25‏/07‏/2019

أكفان مغسولة جيدًا / قصيدة

أكفان مغسولة جيدًا / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

     سَامِحْني أيها النهرُ / لأني نَبَشْتُ قَبْرَكَ / كُرَياتُ دَمِي البَيْضاءُ تَقودُ جَيْشَ الْمُرْتَزِقَةِ/ لكنَّ الانقلابَ دَمَوِيٌّ / خَبَّأْنا جَثامينَ آبائنا في حَوْضِ السَّمَكِ / والبنفسجُ طَريقٌ يَشُقُّ عِظَامَ الليلِ إلى ثَوْرَتَيْن / وَتِلْكَ الذاكرةُ بَجَعَةٌ/ أضاعتْ رِيشَها في المجاعاتِ الكِلْسِيَّةِ/ يَمتطي النَّهارُ صَهْوَةَ جَوَادِهِ / في أنينِ الدروبِ الحزينةِ / وتمشي الأحزانُ في طُرُقاتِ الذُّعْرِ / لا نِقاطُ تَفتيشٍ في نُخاعي الشَّوْكِيِّ / ولا حَواجِزُ أمنيةٌ في كُحْلِ البُحيرةِ / أيتها الأدغالُ السائرةُ في شَهيقِ الثلجِ / ذَلِكَ المذبوحُ هُوَ أنا / أركضُ في أنفاسي المحروقةِ / أَضْحَكُ على نَفْسي / والبُروقُ تَضحكُ عليَّ / لأنَّ تاريخي وأحزاني أُكذوبتان / وأنا الوَهْمُ الساطعُ في غابةِ الرَّعْدِ / قُلوبٌ مِنَ الكَرْتونِ الْمُقَوَّى / وَدُموعٌ مِنَ الشَّمْعِ / الذي لا يَذُوبُ في نُعوشِنا / وَصَديدُ جُرُوحِنا هُوَ أرشيفُنا المحفوظُ في بُكائنا الْمُحَنَّطِ/ مَشَاعري مِنَ البَازِلْت/ وأمشي على السِّيراميك/ وَاثِقاً مِن نُعُومةِ حَبْلِ مِشْنقتي / أحزاني فَأْرةٌ تائهةٌ في زُقاقِ الرَّمادِ / وَنَظَراتُ الإِمَاءِ تَنكسرُ أمامَ الصَّوْلَجان / سَيَأكلُ الحمَامُ زُجاجَ ناطحاتِ السَّحابِ / وَتُولَدُ أظافري في بِرْكةِ الدِّماءِ / حَيْثُ تَحْرِقُ رَائحةُ الكُلورِ أفخاذَ الجواري / والنَّخاسونَ يُوَزِّعُونَ حِبَالَ المشانقِ مِثْلَ صُكوكِ الغُفرانِ /
     لا تَخْجَلْ مِن ماضِيكَ أيها البحرُ / أنتَ العقلُ المفكِّرُ للرِّمالِ / فاركضْ في وَميضِ دَمي / كَجُثةٍ مَلْفوفةٍ بِعُلَبِ الكافيار / وَاشْكُر السائحاتِ اللواتي يَطْرُدْنَ الذبابَ عَن جُثتي / كِلابٌ تَنْهَشُ لَحْمَ البُحيرةِ / والرَّمادُ واثقٌ مِن نَفْسِهِ / عَلِّمْني أيها الفراغُ تاريخَ الملوكِ المخلوعين / لأقرأَ تاريخَ وَفاتي على عِظَامِ الضُّحى/ كُلُّ مواعيدِ الاحتضارِ تَسْكُنُ في عِظامي/ والرِّياحُ سَرَقَتْ عُكَّازةَ النهرِ / فَكَيْفَ ستمشي أيها النهرُ في عُروقي ؟/ التاريخُ أُغنيةٌ تَحْتَ جِسْرٍ مِنَ الجماجمِ / وكانت الزَّوْجاتُ الخائناتُ يَدْرُسْنَ الخِطَطَ العسكريةَ / سَتَحْفِرُ الرِّيحُ صُورةَ جُلُودِنا / في الموْجِ الباكي / يَفترقُ الرصيفُ والشجرُ في سُعالي / كَي تَلتقيَ كُرياتُ الدَّمِ في الحفلةِ التَّنكريةِ / فِراقٌ مِن أجلِ اللقاءِ / والغُرباءُ ما زَالوا غُرباء / والمهندِسُونَ الماسونِيُّونَ في بَلاطِ كاترين العُظمى/ يَبْنُونَ سَلالِمَ الحطبِ / لِيَصْعَدُوا إلى مَجْدِ الغُبارِ / جَدائلُ الأُمهاتِ انفجاراتٌ في مَوانِئِ السُّنونو / والوَداعُ هُوَ الوَدَاعُ / وَجُمْجُمةُ العُشْبِ دُستورٌ لمملكةِ الصَّدى / أو رايةٌ لِقَبيلةِ الصَّوْلجان /
     الذُّعْرُ يَقْضِمُ حَواجِبَ النِّساءِ / والبُحيرةُ تَحْمِلُ ذِكْرياتِ وَالِدِها / وتَدخلُ إلى غُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكهربائيِّ / القَتْلى تَحْتَ الشُّرفاتِ الزَّهْريةِ / تُهاجرُ النوارسُ مِن رِئتي الأُولى إلى انتحاري الثاني / وَتَغتسلُ التُّفاحاتُ في دِمَاءِ الرُّخامِ / لم تَستطع البُروقُ تَضميدَ جُروحي / سَيَنمو الصدى لِيَصيرَ قَرْيةً وبنادق / سَيَجْمَعُ الموْجُ أشلاءَنا/ وَفِرَاشُ الموْتِ هُوَ صَخَبُ حَياتنا/ ونُعوشُنا أقنعتُنا/ والوُجوهُ للصدى/
     وَرْدةُ الصقيعِ / وسَراديبُ مَحَاكِمِ التَّفتيشِ / والأدغالُ الْمُخَصَّصَةُ لِلْحَوَامِلِ خَارِجَ الزَّواج/ تتجاوزُ الأحصنةُ ذاكرةَ الحزنِ الْمُخَنَّثِ / وتنتهي حِكاياتُ الْحُبِّ / وَتَسقطُ الفِئرانُ في عُلَبِ المِكْياجِ / سَيَأكلُ البَقُّ صُكُوكَ الغُفرانِ / وَيُغْلِقُ الكَهَنةُ أبوابَ الكَنيسةِ أمامَ الرَّاهباتِ المشْلولاتِ / وَتَنطفئُ الموْقَدةُ في ليالي الشِّتاءِ / المنفَى حَبَّةُ كَرَزٍ / فَاقْضِمْ ظِلالَكَ الحجَريةَ/ رِعشةُ الحِجارةِ إنجيلٌ دَمَوِيٌّ لِمُومساتِ رُوما / والشاطئُ مُهَرِّجٌ في سِيركٍ مُحْتَرِقٍ/ أَدْخُلُ في الغابةِ الخرساءِ / مُسَلَّحاً بِرَجْفةِ المطرِ / والرِّمالُ جَميلةٌ كامرأةٍ ابتسمتْ لَكَ لِتَقْتُلَكَ / فلا تَكْرَهْ أُمَّكَ / حِينَ تُصبحُ ضَفائرُها حَبْلَ مِشْنَقَتِكَ / امرأةٌ أَغلقتْ قَلبي بالمِفْتاحِ / وماتتْ / وما زِلْتُ أبحثُ عَن المِفتاح /
     سَتَعْرِفُ أيها الحطبُ اللذيذُ / أنَّ الطريقَ إلى الشَّمْسِ / يَمُرُّ عَبْرَ أزِقَّةِ الجِرذان / ظِلالُ العَسْكَرِ تنسابُ وَراءَ النوافذِ / وَيَنتحرُ المساءُ بَيْنَ الحِيطانِ الْمُقَشَّرةِ / التي لا يَقْدِرُ البحرُ على طِلائها / أُحِبُّكِ أيتها الراهبةُ / لكني سَأكسِرُ الصليبَ / سيأتي القَتلى مِن أعشابِ الفجرِ / لِيَجْلِسُوا على أثاثِ قَلْبي / وكُلُّ أحلامي شَارعٌ خَلْفِيٌّ في بَنكرياسِ السَّرْوِ/ واحتضاري ظِلالٌ لِلْوِديان / حُزْنٌ يَقتلعُ طَيْفَهُ مِن حُلْمِ اليمامةِ/ وَبَشَرٌ يَختبئونَ في جُلودِهم / خَوْفاً مِن جُلودِهم المختومةِ بِدَمْعِ الغُروبِ / يَحْلُبُونَ أثداءَ الأبقارِ للحُصولِ على النِّفْطِ / والعَوانسُ لا يَمْلِكْنَ مَطْبَخَاً للاكتئابِ أو الذِّكرياتِ / والملوكُ الذينَ يُعَلِّقُونَ المشانِقَ على رَبطاتِ العُنُقِ / يَحْفَظُونَ مَواعيدَ الرَّقْصِ في حَفلاتِ المجاعةِ / كأنَّ عِظَامَ آبائنا بِئْرُ نِفْطٍ / مَشَت الأدغالُ البلوريةُ / تناثرت الفراشاتُ على الأرضِ حواجزَ أمنيةً / لا تاريخَ لِكَهْرباءِ أحزاني سِوى هِجْرةِ الطيورِ / حَقَّاً / إِنَّ قَارورةَ عِطْري عَرْشُ الجماجمِ / أَمْضُغُ جُنوني كالعِلْكةِ الرخيصةِ / والإِوَزُّ نَسِيَ رَقْصةَ الموتى الأخيرةَ / عُروشُ الملوكِ تُنْصَبُ في أرحامِ الجواري/ دَمُ الشُّموسِ مُجَفَّفٌ كالتِّين المسمومِ/ والحضارةُ دُميةٌ مِن جُلودِ الخِرَافِ / 
     تِلْكَ الجثةُ جُثتي / لكني أركضُ إلى قَبْرِ أُمِّي / افْرَحِي أيتها السنابلُ العَمياءُ / سَوْفَ يَعْشَقُنا رِجالُ المخابراتِ / في حُقولِ القُشَعريرةِ / سَنُصْبِحُ مُواطنين صَالحين / يَمْدَحُنا الْمُخْبِرُونَ / وَنتناولُ غَدَاءَ العَمَلِ مَعَ البُوليسِ السِّياسيِّ / وَنُكَوِّنُ مَعَ البَبَّغاءِ فِرْقةً غِنائيةً لمدحِ الضَّحيةِ والقاتلِ مَعَاً / والذِّئبةُ الوَحيدةُ في ليالي الخريفِ/ سَتَرْسُمُ الصليبَ على صَدْرِها الحجَرِيِّ/ بَيْنَنا وَبَيْنَ الرِّمالِ تَحِيَّةُ السِّكين / رُبَّما تُحْذَفُ وُجوهُنا الصفراءُ مِن القوائمِ السَّوْداءِ/ رُبَّما تَخْرُجُ البُحيراتُ مِن الإقامةِ الجبريةِ / في الدُّوَيْلاتِ اللقيطةِ / وَتُصْبِحُ عِظامُنا حَواجِزَ أمنيةً / بَيْنَ مُستشفياتِ الوِلادةِ ومَقابرِ أُمَّهاتِنا / الكُوخُ الخالي / والحقلُ المحروقُ / إِنَّ السُّنبلةَ كاللبؤةِ / كِلْتاهُما مَجروحةٌ عاطفياً / النِّسيانُ المالِحُ أرادَ تَقبيلَ الرِّياحِ قَبْلَ وَفاتِها/والأدغالُ تَنشرُ على قِلادةِ المجرَّةِ أحلامَ الرُّفاتِ/ تَختلطُ شَظايا وَريدي بالمحاصيلِ الزِّراعيةِ / ويَمتزجُ أزيزُ الرَّصاصِ بِخَريرِ الماءِ / يَبني الشَّفقُ مَملكةَ الوَهْمِ/ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ / والجنودُ هَربوا تَاركِينَ رَسائلَ زَوْجاتهم/ سَأعشقُ الموْتَ في عَيْنَيْكِ/ عِندما تَتَّحِدُ عُيونُ الصَّقْرِ مَعَ الشَّلالاتِ الجافَّةِ / لم أُفَصِّلْ ثِيابَ الإغراءِ لِبَناتِ الإمبراطورِ / ولم أُسَجِّلْ آبارَ النِّفْطِ بِاسْمي / سيمشي المطرُ باتِّجاهِ عِظامي / وَحُدودُ سُعالي حَيْثُ تَصِلُ عِظامي المنثورةُ / عَلى طَاوِلاتِ القِمارِ /
     كُن فاشلاً في العِشْقِ/ لِتُصْبِحَ فَيْلسوفَ القَبيلةِ المنقَرِضَةِ / دُموعُ الصبايا تَحْتَ راياتِ القبائلِ / وأنتَ بِلا رَايةٍ / دَمُكَ في البِئْرِ السِّحريةِ / وأنتَ السَّاحرُ القَتيلُ بَيْنَ بَناتِ الجِيران وبَناتِ آوَى / أشلاؤُكَ مَرايا للعَوانِسِ في قَرْيَتِكَ المهجورةِ / وأنتَ القِيامةُ / فَقُمْ مِن نَزيفِ السنابلِ / واسْكُنْ في جُروحي حُقولاً بِلا نِساء / وازرعْ جَدائلَ أُمِّكَ بَيْنَ الرصاصِ وَقَلَمِ الرصاصِ / دَخَلْتُ في اكتئابِ النيازكِ / تاريخي يُلغي تاريخي / وَجِلْدي يَنقلبُ على جِلْدي / كُلما ضَاقَ المدى / وَسَّعْتُهُ بِدَمي الْمُسْتَعِدِّ لأسئلةِ الصهيلِ / أُغنياتي للرَّمْلِ الأعمى / وأنا نَشيدُ اليمامةِ المشنوقةِ /
     أيتها المرأةُ الغامضةُ / ادْخُلي في أفلاكي كي تَشتعلي / كَي تتطهَّري مِن أحزانِ السِّنديان / كَي تُصبحي واضحةً كَغُرفةِ الإعدامِ أو غُرفةِ الاعترافِ / يَحْمِلُ الموْجُ هُمُومَ السَّنابلِ على ظَهْرِهِ / ويمشي قُرْبَ نَفْسِهِ / أُنادي على البَحْرِ الأعْرجِ / لقد نَسِيتَ عُكَّازَكَ / والحطبُ أرشيفُ الأمطارِ الجريحةِ /
     أنظرُ في المِرآةِ / لكني لا أعرفُ هذه الصُّورةَ / مِتُّ مُنْذُ قُرون / لكني أعيشُ في قصيدتي / خَلَطْنا الأسمنتَ المسلَّحَ بِعِظَامِ الأطفالِ / وَبَنَيْنا قِلاعَ المطرِ على أظافِرِ أُمَّهاتنا / قِناعُ الفَيَضانِ مِشْنقةٌ مِنَ الكَهْرمان / والبَشَرُ أجسادٌ بِلا وُجُوهٍ / مِن أيْنَ سيأتي السَّهْمُ الذي سَيَجْرَحُ قَلْبَ المساءِ ؟ / لَيْلٌ يَطُوفُ حَوْلَ رِعشتي / والضِّباعُ تَحْرُسُ تابوتي في الصَّحراءِ الجليديةِ / نهارٌ تَوَّجَ لَيْلَ الرِّيحِ بِالْحِنَّاءِ / أُنادي على الشَّمْسِ وَالقَمَرِ / أيُّكُما سَيَرْفَعُ جُثةَ الآخَرِ ؟ / يَرُشُّ الرَّمْلُ الحكوماتِ على حُزْنِكَ كَمِلْحِ الطعام / ويتهاوى جَسَدُ أبِيكَ على الْمَذْبَحِ / انْتَظَرْنا وِلادةَ الأزهارِ البلاستيكيةِ قَبْلَ مَجيءِ أظافرِنا/ العاصفةُ الخضراءُ تَلْمَعُ بَيْنَ رُموشِنا وحِبَالِ المشانقِ/ وَدَهْشَةُ الشُّطآنِ تُرَتِّبُ أثاثَ المنفَى / حَقَّاً / لَن يُزيلَ عَرْشَ الأنقاضِ إلا احتضارُنا/ نُباعُ في صَالاتِ القِمَارِ كالْمُعَلَّباتِ الفاسدةِ / نُباعُ في قُصورِ الْخُلفاءِ / حَيْثُ تَكونُ المراحيضُ مَطْليةً بالرُّفاتِ الْمُذَهَّبِ / نَشتري أوسمةَ الهزيمةِ المفروشةَ / على البَلاطِ الْمُلَمَّعِ بِخُدُودِ اليَتيماتِ/ نُعَلِّقُ دُموعَنا على سِياجِ الحديقةِ/ تِذكاراً لِلْحُبِّ الضائعِ / وأيَّامُنا تَهربُ مِن ظِلالِنا البَلْهاءِ / القِطَطُ تُدافعُ عَن زَنابِقِ الطُّفولةِ / لَكِنَّنا نُقَدِّمُ أطفالَنا إلى السَّيافِ / لا زَوْجةٌ للطوفانِ تَبكي عَلَيْهِ / ولا مَرايا تَكتبُ مَراثي البَيْتِ المهجورِ / عِندما تَغيبُ الذِّكرياتُ الواضحةُ في اللاوُضوحِ /
     شُمُوسٌ تَخرجُ مِنَ الطاعون/ تُؤخذُ أراملُ القَمَرِ المهذَّبِ سَبايا / وَيَذوبُ صُراخُ النِّساءِ في المطرِ / اسْمَعْ وَقْعَ أقدامِ الجنودِ خَارِجَ كُوخِ الجليدِ/ الليلُ فَجَّرَ نهارَنا / وَصَهَرَ البَلُّوطَ في أحشائنا / أرمنيةٌ تَعْزِفُ على البيانو في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ / أسألُ عِظامي المصْهورةَ تَحْتَ شَمْسِ المنافي / ماذا استفادَ الإسكندرُ مِن أرسطو ؟ /
     لم تنتظرني الشُّطآنُ قُرْبَ خَنْجَرِ الأنهارِ المسمومِ / ولم أنتظِرْ مادونا في حضارةِ الإنكا / أكتبُ دُموعي بِلُغةٍ تَنفيني / وأنا المنفَى السَّائرُ بَيْنَ الخِيَامِ / وأنا لُغتي الموؤدةُ بَيْنَ أجنحةِ الْحَمَامِ / كُلما مِتُّ سَمِعْتُ العُشْبَ يَرْثيني / ارتاحتْ أشباحُ اليَاقوتِ لأنني مَيْتٌ / كُلُّنا أمواتٌ / وَمَن عَرَفَ السِّرَّ مَات / التقِطْ خَطايا الحطبِ / واغْفِرْ ذُنوبَ النهرِ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاع / وانتهت اللعبةُ / يَنمو الفِطْرُ السَّامُّ بَيْنَ شُعَيْراتي الدَّمويةِ / فاكرهيني يا زَهْرَةَ الغُروبِ / وابحثي عن رَجُلٍ آخَر / نَسِيتُ وَجْهي في المرايا المشروخةِ / وَنَسِيَت الرِّياحُ الطريقَ إلى ضَريحِ أبي /
     المساءُ المرتعشُ يَبْقُرُ بَطْنَ البُحيرةِ/ أظافري مُبَلَّلةٌ بالندى/ وَدِمائي على حواجبِ الفجرِ / ما زِلْتُ أسمعُ صُراخَ الرِّمالِ / أستمعُ إلى عَويلِ الندى / الجنودُ يَطُوفونَ في شراييني المعروضةِ للبَيْعِ / وَجَدائلُ الشَّجراتِ تُباعُ في المزادِ العَلَنِيِّ / أكفاني البَيْضاءُ تُباعُ في السُّوقِ السَّوْداءِ / وَجَيْشُ الْمُرْتَزِقَةِ يَفْرِضُ الإقامةَ الجبريةَ عَلى اليَاسمين / يَذهبُ المطرِ إلى احتضارِهِ / وَيَخْرُجُ البَحْرُ مِن خِيَامِ الشَّفَقِ لِقَضاءِ حَاجَتِهِ / ذَهَبَت القُلوبُ الحاضِنةُ لِطَيْفِكَ / الشُّموعُ الْمُرْتَجِفَةُ في مملكةِ اللصوصِ/ رَحَلَت الحشراتُ العائشةُ بَيْنَ جِلْدِكَ وصُداعِ الزُّمردِ / نَزِيفي يَنْقُلُ أسراري إلى الطوفان / اعْذُرْني يا شَاهِدَ قَبْري / لم أَكُنْ أَعْرِفُ أن الأحزانَ سَريري والشَّفَقَ قاتلي / أَنْشُرُ ألواحَ صَدْري على حَبْلِ الغَسيلِ / احْزَنْ عَلَيَّ يا شَجَرَ الطُّرقاتِ / ضَائعٌ أنا بَيْنَ اكتئابِ الملِكاتِ ومَلاقِطِ حَوَاجِبِهِنَّ .