14‏/06‏/2019

بلبل يهزم الطاغية / قصيدة

بلبل يهزم الطاغية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

     ذُبابةٌ تَنحدرُ مِن عَائلةٍ مُفكَّكةٍ / وتمتصُّ عَرَقَ الفلاحين في الحقل الذي تُراقِبه وِزارةُ الإِبادةِ الجماعيةِ / والغَرْبُ يُشَرِّحُ جَسَدَ المرأةِ/ على مَوائدِ المقامِرِين/ قِطَعاً متساوية الحجم / ويُسَمِّي ذلكَ حُقوقَ المرأةِ ! / والأعرابُ يَحْملون الجواري في عَرباتِ الفياغرا / ويَركضون خَلْفَ جَائزةِ نوبل /
     بُلبلَ الأعاصيرِ/ اصْعَدْ مِن هَزيمتكَ في مَعركة الظلالِ/ وادفنْ دُموعَكَ في جُثمانِ خَجَلِكَ / هَل خَجلوا مِنَّا حِينَ قَتلونا ؟!/ لا تتَّسعُ قُبَّعةُ الطاغيةِ للزَّهْرِ والينابيعِ / وَدِّعْ مَحاصيلَ الذُّرةِ/ واحْرِقْ ظِلالَ نَعْشِكَ بِوَهَجِ رُموشِكَ/ وانطلقْ أَجْنحةَ عُقْبان/ اكسرْ أَوْثانَ الذاكرةِ كَحجارةِ الدُّومينو / واعْبُرْ حُقولَ الياقوتِ الدَّمويِّ / كَي يَنكسرَ مُسدَّسُ الشَّيطانِ /
     أُصِيبَ الطاغيةُ بالصُّداع مِن كَثْرةِ القَتْلِ/وقالَ لأظافرِه:((غَداً نُكمِل القتلَ !))/ قَارَّاتٌ عَاقِرٌ كَصَخرةٍ مُتَّشحةٍ بالزِّئبق/ بَاضَت حَمَامةٌ عَلى جُذوعِ البَارودِ/ في عَرينِ الأشلاءِ / وَقُوَّاتُ الأمنِ تُلاحِقُها / وَتَفْرُشُ السُّمَّ على صَخْرٍ مُشَقَّقٍ/ كَرِداء حَضارة الذِّئب/وَذَلِكَ المساءُ في جِلْدي أكثرُ نَقاءً مِن خُدودي/ في الشِّتاءِ القَريبِ مِن سَيْفي /
     تنهارُ رَاياتُ الثعالبِ على خَاصرةِ الجليدِ الحادَّةِ/ كَحَوَافِّ الميناءِ القديمِ / الذي شَهِدَ أعراسَ السَّمكِ / مَقابرُ القَياصرةِ تَركضُ في بَساتينِ صَوْتي الحزينِ / وَبَيْنَ أضراسِ الضَّوْءِ يَمدحُ القاتِلون القاتِلِين / اقْتُلي فَحيحَ غُرفِ التَّعذيبِ يَا صَوَاعقُ / الشُّموسُ العُشبيةُ تَسقطُ في دَمِي الأبيضِ/ أَفْتحُ نَوافذَ الوَداعِ لِوَرْدةٍ مَجْهولةِ النَّسَبِ/ سَتَقْصِفُها طَائِراتُ الغُزاةِ / وصَمْتُ الأغنامِ يَحْشو الرَّصاصَ في البَنادقِ / وَبُوصلةُ الثَّوْرةِ تَكْسرُ التماثيلَ المنصوبةَ عَلى أصابعِ أطفالِنا/ كُلُّ سُفنِ القَراصنةِ بُرتقالةٌ عَلى نَصْلِ المِقْصلةِ / أَقتلعُ مِن حَناجِرِ السُّنونو عَاصِمةَ الفِطْرِ السَّام / أَنزعُ سَجائرَ الفِرنجةِ مِن عِظامِ الشُّطْآنِ / نَزِيفُ البُرتقالِ عَلى نُحاسِ سَاعاتِ اليَدِ / نَشيدُ الرِّماحِ عِندَ الغُروبِ / وَخَريرُ الماءِ يُحصِي عَددَ الأسئلةِ التي يَطْرحُها المحقِّقون على الثائرِ / حَضَنَ الموجُ أطفالَه الصِّغارَ / سَيْفي صَرْخةُ النُّجومِ في لَيْلِ الخوْخِ / أنا صَوْتُ المطرِ في بَراري التَّطهيرِ العِرْقيِّ/وَقَعتْ جَرادةٌ عَلى شِراعِ قَاربي/ الذي يَغْرقُ وَلا يَغْرقُ/ كُلَّما تَرَسَّبت بَواخِرُ السِّلاحِ في قَاعِ مَعِدتي/ تَجمَّعَ القَراصنةُ لِسَقْي أزهارِ البَحر / واقْتسامِ جُثَّةِ الشَّاطئ/
     أَيَّتها الرِّيحُ / اعْتَقِلي تُجَّارَ الحروبِ/ للرَّصيفِ البلاستيكيِّ عَائلةٌ قَلِقةٌ عَلى غِيابه/ كَتبت الأعاصيرُ تقريراً غامضاً عَن حَالتي الصِّحيةِ / وسَلَّمَتْهُ إلى النَّعناعِ في الجهازِ العَصبيِّ للبُحَيْرةِ / كَفَني مَتْحَفٌ لِلمُراهِقات / أَجْمعُ جُثثَ أَصْدقائي كَطَوابعِ البَريد/ فَكُنْ وَسيماً مِثْلَ الهياكلِ العَظْميةِ / لِتَعْرِفَ الفَرْقَ بَيْنَ أرقامِ الزَّنازينِ وأرقامِ الرَّاقصاتِ / وَكُنْ هَادِئَ الأعصابِ مِثْلَ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / لِتَعْرفَ الفَرْقَ بَيْنَ اكتئابي والوَسْواسِ القَهْريِّ / وَطنٌ مَاتَ / وَجُثثُ الملوكِ في طُرقاتِ الفِئران / سَقَطَ الصَّهيلُ في بِئْرِ الإِبادةِ / وَالخيولُ تُسَجِّلُ ابْتساماتي في أَرشيفِ المذْبحةِ / أَعْضائي مُومياءُ الشَّكِّ / وأَعْصابي تَسيلُ عَلى حَيْرةِ أَعْمدةِ الكَهْرباءِ المنْطفئةِ / كَانَ الجسدُ المحترِقُ أثاثاً لِلخَفَافِيشِ / التي تُقدِّسها صُكوكُ الغُفران/ يَا زَائِرةَ ضَرِيحي في الشِّتاء/ تَغْرَقُ النُّسورُ في خُصَلاتِ شَعْرِكِ / وَالضَّبابُ الأُرْجُوانيُّ يَرْمي حَوَاسَّه في الظلامِ / كَي يَذبحَ الظلامَ بِخَنْجرِ الذاكرةِ / أُهاجِرُ إِلى الضَّوْءِ حَامِلاً جُمْجمتي في أكياسِ الشَّفق/ ويَدخلُ قلبي في خُيوطِ مِنْديلِ الفَراشةِ / أُمِّي الأُمِّيةُ تَقْرأُ مُؤلفاتِ الرُّعودِ/ الجثثُ المعطَّرةُ بِضَحِكاتِ الخريفِ / فَيَا صَدِيقي المشْنوق/ اغْتَسِلْ بِدُموعِ أُمِّكَ/ وَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ / وَادْخُلْ إِلى قَبْرِكَ وَاثِقاً بِأكفانكَ المسْتَوْرَدَةِ / عُمري مَسافةٌ ضَوْئيةٌ بَيْنَ ضَريحَيْن مِن أَجنحةِ الفَراشاتِ/ والأكفانُ المسْتَعْمَلَةُ مُعلَّقةٌ عَلى أبراجِ المرَاقَبَةِ/ اكْرَهِيني في الصَّباح/ واعْشقيني في المساء / لِيَشْهدَ شَجرُ الصَّنوبرِ عَلى كَأْسِ السُّم تَحْتَ شُرفاتِ اللهبِ / لأوَّلِ مَرَّةٍ / أَكتشفُ أَنَّ وَجْهي لَيْسَ خُيوطَ عَناكبِ الأساطيرِ / أنا العَتمةُ المهاجِرةُ إِلى نُورِكَ يَا قُدُّوس /
     يَا رَاهباتِ العَطَشِ / اقْرَأْنَ سِفْرَ الرُّؤيا عَلى أرشيفِ العُميان / نباتاتُ الملَلِ / وَحَبْلُ الغسيلِ الطويلُ / وَالْمَعْبَدُ المهجورُ / وَالدَّيْرُ الْمُحَاصَرُ بِالسُّيولِ / اكتئابُ الرَّاقصاتِ غَيْرِ المحترِفاتِ بَعْدَ رَقْصةٍ فَاشلةٍ / مَن المهرِّجُ سَعيدُ الحظِّ الذي أَحْبَبْتِهِ أيتها المراهِقةُ المصْلُوبةُ على الدُّولارِ ؟ / مُسْتقبلُ الزَّبدِ مُشْرِقٌ / لأنَّ القَراصنةَ يَدْعَمُونَ الوَحدةَ الوَطنيةَ /
     قُتِلَ الطاغيةُ في الخندقِ / الذي يَفْصِلُ بَيْنَ ثَدْيَي زَوْجته / يَبكي التُّوتُ المصابُ بالإيدز / والأسرى يَنامون على مُشتقات البترول كأشجارِ الزِّينةِ / دَخَلَ التاريخُ في وِشاحِ مُومياء/ فَلَمْ يَعُدْ لِلغُزاةِ تاريخٌ سِوى أجنحةِ الحشراتِ / والقَياصرةُ يُجامِعون الإِماءَ تَحْتَ المطرِ الحِمضيِّ / وخُبراءُ الخطوطِ يَفْحصون كتاباتِ العَبيدِ على خُدودِ هِيروشيما / لماذا تَضعين العِطْرَ يَا ذِئبةَ الشَّفقِ ؟ / زَوْجُكِ مُصابٌ بالزُّكامِ / الحضارةُ حَفلةٌ لِقُطَّاعِ الطُّرقِ / فَاسْمعي ضِحكةَ المِلحِ / في خُبزِ الملاجِئِ ودُموعِ اللاجئين / كالعَاصفةِ الأُرجوانيةِ تتساقطُ حَوَاسِّي/عَلى رَصيفِ الميناء/ فَيُكنِّسها عُمَّالُ النظافةِ المتقاعِدُون/ أَموتُ أَمامي ولا أَصرخُ / أُهاجِرُ في دِماءِ البَلوطِ ذاكرةً للأدغالِ المحترقةِ / أنا المنبوذُ ذُو الثِّيابِ الرَّثةِ / على نَوافذِ صَوْتِ الرَّصاصِ / أنا الوَطنُ المسْروقُ في الصَّهيلِ الدَّمويِّ / والغَيمُ يَرْصدني / أرجوكَ يا إلهي / أَنْقِذْني مِن أشلائي .