15‏/04‏/2025

جاذبية الحزن في عيون الشركسيات

 

جاذبية الحزن في عيون الشركسيات

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     أَحْمِلُ في ألواحِ صَدْرِي ذِكْرَيَاتٍ تُحْرِقُني بِلا رَحْمَةٍ/ فَأَطْلِقِي رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى ذِكْرَياتي التي لا تَرْحَمُنِي/ أركضُ في غَاباتِ القُوقازِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ/ لأكتشفَ الحُزْنَ في عُيونِ الشَّركسياتِ/فَلا تَكْرَهِينِي يَا ضَفَائِرَ أُمِّي/ أنا حُطَامُ السُّفُنِ وأنقاضُ البُيُوتِ وَشَظَايَا المَزهرياتِ / أَحْمِلُ بِذرَةَ النِّهايةِ في بِدَايَةِ شَرَاييني / وأُخَزِّنُ لَوْنَ البَحْرِ في دَمِي اللازَوَرْدِيِّ/ الذي يَنْبُعُ مِن ذَاكِرَةِ أملاحِ الدَّمْعِ / وَيَصُبُّ في أَزِقَّةِ المَوَانِئِ البَعِيدَةِ /

     أنا قَاتِلُ ذَاكِرَةِ السَّرابِ / وضَحِيَّةُ ذِكرياتِ النَّهْرِ / تَفْتَرِسُنِي ظِلالُ الشَّركسياتِ في ليالي الخريفِ الكريستالِيَّةِ / كَمَا يَفْتَرِسُ المَوْجُ القُصُورَ الرَّمليةَ في أحلامِ الطُّفولةِ البَعيدةِ /

     أَيَّتُها الجُثَّةُ المُتَفَحِّمَةُ ذَاتُ الأسنانِ الذهبيةِ / حَبْلُ مِشْنَقتي مِن فِضَّةِ العِشْقِ القَاتِلِ / وَرَقَبَةُ المَلِكَةِ الناعمةُ تَحْتَ مِقْصَلةِ المساءِ الحزينِ / المَقبرةُ شَقَّةٌ مَفروشةٌ / وَشَوَاهِدُ القُبورِ أثاثٌ مُسْتَعْمَلٌ / أنا الغريبُ / أَدْخُلُ إلى أنقاضِ قَلْبي فلا أجِدُ مَن يَسْتَقْبِلُنِي/ أنا المَنبوذُ / أَخْرُجُ مِن أنقاضِ بَيْتِي فلا أَجِدُ مَن يَسْتَقْبِلُنِي/ عُدْتُ مِنَ مَعركةِ العِشْقِ مَهْزُومًا/ وَلَمْ أَجِد امرأةً أبكي عَلى صَدْرِها في أرشيفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / وَلَم يَعُدْ هُنَاكَ دُوَلٌ / كَي نَكْتُبَ دُسْتُورَهَا بِكُحْلِ الصَّبايا /

     في الفَجْرِ الكاذبِ / تتساقطُ دُموعُ الذِّئبةِ في مَزهرياتِ غُرفةِ الاعترافِ/ ويتساقطُ المطرُ النُّحَاسِيُّ عَلى مَساميرِ نَعْشِي الحديديةِ / ضَوْءُ القَمَرِ يَحْرُثُ شَرَاييني / ويَحْصُدُ كُرَيَاتِ دَمِي بالمِنْجَلِ المُضِيءِ / وَطَيْفُكِ أيَّتُها اللبُؤَةُ المَجروحةُ عَاطِفِيًّا يَحْرُسُ عَالَمِي / وأنتِ خَارِجَ عَالَمِي / تُضِيئِينَ أشجارَ مَقبرتي / وأنتِ في صَخَبِ عِظَامِي /

     كَتَبَ العُشَّاقُ الخَوَنَةُ الرَّسائلَ الغَرَامِيَّةَ عَلى كَبْسُولاتِ السِّيَانَيْدِ / ونَسُوا أن يَمُوتوا / افْرَحِي يا أرملةَ البَحْرِ / إنَّ ثِيَابَ الحِدَادِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / وَصُحُونُ المطبخِ مَلْفُوفَةٌ بالأكفانِ المغسولةِ بِدَمْعِ البُحَيراتِ / غَسَلْتُ يَدِي مِن دِمَاءِ الغُيومِ / وأنتظرُ ضَوْءَ القَمَرِ كَي يَزْرَعَ خَنْجَرَهُ في ظَهْرِي /

     لا تُنَكِّسُوا الأعلامَ عِندَما يَغتَالُ قَلْبي وَمِيضُ البَرْقِ / لأنَّ الأعلامَ دَائِمًا مُنَكَّسَةٌ / العناكبُ تُزَيِّنُ سَاعَةَ الحائطِ في زِنزانتي / التي تُطِلُّ عَلى شَرَاييني المفتوحةِ في جَسَدِ البَحْرِ/ والمَوْجُ رَمَى أحزانَ العَالَمِ في حَنْجَرَتي / والنَّهْرُ هُوَ الجُنديُّ المهزومُ / يَصْنَعُ مِن أسنانِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ أوسمةً عَسكريةً / أنا المنبوذُ في أوردتي البلاستيكيةِ/ والمُهَاجِرُ مِن ذَاكرةِ الطحالبِ التي تَنْمُو في أوعيتي الدَّمويةِ.