سَيُحَرِّرْنَ فِلِسْطِين /

     يُضِيءُ مِلْحُ دُمُوعي بَيْنَ الشَّايِ والنَّعناعِ / فَاشَرَبِيني يا سَنَابِلَ بِلادي / كَي أُولَدَ في كُحْلِ البُحَيراتِ / وأمُوتَ في تِلالِ الذِّكرياتِ / النَّهْرُ مُصَابٌ بانفصامِ الشَّخصيةِ / وأنا قَاتِلُ الذاكرةِ وَضَحِيَّةُ الذِّكرياتِ/أُقَدِّمُ أشلائي هَدِيَّةً لابنةِ حَفَّارِ القُبورِ/ بِمُنَاسَبَةِ زَوَاجِ شَوَاهِدِ القُبورِ في حَنْجَرتي/

     مَاتَ الوَطَنُ على أثاتِ المَنَافِي الحَدِيدِيِّ / فَمَا فَائِدَةُ الأغاني الوَطَنِيَّةِ ؟ / مَاتَت الدَّولةُ في ابتساماتِ العُشَّاقِ الخَوَنَةِ / فَمَا فَائِدَةُ مَحْكَمَةِ أمْنِ الدَّولةِ ؟ /

     أعْرِفُ أنَّ ضَوْءَ القَمَرِ سَيَطْعَنُنِي في الظَّهْرِ / أركضُ في شَوارعِ الليلِ وَحِيدًا / وأُحْرِقُ الأرصفةَ القَذِرَةَ بِمِلْحِ دُموعي/ وَدَمِي يَصْرُخُ بِلا وَطَنٍ ولا مَنْفى/ أبكي بلا تاريخٍ ولا جُغرافيا / كَي أتَحَرَّرَ مِن طَيْفِ الشَّركسياتِ في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ /

     أنا المَوْلُودُ في السَّرابِ الأُرْجُوَانِيِّ / المقتولُ في الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ / وَكُحْلُ الشَّركسياتِ يَتساقطُ في شَظَايَا جُمْجُمَتِي / سَوْفَ تَمُوتُ أيُّها الذِّئبُ عِندَما لا تَتَوَقَّعُ المَوْتَ / سَوْفَ تَأتِيكَ الطَّعْنَةُ القاتلةُ مِنَ الحُلْمِ الذي لَمْ تَتَخَيَّلْهُ / وَالمَرْأةُ التي تَضْحَكُ لَكَ في لَيالي الصَّيْفِ / هِيَ التي سَتَضَعُ لَكَ السُّمَّ في فِنْجَانِ القَهْوَةِ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ باردةٍ /

     أرجوكَ يَا وَمِيضَ البَرْقِ / إذا وَجَدْتَ جُثتي مُقَطَّعَةً وَمَتْرُوكَةً عَلى الرَّصيفِ / فَادْفِنْ أشلائي في جَدَائِلِ أُمِّي / ولا تَحْزَنْ عَلَيَّ / سَوْفَ أنبعثُ في تِلالِ بِلادي / مُسَدَّسًا ضَوْئِيًّا وذاكرةً تَنقَلِبُ عَلى الذِّكرياتِ / يَا أيُّهَا البَدَوِيُّ الدِّيمُقْرَاطِيُّ/ كُنْ خَنْجَرَ الذاكرةِ بَيْنَ المِكْيَاجِ والنِّعَاجِ/أنا المَنبوذُ بَيْنَ بُكَاءِ الرِّياحِ وأشجارِ الصَّنوبرِ في المَقبرةِ / كُلَّمَا نَظَرْتُ إلى مَرايا الرَّعْدِ رَأيتُ وَجْهَ قَاتِلَتِي / ذَهَبَ الجُنودُ إلى المعركةِ وَلَن يَعُودُوا / ولا تَزَالُ زَوْجَاتُهُم يَنْتَظِرْنَ أمامَ نوافذِ الخريفِ في المساءِ .