16‏/07‏/2019

أصوات الموتى تنطلق من رئتي / قصيدة

أصوات الموتى تنطلق من رئتي / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

     الليمونُ المزروعُ في حَنجرتي / يُنادي على الموتى السَّاكنين في خُدودي / هِجْرةُ الجرادِ مِن أسناني إلى شَراييني / يا أنا الأُخرى / أيها المنبوذُ في طَريقِ البَحرِ / بَيْنَ العَواصفِ والطريقِ صَداقةٌ مِن الطُّوبِ الأحمرِ / فلا تُخَبِّئْ رَأسَكَ في حَقيبةِ السَّفَرِ / اغْرَقْ في بُحُورِ بِلادِكَ الضَّائعةِ / أو بُحورِ الشِّعْرِ الذي لا يَضيعُ / الرِّئةُ العالقةُ في شِباكِ الصَّيْدِ هِيَ رِئتي / وَمَنْبَعُ النَّهْرِ هُوَ العَقلُ المدبِّرُ لاختطافي مِن الشَّفقِ الرَّاحِلِ / أَدخلُ في اكتئابي قِطاراً أَحْرَقَ السِّكةَ / كَما تَدْخُلُ ضَفائرُ البَناتِ في الأسرارِ العَسكريةِ / عُرُوقي لُغَةُ الغاباتِ المنقَرِضَةُ / وَيُلَحِّنُ اللازَوَرْدُ رِعشاتي في مَغاراتِ الذاكرةِ / البُوليسُ السِّياسيُّ في أوْردتي / والعُقبانُ تَطبخُ الفَاصولياءَ في جُمجمتي /
     يَتَبادلُ الخليفةُ النِّكاتِ الإباحيةَ مَعَ الجواري / أَصنعُ قَصيدةً بِلا حُروفٍ / أُولَدُ فِيها وأَموتُ / وَلَن أَحْقِدَ على الطيورِ التي طَرَدَتْني مِنِّي وَرَثَتْني / المساءُ مُحَاطٌ بالاحتضارِ / والغرباءُ المحاصَرُون بالموْتِ / أَخذوا إِجازةً مِن المجزرةِ / كَي يَتزوَّجوا في شَمالِ قَوْسِ قُزَحَ / فَرَاشةٌ قَبَّلَتْ نَعْشي قَبْلَ أن تَصعدَ إلى سُيوفِ بَني أُمَيَّة / أُنَقِّي الغبارَ مِن الغبارِ / خَرَجَت الطحالبُ مِن غِمْدِ السَّيْفِ / زُجاجاتُ العَصيرِ الفارغةُ في سَاحةِ المدرسةِ المحاصَرَةِ بالمدَافِعِ / يُهاجرُ البَلوطُ مِن جُنونِ الرِّمالِ / الجدائلُ المقْصوصةُ في الهوادِجِ / وَمِزْمارُ الرَّاعي عِندَ شَاهِدِ قَبْرِه / يَنتظرُ البَجَعُ شِتاءً خالياً مِن الغزاةِ / والثلجُ يُضاجِعُ السَّنابلَ في عِيدِ الهلْوسةِ / والحضارةُ في ثلاجةِ الموْتى /
     البَراري الفُسفوريةُ / جَسَدُ المرأةِ مَملكةُ الأنقاضِ / يَتوهجُ الليمونُ عَلى رُفاتِ الأنهارِ / أرى حُزْناً برونزياً يُصْنَعُ مِن جُلُودِ البُحيراتِ / وَصايا البَجَعِ في كُوبِ البَابُونَجِ / سَيَموتُ الموْتُ وأنا في اللانهايةِ / تُفاحةٌ تَشتهي تَعْذيبي كَي تَتَطهَّرَ / ونَبَضاتُ قَلْبي مَدْرَجٌ للطائراتِ/ قَبيلةٌ مِن حِبَالِ المشانِقِ المسْتَعْمَلَةِ/ والهياكلُ العَظْميةُ تَلْمعُ عَلى بَلاطِ المذْبَحِ الوَرْدِيِّ /
     السَّلامُ عَليكنَّ يا فَارسياتٍ / جِئْنَ مِن حَريرِ الإِعدامِ / لِزِيارةِ بَقايايَ في رِمالِ الأنهارِ / السَّلامُ عَليكنَّ يا شَرْكسياتٍ / صَوَّرْنَ أحداثَ صَلْبِي بالهواتفِ النَّقالةِ / السَّلامُ عَلَيْكَ يا غَدِي / وأنتَ تُخَبِّئني مِن لافتاتِ القَبْضِ عليَّ / السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْتي / وأنتَ تَفْتَحُ للعُصْفورِ بَابَ القَفَصِ / الذِّكرياتُ تُصْدِرُ شَهادةَ وَفَاتي كَشَاعرٍ يُولَدُ / تَقْطِفُ اليَتيماتُ الجثثَ مِن أجفاني / فَاتورةٌ لَوْنُ عَرَقي / سَتَدْفَعُها الغاباتُ المحتَرِقَةُ في شَهيقي / أَو الأرصفةُ العاشقةُ لانكسارِ المرايا في قَفَصي الصَّدْرِيِّ /
     أيتها الفَراشةُ التي تَقْتلني وتَبْكي عَلَيَّ / يا قَاطِعَ الطريقِ / كُنتَ شَريفاً في الحبِّ والحربِ ! / إِنَّ الاكتئابَ حَارِسي الشَّخْصِيُّ / أمشي إلى ضَوْءِ الأظافرِ تاريخاً بِلا تاريخٍ / ولا أَقْدِرُ أن أتحرَّرَ مِن الأمواتِ / أشتاقُ إلى أشجارِ المقابِرِ / يَتشرَّبُ الرُّخامُ كُحْلَ الصَّبايا الحزيناتِ / وَقْتي مُخَصَّصٌ لِتَحْريرِ الأندلسِ لا عِشْقِ الإِسبانياتِ/ سَتُصابُ مَلاقطُ الغَسيلِ بالحمَّى/ عِندما تَشُنُّ الزَّنابقُ آخِرَ حَملاتِها العَسكريةِ /
     مَجْزرتي ذاكرةٌ لِسَناجبِ القِرْميدِ/ وَجِلْدي أحزانُ الكَسْتناءِ في شِتاءِ الدَّبابيسِ / ولم يَبْقَ في شَهْوةِ الرَّاهباتِ سِوَى القَرابين وَغُرفةِ الاعترافِ/ تَدْخلُ الغَيْبوبةُ إلى التُّوتِ / والحضارةُ مُغْمَى عَلَيْها / تِلْكَ دِمائي طِلاءُ أظافرِ الصَّاعقةِ / والنَّزِيفُ أخْضرُ سَارَ فِينا فَلَمْ يَجِدْنا / المسْلَخُ الكريستالِيُّ / وغُرَفُ التَّحقيقِ المعدنيةُ / سَنَضحكُ مِن كَثرةِ البُكاءِ / لَن يَهدأَ الموجُ حتى يَرى رَأْسَه مَقْطوعةً / عَلى بَوَّاباتِ سَراييفو/ أطرافي مَفْروشةٌ في غَرْناطة/ وَبَطْني مَبْقُورٌ في غروزني /
     تتشمسُ الصَّبايا تَحْتَ ظِلالِ الخناجرِ / والعَدساتُ اللاصِقةُ تَنصهرُ في سُعالِ الحِيطان / يَخْتفي الفَرْقُ بَيْنَ الماضِي والمضَارِعِ / تتجسسُ عَلَيَّ وِسادتي المبلَّلةُ بِدُموعي / وفي آخِرِ الصَّيْفِ / يُنَظِّفُ الشَّاطئُ نَظارته السَّوْداءَ بِعِظَامِ الغَرْقى / والمِلْحُ يَهْطُلُ مِن عُيوني كالمطرِ الغريبِ / وَبِئْرُ قَرْيتي تَنشرُ نِقاطَ ضَعْفي عَلى حِبَالِ الغسيلِ/ عَبَّأتُ شِفاهَ الرياحِ المثقوبةَ بالكِبْريت / عَظْمي صَابونٌ تَستحمُّ بِهِ الملكاتُ/ دَعْوَةٌ لِحُضورِ حَفْلِ تَنصيبي مَشْنوقاً / اقْبَلوا مِقْصلتي قِطْعةَ قُماشٍ / تَمْسَحُ أحذيةَ نِساءِ سَراييفو في حَفلاتِ الزِّفافِ / واختاروا لِي حَبْلَ مِشنقةٍ رَخيصَ الثمنِ / لِدَعْمِ مِيزانيةِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / 
     أَزُورُ قَبْرَ أُستاذي في قَاعِ البَحْرِ / لا زَوْجةٌ تَدُسُّ لِيَ السُّمَّ في الطعامِ / ولا ذُبابةٌ تَحْفَظُ أرشيفَ احتضاراتي / سَتُصْبِحُ قُمْصانُ النَّوْمِ أعلاماً مُنَكَّسَةً / بَغِيٌّ تَرْقُصُ حَامِلةً جُمْجمتي / ولا أحدَ يَهْتَمُّ بِمَشاعرِ النَّهْرِ / نِساءُ الخليفةِ مَشْغولاتٌ بالرِّيجيمِ / وَقُيودي فُنْدُقٌ رَخيصٌ يَقْضي فِيه السَّجانونَ شَهْرَ العَسَلِ / كُنْتُ الغريبَ الوَحيدَ الذي يُسَاقُ إِلى الإعدامِ ضاحكاً / البُوظةُ النَّاريةُ في أعصابي / غُرفةُ نَوْمِكِ يَا إِمبراطورةَ اليَبابِ/ أخشابُها مَنْصُوبةٌ عَلى رُفاتي/ والخِيانةُ بُرتقالةٌ لُعابُها عَصيرُ النَّارِ / جِلْدي قَصيدةٌ لا يَفْهَمُها الغَيْمُ / قَطَعْتُ الكَهرباءَ عن شَجَرِ دِمائي / فانطفأَ لمعانُ عِظَامي / وَعِنْدما تُفْتَحُ نَوافذُ الذِّكرياتِ / سَيَخْلَعُ الغُرباءُ أبوابَ قَلْبي / وَبَيْنما كَانَ المرَاهِقُون يُلاحِقُون بَناتِ المدارسِ/ كُنتُ أُلَحِّنُ نَشيدَ تابوتي تَحْتَ جُسورِ سَراييفو / فَتَعْلَقُ قُمصاني على شَبابيكِ قَصْرِ الحمراء / ستأتي النِّساءُ الغريباتُ مِن شَمالِ الصَّليلِ / لِكَي يَغْسِلْنَ أكفاني بالهديلِ /
     أيتها النجمةُ الضَّائعةُ في إِسْطبلاتِ بُكائي / لَسْتُ رَجُلَ أعمالٍ / ولا أَمْلِكُ غَيْرَ لمعانِ أظافري/ دَعِيني لِلوَسْواسِ القَهْريِّ / سأتحدى ظِلالي النُّحاسيةَ في الأزقةِ الخلفيةِ للمِيناءِ / وَعُنفوانُ الرَّصاصِ لا يُمَيِّزُ بَيْنَ حِبَالِ المشانِقِ وحِبَالِ الغسيلِ / سُعالي يَتلاشى لأنني أَموتُ / والليلُ أزرقُ / طَائرتي الورقيةُ عَاطِلةٌ عَن العَملِ كَشُعوبِ الزَّهايمر/ وَالحمَامُ الزَّاجِلُ يَتصفحُ الجرائدَ بَحْثاً عَن وَظيفةٍ/ يَتكاثرُ الأمراءُ كالجواربِ في أجنحةِ الشِّتاءِ / يَجْلِسُ العُشاقُ عَلى طَاولاتٍ مِن خَشَبِ السُّفنِ الغارقةِ / والدِّيدانُ تُزَيِّنُ العَرائسَ في لَيْلةِ الزِّفافِ / صَدْري مُفَتَّتٌ في رِمالِ الصَّحاري / وَحَوَاجبي تَنتظرُ مِيلادَ الشَّمْسِ في شَراييني / دِمَائي مَعْجونُ الأسنانِ / السِّنديانةُ مُرْضِعتي / والأرصفةُ القَذِرةُ مَشْرحتي / دَمْعي عَلى فُرْشاةِ أسناني / تُقَدِّمُ المومِسُ جَسَدَها / والخليفةُ يُقَدِّمُ أجسادَ الشُّعوبِ / والمساءُ مِثْلُ أحشائي أزرقُ /
     لَو كَانتْ جُرُوحي في مَزارعِ الصَّهيلِ أمطاراً / لَكَانَ ظِلِّي نَشيداً لِلغِيابِ / شَمْسٌ تَطْلُعُ مِن انتحاراتي / عَاصرتُ مَجْزرتي رَغْمَ وِلادتها قَبْلَ أهدابي / أيتها الحضارةُ المقْتولةُ بَيْنَ الخَنجرِ المسْمومِ والمزْهريةِ المكْسورةِ / ذَاكرتي هَمْزةُ وَصْلٍ في أبجديةِ البُروقِ / وَقَوْسُ قُزَحَ يُتاجِرُ بِمَثانتي في البُورصةِ / وَمَانِعةُ الصَّواعقِ تُحَقِّقُ مَخْطوطةَ رُفاتي / أهْلاً بِكُمْ في دِيمقراطيةِ الخرابِ / أهْلاً بِكُمْ في دَوْلةِ المرْتَزِقَةِ / والملوكُ الفاتحون فَتَحُوا أغشيةَ البَكارةِ / لَمْ أَجِدْ صَدْراً حَانياً إلا زُجاجَ القِطاراتِ / آتِيَاً مِن أشلاءِ الضَّحايا / شَرَّحَتْ جُثةُ الغروبِ لَيْمونَ الطرقاتِ / والطاغيةُ كَابتنُ فَريقِ كُرَةِ قَدَمٍ مِن القَراصنةِ /
     كُرَياتُ دَمِي انقلاباتٌ عَسْكريةٌ / صَوَّرَت الوُرودُ مَرَاسِمَ إِعْدامي بِالأقمارِ الصِّناعيةِ / فاعْذُرني أيها الموْجُ في أعالي الفَحيحِ/ لا أبناءَ لِي يُخْبِرُون أُمَّهم أن تَبدأَ العِدَّةَ/ لا زَوْجةٌ لِلْبَحْرِ تَسْهَرُ الليالي/ وَهِيَ تَخيطُ ثِيابَ الحِدَادِ / المساءُ هُوَ الابنُ الشَّرعيُّ للمرفأ / وأنا أُقاتِلُ دَاخِلَ جِسْمي وَخارِجَه/ هذا نزيفي حَارِساً عَلى فُوَّهاتِ الخِيَامِ / جاءُ حُزنُ الأدغالِ مَلْفوفاً بِالعَلَمِ المنكَّسِ / وَخُدودُ البُحيرةِ مُغطاةٌ بِعِظَامي / قَلْبي يَعيشُ بَيْنَ الخريرِ والصَّهيلِ/ والرياحُ تَطْحَنُ هَيْكلي العَظْمِيَّ كالتَّوابِلِ/ يَتشمَّسُ قانونُ الطوارئ في أوْردتي المتشعِّبةِ رَصاصاً / أحكامٌ عُرفيةٌ في مَعِدتي / أغارُ على أحزاني المنتشيةِ بِطَعْني / لا تَغاري عَلَيَّ أيتها الموانِئُ / إِنَّ الفَتياتِ يَعْبُرْنَ مَجْزرتي /
     مُظَاهَرةٌ لِلتِّلالِ تَحْتَ المطرِ / تُطالِبُ بِزِيادة رَواتبِ حُرَّاسِ نَعْشي / يَا نِساءَ الشَّفقِ / لا تَذْرِفْنَ البُرتقالاتِ عَلى مَشْرحتي / جُثماني تَحْمِلُه الأسماكُ إلى قَاعِ الغروبِ / أنا غُربةٌ طَيْفُها فَراشةٌ وَظِلالُها أحصنةُ الضَّبابِ / مَن أنا حتى تَبْكيَ عَليَّ الشُّموسُ ؟! / وُلِدْتُ مَعَ الدِّماءِ / وَمِتُّ مَعَ الدِّماءِ / جِئتُ مَعَ البُكاءِ / وَعُدْتُ مَعَ البُكاءِ / مُرَاهِقَاتٌ يَتَبَادَلْنَ كُتبَ الطبخِ في حَفْلةِ انتحاري / ذَبْحتي الصَّدْريةُ إِسْطبلٌ للذبابِ العَاطِلِ عَن العَمَلِ / حَزينٌ الْحُزْنُ لأنَّ عائلته قَتَلَتْهُ / وسَيَعْرِفُ النَّهرُ أنَّ أُمَّه مِن الاستخباراتِ العَسكريةِ /
     مُنَاظَرَةٌ بَيْني وَبَيْنَ الصَّحراءِ / والفائزُ يُعْلَنُ يَوْمَ وَفَاتي / اضْحَكْ أيها الوَهمُ / سَتُزَيِّنُ الطحالبُ جُدْرانَ شَراييني أو جُدْرانَ بَيْتي / تَرْعى الفَراشاتُ قَطيعَ الغَنمِ في فِقراتِ ظَهْري / والنَّخْلُ يَنمو بَيْنَ حَوَاجبي وَرُموشي/ يَفْحَصُ البَرْقُ جُثتي كالسَّيارةِ المسْتَعْمَلَةِ / والسَّنابلُ تتجسسُ عَلى دَقَّاتِ قَلْبي / ظِلِّي صَارَ عِبئاً عَلَيَّ / أرى في عَرَقِ السُّنونو ذَلِكَ الكاهِنَ المتوحِّشَ / والدَّمْعُ السَّاخنُ يَحتضنُ البَراري الرَّاكِضةَ في الهياكلِ العَظْميةِ / هَل رَصيفُ المِيناءِ رِعشةٌ أَم جُمجمةٌ ؟ / حَانَ وَقْتُ حَصادي/ وَشَهيقي يَتآمرُ عَلَيَّ / يَجثو الماءُ على رُكْبَتَيْه / وَدِماءُ الوَداعِ تَسيرُ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / أنا الفاتِحُ الماحِي / جِئْتُ كَي أَهْزِمَ حَضارةَ الماريجوانا / وأُطَالِبَ بِدَمِ دُودي الفَايِد /
     ذَاكرتي مُغلَقةٌ أمامَ النَّوارِسِ / مَفتوحةٌ أمامَ هِجْرةِ الأمواتِ / أكْمِلي المِشْوارَ يا كَشميرُ بِدُونِ وَجْهي / اتركيني لِلمَوْتِ السَّاطعِ في غابةِ اللازَوَرْدِ / انزعي يَدَكِ مِن يَدِي/ لا تَمنحيني دَمْعاتِ قَوْسِ قُزَحَ تِذْكاراً/ لأنَّ السُّمَّ في جَسَدِ القَمَرِ هُوَ التِّذكارُ/ رَحِمَكَ اللهُ يا قَلْبي / أَتْعَبْتني حَيَّاً وَمَيْتاً /
     سَيَنتقمُ جَسَدُ البُحيرةِ مِنها/ سَتَكُونُ أجفاني طَوَابِعَ بَريدٍ عَلى الرَّسائلِ / التي لَن تَصِلَ أبداً / نِسْوةٌ وَجَدْنَ تاريخهنَّ الشَّخْصِيَّ فِي فُرُوجهنَّ / مَعَابِدُ الجنونِ عِندَ حَافَّةِ سَرَطانِ الثَّدْي / وَعَصيرُ الطرقاتِ في سِحْنتي سَنابلُ / يَجْرِفُني الصَّباحُ القاتِلُ / أُسَمِّي خُدودي خَريفاً غَامِضاً / والنَّهرُ يُوَبِّخني لأنَّ جَوَارحي أخطأتْ في حَقِّه / والصَّقيعُ يَبيعُ فَتياتِ المدارسِ في بُطْرُسْبُرغ للإقطاعيين /
     لَو كَانَ قَبْري مَخْفِيَّاً في أدغالِ الشَّمعِ الأحمرِ / لَمَا وَضَعَ الجِنرالاتُ أقدامَهم عَلَيْه / هَزَمْتُهم حَيَّاً ومَيْتاً / صِناعةُ التَّوابيتِ سَتُوَفِّرُ لِنَباتاتِ الزِّينةِ دَخْلاً ثابتاً / أميرةٌ تَشتري الرِّجالَ / ولا تَقْدِرُ عَلى شِراءِ دِماءِ الشَّفقِ / مُحاكمةُ الملوكِ تَحْتَ أعمدةِ الكَهْرباءِ / وَدَمُ الشَّهيدِ يُنَقِّي مِياهَنا / حَكَمَ التُّوتُ عَلى حُزني بِالسَّجْنِ المؤبَّدِ في جَوارحي / سَلامٌ عَلى قَبْرِ التي أَخَذَتْ قَبْري مَعَها / المقابرُ تتألقُ على أُرجوحةِ الصَّدى الخشِنِ كالشُّققِ المفْرُوشةِ / وَبَعْدَ فَوَاتِ الأوانِ / تَذَكَّرَت الجوَّافةُ أن تَسْقِيَ دَمِي / لِتَزْرَعَه في العَاصفةِ الخضراءِ/ واليَتيماتُ يُوَدِّعْنَ آباءَهُنَّ في مَحطةِ القِطاراتِ/ سَوْفَ يَمُوتون مِن أجْلِ الملِكِ المخلوعِ /
     كُلما نَظرتُ إلى المِرآةِ / رَأيتُ الموْتى يَقْفِزُون عَلى خُدودي / العَناكبُ تَسيرُ عَلى جُدْرانِ شَراييني / وَظِلالُ النُّعوشِ تُهَرْوِلُ في كُثْبانِ الرِّمالِ / تَرْتبكُ الأشجارُ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / والجنودُ العَاطِلون عَن العَملِ / يَجْلِسُونَ في مَقْهى العَواصفِ / يَتجمعُ المسافِرون في نَبَضاتِ قَلْبي / والهِضابُ تُرْسِلُ أكفاني إلى أُمِّي بالبَريدِ الإلكترونيِّ / لا بِلادٌ تَغْسِلُ طُحالي بِالصَّهيلِ المعلَّبِ / ولا آبائي يَحْمِلُونَ الصَّوْلجانَ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / تَتشمسُ الليالي في شِتاءِ دُموعي / وَالبَعوضُ يَمْشي عَلى السَّجادِ الأحمرِ/ وأطباءُ القَصْرِ يُوصُونَ الحوامِلَ بالمشي في جِنازتي/ سَوْفَ تَسْكُنُ في خَيْمتي المهْجورةِ غَجريةٌ / تَرْمي ذِكْرياتي كَعُلَبِ السَّرْدين الفارغةِ / والنِّساءُ يَتعلَّمْنَ الثَّرْثرةَ في ذَبْحتي الصَّدْريةِ / هُناكَ / عِندَ تاريخِ الذُّبابِ / وأزهارِ التاريخِ المحروقةِ /
     الحضارةُ أُكذوبةٌ / واللعبةُ انتهتْ / تتعطرُ المراهِقاتُ باليُورانيومِ المخصَّبِ / المرفأُ تفاحةٌ في قَارورةِ السُّمِّ / سَيَصْطادُ الظَّبْي صَيَّادَه / تِلْكَ أعشابُ الذاكرةِ خَيْمةٌ لِلمُهرِّجِ المتقاعِدِ / أَصرخُ في تجاعيدِ قَوْسِ قُزَحَ/ كَي تَعرفَ الغيومُ ضِحْكةَ المساءِ / عُروقي قَشٌّ صِناعِيٌّ / وَكُرياتُ دَمي أحصنةٌ مِن الخشبِ / ومَصابيحُ الثأرِ عَلى شُرُفاتِ البَحْرِ / أنا ضَحِيَّةُ دَمْعاتي / وَدَمْعاتي ضَحِيَّةُ اللازَوَرْدِ / أَبني مَمْلكتي على أنقاضي / والإسبانياتُ لا يَعْرِفْنَ لَوْنَ أكفانِ صَقْرِ قُرَيْشٍ / القصائدُ القَتيلةُ تُشْبِهني/ ولا أُشْبِهُ إِلا غاباتِ الهلَعِ / أَرقصُ عَلى حَبَّاتِ الرَّمْلِ / لكنها سَتَعْلوني يَوْماً ما /
     السِّجنُ لا يَحتاجُ أُنثى تُحِبُّه / يَحتاجُ أُنثى تُدمِّره إِن عَاشَ / وَتَدْفِنُه إِن مَاتَ / والنَّهرُ واقفٌ في طَابورِ استلامِ الرَّاتبِ / وفي ضِحْكةِ الزَّبدِ اغتصابُ عُشْبةٍ وَبِنتٌ مُغْتَصَبَةٌ / سَتَنامُ الصَّحراءُ في عَرَباتِ القِطارِ / عِندما تَنقسمُ التفاحةُ إِلى مِشْنقةٍ وَمِقْصلةٍ / أَلْفُ عَامٍ مِن الحِدَادِ عَلى البَرقوقِ القَتيلِ/ جَاءَ مَوْعِدُ التَّفتيشِ العَسكريِّ/ ولم يَجِئْ ضُيوفُ حَارِسةِ المقبرةِ / لَيْسَ لَدَى الأشجارِ وَقْتٌ لاحتضانِ مَرايا الهلعِ / فَهَل شَريعةُ السِّيانيدِ وِشاحٌ للسُّنونو ؟ / امرأةٌ مُكْتئبةٌ لأنَّ ثَدْيَيْها صَغيران / وَأنا مُكتئبٌ لأنَّ مِشْنقتي صَغيرةٌ /
     مِثْلما تَحِنُّ المرأةُ إِلى مُغْتَصِبها / يَحِنُّ البَعوضُ إِلى أملاحِ دَمْعي / والشوارعُ تَغْطُسُ في جَدائلِ الوَداعِ / أَنقذتُ جُنوني مِن كَهْرمانِ المذبحةِ / وأنقذتني أشلائي مِن أعشابِ الأضرحةِ / أَرُشُّ أوردتي على لازَوَرْدِ الجِنازاتِ / يَلْمعُ طِلاءُ الأظافرِ تَحتَ الغروبِ الأخيرِ / ذَهَبَ الذين يَقُولون : (( لا )) / وَتابوتي حَبْلُ غَسيلٍ تَرقصُ عَلَيْه الذبابةُ المثقَّفةُ / قُوَّةُ الشِّين في الشَّمْسِ / سَقَطَت الحضاراتُ في وُعُورةِ تَضاريسِ كَبِدي/ وَأُمِّي لم تَسْمَحْ لي أن أُدْفَنَ في مِعْصَمِها / ولم يَسْمَحْ لي أبي أن أُدْفَنَ في قَلْبِه .