04‏/08‏/2019

دستور الدولة البوليسية / قصيدة

دستور الدولة البوليسية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     سَتَفْرَحُ أُمَّهَاتُ الأسْفَلْتِ / لَوْ كَانَتْ تَنَانِيرُ بَنَاتِهِنَّ أَقْصَرَ مِنْ دُسْتُورِ الدَّولةِ الْبُولِيسِيَّةِ / الْبَسْكَوِيتُ الْمُمَلَّحُ / وَرَقْمُ الرَّصِيفِ مَجْهُولٌ/ يَا جَنَازِيرَ الْبُرْتُقَالِ الْمَارَّةَ عَلَى شُجَيْرَاتِ الْجَسَدِ / إِنَّ فِي أَوْرِدَتِي زَمَنَاً يَلِدُ أَمْكِنَتِي / تِلْكَ الْوَجْنَةُ الْمُمَزَّقَةُ / كَأَنَّ شَكْلَ رُمْحِي وَطَنٌ ثَانٍ لانتِحَارَاتِي/لا شَيْءَ حَوْلَ نَزِيفِي/ لَكِنَّ الشَّوَارِعَ تَغُوصُ فِي ثِيَابِ الْقَتِيلِ / سَتَبْسُطُ أَشْلاءُ الْبِئْرِ سَجَّادَاً لِضُيُوفِهَا / مَا نَفْعُ اصْطِيَادِ بَيْضِ النُّسُورِ / إِذَا كَانَتْ يَدَاكَ ذُبَابَتَيْنِ مَشْنُوقَتَيْنِ عَلَى صَفِيحِ الْعُشْبِ ؟ /

     قَدْ تَكُونُ مَذْبَحَتِي قُرْبَ صَالَةِ سِينَمَا / يَخْرُجُ مِنْهَا الْعُشَّاقُ وَأُمَرَاءُ الْحَرْبِ وَالْمُرَابُونَ / ثُمَّ يَتَفَرَّجُونَ عَلَى شَهِيقِي النِّهَائِيِّ مَجَّانَاً / الْقَصْرُ الرَّمْلِيُّ مَكَبُّ نِفَايَاتٍ/ حَيْثُ يُحْتَضَرُ شَهْرَيَارُ / وَتَتَقَاتَلُ عَشَائِرُ الرَّمَدِ عَلَى اكْتِئَابِ شَهْرَزَادَ / قُلْ إِنَّكَ ضَوْءُ الأَزْرَارِ فِي مِعْطَفِ الْفَجْرِ / وَلا تَرْجِعْ إِلَى أُقْحُوَانِ الرَّغْبَةِ فِي بُكَاءِ الْمُشَيِّعِينَ / حَيْثُ تَخْتَفِي مَخَالِبُ الْهَضَبَةِ/ قُرْبَ مَرَاحِيضِ السُّجُونِ / قُلْ إِنَّكَ صُورَةُ السُّحُبِ / وَلا تَكْذِبْ عَلَى أَثَاثِ الدَّارِ/ لأَنَّ أَبَوَيْكَ نَائِمَانِ عَلَى خَاصِرَةِ يَمَامَةٍ تَنْتَحِبُ / وَهُمَا يُعَلِّقَانِ صُوَرَ ابْنِهِمَا الْمَفْقُودِ عَلَى شُبَّاكِ التَّذَاكِرِ فِي مَحَطةِ القِطاراتِ / الَّتِي تَشْرَبُ شَايَاً أَخْضَرَ / فِي فَتْرَةِ اسْتِرَاحَةِ الإِمْبرَاطُورَةِ بَعْدَ الْجِمَاعِ / وَقَيْلُولَةِ الْمُخْبِرِينَ بَعْدَ كِتَابَةِ التَّقَارِيرِ بِالشَّمْعِ الأَحْمَرِ /
     أَتَذَكَّرُ وَجْهَكَ الْمُفَتَّتَ عَلَى وَرَقِ التُّوتِ الصَّاعِدِ مِنْ مِلَفَّاتِ الدَّوَائِرِ الأمنيةِ / أَعْرِفُ أَنَّكَ تَبْحَثُ عَنْ شَهَادَةِ حُسْنِ سُلُوكٍ مِنْ دَائِرَةِ الْمُخَابَرَاتِ / الْوَاقِعَةِ فِي جَنُوبِ نَعْشِكَ / لِتَصِيرَ حَشَرَةً تُخْفِي لَوْنَ بَوْلِهَا / عَنْ أَعْيُنِ الْبُولِيسِ السِّيَاسِيِّ/ مِثْلَ كُلِّ الذُّبَابِ الأَخْرَسِ / عِنْدَ أَعْمِدَةِ السِّيانيدِ تَعِيشُ وَتَمُوتُ/ وَتَتَزَوَّجُ رُعْبَ الْحِيطَانِ / وَرَجْفَةَ السَّتَائِرِ الْمُخْمَلِيَّةِ / وَسَتَفْخَرُ بِكَ طَاوِلاتُ الْمَطْعَمِ فِي غُرْفَةِ الْعِنَايَةِ الْمُرَكَّزَةِ/ وَتَنْتَظِرُكَ الْمُسَافِرَاتُ إِلَى الانْتِحَارِ الْحُكُومِيِّ / فَلا تَسْأَلْ/ لِمَاذَا تُهَاجِرُ السَّنَاجِبُ مِنْ خَدِّي ؟ / أنا الْمَنْفِيُّ في جِسْمي / الغَريبُ عَن ذَاتي /
     إِنَّ سَرَطَانَ الْبُروسْتَاتَا يَنْخُرُ بُرْتُقَالَ حَدِيقَتِنَا / فَلْتَكُنْ اسْمَ الْفَرَاشَةِ فَوْقَ الْبُخَارِ الْمُلَوَّنِ / وَالْقَتْلِ الرُّوتِينِيِّ / وَالْمَحَارِ الدَّامِعِ / وَالْحُزْنِ الْمَسْقُوفِ / لأَنَّ رَائِحَةَ الْمُلُوخِيَّةِ فِي رِيشِ غَيْمَةٍ غَارِقَةٍ / حَيْثُ تُفَصِّلُ هَضَبَةُ الْحِبْرِ ثَوْبَ عُرْسِهَا مِنْ أَقْمِشَةِ الْجُلُودِ الآدَمِيَّةِ وَتُفَّاحَاتِ الْفَجْرِ / وَالْحَطَبُ يَقْضِي وَقْتَهُ فِي تَفْكِيكِ عُقَدِ الشَّلالِ النَّفْسِيَّةِ / سَحَقَتْ رَمْلَ الْمُحِيطِ وَأَوْرَاقَ الْقَاتِ عَرَبَةُ قَوْسِ قُزَحَ /
     أيُّها الطِّفْلُ الذي يُخَبِّئُ جُثةَ أُمِّهِ في حَقيبته المدرسيةِ / جَسَدي مُمَلَّحٌ بالأعاصيرِ الكريستاليةِ / تَصْلُبُنِي بُرُوقُ الْكَلامِ/ فَتَمُرُّ مِنْ ثُقُوبِ قَلْبِي الْمَجَازِرُ/ وتَخْرُجُ مِن رِئتي أَسْرَابُ الرِّمَالِ الْمُهَاجِرَةِ / صَارَتْ رَائِحَةُ الْقَهْوَةِ الْعَابِقَةِ بِالدِّمَاءِ / تَقْفِزُ فَوْقَ تَوَابِيتِ الْمُسَافِرَاتِ إِلَى الصَّدى / هَذَا شَكْلِي رُفَاتُ بُحُورٍ / وتَضاريسُ قَصِيدَةٍ مَاحِيَةٍ / لَحْمِي زَمَنٌ / فَلْتَعْتَرِفْ أَنَّكَ جُرْحِيَ الْهَائِجُ / لأَسْقِيَ حَشَائِشَ الْمَدْفَنِ / وَأَقْتَرِبَ أَكْثَرَ مِنْ مَمَاتِي /    
     كَانَتْ فِي أَوْدَاجِي فَتَاتَانِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ / تَنْتَظِرَانِ أَبَاهُمَا الْمَحْكُومَ بِالثَّلْجِ وَالانْتِظَارِ / وَطِفْلَةٌ تَقْطِفُ الْغِيَابَ مِنْ سُقُوفِ الْمَسَاءِ / وَفِي مِينَاءِ الْغُرُوبِ / تُدَخِّنُ الصَّحْرَاءُ سَرَابَهَا / وَتَبْقَى أَعْقَابُ السَّجَائِرِ فِي مِنْقَارِ مَوْجَةٍ/ كُلُّ الْمِكْيَاجِ الْمُتَسَاقِطِ مِنَ السُّومَرِيَّاتِ عَلَى دَرَجِ الْمَعْبَدِ وَأَرْضِيَّةِ تَوَارِيخِ التَّبْغِ / أَجْمَعُهُ لأُغَطِّيَ بِهِ هَزِيمةَ الْبَيْلَسَانِ فِي حَرْبِ اللوْزِ / أنا العُنصرُ الدَّخيلُ في كُرَياتِ دَمي / مَا فَائِدَةُ أَنْ تَتَزَيَّنَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجٍ أَعْمَى ؟/ مَا فَائِدَةُ أَنْ تَبْتَسِمَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجٍ تَخُونُهُ ؟ / تَصَرُّفَاتُ الدُّخَانِ الصِّبْيَانِيَّةُ فَوْقَ غُصُونِ الصَّبَاحِ / كَمَا تَنْمُو صُخُورُ الشَّمْسِ عَلَى جُذُورِ الْحُلْمِ / خُذْ مَا تَبَقَّى مِنْ أَمْسِ الْيَمَامَةِ / وَاتْرُكْ لِي أَكْفَانَ جَدِّي فِي زُرْقَةِ الْغَمَامِ / وَسِيَاطَ الدَّرَكِ خَلْفَ سُورِ الرِّعشَةِ / حَشَائِشُ مَذْبَحَتِي أَصْدَافُ مَلْحَمَةِ السِّنْجَابِ/ وَجَبِينِي قَصِيدَةٌ نَسِيَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَنْ يَقُولَهَا / فَاتَّكَأَتْ مِنَصَّةُ الإِعْدَامِ عَلَى سَيْفٍ / تَقْضِمُ حَوَافَّهُ قُبُّرَةٌ كِلْسِيَّةٌ تُسْلَخُ / هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ مِنَ الرُّخَامِ الْمُتَرَسِّبِ فِي ضَوْءِ الأَظَافِرِ / فَرَاشَاتٍ لِلاسْتِهْلاكِ الْمَحَلِّيِّ /
     قُولِي إِنَّ الْمَسَاءَ سَيَقْبُرُنِي فِي يَدَيْهِ / حِينَ تَمْتَدُّ الْمَرَاثِي عَبْرَ صَحَارِينَا  يَنْبُوعَاً / أُسْطُوَانَةً لِمُنْشِدٍ مَجْهُولٍ جَاءَ وَذَهَبَ / لَعَلَّ وَجْنَتَيْهِ تُسَجِّلانِ وَصَايَا اللازَوَرْدِ عَلَى وِدْيَانِ الْكَلِمَةِ / أَطْفَالُ الْعَصْفِ يُفَتِّشُونَ عَنْ جَمَاجِمِ أُمَّهَاتِهِمْ / فِي أَكْوَامِ الْقُمَامَةِ الَّتِي تَمْتَصُّهُمْ / ولَن يتذكَّرَ الغُرباءُ حِبالَ الغسيلِ على سَطْحِ القَمَرِ /
     لِلْخَرِيفِ شِتَاءٌ يُنْكِرُ مَلامِحَ الليْمُونِ وَيَقْتُلُهُ / وَيَمْشِي فِي جِنَازَةِ كُلِّ الْوِدْيَانِ / مَنْ سَيَتَذَكَّرُ حَدِيقَةَ مَنْزِلِنَا بَيْنَ أكْوامِ الْجُثَثِ ؟ / لِلْفَجْرِ الصَّادِقِ هَؤُلاءِ الأَسْرَى / وَرَّثَنِي أَبِي شَكْلَ قَبْرِهِ وَاحْتِضَارَ السُّجُونِ/ وَالشَّلالُ يَجْلِسُ خَلْفَ مَكْتَبِهِ / فَلْتَسْتَثْمِر الشَّجَرَاتُ فِي دِمَاءِ الصَّبَاحِ/ وَجَاءَتْ مَرْكَبَاتُ الْخَرِيفِ لَيْلاً مِنَ النَّزِيفِ وَالْيُورَانيُومِ الْمُخَصَّبِ/ وَفِي خِزَانَةِ جُرْحِي فَرَاشَةٌ تَحْمِلُ عَلَى جَنَاحِهَا الأَيْسَرِ بِرْمِيلَ نِفْطٍ فَارِغَاً/ وَتَطِيرُ بِاتِّجَاهِ كِتَابِ الْجُنُونِ / هَلْ تَسْمَعُ فِي عِظَامِي قَرْقَعَةَ نِعَالِ الصَّحراءِ ؟ / أَرْجُوكَ اغْسِلْنِي يا خَنْجَرَ الشُّموعِ / كَي أَكْتَشِفَ وَجْهِي مِنْ جَدِيدٍ .