14‏/04‏/2025

جثة منسية على رصيف الميناء

 

جثة منسية على رصيف الميناء

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     السَّبايا مَقتولاتٌ في غُرفةِ الاعترافِ / وَرُومَانسِيَّاتٌ في طَوَابِيرِ استلامِ الرَّاتِبِ الشَّهْرِيِّ / وأنا المذبوحُ في ليالي الشِّتاءِ اللازَوَرْدِيَّةِ / وَسَوْفَ تُزْهِرُ جُثتي في الرَّبيعِ الدَّامي / أنا مُؤرِّخُ المعاركِ الخاسرةِ / لَكِنَّ طَيْفِي الغريقَ انتصرَ عَلى البَحْرِ في المساءِ الرَّهيبِ /

     سَوْفَ تَرْمِي الزَّوابعُ الأُرْجُوَانِيَّةُ رَمَادَ الجُثَثِ المُحْتَرِقَةِ/بَيْنَ أشجارِ النَّخيلِ في جَزيرةِ السَّرابِ/ أنا تاريخُ الحُبِّ الضائعِ في مَدِينةِ الوَهْمِ / أنا جُغرافيا أحلامِ الطفولةِ الضَّائعةِ في مَملكةِ السَّرابِ / وَمَملكتي لَيْسَتْ في هذا العَالَمِ /

     أنا الرُّبَّانُ المقتولُ بَيْنَ الشِّعَابِ المَرْجَانِيَّةِ وَحُطَامِ السُّفُنِ / فلا تَكْرَهْنِي يا مَوْجَ البَحْرِ / وَعِشْ ذِكْرياتي نِيابةً عَنِّي / وَكُنْ دِفْءَ فِرَاشِ المَوْتِ في عِظَامي / وَكُنْ شَمْعَةَ حَيَاتي في مَمَاتي /

     وَقَعَ سَائِلُ الجَلْيِ في أشلاءِ النِّساءِ عَلى البَلاطِ الباردِ / والعاصفةُ تَجْلِي الصُّحونَ بالسَّائلِ المَنَوِيِّ / وأجنحةُ الجَرَادِ تتساقطُ في شُقُوقِ حَنْجَرتي / والرِّيحُ تُغَيِّرُ جِلْدَهَا بَيْنَ أعشابِ المقابرِ ورَغْوَةِ القَهْوَةِ / التي يَشْرَبُهَا حَفَّارُ القُبورِ في فَترةِ الاستراحةِ / ولا اسْتِرَاحَةَ للمُحَارِبِ سِوَى الدُّمُوع/

     إشَارَةُ المُرُورِ في شَارِعِ التَّوابيتِ خَضْرَاءُ/ لَكِنَّ الأيتامَ يَبِيعُونَ كُرَيَاتِ دَمِي الحمراءَ على إشارةِ المُرُورِ / والشَّظَايا في الحَنَاجِرِ / والزَّوابعُ تَرْسُمُ صُورةَ احتضاري في المساءِ القِرْمِزِيِّ / وَحَبَّاتُ المطرِ تَنهمرُ عَلى خُدُودِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ / كَمَا تَنهمرُ أشِعَّةُ القَمَرِ عَلى رُخَامِ ضَرِيحي /

     أطفالُ حَفَّارِ القُبورِ / بَنَادِقُهُم البلاستيكيةُ مَطْلِيَّةٌ بِعُشْبِ الأضرحةِ / سأظلُّ حَيًّا في قَلْبِ امرأةٍ غامضةٍ / تبكي في ليالي الشِّتاءِ وَحيدةً / صَخَبُ الدِّماءِ وَهِيَ تَنْهَمِرُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / وَضَجِيجُ المطرِ وَهُوَ يَكْسِرُ عِظَامَ المَوْتَى الطازَجَةَ /

     مَطْرُودٌ أنا مِن أشِعَّةِ القَمَرِ في قُرْطُبَة / مَقْتُولٌ أنا في ضَوْءِ الشَّمْسِ في غَرْناطة / والأكفانُ البَيْضَاءُ تُغَطِّي أثاثَ المَنَافي الجَلِيدِيَّةِ / مَاتَ أبي في الخريفِ / والبَقُّ أَكَلَ عُكَّازَتَهُ / مَاتَتْ أُمِّي في الشِّتاءِ / والصَّقيعُ أَكَلَ ضَفَائِرَهَا / وأنا مُتُّ في الرَّبيعِ/ ولَيالي الصَّيفِ الأُرْجُوَانِيَّةُ تُحَنِّطُ جُثماني في زُجَاجِ القِطَاراتِ / مَاتَتْ لَيْلَى / والذِّئبُ يُنَظِّفُ أخشابَ تابوتي بأملاحِ دَمْعِهِ / وكَسَرَ ضَوْءُ القَمَرِ مَسَامِيرَ نَعْشِي / والزَّوابعُ البَنَفْسَجِيَّةُ تُلْقِي رُفَاتَ الجُنودِ في حُفَرِ المَجَاري / وفِئرانُ السَّفينةِ تَرْمِي الأوسمةَ العسكريةَ في تِلالِ النُّفَاياتِ/بُورصةُ الإمَاءِ/ وَسِعْرُ غِشَاءِ البَكَارَةِ حَسَبَ سِعْرِ بِرْمِيلِ النِّفْطِ/ والعَوَاصِفُ المُخْمَلِيَّةُ تَكْتُبُ الرَّسَائِلَ الغَرَامِيَّةَ بَيْنَ الخَنَاجِرِ والحَنَاجِرِ .