09‏/08‏/2019

هواجس الطفل ذي اليد الواحدة / قصيدة

هواجس الطفل ذي اليد الواحدة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     تُبَدِّلُ حِبَالُ الْمَشَانِقِ جُلُودَهَا / كَمَا تُبَدِّلُ البَغايا أرقامَ هَوَاتِفِ الزَّبائنِ / الفُسْتُقُ على نَصْلِ المِقْصَلةِ / لا مَكَانِي قَصْدِيرٌ تَحْتَ مِظَلاتِ الْحُزْنِ / وَلا كُوخِي مُسْتَشْفَى وِلادَةٍ لِلدِّبَبَةِ الْقُطْبِيَّةِ / أَنْتِ الْعُشْبَةُ الطَّرِيدَةُ فِي كِتَابَاتِ الْمَعِدَةِ / فاضْحَكي مِثْلَمَا يَبْكِي مَا تَسَاقَطَ مِنْ أُنُوثَةِ الأَرْصِفَةِ / سَجَّلَ الْخَرُّوبُ الْمَقْلِيُّ اسْمَهُ الْبُرُونزِيَّ عَلَى شَوَاهِدِ قُبُورٍ مُخَصَّصَةٍ لِلْخُيُولِ/ مَسَائِي وَهَجُ التُّفَّاحِ آخِرَ الصَّيْفِ/ مُنْتَصَفُ الْمَرَاثِي أَلَقُ الطَّبَاشِيرِ الْمَارَّةِ كَالْقُلُوبِ الْمُسَيَّجَةِ بِالزَّرْنِيخِ/ وَذَهَبْنَا نَفْرُشُ مَعْنَى الْبَنَفْسَجِ عَلَى مَرَايَا الْمَصَاعِدِ الْمُعَطَّلَةِ / كُنْ قُمَاشَاً يَخِيطُ الإِبَرَ الصَّدِئَةَ قُرْبَ شِتَاءِ الدَّمْعِ / قَطَعْنَا خَاصِرَةَ الْبَحْرِ بِسِكِّينٍ قَدِيمةٍ / نَسِيَتْهَا الشَّمْسُ فِي مَطْبَخِ بَيْتِنَا فِي الأَنْدَلُسِ / لِمَاذَا تَلْتَصِقُ دَمْعَاتُ الْحُوتِ الأَزْرَقِ عَلَى قَبْرِ ابْنَةِ عَمِّي فِي قَشْتَالَةَ ؟ / أَضْرِحَةٌ يَبْنِيهَا الْعُشْبُ الْمُبْتَلُّ فِي خَدِّي الأَيْمَنِ / أَتَى الذُّبَابُ حَامِلاً فِي جُفُونِهِ مَا تَبَقَّى مِنْ قَلْبِ النَّسْرِ الْمَنْبُوذِ / لِلرِّعشَةِ أَحْصِنَةُ الْفِضَّةِ وَمَنَاجِلُ الْغُرَبَاءِ / يَلْتَقِي السِّيَانِيدُ بِوَالِدَيْهِ فِي مَقْهَى الْيُورَانيُومِ / الأَوْحَالُ تَمْشِي إِلَى تَلَّةٍ / فِي أَحْشَاءِ ثَعْلَبٍ مُجَرَّدٍ مِنْ جِنْسِيَّتِهِ / وَطَني هُوَ الكَابوسُ اللذيذُ / فانتظِرْني تَحْتَ أطيافِ الْخَنْجَرِ / انتَظَرَني التاريخُ حتى أُعْلِنَ مِشْنقتي شَمْساً / فابْنِ طَرِيقَاً مِنَ الْعَقِيقِ حَوْلَ الْبَلابِلِ / تَلْمَحْ مَوَاعِيدَ حَصَادِ أَجْسَادِ الْعَبِيدِ /
     فِي انْهِيَارَاتِ المطرِ اكتئابُ الياسَمين / أَرْمَلَةٌ تُضِيءُ مُعَسْكَرَاتِ النَّزِيفِ / فِي جَمَاجِمِ أَبْنَائِهَا الْخَاسِرِينَ / فِي الْحَرْبِ بَيْنَ الشَّمَالِ وَالْجَنُوبِ/ نَحْوَ الشَّمَالِ الدَّامِي يَرْكُضُ وَقْتُ الأَكْفَانِ / يُحَدِّقُ تِمْسَاحُ الزَّنْبَقِ فِي سَاعَةِ يَدِهِ / وَيَتَسَاءَلُ عَنْ مَوْعِدِ الْجَرِيمةِ / أَضَاعَت الْمُذَنَّبَاتُ حُبَّهَا الأَوَّلَ فِي الْجُرْحِ الثَّانِي / هَكَذَا تَصِيرُ حَيَاتُنَا كَوْمَةً مِنَ الأَرْقَامِ / وَتَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَمْ تُولَدْ / بَكَيْنَا حَاضِنِينَ أَسْمَاءَنَا وَتَوَابِيتَ أَجْدَادِنَا / إِنْ تَسْكُن الْعَاصِفَةُ نَرَ مَوْتَ العابِرِينَ إِلَى سُطُورٍ ذَابِلَةٍ / فِي الْكُتُبِ الَّتِي تُطَالِعُهَا رُفُوفُ الْمَكْتَبَةِ / لَيْسَ لأَبْجَدِيَّتِي نَهْرٌ أَوْ سُورٌ / كَانُوا يَحْفِرُونَ الأُنُوثَةَ فِي عُيُونِ الْقِطَطِ الضَّالَّةِ / وَعُمَّالُ النَّظَافَةِ يُصْدِرُونَ جَوَازَاتِ سَفَرٍ لِلصَّنَوْبَرِ الْبَحْرِيِّ / السَّفَرُ كُنْيَةُ الليْمُونَةِ وَفَاكِهَةُ الْغَرِيبِ / وَبَيْنَمَا كُنَّا نَمْشِي إِلَى جُمْجُمَةِ الْوَقْتِ / اصْطَدَمَتْ رُؤُوسُنَا الْمَقْطُوعَةُ بِأَسْلاكِ الْكَهْرَبَاءِ / فَارْتَعَشَت الْعَصَافِيرُ الَّتِي وَدَّعَت النِّسْرِينَ فِي مَحَطَّةِ الْقِطَارَاتِ / أَصْبَحْنَا صُوَرَاً خَرْسَاءَ فِي بَرَاوِيزَ / تَزَوَّجَهَا غُبَارُ أَشْرِطَةِ الأَفْلامِ الْوَثَائِقِيَّةِ / لَن أَبْكِيَ أَمَامَ ابْنَةِ عَمِّي لَكِنِّي بَكَيْتُ / لَن أَمْشِيَ إِلَى رَمْلِ الْمُحِيطَاتِ لَكِنِّي مَشَيْتُ/ لَن أَرْوِيَ قِصَّةَ اغْتِيَالِ الْيَنَابِيعِ لَكِنِّي رَوَيْتُ/ كُنْتُ الْغَرِيبَ يَوْمَ اكْتَحَلَتْ عَيْنَا النَّبْعِ بِرَمَادِ الأَجْنِحَةِ الْمُتَسَاقِطَةِ / فِي الْقَصَبَاتِ الْهَوَائِيَّةِ لِلْخَرِيفِ/ كُنْتُ الشَّاهِدَ عَلَى إِعْدَامِي الْمُتَكَرِّرِ / مِثْلَ أَلْوَانِ رَبطَاتِ الْعُنُقِ لِمُوَظَّفِي الدَّوْلَةِ / رَتَّبَ السَّوْسَنُ الْمَحْرُوقُ مَوْعِدَاً بَيْنَ الْفِيَلَةِ وَالأَلْغَامِ الْبَحْرِيَّةِ / لَكِنَّ الْغُرُوبَ مَا زَالَ يَنْمُو كَدُمُوعِي / فِي خُيُوطِ خُنْصُرِ الْوَحْلِ جَدْوَلانِ مِنَ الْعَقِيقِ وَالْبَجَعِ الْمَيِّتِ / اكْتَشَفَتْ أَقْمَارُ الأَلَمِ أَنَّ الْجُرْحَ زَوَّرَ بَعْضَ الأَوْرَاقِ الرَّسْمِيَّةِ/ سَوْفَ تَذْهَبُ الْوِدْيَانُ إِلَى الْجَامِعَةِ هَذَا الصَّبَاحَ / مُمْتَطِيَةً حِصَانَاً خَشَبِيَّاً / صَبَاحَاتِي مَسَاءُ الْكُمَّثْرَى وَتِلالُ الْقَلْبِ الطَّرِيدَةُ / بِلادِي الْوَاقِفَةَ عَلَى بَابِ ذِكْرَيَاتِي / حَرِّرِينِي مِنْ خَنَاجِرِ الْمَوْجِ الأَخْضَرِ / وَمَشَى الْخَرُّوبُ إِلَى حِضْنِ جَدَّتِهِ / فَأَيْنَ وَجْهُ جَدَّتِي الْمَصْلُوبَةِ عَلَى أَلْوَاحِ رِئَتِي ؟ / أَمْكِنَتِي تَجُرُّ عِظَامِي بِكَلِمَاتِ الرَّعْدِ/ غَطَّيْتُ عُيُونَ النَّوَارِسِ الذَّبِيحَةِ بِرِمَالِ جَبْهَةِ الْمُحِيطِ / يَرْوِي قِصَّتَنَا الآخَرُون / وَنَظَلُّ نَعُدُّ أَصَابِعَنَا فِي ظَلامِ مَحَطَّاتِ الْقِطَاراتِ خَوْفَاً مِنْ لُصُوصِ الآثَارِ وَالأَظَافِرِ / كَانَت الصَّحْرَاءُ تَجْلِسُ عَلَى مَقْعَدٍ مِنْ خَشَبِ الْمَرَاكِبِ الْغَارِقَةِ / وَتَضَعُ رِجْلاً عَلَى رِجْلٍ / وَزُجَاجُ مَكَاتِبِ الْمُوَظَّفِينَ يَبِيعُ السَّحْلَبَ لِلأَنْهَارِ الْمُشْتَاقَةِ إِلَى لَوْنِ النَّزِيفِ / وَالْهِضَابُ تَسْتَمِعُ إِلَى صِيَاحِ أَقْوَاسِ النَّصْرِ / عَلَى بَوَّابَاتِ الْمُدُنِ الْمَهْزُومَةِ / كُلُّنَا نَصْطَادُ آلامَنَا فِي جَوْفِ سَمَكَةِ الْخَوْفِ / كَأَنَّنِي فَتَحْتُ نُخَاعِي الشَّوْكِيَّ أَمَامَ سَمَكَةِ الْقِرْشِ / وَارْتَمَيْتُ عَلَى ظَهْرِ مُذَنَّبٍ عَابِرٍ فَوْقَ اسْمِي/ لا وَجْهِي عُشْبَةُ الْمَنْفِيِّين/ وَلا مُسَدَّسِي حَافِرُ بُحَيْرَةٍ /
     بَيْنَ وَجْهِي وَالْحُرُوفِ الْهِجَائِيَّةِ / يَنْبُتُ صُرَاخُ الأَرْزِ مِرْآةً لِلْغُرَبَاءِ السَّاكِنِينَ قُرْبَ انْتِحَارَاتِنَا / فَاسْمَعْ نَحِيبَ أَطْفَالِ الْبِئْرِ / واحْزَنْ عَلَى الرَّضِيعِ وَهُوَ يَمُوتُ فِي أَنفِ الرُّعْبِ / إِنَّ اسْمَ النَّعَامَةِ مَخَدَّتِي / فَاذْهَبُوا إِلَى حَيْثُ تَلْتَقِي أَسْلاكُ الْكَهْرَبَاءِ بِالأَسْلاكِ الشَّائِكَةِ حَوْلَ قَفَصِي الصَّدْرِيِّ / كُلَّمَا حَفَرَت الْغَابَةُ اسْمَهَا عَلَى عِظَامِ النَّهْرِ / تَسَاقَطَ الْمَاءُ مِنْ سُرَّةِ الْحُزْنِ وَتُفَّاحَةِ الْوَدَاعِ / سَنَابِكُ الارْتِعَاشِ وَاجِهَةُ النَّزْفِ الْقِرْمِيدِيِّ / هُنَاكَ حَيْثُ نَسِينَا وُجُوهَنَا تَحْتَ صُنْبُورِ الْمِيَاهِ / وَآخَيْنَا صَمْتَنَا الْحَجَرِيَّ /
     يَخْتَبِئُ الْحُوتُ الأَزْرَقُ دَاخِلَ مَحَارَةٍ فِي يَدِ طِفْلَةٍ/ قَطَفَ الذُّبَابُ الْمَلَكِيُّ ضَفَائِرَهَا/ يَا خَالِقِي / احْمِنِي مِنْ دَمِي الْمُلَوَّثِ بِظِلالِ التَّاجِ / وَخَرَجَ الْبُرْتُقَالُ الْمَنْفِيُّ مِنْ بَيَاتِهِ الشَّتَوِيِّ / حَفَرْنَا فِي أَوْدَاجِ الْحُلْمِ أَخَادِيدَ زَنْبَقٍ وَمَمَرَّاتِ شِتَاءٍ / سَمَّيْنَا مَوْسِمَ الْحَصَادِ بِأَسْمَاءِ الصَّوَاعِقِ / وَعَلَّقْنَا قَنَادِيلَ دَمْعِنَا فِي أَعْنَاقِ الْجِبَالِ الْمَارَّةِ فِي عَقَارِبِ السَّاعَةِ رِمَاحَاً / كَيْفَ سَتَلِدُ خَلِيَّةُ النَّحْلِ آبَارَ قُلُوبِنَا ؟ .