12‏/06‏/2019

تناول الديمقراطية على الغداء / قصيدة

تناول الديمقراطية على الغداء / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

     حَمَلَ اللصوصُ الحمَّى في عُروقِهم إِلى سَواحِلِ الماريجوانا / كَي يُزيِّنوا الغاباتِ المحروقةَ بِدَمِ الحيْضِ / وَدِنَانُ الخمرِ يَأْخذونها بَعْدَ شَنقِ العِنبِ عَلى الطائراتِ الوَرقيةِ / لَم يُفَرِّقوا بَيْنَ دِماءِ الأطفالِ وَلَوْنِ الخمور / دِيمقراطيةٌ تَركضُ عَلى نباتاتٍ مَزروعةٍ في الجماجمِ / أَشْعَلوا الخشبَ الذي يُظَلِّلُ صَمْتَ المرضى والعجائزِ/ نَصَبوا على قِممِ السَّرابِ نِقاطَ تَفتيشٍ لِقَوافلِ العَصافيرِ/ قَسَموا ظِلَّ النَّرْجسِ إلى نِصْفَيْن متساويَيْن / عَلَّموا الأيتامَ رَقصةَ التانغو على القبورِ وبُطونِ الحواملِ / دَمَّروا قَواربَ الصَّيادين المضيئةَ / صَنعوا مِنْها صُلباناً صَبَغوا بِها جُثثَ الأَسْرى / سَرَقوا حِجارةَ المسْجدِ لِيُقيموا مَعَابِد لِسَماسرةِ الحروبِ / خَطَفوا أَساورَ اليَتيماتِ / واشْتَرَوْا مَزرعةَ خَشْخاش للقَوَّادِين / وَقَالوا : (( هَذا تَارِيخُنا العَريقُ وهذه أرضُ أجدادِنا )) / رَفَعوا لَهم رَاياتٍ مِن دِماءِ الملايين/ وأَخْبَرُوا الصَّحفيين أن هذا عِيدُ استقلالهم / حَفَروا الصُّلبانَ الخشنةَ على أعينِ السَّناجبِ / زَرعوا محاكمَ التَّفتيشِ في عُشِّ بُلْبُلٍ مَذْبوحٍ / وَلَمَّا سَمِعُوا الشَّمسَ تَقولُ الحقيقةَ / دَفَنوا أجنحةَ الفَراشاتِ لِكَيْلا تَعْرفَ الشمسَ /
     يَا بُحَيْراتِ الشَّمْعِ / رَفضتِ الصَّليبَ فَصَلبوكِ / يَا زَيْتَ الزَّيتونِ الموْلُودَ فِي شَمسِ الأندلسِ / أجدادي زَرعوا أَجفانَ العَصافيرِ في خُدودِ قُرْطبة / وَقُطاعُ الطريقِ قَطفوا تفاحةَ التاريخِ/ يَخلعُ المساءُ رِئةَ قَوْسِ قُزَحَ/ يَجلسُ العشاقُ الجددُ على ضَوءِ الهاويةِ / وأَدْخلُ مُخْتالاً إِلى المقبرةِ الملوَّنةِ في ثِيابي/ والزَّبدُ يَغْرسُ الأُغنياتِ في رُموشِ ابْنةِ القُرصانِ لِكَي تَنامَ بهدوء / وَالضَّبابُ يَرْمي أصابعَه في أحضانِ السَّرابِ / تَدورُ الذِّكرياتُ أحجاراً غَيْرَ كَريمةٍ / وَعُيونُ السُّجناءِ بَيْنَ أدغالِ الظمأ وأنيابِ الأساطيرِ / الرِّيحُ تَدْهَنُ جَدائِلَها بِسُعالِ القَتلى / وَالزَّيتونُ يَكتبُ وَصِيَّته عَلى لحمي / الذي يَطْبُخُهُ صَوْتُ الرَّعْدِ / وَالزوابعُ تَكتبُ أسرارَها عَلى تَجاعيدِ الغُروبِ / فانتظِرِيني يا رِمَالَ البَحْرِ / حِينَ يَختلِطُ صَوْتُ الرَّصاصِ بِرَنِينِ خَلاخيلِ النِّساءِ /
     عَلى شَواطئِ الكُوليرا العُراةُ والشَّواذُّ جِنْسياً / مِن الشُّموعِ السَّوداءِ التي تتحدثُ الجِنسَ بِطلاقةٍ / يَتسرَّبُ انتحارُ الغُزاةِ / مِن النِّساءِ اللواتي أَخَذَ الفِرنجةُ ثيابهنَّ أشرعةً لِسُفنٍ يُحطِّمها جَبَلُ طارق / تأتي الخِياناتُ الزَّوْجيةُ /
     بَعْدَ انتهاءِ الْحُرُوبِ في الأرضِ الخرابِ / سَيَظَلُّ صَوْتُ الرَّصاصِ في ثُقوبِ جِلْدي / سَتَظَلُّ رَائحةُ الْجُثَثِ الْمُتَفَحِّمَةِ في أعصابي / سَتَظَلُّ أشلائي هُدنةً بَيْنَ أُمَرَاءِ الْحُرُوبِ وشُيوخِ القَبائلِ .