08‏/08‏/2019

تمارا تجلس عند قبري / قصيدة

تمارا تجلس عند قبري / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

     دَمْعِي الزَّرْعُ الْعَاصِفُ/ وَأَتَى الْحَصَادُ فِي مَوَاسِمِ الْبُكَاءِ الأَخْضَرِ/ تَنْقُرُ الْبَلابِلُ أَجْزَاءَ مَرَضِي / وَسُعَالِي يَحْمِلُهُ الْحَمَامُ الزَّاجِلُ إِلَى أَلْوَانٍ / تُعَلِّقُنِي عَلَى بَوَّابَاتِ الْمُدُنِ الأَسِيرَةِ نَحِيبَاً / لِمِكْنَسَةٍ تَهْتِفُ لِلْجُنُونِ / وَتَبْنِي الْبُحَيْرَاتُ الآسِنَةُ أَعْشَاشَهَا فِي ظَهْرِي الَّذِي يَثْقُبُهُ الْحَنِينُ / الْجَسَدُ هُوَ الْمَطَرُ الْمِلْحِيُّ / وَالْقُرْبَانُ الْمَعْدَنِيُّ / فَتَمَهَّلْ يَا نَزْفِي / حَتَّى أَرْثِيَ طُيُورَ الْمُسْتَحِيلِ / فِي نَزْفِي شُبَّاكٌ يُطِلُّ عَلَى نَزِيفِ الشَّجَرِ / وَالدِّبَبَةُ الْقُطْبِيَّةُ تَسْتَأْجِرُ مَشَاعِرَ الأَنْهَارِ / وَجَعِي مَحْصُورٌ بَيْنَ بُرْتُقَالَتَيْنِ / ودَمْعَاتِي الطُّعْمُ / وَقَلْبِي الصَّيَّادُ الْمُتْعَبُ / لَكِنَّ الضَّرَائِبَ أَرْهَقَت الشَّفَقَ الْوَحِيدَ / عَرَقُ الْحِرْبَاءِ يَغلِي فِي شَمْسِ الأَرْيَافِ/ بِنْتٌ تَجْلِسُ عِنْدَ قَبْرِ الْكَسْتَنَاءِ قَبْرِي / تَنْتَظِرُ قِطَارَ الْبَجَعِ / وَالْغَيْمَاتِ الَّتِي تَنْقُلُ الْمَشْنُوقِين / هِيَ السِّنْدِيَانَةُ تُخَبِّئُ تَحْتَ إِبْطَيْهَا صَوَامِعَ الْحُبُوبِ / وَشَلالاتِ إفْرِيقيَا / وهذه الأضْرِحةُ تَسْبَحُ فِي الْقِرْمِيدِ /

     يا أُمَّتي البَدَوِيَّةَ/ متى نَعودُ إلى رَعْيِ الغَنَمِ ؟/ لَحْمِي مَنْذُورٌ لِلْهُتَافِ عَلَى سَطْحِ الدِّمَاءِ السَّمْرَاءِ/ دَخَلْتُ فِي عُزْلَةِ الرَّعْدِ الْبَنَفْسَجِيَّةِ / رِئَتِي تَنْقَلِبُ عَلَى رِئَتِي / وَلَيْسَ الْمَسَاءُ إِلا خَوْخَاً ذَبِيحَاً / يَطْلُعُ النَّخِيلُ الدَّامِعُ مِنْ مَسَامَاتِ جِلْدِي / وَيُبَلِّطُ الصَّفْصافُ الطَّرِيدُ مَوْقِفَ السَّياراتِ فِي لُعَابِي / سَرْوَةٌ تَنْمُو عَلَى أَجْنِحَةِ الصُّقُورِ وَسَلالِمِ الْقَلْبِ / عَصَافِيرُ الشَّعِيرِ تَقَاسَمَتْهَا سُيُوفُ الْغُرْبَةِ / وَجْهِي حِرَاثَةُ حُقُولِ الدَّمْعِ / غَسَّلَتْنِي الْمَجَرَّاتُ / وَكَفَّنَتْنِي الْيَنَابِيعُ / وَدَفَنَتْنِي الْفَرَاشَاتُ / ومَا زِلْتُ أَرْكُضُ إِلَى قَلْبٍ أَحَبَّنِي / تَذُوبُ فِيهِ عُقَدُ حَبْلِ مِشْنَقَتِي الْقَدِيمِ / وتَنصهِرُ فِيهِ عُقَدي النَّفْسِيَّةُ / وَالْخَرُّوبُ الْمَطْرُودُ يُغَنِّي لِنَحْلَةٍ مَشْلُولَةٍ / تُرَاقِبُ جِنَازَةَ الشُّطْآنِ الْمَنْفِيَّةِ مِنْ بَعِيدٍ / نَزْرَعُ شَجَرَ الْبَرْقِ لِغَيْرِنَا / وَنَرْحَلُ عِنْدَمَا يَسْقُطُ طِلاءُ أَظَافِرِ الْهَضَبَةِ فِي بَرَامِيلِ الضَّجَرِ الْوَرَقِيِّ / كَأَنَّ أُنوفَ الْمَذْبَحَةِ خَجَلُ بَرَاكِينَ فِي لَيْلَةِ الدُّخْلَةِ / وَيَنْتَحِرُ صَمْتُ الْحِمْلانِ / كُلَّمَا اسْتَخْرَجْتُ مِنْ صُخُورِ رِئَتِي أَحْزَانَ الْبَنَفْسَجِ / الْقَمْحُ يَغْفُو فِي سُقُوفِ أَوْعِيَتِي الدَّمَوِيَّةِ / فَمَا جَدْوَى بُكَاءِ الْقَمَرِ فِي لَيَالِي الْمَجْزَرَةِ ؟ / أَذُوبُ فِي غُرْبَةِ الأَنبِيَاءِ / وَأَنْصَهِرُ فِي صَلَوَاتِ الشَّمْسِ للإِلَهِ / لا قَمَرٌ يُضِيءُ جِرَاحَ قَوْسِ قُزَحَ / وَلا نَهْرٌ يَطْرَحُ أَسْئِلَتَهُ عَلَى الْحَمَامِ / فَابْكِ فِي الطُّحَالِ الْمُتَّسِعِ لِقُمْصَانِ الضَّوْءِ / عَيْنَانِ لِلصَّدَى الْحَامِضِ وَسُؤَالاتِ الرِّمَالِ / هَلْ يَبْكِي الْقَشُّ عَلَى سَطْحِ دَمْعَاتِي الْحَدِيدِيَّةِ ؟/ وَرَكَضَت الْمَقَاصِلُ فِي خُطُوطِ قِشْرَةِ الْمَوْزِ/ فَأَيُّ مَتَاهَةٍ سَوْفَ تَنْصُبُ عَلَى جَنَاحِ الْبُلْبُلِ رَايَةَ اللوْزِ وَعُنْفُوَانَ الشُّطْآنِ الْخَشَبِيَّةِ ؟/ 
     نَسِيتُ أَنْ أُطْعِمَ ثَلْجَ الْجِرَاحَاتِ رَصِيفَاً طَازَجَاً / وَالأَقْمَارُ تَلُفُّ ضَمَّادَاتٍ رَمْلِيَّةً حَوْلَ نَزِيفِ الرُّعْبِ / شَوَاهِدُ قُبُورٍ لامِعَةٌ تَحْتَ وَهَجِ ظَهِيرَةِ الْيَانسُونِ / وَسَاعَةُ يَدِي تَحْفِرُ فِي بَرَاوِيزِ الْمَسَاءِ نِسْيَانَ الْبُحَيْرَاتِ / شَجَرَةٌ مُصَابَةٌ بِالنِّسْيَانِ/ الْقُبُورُ الضَّوْئِيَّةُ طَرِيقُ شُجَيْرَاتِ الْجَسَدِ الْمَشْنُوقِ / وَعُيُونُ الْمَهَا دَاخِلَ زَنْجَبِيلِ الْعَاصِفَة / جَسَدِي صَنَادِيقُ الْمَطَرِ / لَكِنَّ بَرَارِي رِئَتِي حَلِيبُ الْبُحَيْرَةِ / وَأَنْتَ سَيِّدُ كُلِّ هَذَا الرَّمَادِ الأُرْجُوَانِيِّ / فَاكِهَةٌ اسْتِوَائِيَّةٌ فِي عُلْبَةِ انْتِحَارِ أَخْشَابِ الْمَرْفَأ / تُوَقِّعُ فَتَاةٌ عَمْيَاءُ عَلَى وَثِيقَةِ اسْتِلامِ جُثْمَانِ خَطِيبِهَا / الأسْلاكُ الْمُكَهْرَبةُ بَيْنَ أصابعِ الفَجْرِ / وَكِلابُ الحِراسةِ تَقْبِضُ حِصَّتَها مِنَ الدَّخْلِ القَوْمِيِّ /
     وَعِنْدَ حَافَّةِ أَشْوَاقِي سَطْوٌ مُسَلَّحٌ عَلَى لُعَابِ الصَّخْرِ / نَحْوَ حُلْمٍ خُيُوطُهُ بَنَفْسَجُ الْمَشَانِقِ تَسِيرُ الإِسْطَبْلاتُ / مُوغِلٌ أنتَ فِي أَجْسَادِ الْمَرَايَا / كَأَنَّكَ بُرْعُمٌ حَامِضٌ هَبَطَ مِنْ فُوَّهَاتِ الذِّكْرَى / حُمُوضَةُ أَوْحَالِ الْمَدَافِنِ فِي أَفْوَاهِ الْبَجَعِ السَّجِينَةِ / قُولِي مَا شَكْلُ الانْقِلابَاتِ اللوْزِيَّةِ / فِي رَسَائِلِ الْبُحَيْرَاتِ إِلَى غَدِهَا الْمَاضِي / لَسْتُ صَغِيرَةً كَمَا يَظُنُّ الْمَسَاءُ / جَسَدِي فَرَاشَةٌ عَلَى الْمَذْبَحِ / اشْرَبْنِي وَعُدْ مِنْ حَيْثُ افْتَرَقَ الصَّنَوْبَرُ عَنْ صُورَتِهِ / لا حَجْمِي قِنْدِيلٌ لِلطُّغَاةِ / وَلا اسْمِي ثَوْبٌ لِلْعُرَاةِ /
     نَافِذَتَانِ مُغْلَقَتَانِ فِي بُلْعُومِ الْمَكَانِ / هُمَا اسْتِدَارَةُ خَوْخَةٍ فِي مَوْسِمِ احْتِضَارِ النِّسْرِينِ الْجَبَلِيِّ / أَنَا الانْقِلابُ الْوَاضِحُ كَالْغُمُوضِ الْمُنْتَشِرِ / كَبَوَّابَةِ الْجُرُوحِ الذَّهَبِيَّةِ / كُونِي إِحْدَى مُكَوِّنَاتِ النَّيَازِكِ / لأَكْتَشِفَ شِتَاءَ الْمَدْفَنِ الذَّاهِبِ فِي الضَّبَابِ الأَزْرَقِ / الليْلُ يَشُدُّ أَحْصِنَتِي / لأَنَّنِي بَلاطٌ تَحْتَ أَرْجُلِ النَّهْرِ / كُلَّمَا بَكَيْتُ انْتَشَرْتُ فِي السَّوْسَنِ الْبَرِّيِّ / تَرْكُضُ حِيطَانُ السِّجْنِ إِلَى عَاصِفَةِ الْقُلُوبِ الْمُهَاجِرَةِ إِلَى مَلامِحِ الْبَطِّ / كَفِّي مَرْفُوعَةٌ فِي وَجْهِ حِصاني / الَّذِي يَتَزَلَّجُ عَلَى رُكَامِ الأَزْمِنَةِ / ابْتَعِدْ عَنْ لَحْمِي / لأَنَّنِي كَوْمَةُ مَوْتَى يُحَدِّقُونَ فِي الْبَعِيدِ / بَنْكِرْيَاسِي مِنَ الأسمنتِ الطَّازَجِ كَالْعَصْفِ اللازَوَرْدِيِّ /
     أركضُ فِي مَدَارَاتِ نَحْلَةٍ / تَحْتَسِي كُوبَاً مِنَ الْمَنْفَى / لا شَيْءَ فِي جُرْحِي يَمْتَصُّ قِلاعَ عَمَّاتِ الْبَحْرِ / فَانْهَضْ مِنَ الْوَرْدِ الْمُدَجَّنِ إِسْطَبْلاً لِخُيُولٍ تُطْلِقُ الْقَشَّ عَلَى رِئَةِ السُّكُوتِ / إِنْ تُهَشِّمِ الْقَفَصَ الصَّدْرِيَّ لِلسُّكُونِ / تَجِدِ اسْمَ الْفَرَاشَةِ مُضِيئَاً / الْحَطَبُ ضَوْءٌ / فَلا تَخْدَعِ الذُّبَابَ النَّازِفَ شَعِيرَاً لِلْغُرَبَاءِ / أَنَا الْمَوْتَى الصَّاعِدُونَ مِنْ أَكْوَامِ الْمَقَاصِلِ / وَأَعْوَادِ الْمَشَانِقِ الأَنِيقَةِ / لَمْلِمِينِي عَارِيَاً مِنْ غُبَارِ الْمَجَرَّاتِ / وَنُحَاسِ الأَقْبِيَةِ الْجَسَدِيَّةِ / لِي أُغْنِيَةُ الأسْفَلْتِ وَدَرْبُ الْحَزَانَى / الْمَدَى تُفَّاحٌ لِلْيَنْبُوعِ الْمُتَحَجِّرِ / تُعْمِلُ أَنَاشِيدِي مِعْوَلَهَا فِي سِيرَامِيكِ الرِّعشَةِ / قَتِيلٌ أَنَا / وَمَا عَرَفَنِي أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ الذَّبِيحَةِ / أُنْشُودَةٌ أَنَا / وَمَا تَذَكَّرَنِي أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْقَبِيلَةِ الْجَرِيحَةِ / اعْتَلَى الْمَوْجُ مِنَصَّةَ الْخُطَبَاءِ فِي حَفْلِ تَأْبِينِي / تُجَسِّدُنِي عَلَى خَشَبَةِ الْمَسْرَحِ قُضْبَانُ الْمَلاجِئِ وَأَسْوَارُ الْمُعْتَقَلاتِ / كَأَنَّ قَمِيصِي أُمْسِيَاتُ مَنْ لَيْسَ لَهُمْ ضَرِيحٌ يَحْضُنُهُمْ / وَلَمْ أَسْمَع الليْلَ يَفْرُشُ أَسْرَارَهُ فِي حَقْلِ الشُّوفَانِ/ أَو أَوْرَاقِ الزَّعْتَرِ الْمُسْتَوْرَدِ / صَحِيحٌ أَنَّ الْقَتْلَى كَالْبُرْتُقَالِ يُقْطَفُونَ كُلَّ مَسَاءٍ / لَكِنِّي الْجُرْحُ الْعَمُودِيُّ الَّذِي يَبْتَلِعُ أَرْوِقَةَ مَحَاكِمِ الْبَارُودِ /

     يَنْمُو السِّنْدِيَانُ فِي صَوْتِي الْمَبْحُوحِ / وَيَكْبُرُ الشَّفَقُ عَلَى حَوَافِّ دَمْعَتِي / فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ نَشِيدِ مَنْ عَادُوا مِنَ الْمَعْرَكَةِ حَامِلِينَ صُوَرَ الْخَلِيفَةِ / اقْتُلِينِي يَا مَجَرَّاتِ الأَبْجَدِيَّةِ / لا تَقْتُلْنِي أَيُّهَا الْغَسَقُ / أُرِيدُ أَنْ أَزُورَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ لا يَمُوتُونَ / أَحْصَى الْوَرْدُ عَدَدَ جُرُوحِي / فَوَجَدَهَا شَكْلاً لِتَوْلِيدِ الْكَهْرَبَاءِ / مِنْ تَصَادُمِ عِظَامِي الْهَشَّةِ / هُنَاكَ دَفَنْتُ دَمَ الدِّمَاءِ حَاضِنَاً هَزِيمةَ آبَاءِ الْعُشْبِ / وَفِي الْمَعَارِكِ الْعَابِرَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْحِينِ وَالآخَرِ عَلَى كَوْكَبِ زُحَلَ / تَنْهَمِرُ ظِلالُ الْخُيُولِ الْمُمَزَّقَةِ كَالْيَقْطِينِ / فَيَا وَطَنَ اللصُوصِ / اعْبُرْ دَرْبَكَ الرَّمْلِيَّ نَشِيدَاً ثَائِرَاً طَالِعَاً مِنْ عُنْفُوانِ الْقَمْحِ / لَمْ يَبْقَ فِيَّ غَيْرُ الصَّحَارِي الصَّاعِقَةِ / إِنَّكَ أَهْرَامَاتُ الدَّمْعِ الْمَاحِي / أَمْسَحُ الصَّدَى بِالْمِمْحَاةِ اللازَوَرْدِيَّةِ / فَلا تَثِقْ بِأَبْنَاءِ أُورُشَلِيمَ الْعَائِدِينَ مِنْ قَتْلِ الأَنْبِيَاءِ /

     يَكْتُبُ الْبَرْقُ اسْمَهُ عَلَى سَبُّورَةِ الأَلَمِ / لَنَا الْحُزْنُ الشَّارِدُ وَمُذَكَّرَاتُ الضَّحَايَا / مَنْ كَنَّسَ الأَسْرَى فِي الشَّارِعِ الْعَامِّ ؟ / لا مَكَانٌ تَحْتَ شَمْسِ اللهِ يَضُمُّنَا / نَحْنُ الْمَغْرُوسِينَ فِي قَامَاتِ الذُّرَةِ مَنَاجِلَ قَدِيمةً / لَمْ يَخْتَرِقْهَا شَجَرُ الرَّعْدِ / الْمَكَانُ هُوَ طُحَالُ الزَّمَانِ / فَشُكْرَاً لِلْبَغَايَا اللوَاتِي يَحْتَرِمْنَ مَوَاعِيدَهُنَّ ! / ذِكْرَيَاتِي سَنَابِلُ فِي الأَجْرَاسِ الشِّتَائِيَّةِ / لَكِنَّ الْخَرِيفَ يَرْتَدِي أَوْسِمَتَهُ / وَيَمْضِي إِلَى أمجادِ الحطَبِ /

     يَا شَعِيرَ الْعُصُورِ الْحَجَرِيَّةِ / لا تَلْبَسْ نَزِيفِيَ الْفِضِّيَّ / وَقَدِمَتْ عَرَبَاتُ الأَمْسِ لِتَفْتَرِسَ مُسْتَقْبَلَ الْبَيْدَاءِ/ اتْلُ وَصَايَا الزَّبَرْجَدِ/ تَلْمَحْ مُسَدَّسَ الْغَزَالَةِ/ يَا أَيُّهَا الْبَلَدُ الْمُخَصَّصُ لِلْغُرَبَاءِ هَلْ تَذْكُرُنِي ؟/ سَيَفْتَرِسُنَا الزُّقَاقُ الَّذِي يَنْحَنِي أَقْوَاسَاً / تَزُفُّ رَنِينَ دِهَانِ السَّيَّارَاتِ إِلَى الْغُرْبَةِ/ غَرِيبٌ أَنْتَ يَا قَلْبِي فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ / الَّتِي لَيْسَ لَهَا عَيْنَانِ تَذْرِفَانِ الْكُمَّثْرَى / جَلِيدٌ كَثِيفٌ عَلَى شُرْفَةِ الضَّجَرِ /

     لِمَاذَا يَسْتَيْقِظُ الْهَذَيَانُ مِنْ نَوْمِهِ الرَّابِعِ ؟ / نَيْزَكٌ يَقْسِمُ الْبُرْتُقَالَةَ نِصْفَيْنِ / وَإِسْطَبْلاتٌ تَخْتَبِئُ فِي جَوْفِ لَيْمُونَةٍ / مَا الْمَسَافَةُ الَّتِي تَفْصِلُ الْبِطْرِيقَ الْجَرِيحَ عَنْ سَيَّارَةِ الإِسْعَافِ الَّتِي لا تَأْتِي ؟/ وَطَنٌ لِلأَزْهَارِ الْمَذْهُولَةِ لِلْبَرْقُوقِ وَالْقَصْدِيرِ وَالْحُلْمِ الشَّرِيدِ / جِلْدِي مُعَبَّدٌ بِالْيَانسُونِ الَّذِي لا يَخُونُ / وَمُمْتَدٌّ مِثْلَ الشَّوَارِعِ الْخَلْفِيَّةِ فِي الْمَرْفَأ الْمَنْبُوذِ / مِثْلَ ثِيَابِ الْمُمَرِّضَاتِ وَهُنَّ يَزْرَعْنَ الْحُقْنَةَ فِي جَبْهَةِ الْقَمَرِ / مُشَرَّدُونَ يَتَجَمَّعُونَ حَوْلَ الرَّحَى فِي مَوَاسِمِ الْحَصَادِ / إِنَّهَا بِلادٌ للشُّموعِ المسْحُوقةِ كأقراصِ الْفَلافِلِ قُرْبَ هَاوِيَةِ الصَّدَأ/ دَثِّرْنِي بِالْغُيُومِ / وَدَثِّرِ الْغُيُومَ بِأَشْكَالِ الْمَنَافِي/ إِنْ تَبْكِ تَهْزِم الصَّدَى /

     هِيَ حَبَّاتُ النَّدَى فِي أَفْوَاهِ التَّمَاسِيحِ / أَشْكَالُ عَرَقِي تَصُبُّ فِي الأَمَازُونِ / فَلا تَسْتَجْوِبْ يَا مَوْجُ حَفَّارَ قَبْرِي / إِنَّهُ مَشْغُولٌ بِشُرْبِ الشَّايِ الأَخْضَرِ عِنْدَ بَلُّوطِ الْهَذَيَانِ / أَتَيْتُ وَفِي أَجْفَانِي حَفْلُ زِفَافِ القَتيلاتِ / كُلُّ الأَنْهَارِ وَجْهٌ لِلنِّسْيَانِ / يَصُبُّهُ الارْتِعَاشُ فِي هُدُبِي الْمُسَافِرَةِ / حَزِينٌ كَأَنَّ دَمِي أُرْجُوحَةٌ خَالِيَةٌ / تَنْبَعِثُ مِنْ وَهَجِ الْغَمَامِ شَرَايِينُ الأَرْزِ / ولَمْ يَصِلِ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى بَرْقُوقِ الذَّاكِرَةِ / لأَنَّهُمْ أُهْزُوجَةُ الصَّحَارِي الْعَابِرَةِ فِي الأَغَانِي الْمُسْتَهْلَكَةِ /
     مَا أَنْتَ يَا قَلْبِي إِلا غَيْمَةٌ / تَجْلِسُ عَلَيْهَا أَسْمَاكُ النَّفْيِ وَالتَّشَرُّدِ/ عُدْ إِلَى اسْمِكَ يَا لَمَعَانَ الشَّاطِئِ / فَأَنَا طَرِيقِيَ الْمَارُّ عَلَى تُفَّاحَاتِ الْغَسَقِ / يَتَذَكَّرُنِي كُلُّ دَمٍ مَرَّ حِصَانَاً فِي قَاعِ الْمُحِيطِ / لا خُدُودِي شَظَايَا / وَلا زَهْرَةُ الْبَرْقِ دِينَامِيتُ / يَتَنَاوَلُ قَلَمُ الْحِبْرِ طَعَامَ الْغَدَاءِ فِي خَيْمَةِ الأَشْلاءِ / تَرَكَ النَّجَّارُ أَخْشَابَ الذِّكْرَى وَرَاءَ ظَهْرِهِ / وَمَاتَ قُرْبَ أَشْلائِي الْمُزْهِرَةِ جَوَّافَةً لِلْمُشَرَّدِينَ/ لِلْعَاصِفَةِ عَيْنَانِ تُطْبِقَانِ عَلَى الرَّصَاصَةِ/ إِنْ تَجْمَعِ النُّعَاسَ فِي كِيسٍ وَرَقِيٍّ / تَجِدْ رَأْسَ أَبِيكَ عَلَى طَائِرَةٍ وَرَقِيَّةٍ /
     مَا أَنَا إِلا أَنْتَ / مَرَايَا تَسْبَحُ فِي جَسَدِي الْمَصْلُوبِ / وَتَتَزَوَّجُ الْقَشَّ الأَحْمَرَ / يَجْلِسُونَ عَلَى الْمَنَادِيلِ الَّتِي عَبَرَتْ فِي مِينَاءِ الظَّهِيرَةِ / وَحَبَّاتُ الْحُمُّصِ تَصْعَدُ إِلَى خُدُودِي / تَرَكْتُ بِلادِي وَمَا فِيهَا مِنْ رُعُودٍ تَصْرُخُ فِي وَجْهِ الْغَرِيبِ / لَمْ يَعُدْ فِي صَوْتِي غَيْرُ مَدِينَةٍ / تَصْلُبُ إِوَزَّةَ الصُّرَاخِ / نَخْتَبِئُ فِي صَنَادِيقِ الْفَاكِهَةِ خَوْفَاً مِنْ أَحَادِيثِ جَدَّتِنَا عَنِ الأَغْرَابِ/ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي الْغَمَامِ الأَحْمَرِ / وَأَظَلُّ أَسْأَلُ ضَابِطَ الْمَخْفَرِ عَنْ دَمِي الضَّائعِ فِي القوارِبِ وَشِبَاكِ الصَّيْدِ /
     بِنْتٌ فِي عَيْنَيْهَا جَثَامِينُ الشُّهَدَاءِ / نَادَيْتُ عَلَى النُّمُورِ السَّابِحَةِ فِي الْغُرُوبِ / وَكَانَ الصَّدَى بِطِّيخَةً / يَتَجَمَّعُ حَوْلَهَا الْفَلاحُونَ وَالصَّيَّادُونَ فِي الْمَسَاءِ / أَيْنَ صَبَاحَاتِي ؟ / سَأَلْتُ كُلَّ أَوْحَالِ الْمَلاجِئِ وَالدُّرُوبِ / لَنْ تَجْتَمِعَ زُرْقَةُ شَعْرِ السِّنْدِيَانَةِ بِالْوُجُوهِ الْعَابِرَةِ خَلْفَ تَابُوتِ الْحَصَى / لَكَ الْمِرْآةُ نَزِيفَاً / والْمُشَرَّدونَ يُصَفِّقُونَ لِلْخَلِيفَةِ في الزُّقاقِ الجارِحِ / كُلُّ وَرْدَةٍ صَرْخَةٌ فِي قَفَصِي الصَّدْرِيِّ / وَجَاءَ الطُّوفَانُ مِنْ جِهَةِ الْتِقَاءِ الْغَرِيبِ بِالْغَرِيبِ / كُلُّنَا سَوْفَ نُسَجِّلُ أَسْمَاءَنَا عَلَى حِيطَانِ كُوخِ الْيَمَامِ / مَا مَضَى مِنْ أَشْلائِنَا يَظَلُّ يَتَذَكَّرُنَا / نَحْنُ الْمَنْسِيِّينَ فِي أَكْوَابِ الْحَلِيبِ الطَّازَجِ عَلَى مَوَائِدِ الأَثْرِيَاءِ / مَا مَضَى مِنْ ذِكْرَيَاتِنَا سَوْفَ يَنْسَانَا / نَحْنُ الْعَالِقِينَ عَلَى أَعْوَادِ الْمَشَانِقِ لأَنَّنَا غُرَبَاءُ / مَا بَصْمَةُ صَرْخَةِ الْجِبَالِ الْوَاقِعَةِ عَلَى أَعْنَاقِ الظِّبَاءِ ؟ / عَرَقٌ لَيْسَ كَعَرَقِ الْهِضَابِ الأَسِيرَةِ / وَحُلْمٌ لَيْسَ كَأَحْلامِ الْبِلادِ الْمُسَجَّلَةِ فِي دَوَاوِينِ الْخَرَاجِ /
     انْتَظِرْ أَيُّهَا الانْتِظَارُ / أُرِيدُ أَنْ أَتَحَدَّثَ مَعَ الطُّوفَانِ الَّذِي لا يَسْمَعُنِي / نَزِيفِي بُنْدُقِيَّةٌ نَسِيَهَا الْمُحَارِبُ فِي سَرِيرِهِ الْبَارِدِ / لا امْرَأَةٌ فِي دَمِي تَمْتَصُّ اكْتِئَابَ الْحَصَى وَلا أُهْزُوجَةٌ / عَبَرُوا فِي الشَّفَقِ لَحْظَةَ وِلادَةِ الْحُزْنِ الْقَسْرِيِّ / زَمَانٌ يَحْتَلُّ جِلْدِي/ وَالصَّدَفُ يَجْمَعُنِي عَلَى شَاطِئٍ سَقَطَ سَهْوَاً مِنْ خَارِطَةِ الدِّمَاءِ وَالْحُرُوبِ / ومَارِي أَنطوَانِيت لَمْ تَسْمَعْ نَحِيبَ الْفَتَيَاتِ الْمُغْتَصَبَاتِ فِي حَيِّ سَان أَنطوَانَ/ رَقْصَةُ الليْلَكِ الْمَذْبُوحَةُ عَلَى طَاوِلةِ الذُّعْرِ / فَاذْكُرِي الأَطْفَالَ اللقَطَاءَ يَا مَسَاءَاتِ الذَّبْحِ / كَمَا تَذْكُرِينَ مَقَاسَ أَحْذِيَةِ سَيِّدَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمُخْمَلِيِّ /
     كُلُّنَا رِعشَاتٌ لِلصَّاعِقَةِ / أُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي قَصْرِ فِرْسَايَ / سَقَطَتْ وَرْدَةٌ عَلَى ظِلِّ الْغِيَابِ / تَفْتَرِشُنِي أَقْبِيَةُ السَّرَابِ / فَأَنْهَضُ مِنْ صَحَارِينَا أُفَتِّشُ عَنْ سَرَايِيفُو بَيْنَ الرُّكَامِ / مَا السِّكِّينُ فِي مَطْبَخِ الأَنْقَاضِ إِلا تَارِيخُ زَهْرَةٍ تُحْتَضَرُ / أَحْضِرُوا جِلْدِي مِنَ الْمَسْلَخِ / وَلا تَضَعُوهُ عَلَى جَسَدِ ثَعْلَبٍ / وَطَنِي الْغَارِقَ فِي الصَّمْتِ الشَّمْسِيِّ الْبَسْنِي كَمَا أَنَا / أَبْحَثُ فِي قَامَاتِ الأَشْبَاحِ عَنْ ذِكْرَيَاتِ مَدِينَةٍ / كَانَتْ شُرْطِيَّةً تَحْرُسُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ / وَالأَنِينُ الَّذِي يَتَشَمَّسُ تَحْتَ مَقَاصِلِ الْعُشَّاقِ وَجْهُ مُقَاتِلٍ/ مَرَّ أَمَامَ بَابِ الْحُلْمِ / اسْتَجْوَبَنِي رِيشُ الْمُسَدَّسَاتِ / فَلُذْتُ بِالْمَوْجِ النَّائِمِ عَلَى حَافَّةِ الْبِئْرِ / صَمْتِي يَتَفَجَّرُ فِي الدُّرُوبِ / وَالنَّاسُ يَهْتِفُونَ لِمَوْكِبِ الذُّبَابِ الملَكِيِّ / يَدِي نَبْتَةٌ اقْطِفْهَا / وَازْرَعْهَا فِي ذَرَّاتِ الأُكْسُجِينِ فَوْقَ مُنْحَدَرَاتِ الدُّمُوعِ / وَرَوَابِي الْوَدَاعِ الأخيرِ / أَسِيرُ وَاثِقَاً مِنْ صَرْخَتِي إِلَى بَلْدَةٍ / لا تَعْتَرِفُ بِالْبَحَّارَةِ الرَّاجِعِينَ إِلَى نِسَائِهِمْ بِلا صَيْدٍ / وَالأَمِيرَةُ عَلَى شُرْفَةِ الْقَصْرِ / تُزِيلُ مِكْيَاجَهَا بِجُلُودِ الدَّلافِينِ الْيَتِيمَةِ /
     رَاكِضَاً فِي أَفْلاكِ الْكُمَّثْرَى / حَاضِنَاً مَوْتَ الأَشْجَارِ الْوَاقِفَةِ / أنا الطُّرُقَاتُ السَّاحِلِيَّةُ فِي أَجْسَادِ الْبَحَّارَةِ / لِي عُرْيُ الْمَسَافَاتِ وَلَيْمُونُ الْحِكَايَاتِ / وَجَدَّتِي تَقُصُّ عَلَيْنَا أَحْدَاثَ مَقْتَلِ أَبِي / كُنْ وَجْهاً سَابِعاً لِحَجَرِ نَرْدٍ / سَيأتي كَي يَغْتالَنا في حَدائقِ الوَهْمِ / وَالْجَائِعَاتُ يَمْضُغْنَ أَثْدَاءَهُنَّ فِي قَلْبِ الزَّمْهَرِيرِ /
     شَفْرَةُ المِقْصلةِ / وَشِيفرةُ المِشْنقةِ / رَأْسُ الْحُسَيْنِ يَدورُ / أَيُّهَا الطَّالِعُونَ مِنْ احْتِضَارَاتِ الْخَيْلِ / وَدِمَاءِ الْمُذَنَّبَاتِ فِي غُرَفِ الْقُصُورِ الْمُتَهَاوِيَةِ / لا مَكَانٌ لَكُمْ فِي رِئَةِ الشُّرُوقِ / وَجَاءَ شِتَاءُ الْمَقَابِرِ مُمْتَطِيَاً عَرَبَاتِ التُّوتِ / إِنَّ كَوَابِيسَ الْجِدَارِ سِحْنَةُ صَحْرَاءَ تَعُجُّ بِالْعُرُوقِ الْمَقْطُوعَةِ / رَقْمُ الْحَافِلَةِ الَّتِي سَتَنْقُلُ نُعوشَنا مَطْبُوعٌ عَلَى لُحُومِ الْمُسَافِرِينَ/ والعَرائسُ يَرْمِينَ السِّيليكونَ في الكُحْلِ البَرِّيِّ /
     حِيطانُ غُرْفتي تَقتربُ مِن جسدي السَّجينِ / أَموتُ في الذِّكرياتِ / وأعيشُ معَ بَراويزِ الذِّكرى / يا شَمْعاً يَذُوبُ على قُيودِ الأسرى / وَيُولَدُ في شَوْقِ النِّساءِ إلى القَتلى / عائشٌ أنا في غُرفِ الفنادقِ / مَقْتُولٌ في مرايا الغروبِ عِندَ نوافِذِ الرَّعْدِ / والجيوشُ البَدَوِيَّةُ تَقُودُ الأغنامَ إلى أقواسِ النَّصْرِ / وعِطْرُ الفَراشةِ يَدُلُّ النَّهرَ عَلى قَبْرِها/ أنظرُ في المِرآةِ وأسألُ / مَن هذا المقتولُ ؟ / خَطايا الأسْفَلْتِ أخطاءُ الشَّجرِ / مَن هذه المرأةُ التي تمشي بالكَعْبِ العالي في جِنازتي ؟ / الصَّوْتُ المذعورُ في جِلْدي / وَقْعُ أقدامِ الأنهارِ في عِظَامي / والعِشْقُ حَاجِزٌ أمنِيٌّ / فاكْرَهْني يا رَمْلَ البَحْرِ / كَي نَغْرَقَ مَعَاً /
     أيُّها البَحْرُ الأعْورُ/ لماذا تبكي في مَساءِ الزُّمردِ ؟/ كُلُّ الشُّطآنِ ضَاعَتْ/ وانتحرَ العُشَّاقُ/ ضَاعَت الدُّموعُ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ نبكي عَلَيْهِ / أرشيفٌ خَريفيٌّ لِلذِّكْرَيَاتِ السَّلِيبَةِ / والشُّعُوبُ تُفَتِّشُ عَنْ عَصَافِيرَ ذَهَبِيَّةٍ فِي سِلالِ الْقُمَامَةِ / جُثَّتِي الْمُضِيئَةُ تَنْصُبُهَا خِيَامُ الصَّنَوْبَرِ عَمُودَ كَهْرَبَاءَ / فِي الشَّارِعِ الْمُمْتَلِئِ بِرِجَالِ الأَمْنِ / انتِحَارَاتُ امْرَأَةٍ لا تَعْرِفُ مِنَ الْحَيَاةِ غَيْرَ فَتْحِ فَخْذَيْهَا لِزَوْجِهَا / رَأْسِي قِرْطٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي أُذُنِ الشَّجَرَةِ الْمُحْتَضِرةِ / دَخَلْتُ فِي مَوْتِيَ الْخَامِسِ / أَدْهَنُ حَنجرتي بالعَناكِبِ / فلا تُبايِعْني أيُّها الشَّاطئُ / كُلُّنا رِمالٌ / أنا الملِكُ المخْلُوعُ / أظافري المخلوعةُ عَرْشُ الضِّباعِ / وَعَرْشي جُمْجمةُ الحضَارةِ /
     إِنَّنَا الْمَنْفِيُّونَ عَلَى رُؤُوسِ جِبَالِ الْغَيْمِ / عَلَّمَتْنَا الْفَرَاشَةُ أَنْ نُصَادِقَ أَشْجَارَ الدُّمُوعِ / وَمَضَيْنَا إِلَى مُؤَلَّفَاتِ النِّسْرِينِ الْفَلْسَفِيَّةِ / نَحْنُ الْعَابِرِينَ فِي أَشْلائِنَا / دَفَعْنَا ثَمَنَ صَدَاقَةِ الْيَانسُونِ الْمُحَمَّصِ فِي مَسَاءٍ يَكْتَشِفُنَا مِنْ جَدِيدٍ / وَيُعِيدُ قَتْلَنَا مِنْ جَدِيدٍ / نَقْطِفُ آبارَ النِّفْطِ عَن الأغصانِ النَّازِفةِ/ ضَيَّعْنَا شَكْلَ مَذَابِحِنَا/ إِنَّهُ يَكْتَشِفُ آثَارَ أَصَابِعِنَا عَلَى خَاصِرَةِ الْخَرِيفِ / إِنْ تَبْذُرْ قَلْبِي فِي حَبَّاتِ الْمَطَرِ / تَحْصُدْ دِمَاءَ الْمَرَاعِي / أَشُقُّ طُحَالِي بِسَيْفِ الْقَافِيَةِ / فَامْنَعْ خُدُودَ الْبُرْكَانِ مِنِ اسْتِقْبَالِ دَمْعِنَا الْخَارِجِ عَلَى الْقَانُونِ / نُخَزِّنُ الْعَبَرَاتِ فِي أَكْيَاسٍ بِلاستِيكِيَّةٍ / حَتَّى تَكْفِيَنَا لِلسَّنَةِ الْقَادِمَةِ / قَدْ سَقَطَتْ دُمُوعُ الأَقْمَارِ فِي غِرْبَالِ الْجِرَاحِ / فَفَصَلَ الْغُرُوبُ الْمِلْحَ عَن مَاءِ البُكاءِ / لَوْ كَانَتْ رَصَاصَتِي الْوَحِيدَةُ فِيلاً / لَرَكَضْتُ فِي أَدْغَالِ الْفِكْرَةِ / لَكِنِّي الذَّبْحَةُ الصَّدْرِيَّةُ وَالصَّاعِقَةُ وَالْهَضَبَةُ وَالْغَيْمَةُ الْمَالِحَةُ .