22‏/07‏/2019

أرشيف لأحزان الشمس / قصيدة

أرشيف لأحزان الشمس / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     الزَّوْجاتُ عَلى شُرُفاتِ البَنادقِ / يَنْتَظِرْنَ خُطواتِ الرِّجالِ العائدين مِن أوسمةِ الهزيمةِ / القُبَّعاتُ الأجنبيةُ على رُؤوسِ الأعرابِ / اكتئابي أعمى / ولا عُكَّازَ لَهُ / نَزرعُ الدُّموعَ في رُفاتِ آبائنا / لِيَنْمُوَ البُرتقالُ وَالحزنُ / العِشْقُ حَطَبٌ في مَوْقَدَةِ التاريخِ / وأنا الضائعُ بَيْنَ دُموعِ أبي وَزَيْتِ مُسَدَّسِهِ / أُعطي ظَهْري لِلمرايا / وَدُموعي تَحْفِرُ وِسَادتي في لَيالي الشِّتاءِ / سأبيعُ الملِكاتِ في سُوقِ النِّخاسةِ / وأَعودُ إلى رَعْي الغَنمِ /
     تَرتدي الفَأْرةُ تنُّورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / لكنها تَعيشُ تَحْتَ الأرضِ / رَكَّبَتْ حُكومةُ القَراصنةِ عَلى أثداءِ السَّيداتِ مُفَاعِلاً نووياً لاستخراجِ الحليبِ / عَرَقُ الرَّاقصاتُ يَسيلُ في حُقولِ الصَّدى الأعْوَرِ/ وعُمَّالُ النَّظافةِ يَمْسَحُونَ زُجاجَ الكنائسِ بِصُكُوكِ الغُفرانِ / أتخلصُ مِن حُلْمي لأجِدَ حُلْمي / أرمي حَوَاجبي في البَحْرِ / لِتَشْبَعَ الأسماكُ العَمياءُ /
     لا تَجْرَحْ مَشَاعِرَ الغَجرياتِ السَّائراتِ في غَرْناطة/ سأعودُ مَعَ توابيتِ الفِطْرِ غَيْرِ السَّامِّ / سأظلُّ عاشقاً لِبُكاءِ الأشجارِ / حتَّى لَوْ زَرَعَ الحقلَ قَاتِلي / دَفنتُ حُبِّيَ الأوَّلَ في المجرَّاتِ البَعيدةِ / وَسَوْفَ يَخْسَرُ امرؤُ القَيْسِ ابنةَ عَمِّهِ في لُعبةِ قِمَارٍ / البَراري تَنامُ عَلى الصليبِ المكسورِ / وَعُرُوقي مَفتوحةٌ للجَرادِ المعدنِيِّ / الأدغالُ تَحتسي ضَوْءَ عَرَقِ النَّجْماتِ / وَعَرَباتُ بَاعَةِ الْخُضارِ تَدورُ في رِئةِ خَاتَمي /
     سَتَخيطُ دُودةُ القَزِّ أكفاني / وَلَن تَبْحَثَ لِي أُمِّي عَن زَوْجَةٍ / يَخْنُقُ أبي دَمعاتِهِ أمامَ رِجالِ القَبيلةِ / والمراعي تَزْأرُ في جَبينِ الرِّياحِ / تَكتبُ الشُّطآنُ اسْمَها السِّريَّ عَلى نَصْلِ مِقْصلتي / واكتئابُ الأعشابِ نُطْفةٌ تتشكَّلُ في رَحِمِ الطوفانِ / كأنَّ الشوارعَ لا تَعْرِفُ غَيْرَ مُمَارَسَةِ الجِنْسِ مَعَ الغبارِ / جُرُوحي خِيانةُ الشَّجَرِ / وَجُمْجمتي على رُؤوسِ الرِّماحِ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ شَيءٌ تَبيعُهُ بائعاتُ الهوى في مَحاكمِ التَّفْتيشِ/ أخافُ أن أَنظرَ في المِرآةِ/ فأرى الحضارةَ تتكسَّرُ عَلى خُدودي / يُهَرْوِلُ دَمِي في شَرايينِ المطرِ / والرُّعودُ لا تُفرِّقُ بَيْنَ النِّساءِ والدُّمى في مَسْرَحِ العَرائسِ / تَحتفلُ القَوارِبُ بِذِكْرى وَفَاةِ الصَّيادين / وَسَوْفَ تنسى الصَّبايا مُضَادَّاتِ الاكتئابِ عَلى مَقَاعِدِ الكَنيسةِ / 
     سَامِحِيني أيتها البُحَيْرةُ / لَسْتُ عَاطِفِيَّاً بِما يَكْفي / كَي أُزَوِّجَ بَناتِ آوَى للرَّمْلِ المضِيء / عَباءةُ أبي مَرْمِيَّةٌ على الحصيرِ / والرِّيحُ تَشربُ القَهوةَ عَلى غُبارِ الأثاثِ / بُكاءٌ غَريبٌ في بَيْتِنا يَسْتَأصِلُني / وَالجرادُ نائِمٌ عَلى ثِيَابِ الحِدَادِ / سَيُقَشِّرُ القَمَرُ خَجَلَ البُرتقالِ / وَجَعي قِناعٌ / وَوَجْهُ التِّلالِ مَاتَ / تَغفو غاباتُ الدَّمْعِ في ثُقْبِ الإِبْرةِ / وأرملةُ البَحْرِ تُجَهِّزُ فُسْتانَ العُرْسِ لابْنَةِ النَّهْرِ / شَريعةُ المسدَّسِ الخشَبِيِّ / بِعْنا مِيراثَ آبائِنا / وَوَرِثْنا لَوْنَ حِبْرِ المذْبَحَةِ / ولم نتعلمْ أبجديةَ الرِّمالِ /
     يَا صَاحِبةَ العُنُقِ الأمْلَسِ الذي سَتَقْطَعُهُ المِقْصَلةُ / إِنَّ الرِّياحَ تَكتشفُ الحِمْضَ النَّوَوِيَّ لِحَبْلِ مِشْنقتي/ الصَّبايا يُخَطِّطْنَ لانقلابٍ عَسْكَرِيٍّ في كُرَياتِ دَمِي/ وأعشابُ المقبرةِ مُبْتَلَّةٌ بِدُمُوعِ القَمَرِ/ فَكُنْ وَصِيَّاً عَلى مَشَاعِرِ الأمواتِ وأحلامِ التُّرابِ / أظافري عِنَاقُ الشَّمالِ والجنوبِ / لكنَّ الجهاتِ تَغيبُ في الجثةِ التي نَهَشَتْها الكِلابُ / وُجُوهٌ مَيْتةٌ يَأْكُلُها خَوْخُ الطرقاتِ / أَفتحُ شَراييني لِتَغْسِلَ دِمائي أنابيبَ الصَّرْفِ الصِّحيِّ / وَأَفْرُشُ لَحْمي على الأرصفةِ لِتأكُلَهُ أشجارُ بِلادي/ أمشي في رِئةِ الليلِ لأرى الشَّمْسَ/ الجثثُ مُعَطَّرَةٌ بالفَحْمِ الحجَرِيِّ / وَفَسَاتينُ السَّهْرَةِ تَذهبُ إلى مَزْبَلةِ التاريخِ / سَيَموتُ العُشَّاقُ / وَتَشْرَبُ الحشَراتُ عَصيرَ البُرْتقالِ /
     انتظريني في مَساءِ الجثثِ الضَّوْئيةِ/ عِندما يُرمَى قَميصُ النَّوْمِ في حَاوِيةِ القُمامةِ / نَعشي يَجْلِسُ على صَخرةِ الغروبِ / والأمواجُ تَرْقُعُ غِشاءَ بَكارتها / إِنَّ دُموعي هِيَ أغصانُ الجرحِ / التي سأبني عَلَيْها قَصْري الرَّمْلِيَّ / غَسَلْتُ دَمي بِدَمِ النِّساءِ / لكني غَسَلْتُ يَدي مِنَ النِّساءِ / أرى المقابرَ عَلى طَوَابِعِ البَريدِ / والرَّسائلُ تَضيعُ بَيْنَ مَساميرِ التَّوابيتِ /
     جَسَدُ البُحيرةِ النَّحيلُ وَاقِفٌ أمامَ رِمَاحِ الصَّدى / وأجسادُ الموتى تتشقَّقُ / ويَخرجُ مِنها شُموعُ المنفَى/ أَنزِعُ السِّهامَ مِن صَدْرِ العاصفةِ / وَضَوْءُ البَارودِ يُمَشِّطُ شَعْرَ الأراملِ / يا أحلاماً مَرَّتْ في مُدُنِ الطاعونِ / البَحْرُ يَبتسمُ كالنُّعوشِ الوهَّاجةِ / والسُّفُنُ تَغْرَقُ في مَناديلِ الوَدَاعِ / السَّرابُ هُوَ الطريقُ / وَسَوْفَ تَثورُ حُفَرُ المجاري على صَمْتِ الجِياعِ / عَطَشي خَاتَمُ خُطُوبةٍ في إصبعِ الليمونِ / وأحزاني تَعودُ مِنَ المجدِ / وَتَذهبُ إلى لَمَعانِ الأضرحةِ / الطِّينُ جَوَازُ سَفَرٍ للقُرى المنْسِيَّةِ / والمطرُ يُلقي بَيانَ الثورةِ عَلى الزَّوابعِ/ والبراكينُ تتجمَّعُ على إِبهامِ امرأةٍ/ تَقِفُ على حافَّةِ المِيناءِ / وَتُوَقِّعُ على وَثيقةِ استلامِ جُثةِ زَوْجِها / رَمَيْنا المِرْساةَ في الحِنَّاءِ/ والصَّليلُ يُنادي على صَنَوْبَرِ المقابِرِ / بَرَاميلُ الدَّمْعِ عَاصِمةُ المساءِ الحجَرِيِّ / والشَّوارعُ تَنْقُشُ اسْمَها في جَبينِ العَواصفِ / وَبَيْتُنا الخالي مُغلَّفٌ كالشُّوكولاتةِ في يَدٍ قَذِرَةٍ / مَشَتْ زُجاجاتُ العِطْرِ إلى كُحْلِ الأضرحةِ / والدُّودُ أَكَلَ الصُّوَرَ التِّذكاريةَ /
     نَسِيتُ القلبَ الذي دَفنتُ فِيهِ قَلبي / وَجَرادةُ التاريخِ تنامُ وَراءَ ذَاكرةِ القُبورِ / عُدْتُ مِن قُمصانِ الموْجِ المهدَّدِ بالانقراضِ / رُوحي زِلْزالٌ يَشُقُّني نِصْفَيْنِ / فأنطلقُ شَظَايا / يا أبجديةَ البَحرِ / افتحي سُجونَ الرُّوحِ / وَلْتُولَدْ أعوادُ المشانِقِ في أحجارِ السرابِ / جَسَدي يَخْلَعُ جَسَدي / وَالعَواصفُ فِيزياءُ المراهِقَاتِ / ذَلِكَ قَبْري / والبَارودُ مَعِدَةُ الحمَامَةِ / أُقاتِلُ مَعَ اليانسون / حياتي مَوْتي / وَمَوْتي حَياةُ كُلِّ الأدغالِ / تبكي الأرصفةُ في حَضاراتِ الكُوليرا / مِثْلما تبكي الرَّاهباتُ في مَكتبةِ الكَنيسةِ / تَسقطُ الشرايينُ اليابسةُ مِن أصابعِ الجِسْرِ / الذي سَارَتْ عَلَيْهِ مَرْكَباتُ الغزاةِ / وجُثتي هِيَ الضَّوْءُ في آخِرِ النَّفَقِ /
     يَا بَناتِ أُورُشَليم / يَرْجِعُ آباؤُكُنَّ مِن قَتْلِ الأنبياءِ / وَتَذْهَبْنَ إلى نهاياتِ الرَّمادِ / والحجارةُ تَبكي على انتحارِ أحلامِكُنَّ / أنيابُ الليلِ سُيُوفٌ مَغروسةٌ في كَلامِ قَوْسِ قُزَحَ / والبُكاءُ يَضْرِبُ أوتادَ خَيْمَتِهِ في الكُوليرا / سَيَّاراتُ نَقْلِ الموتى في أزِقَّةِ الرصاصِ / والنَّعناعُ النابتُ على خُدُودِ الشَّفَقِ / لَمْ يَتْرُكْ سِجْناً إلا دَخَلَهُ /
     جِئْتُ إلى أحزانِ هذا العالَمِ كَي أَكْسِرَ الصليبَ / فَجْرٌ جَديدٌ لِيَوْمٍ دَمَوِيٍّ / النَّدى النَّاعِمُ عَلى خَشَبِ التَّوابيتِ / يا حَنجرةَ الموْجِ المصْلوبةَ على عِظَامِ الغَرْقى / إِنَّ الحزنَ طِفْلُ العَلاقةِ غَيْرِ الشَّرْعيةِ / بَيْنَ العُشْبِ وَشَوَاهِدِ القُبُورِ / الملامحُ المتوحِّشةُ لِسَيِّدةِ الخريفِ / والسُّيولُ تَحْمِلُ جُرثومةَ الأُنوثةِ / رَاهبةٌ تبكي وَراءَ نافذةِ الدَّيْرِ / وَتَنظرُ إلى جُثتها تَحْتَ المطرِ / والرَّصيفُ يَتحرَّشُ جِنسياً بالأشجارِ / التاريخُ لَيْمونُ المنبوذين / فَاطْعَنْ ظِلَّكَ الحجَرِيَّ بِرُمْحِ الذاكرةِ / حتى تتشقَّقَ مَزْهرياتُ الرُّوحِ في مملكةِ الزوابعِ /
     سلامٌ على الفَراشةِ / التي سَرَقَتْ مِفتاحَ قلبي / واحترقتْ / أحزانُ الشِّتاءِ تَصطدمُ بِصُلْبانِ الراهباتِ / خَشَبُ السُّفُنِ الغارقةِ بُورصةٌ للجواري / أو بُوصلةٌ لأزهارِ الانتظارِ القاتلِ / قد يتألَّمُ ضَابِطُ المخَابَراتِ/ عِندما تُصابُ زَوْجَتُهُ بِسَرطانِ الثَّدْيِ / وقد يَتَحَاورُ العُشَّاقُ في صَالةِ الدِّيسكو / حَوْلَ الرُّموزِ في رَسائلِ الموْجِ المعدنِيِّ / وقد يُصبحُ اغتيالي حَديقةً للزَّوْجاتِ الخائناتِ / سَأنزِعُ قَبْري مِن عُيونِ شَعبي / وأموتُ كالنَّهْرِ شَريداً / يَنكسِرُ الكَعْبُ العَالي عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ / مُهَاجِرٌ أبديٌّ أنا / والجِهاتُ تنتحرُ حَوْلي / وَقُوَّةُ العُشْبِ تَفورُ في حُزْنِهِ الثائرِ / يَرِثُني صَليلُ القُيود / والنَّدى في صَرْختي يَنْمو مِثْلَ أسلاكِ المعْتَقَلِ / أشجارُ الدَّمِ تَنمو / والدِّماءُ في الوَحْلِ / تَعْشَقُ الجسورُ جُثَثَ الجنودِ / كما يَعْشَقُ الفقراءُ بَناتِ الأغنياءِ / وأنا الذي طَرَدَتْني آلامي مِن دُموعي / لَيْسَ لِي عائلةٌ سِوَى الطيورِ الجارحةِ / وَالزَّفيرُ الأُرجوانِيُّ يَتَّكِئُ عَلى حَضارةِ الجروحِ /
     أيتها الوَرْدَةُ المذبوحةُ / عِندما اختفيتِ مِن عَالَمي اختفى عَالَمي/ والجليدُ يَنْزِفُ خِيَاماً للأيتام / أغشيةُ البَكارةِ مُعَلَّقةٌ عَلى حَبْلِ الغَسيلِ / أيها الوَطنُ المتفجِّرُ في صُداعي ثُقوباً سَوْداءَ / تَحْرُثُ أعصابي بالغُبارِ الشَّمْسِيِّ / لن أَنظرَ في عُيونِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / لن أُلَحِّنَ النشيدَ الوطنيَّ للقَراصنةِ / تمشي المجاعاتُ إلى حَفْلةِ القتلِ ضَاحِكَةً / والطاعونُ سَئِمَ مِن كَثْرةِ الزَّنابقِ الميْتَةِ / الفَتياتُ وَاقِفاتٌ عَلى مِرْساةِ الوَداعِ / يَنْتَظِرْنَ هِجْرةَ السُّلِّ مِن رِئةِ البَحرِ / وَالزَّوابعُ تَقِفُ وَراءَ زُجاجِ غُرْفتها المقاوِمِ للرَّصاصِ / حَرَكَةُ السَّيْفِ سَتُخَلِّصُ لَمَعَانَهُ مِن الكَآبةِ / وَاصِلْنَ المطَالَبَةَ بِدَمِ البُرتقالِ يَا نِسَاءَ بُطْرُسْبُرْغ / يَحتاجُ الشِّتاءُ إِلى امرأته/ كَي يَبْكِيَ في حِضْنِها في الليالي القَتيلةِ / وأحتاجُ إلى دُموعِ أَبي لأكتشفَ تاريخَ القَبائلِ / صِرْنا  تُجَّاراً مُحْتَرِفِينَ في بَيْعِ أجنحةِ الفراشاتِ / والحضارةُ ذِئبةٌ شَقْراءُ تمشي على عُكَّازةِ اللهيبِ / جَرادةٌ تَلْعَبُ التِّنسَ الأرضِيَّ في حُموضةِ حَليبِ الضائعاتِ / إِناثٌ جَرَّبْنَ كُلَّ شَيْءٍ / وَبَقِيَ أن يَمْضُغْنَ حَبْلَ مِشْنقتي كالعِلْكةِ الرَّخيصةِ/ دَمُ الحيْضِ للرَّاهباتِ يَسِيلُ على الصَّليبِ / وَتُمَارِسُ السَّبايا اليُوغا / وَعِندما أَموتُ سَيَعْرِفُني قَشُّ الإسطبلاتِ/ فَامْشِ في طُرقاتِ الليل أيها المنبوذُ / لا زَوْجةٌ تَنْتَظِرُكَ / وَلا دَوْلةٌ تَرمي الأوسمةَ العسكريةَ عَلى السَّجادِ الأحمرِ / أيها البَحرُ الغَارِقُ بَيْنَ عَقاربِ الساعةِ وعَقاربِ الصَّحْراءِ / سَيَخْرُجُ البَحْرُ مِن جِلْدِهِ / أُخَزِّنُ الرِّمالَ المتحرِّكةَ في شَراييني اليَابسةِ / وأحزاني شَمْسٌ بَعيدةٌ عَن أصابعي / قَريبةٌ مِن جِلْدي/ والبَحَّارةُ يُوَدِّعُونَ الرُّبَّانَ قَبْلَ غَرَقِ السَّفينةِ / وفِئرانُ السَّفينةِ تَتساقطُ في أرشيفِ الضَّحايا/
     لأني أَعْشَقُ الفَراشةَ سأنتقمُ مِنها / سَتأكلُ دُودةُ القَزِّ خُدودَ الرِّياحِ / مِقْصلتي بِطَعْمِ الليمونِ / فَاكْرَهِيني يا تُفاحةَ الأنقاضِ / ابْحَثي عَن رَجُلِ أعمالٍ / يُفْطِرُ في حِصَارِ ستالينغراد/ ويتغدَّى عَلى سُورِ بَرْلين/ وَمَشَاعِرُهُ كثيرةٌ كالبِطاقاتِ المصرفيةِ / سَيَفْقِدُ الشَّاطِئُ قُدراتِهِ العَقليةَ / وتَذوبُ ضَحِكاتُ العُشَّاقِ في الزَّبَدِ / بَلَدٌ تَفجَّرَ في حُلْمِهِ / لَيْلٌ تبخَّرَ في غَيْمِهِ / والصَّواعقُ تَحْرِقُ خِيَامَ الغَجَرِ / الظِّلالُ المتآكِلَةُ على مَوائدِ الأراملِ / امرأةٌ تُباعُ في أسواقِ صَمْتِها / والليلُ يَقُصُّ شَريطَ عُمْرِهِ / مَاتَ الزَّمانُ عِندَ أحاسيسِ حَفَّارِ القُبورِ العَجوزِ / والأزهارُ تنتحرُ في عَرَقِ الراقصاتِ / فَتَبكي عَلَيْها الأمطارُ القُرمزيةُ / هُناكَ / حَيْثُ تُصْنَعُ قُضْبانُ سِجْني مِن شَعْرِ الإِمَاءِ /
     الأضرحةُ الزُّجاجيةُ / وأنهارُ الغُروبِ / والدِّماءُ الشَّاسِعةُ / أشجارُ المقابرِ حُبُوبٌ مُنَوِّمةٌ / والأرقُ يَحْتَلُّ أعشابَ الضَّبابِ / تَصْعَدُ أبجديةُ الأناناسِ مِن أنقاضي / وَتَغتالني لُغتي / فأحيا في هاويةِ الصَّنوبرِ/ يُطْلِقُ الفَراغُ عَلَيَّ حُضُورَهُ الطاغي/ وأنا لا أُشْبِهُ غَيْرَ دُموعي / وُلِدْتُ قَبْلَ قُرون / وَبَقِيَ مِنِّي شَبَحي الذي يَطوفُ في مملكةِ الزَّبدِ/ أُوقِظُ هَيْكلي العَظْمِيَّ وأَغْسِلُهُ/ وَحُروفُ رِعشتي بِعَدَدِ حُروفِ تعاليمِ البَجَعِ/ ولا تزالُ أُمِّي تُفَتِّشُ لِي عَن عَرُوسٍ / في آبارِ الزَّئيرِ الأصفرِ .