23‏/07‏/2019

سنلتقي عند شاهد قبر مجهول / قصيدة

سنلتقي عند شاهد قبر مجهول / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

   زَرَعَ الضبابُ دُمُوعَهُ في جَسَدِ ابنةِ عَمِّهِ / والحزنُ الذي زَرَعَني نَسِيَ أن يَحْصِدَني / ضَاعَ المِنْجَلُ بَيْنَ أكوامِ الجثثِ / والبَعوضُ يَعيشُ في دَمِ الشُّطآنِ / وَيَحْلُمُ بأرملةِ البَحْرِ / اضْحَكْ أيها العَدَمُ / سَوْفَ تتعلمُ الفَتَياتُ المشْيَ بالكَعْبِ العالي في جِنازتي / افْرَحْ أيها الثلجُ الذي يُخَطِّطُ لاغتيالِ الصَّدى / إِنَّ الصليبَ بُوصلةٌ تُرْشِدُ الأشجارَ إلى بُكاءِ الراهباتِ / الطريقُ إلى الدَّيْرِ مُعَبَّدٌ بِرَاياتِ القَرَاصنةِ / والدُّودُ يَتَشَمَّسُ في شُقُوقِ جِلْدي / أيها المنْفِيُّ عَن ذاتِكَ في ذَاتِكَ / سَيُنْقِذُكَ الجنونُ مِن حُمُوضةِ الذِّكرياتِ / تلتصقُ العَناكبُ على جُدرانِ شَراييني / وَنُعوشُ الفقراءِ مُرَتَّبةٌ على سُطوحِ القِطاراتِ /
     أُوصيكَ أيها النَّهْرُ الأطرشُ/ إذا سَمِعْتَ نَبَأَ اغتيالي في المِذْياعِ/ فَغَيِّر الإذاعةَ / ولا تَكْرَه أُمَّكَ / إِذا وَرَّثَتْكَ الوَسْواسَ القَهْرِيَّ / وَرَحَلَتْ إلى لَمَعانِ الصَّنَوْبَرِ في المقابِرِ / ولا تَكْرَه أباكَ / حِينَ يَخْرُجُ الجرادُ مِن شُقُوقِ شَفَتِهِ / حُزْنُ الفَرَاشةِ نَقيضُ البَحْرِ / فاغرقْ في الهديلِ المالحِ / أيها الغَريبُ السَّائرُ على لَحْمِ البُحيرةِ / عِندما تَموتُ سَتَحْرُسُ ظِلالَكَ نُعومةُ الرُّخامِ / الذي مَشَى عَلَيْهِ الجنودُ المهزومون / المساءُ أزرقُ كَدِمَاءِ شَرْكسيةٍ حَزينةٍ/ بِيتزا بِجَانِبِ جُثةِ المطرِ / وَكُلَّ يَوْمٍ / يَذهبُ الفَيَضانُ إلى خِزانةِ مَلابِسِ زَوْجَتِهِ الميْتَةِ / وَيَشُمُّ خُيوطَ القُماشِ / يَشُمُّ رِعشةَ الخريفِ الممزوجةَ بِعِطْرِ الأغرابِ / وَيَرْفَعُ الرايةَ البَيْضاءَ أمامَ جَيْشِ الدُّموعِ /
     انكسرت الفناجين / لكننا نَشربُ القَهْوةَ بِرَغْوَةِ الدَّمِ / تملأ البدوياتُ الجِرَارَ بِسُعالِ القَمرِ/ والقَتيلُ يَطْرَحُ الأسئلةَ على جُثمانِهِ/ تَرْحَلُ الأشجارُ في مَوْسِمِ البَيَاتِ الشَّتَوِيِّ / والأرصفةُ تَذهبُ إلى شَهْرِ العَسَلِ / لكنَّ الأزمنةَ مَكْسورةٌ / مَطَرٌ للأحزانِ يَطْرُقُ أبوابَ المستشفياتِ المخَصَّصةِ للأغنياء / إِنَّ النَّهْرَ مِثْلُ جَسَدي / يَحْرُثُهُما الصَّدى أثناءَ هِجْرةِ الطيورِ /
     لم يَستطع المساءُ أن يَلْمَسَ خَاتَمَ الرِّياحِ / ولم تَقْدِر التِّلالُ على شِراءِ فُسْتانِ العُرْسِ/ فابتعدي أيتها الغاباتُ عَن مَداري لِكَيْلا تَحْتَرقي/ أَهْرُبُ مِن لحمي/ فأسقطُ في شَهيقي / ماتَ النهارُ مِن الجوعِ / ماتَ الليلُ مِن التُّخمةِ / سَتُصبحُ أصابعُ الذبابةِ صَالةَ تزلجٍ للأرستقراطياتِ/ وَقَدْ يَدْفِنُ العُشَّاقُ عَصِيرَ البُرتقالِ في المرتفعاتِ الجبليةِ/ رَائحةُ جُثثِ الراهباتِ تتزوَّجُ رَائحةَ البَصَلِ في مَطْبخِ الدَّيْرِ / ولم أَجِدْ في سَراويلِ البَحْرِ غَيْرَ عَوَاصِمِ الطاعون / والحرَّاسُ يُسَلِّطُونَ الأضواءَ عَلى وَجْهِ الشَّاطِئِ / لِمَنْعِهِ مِن النَّوْمِ / يَسْرِقُونَ النهرَ مِن أبَوَيْهِ / وَيَضَعُونَهُ في مَلْجأ للأيتامِ / انكسرَ المرْمَرُ في وَصَايا الزيتون / وَحْشةُ أجزائي / وتوهُّجُ أشلائي / يَقْطُرُ الوَطَنُ عَسَلاً لِغَيْرِنا / والأحزانُ تتفجرُ في موانئِ الليلِ / تَحْمِلُ السُّفُنُ النُّعوشَ الغامضةَ/ والبَحَّارةُ الغَرْقى يَدْفِنُونَ في عِظامهم مَناديلَ النِّساءِ / ستأتي إلى المِيناءِ امرأةٌ / وتسألُ رَمْلَ البَحْرِ عَن قَبْرِ زَوْجِها / الموْجُ الأجنبيُّ / وَدِمَاءُ الحيْضِ تَسيلُ على اللوحاتِ الفنيةِ / في مَتْحَفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ /
     حَجَرْتُ عَلى بُكائي / لأُريحَ الأشجارَ مِن ضَجيجِ الدُّموعِ / فاقْطِفْ بُرتقالَ المذابحِ عَن أغصانِ دَمْعي / أطفالُ الموتِ يَعيشونَ في أدغالِ رُموشي/ والموتُ يُوَقِّعُ على طَوابعِ البَريدِ النادرةِ / فلا تُسافِرْ بَيْنَ كُرياتِ دَمي/ إِنَّ عِظَامي أثاثٌ لِبُيوتِ الأراملِ / أنا جُثةٌ معدنيةٌ تتفجَّرُ في مَداراتِ الياسمين / أبكي في مُسْتَوْدَعاتِ المِيناءِ وَحيداً/ والقَمَرُ يَرمي عَلى أظافري حُزْنَ العالَمِ/ والهدوءُ الأعرجُ يَحْرُسُ توابيتَ الغرباء /
     عِشْتُ قَبْلَ الآن / وَمِتُّ قَبْلَ الآن / فَقَدَت الزِّنزانةُ غِشاءَ بَكارتها / لَكني أُدافعُ عَن شَرَفِ الغبارِ / يَتَوَكَّأُ الضَّبابُ عَلى بُندقيتي / والجِرذانُ تأكلُ أحذيةَ الكَعْبِ العالي / والأرستقراطياتُ في مَرَاكزِ التَّسوقِ / اختفى صَهيلُ الفِضَّةِ / فابدأْ مِن حَيْثُ انتهى المطرُ / مُؤتمرٌ صَحَفِيٌّ سَرِيعٌ يَجْمَعُ القاتلَ والمقتولَ / في صَالةِ البَاليه المفتوحةِ للطاعون /
     لَيالي الوَخْزِ / وناقلاتُ النِّفطِ تَغْرَقُ في مَعِدَةِ العواصفِ / بُقَعُ النِّفطِ على جُلودِ الجواري / وَسَوْفَ تنكسرُ عُيونُ الجاريةِ أمامَ سَيِّدِها / حِينَ تنكسرُ أجنحةُ الحمَامِ الزَّاجلِ في مُدُنِ الملاريا / أطفالٌ يَبِيعُونَ أضرحةَ آبائهم على الإشاراتِ الضَّوئيةِ / والأسرى لم يَأتوا لِيأكلوا الكافيارَ / في الرِّياحِ المسيَّجةِ بالحواجزِ الأمنيةِ /
     أيها الجسدُ المحنَّطُ في ظِلالِ العَناكِبِ/ أنا أبكي لأنني لم أَجِدْ وَقْتاً للبُكاءِ/ أحزانُ الشَّجرِ محروسةٌ بالكِلابِ البُوليسيةِ/ وكانَ طُمُوحُ الفَراشةِ أن تَموتَ في لَيْلةٍ مَاطِرَةٍ/ ذَلِكَ الغريبُ هُوَ أنا / كُلما نَظرتُ إلى المِرآةِ رأيتُ وُجوهَ الموتى / وفي بلادي / كُلما مَاتَ صَنَمٌ وَرِثَهُ صَنَمٌ/ هُناكَ/ وُلِدْتُ طَيْفاً/ وَقُتِلْتُ حُلْماً/ تبني الطيورُ الجارحةُ أعشاشَها في مَناديلِ الأراملِ / كُلما فَكَّرْتُ في الرُّومانسيةِ / عَرَفْتُ أنَّ مَلَكَ الموْتِ سَيَقْضي عَلَيْها/ الموْتُ حقيقتُنا/ والحبُّ أُكذوبةٌ تَحْتَ شَمْسِ الجثثِ/ طَرَدني الشَّاطئُ حِينَ تقدَّمْتُ لِخِطْبةِ الرِّمالِ / لأني لا أَمْلِكُ غَيْرَ مِقْصَلَتي / جِسْمي أكثرُ مِن هَذَيان / وأقلُّ مِن رِعشَةٍ/ فابتعدْ عَن مَداري يا تفاحَ الإبادةِ لِكَيْلا تَحترقَ / أعيشُ في مَوْتي البطيء نَسْراً / أضاعَ رِيشَهُ في المجاعاتِ / مَا فائدةُ رِيشِ النَّعَامِ في وِسَادتي / وأنا نائمٌ عَلى فِرَاشِ الموْتِ ؟/ أحترقُ في أجفانِ غَزالةٍ / عَلى وَشَكِ الوُقوعِ في المِصْيدةِ / أنسحبُ مِن حَياةِ عَقَاربِ السَّاعةِ / لأنَّ عَقَاربَ الصَّحراءِ لَدَغَتْ أشعةَ القَمرِ / أنا المهاجِرُ في جَوارحي الجارحةِ/ والمسافِرُ في أعضائي المتحارِبَةِ / أَنْزِفُ قَشَّاً لإسطبلاتِ الصُّراخِ / ذَلِكَ المجروحُ هُوَ أنا / لم أَعْشَقْ بُحَيْرَةَ السُّعالِ / لكني تزوَّجْتُها لِكَيْلا تُصابَ بِصَدْمةٍ عَصبيةٍ /
     أيها القَنَّاصُ الذي يُراقِبُ بَصْمةَ دُموعي على زُجاجِ المقابِرِ / إِنَّ حِيطانَ بَيْتي مُزَيَّنةٌ بالجرادِ الوهَّاجِ / وَسَوْفَ تُولَدُ شَمْسٌ مِن الكُوليرا / كُلما مَشَيْتُ في الطريقِ / رَأيتُ جُثتي على الرصيفِ/ اترُكْني يا أنا/ كَي أَحْرُثَ الأزقةَ بِدَمعاتي/ بَلاطُ الزنازين السِّرِّيُّ / سَأَقْلِبُ الطاولةَ على كُلِّ الفَراشاتِ / وأَحْرِقُ كُلَّ أوراقِ اللعبِ / انتهت اللعبةُ / وَجَسَدي البَعيدُ طَاوِلةُ قِمَارٍ لِبَناتِ آوَى / حُكومةُ المذابحِ الإلكترونيةِ / والمدينةُ الضائعةُ / والحبُّ الضائعُ / أُقاتِلُ كُرياتِ دَمي بِسَيْفِ البُحيرةِ الخشَبِيِّ / وَصُداعي مُسَدَّسٌ للذبابِ المتمتِّعِ بالحصَانةِ الدُّبْلوماسيةِ / الغُموضُ المسمومُ يَسيلُ على رُموشِ بِنْتٍ/ سَرَقَها أبوها مِن الكُحْلِ / كَي يَئِدَها في صَحراءِ الشَّفقِ / يَا وَطَناً مَنثوراً في مِكْياجِ الضَّفادعِ/ وأقنعةِ السَّناجبِ/ تَمْشي أُنثى الضَّبابِ مَعَ كَلْبِها/ في سَراديبِ كنائسِ القُرونِ الوُسْطى/ وأنا أمشي مَعَ جُثماني في نَزيفِ التِّلالِ البلوريةِ /
     سَوْفَ تنسى الراهباتُ المكانِسَ في الكنائسِ / عِندما تتزاوجُ الأرصفةُ في المحاكِمِ العَسْكريةِ / ويَحتفلُ الغبارُ بالغبارِ / الحضارةُ فَأْرَةُ التَّجاربِ / والذِّكرياتُ حَقْلُ ألغامٍ / الشَّجرُ المختونُ في شِتاءِ الكَسْتناءِ / والصقيعُ يُطَوِّقُ العرائسَ المجبَرَاتِ على الانتحارِ/ تُزْهِرُ الرِّماحُ بَيْنَ شُعَيْراتي الدَّمويةِ/ وَعُرُوقي مَفْتوحةٌ لضفادعِ المستنقعاتِ/
     خُلْجانُ الإبادةِ / والمجاعاتُ الضَّوْئيةُ تُقَبِّلُ أعمدةَ الكَهْرباءِ / في مُدُنِ الرُّعْبِ / والأوسمةُ العَسْكريةُ تتساقطُ على الجِنرالِ أثناءَ الجِمَاعِ / تَدورُ كُؤوسُ الدَّمِ حَوْلَ أشْرعتي / وَكُلُّ رَغيفٍ أَطْلُبُهُ بِقِطْعَةٍ مِن لَحْمي / أنا اللغزُ/ مَوْتي يَفُكُّ شِيفرةَ أحزاني/ والأعشابُ حَوْلَ قَبْري سَتَكْشِفُ أسراري / سَتبكي أيها الحطبُ / وَلَن تَجِدَ أَحَدَاً يَمْسَحُ دُمُوعَكَ إلا المطرَ / تبكي الحِيطانُ لأنَّ بُكاءَ النباتاتِ يَخْلَعُ أظافرَ البِئْرِ/ الجسدُ مُتَكَرِّرٌ والمِشْنقةُ وَاحدةٌ / وإِعداماتُ الترابِ النَّقِيِّ / تُلَمِّعُ مَسَاميرَ نَعْشِ الكُوليرا / والهنودُ الْحُمْرُ يُناقِشُونَ حُقوقَ الإنسانِ / تَحْتَ أطيافِ الرَّصاصِ الحيِّ / والخيولُ تَمشي على الأسلاكِ الشَّائكةِ / على سُورِ المعْتَقَلِ / وعَرَباتُ السَّبايا تمشي في جَبينِ المطرِ / كُلُّنا نمشي إلى هاويةِ الكَهْرمانِ ضَاحِكِين / تَدخلُ قُرى الغروبِ إلى عَمُودي الفِقرِيِّ / وتجاعيدُ المذنَّباتِ مَمْزوجةٌ بالزَّعترِ البَلَديِّ / كُلُّنا نأكلُ لَحْمَ الأنهارِ في بَراري الذُّعْرِ / مَصابيحي مَمْلكةُ الفَراشاتِ الذبيحةِ / والأمواتُ لم يَجِدُوا أمواتاً يَعْتنونَ بِقَمْحِ الجِرَاحاتِ /  
     عِندما كُنَّا صِغاراً / ظَنَنَّا أننا أصْغَرُ مِن المِقْصلةِ / وَحِينَ قُتِلْنا عَرَفْنا أنَّ المِقْصلةَ أصغرُ مِنَّا / أَدْخُلُ إلى السِّجْنِ / فَلا أَجِدُ مَن يَسْتَقْبِلُني / وَأَخْرُجُ مِنهُ فلا أجدُ مَن يَسْتَقْبِلُني/ يُعانِقُني الشَّارعُ مَخْتوماً بِالشَّمْعِ الأحمرِ / والذبابُ يَخْرُجُ مِن احتضاري / أَحْفِرُ في غابةِ الجنونِ أجندةً للكَسْتناءِ / تَحْرُسُني مِن أزيزِ دُموعي / جِلْدي المشقَّقُ يَمتطي عَرَقَ الهِضابِ / والعصافيرُ تَقودني إلى قَبْرِ أُمِّي / أبني كُوخي في الصَّليلِ / والرؤوسُ المتطايرةُ أُغنياتٌ لِلْوَحْلِ العاطفيِّ / فلا تَحْقِدْ على الصَّحراءِ أيها الرَّمْلُ / انْزِع الأغطيةَ البيضاءَ عَن أثاثِ المنفى / لِتَصيرَ كَفَناً لِلْمَوْجِ / سَيَصْعَدُ الجرادُ مِن انتحاراتي / وهذا دَمِي أثاثٌ مُسْتَعْمَلٌ / دَخلتُ في نَشْوةِ الرُّعودِ / وَبَعْدَ اغتيالي / ستقرأُ الشركسياتُ أشعاري في المساءِ البَعيدِ / لَن يُقَدِّمَ البَرْقُ عصا إلكترونيةً للفَراشةِ العَمياءِ / كَي تَركضَ بَيْنَ أكوامِ الجثثِ / وَلَن تَسْرِقَ الذبابةُ العَرْجاءُ رِجْلاً صِناعِيَّةً / كَي تَرْقُصَ في حَفلاتِ القَصْرِ /
     كَم هِيَ قِصَصُ العِشْقِ المدفونةُ في المقابر ! / سَتَضْرِبُ الصاعقةُ الأرْزةَ/ وَهِيَ في قِمَّةِ مَجْدِها/ سُنْبلةٌ أضاعتْ خَارطةَ قَبْرِها / والأمواجُ تنهضُ مِنَ الأحكامِ العُرْفيةِ / سأقولُ للأشجارِ حِكايةً قَبْلَ النَّوْمِ / وإذا مَرَّتْ ظِلالُ الزَّوْبعةِ عَلى جَسدي / سأبكي مِثْلما يَبْكي خَشَبُ السُّفنِ الغارقةِ / النُّعاسُ البلاستيكيُّ يَمْشي إلى الصَّنوبرِ / والقواربُ مُحَمَّلةٌ بالنُّعوشِ وجَدائلِ الغَيْماتِ / أحزانٌ مُهَرَّبةٌ كالتَّبْغِ المهرَّبِ / وَسَوْفَ تزدادُ شُهْرَةُ الرياحِ بَعْدَ مَقْتَلِها / أنا المقتولُ في حَياةِ الأعشابِ / التي تَنمو بَيْنَ شراييني / السنابلُ تَصْعَدُ مِن قَبْرِ الحضارةِ / والزِّئبقُ يَغْسِلُ جَبْهةَ الضبابِ / لم أعتذِرْ للطوفان / ولم يَعُد البابونَجُ يَذْكُرُ رَاياتِ الغُزاةِ / أنسَى آبارَ الملاريا / كَي أتذكرَ غَيْمةً أَنْكَرَتْ مَعْرفتي / لم أَبِعْ أحزاني في سُوقِ النِّخاسةِ / لكنَّ دِمَاءَ العُشْبِ تَسيلُ على الصُّلْبانِ البلاستيكيةِ /
     عِندما يُغْرِقُني المساءُ بالمرايا / أخافُ لأنكِ لَسْتِ مَعي / يُهاجِمُني الليلُ بأحلامِ الطفولة / فأعودُ مُسدَّساً في عُلْبةِ مِكْياجِكِ / أيها الجسَدُ الأُنثويُّ الموزَّعُ بَيْنَ الألغامِ ورائحةِ البَصَلِ / ذَاكِرَتي مِن السِّيراميكِ / وأمشي عَلى بَلاطِ الإبادةِ/ وَلَسْتُ مِن شُعراءِ البَلاطِ / الرايةُ المكْسُورةُ / وَالعَبيدُ يُردِّدونَ نَشيدَ الحضارةِ / يَزْحَفُ الثلجُ الدَّمويُّ إلى أعضائي / وَقُبورُ الأطفالِ تتوهجُ في ظِلالِ النَّيازكِ / أُفَتِّشُ عَن قلبي المكسورِ في حُزْنِ الأرستقراطياتِ / المنثورِ في إِسْطَبْلاتِ الخيولِ / سَوْفَ تَكْسِرُكَ امرأةٌ في شِتاءِ الهياكلِ العَظْميةِ / فاكْسِرْ طَيْفَكَ / واصْعَدْ مِن جُثماني طَيْفاً .