16‏/08‏/2019

الفتى الملتحي في عُرسه الأخير / قصيدة

الفتى الملتحي في عُرسه الأخير / قصيدة
( إلى القائد الرمز / شامل باساييف )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     مَشَتْ أَعْمِدَةُ الْكَهْرَبَاءِ إِلَى أُغْنِيَاتِي / تَغُوصُ سَنَابِلُ الْجَسَدِ الْمُحْتَرِقِ فِي الضَّوْءِ الْعَمِيقِ / مِثْلَمَا تَغُوصُ رَوَاتِبُ الْمُوَظَّفَاتِ فِي حُفْرَةِ الْمِكْيَاجِ/ لَنْ أَعُودَ إِلَى قَلْبِ الْحَمَامَةِ الَّذِي طُرِدْتُ مِنْهُ / دِيمقراطيةُ نِقَابَةِ بَنَاتِ الليلِ / دَفَنُوا النِّفَاياتِ النَّوويةَ فِي جُثَّتي / لَكِنِّي أَنْتَعِلُ ذِكْرَيَاتِ سُعَالِ الْغُزَاةِ / أَخْلَعُ صِفَاتِي وَأُبَعْثِرُهَا انْقِلابَاتٍ / وَأَلْجَأُ إِلَى صِفَاتِ اللهِ /
     سَأُعَلِّمُ الْمَوْجَ كَيْفَ يَنَامُ بِلا حُبُوبٍ مُهَدِّئَةٍ / يَسْرِقُونَ طُفُولَةَ قَمْحِنَا / وَيَحْقِنُونَنَا بِقَمْحِهم المسمومِ / حَاوِلْ أَنْ تَشْعُرَ بِآلامِ الْوِلادَةِ لِزَوْرَقِي الَّذِي قَصَفُوهُ / وَالْمُسْتَشْفَيَاتُ الْمَهْجُورَةُ فِي جَسَدِ الْبَلُّوطِ خَلَتْ مِنَ الْمَرْضَى / وَصَارَتْ دَهْشَةً لِلْكِلابِ الشَّرِيدَةِ / كُونِي أَجْمَلَ مِنَ الأَسْلاكِ الشَّائِكَةِ / أَجْمَلَ مِنْ غَيْمَةٍ تَتَّكِئُ عَلَى ضِحْكَةِ خَنْجَرِي / أَجْمَلَ مِنْ فُرْشَاةِ أَسْنَانِي / الَّتِي تَكْشِفُ أَسْرَارِي لِلاسْتِخْبَارَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ /
     وَفِي السَّحَرِ أَغْتَسِلُ بِغَضَبِ الْمَجَرَّاتِ / وَالْفِرِنْجَةُ يَرْكُضُونَ إِلَى شَوَاهِدِ قُبُورِهم في مَنَاجِمِ الْفَحْمِ/ وَيُحَارِبُونَ الضَّوْءَ فِي جُلُودِنَا/ وَنِسَاؤُهُمْ يُقَلِّبْنَ الْخِيَانَاتِ الزَّوْجِيَّةَ كَأَوْرَاقِ التَّقْوِيمِ السَّنَوِيِّ/ إِسْلامُنَا ثَوْرَتِي السَّرْمَدِيَّةُ / الضَّوْءُ الْمَاسِحُ / الانقلابُ الكَوْنِيُّ / إِنَّهُ دِينِي وَوَطَنِي وَأَبِي وَأُمِّي وَجِنْسِيَّتِي / أَنَا قَاهِرُ اكْتِئَابِ كُلِّ هَذَا الغُبَارِ/ القَمَرُ الصَّاعِدُ مِنْ نُخَاعِ الدَّمَارِ/ لأَنْحِتَ لَفْظَ الْجَلالَةِ عَلَى جَبِينِ النَّهَارِ/ فَاخْلَعْ مِنْ طَوَاحِينِ الدَّمْعِ مُسَدَّسَاتِ النَّمْلِ السَّائِرِ عَلَى سِكَّةِ الْحَدِيدِ / وَتَذَكَّرْنِي أَنَا الزِّلْزَالُ الْمُنْتَشِرُ كَالإِجَاصِ / مِنَ الْوَرِيدِ إِلَى الْوَرِيدِ /
     تَلَطَّخَتْ يَدَا الشَّلالِ بِدِمَاءِ الزَّيْتُونِ الأَعْزَلِ / يَا رُعُودَ الْجَسَدِ الْفُسْتُقِيِّ / لا تُضَيِّعِي وَقْتَكِ فِي رِثَائِي / لِلثَّلْجِ الْوَحِيدِ رِثَاءُ الْمَدَى / وَلَنَا فُتُوحَاتُ النُّمُورِ لأَنَّنِي رِمَاحُ النِّسْرين فِي رَقَبَةِ هُبَلَ / وَاسْتِشْهَادِي تَحْمِلُهُ السَّنَابِلُ صَقْرَاً / يَقْتَنِصُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَمِيصِ الْغَابَةِ / بِعْتُ ظِلِّي لأُسَدِّدَ دُيُونَ قَلْبِي / نَخْلَةٌ زُفَّتْ إِلَى قَاتِلِهَا الْوَسِيمِ / لا تُنْفِقْ رَاتِبَكَ عَلَى الطَّبِيبِ النَّفْسِيِّ / لأَنَّ بُنْدُقِيَّتي مُمَرِّضَتِي / تُفَجِّرُ ظِلَّ الغاباتِ تَحْتَ أظافري /
     لِمَاذَا تُوَزِّعُ الْمَلِكَةُ إِلِيزَابِيثُ الصِّفْرِيَّةُ الْحَلْوَى الْمَمْزُوجَةَ بِالْويسكي عَلَى الرَّاقِصِينَ احْتِفَالاً بِمَصْرَعِي ؟ / لَهُمْ انْتِحَارَاتُ الدُّودِ / وَاحْتِضَارُ زُجَاجِ الْكَاتِدْرَائِيَّاتِ / وَالشُّهَدَاءُ حَذَفُوا الْمَوْتَ مِنْ قَامُوسِهِمْ / أُبَدِّلُ رَصَاصَاتِ أَمْعَائِي الانْفِصَالِيَّةِ / مِثْلَمَا تُبَدِّلُ الأَرُسْتُقْرَاطِيَّاتُ سَيَّارَاتِ الْمَرْسِيدس /
     تَقَمَّصَتْكَ الصَّحَارِي/ فَلْتَكُنْ سَيْبِيريا خُنْصُرَ الْمَسَافَةِ الصَّاعِدَةِ/ وَالتُّفاحُ الْمُتَمَرِّدُ يَنْتَظِرُ الْبَاصَ عَلَى أَسْلاكِ الْكَهْرَبَاءِ / وَفِي صَالَةِ الرَّقْصِ مُرَاهِقَةٌ تَنْتَظِرُ انْتِحَارَهَا بِفَارِغِ الصَّبْرِ / الْغُيُومُ تَكْتَحِلُ بِعَرَقِ الأَنْبِيَاءِ / وَالْقَتَلَةُ يَقُومُونَ بِوَاجِبِهِم الْقَوْمِيِّ فِي بَرْلَمَانِ الْقَنَافِذِ / أَلْغِ الشَّرْعِيَّةَ الدَّوْلِيَّةَ / وَكُنْ أَنْتَ الشَّرْعِيَّةَ الدَّوْلِيَّةَ / أَلْغِ الْمُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ/ وَكُنْ أَنْتَ الْمُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ/ اشْطُبْ حُكُومَةَ الرَّمْلِ/ وَكُنْ حُكُومَةَ الْبَارُودِ/ أَلْغِ دُسْتُورَ الْبَغَايَا فِي أَزِقَّةِ مُوسكُو / وَارْفَعِ الْقُرْآنَ دُسْتُورَاً/ وَعِظَامَكَ رَايةً لأَعْشَابِ الصَّلِيلِ / أَعْمَلُ عِنْدَ مُخَيِّلَةِ الْمَوْجِ سَائِقَاً / وأنا الحارِسُ الشَّخْصِيُّ للأمواجِ / وَفِي لَيْلَةِ الدُّخْلَةِ يَكْتُبُ الْوَحْلُ اسْتِقَالَتَهُ مِن تاريخِ الرِّياحِ/ سَلَّمْتُ قَلْبِي لِلشَّمْسِ الثائرةِ / وَابْتَعَدْتُ عَنْ ذِكْرَيَاتِ جَارَتِي / تَبَرَّعْتُ بِأَعْضَائِي لِلشَّفَقِ الْهَادِرِ / لَكِنَّ الصَّنَوْبَرَ نَشَرَ أَسْرَارَ الأسمنتِ عَلَى سَاعَةِ يَدِي /
     كِلابٌ بَشَرِيَّةٌ تُعْلِنُ الْحَرْبَ عَلَى اللهِ / يَحْكُمُونَ بِاسْمِ الشَّيْطَانِ / وَيَظُنُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَلائِكَةَ / مَنْ سَيَذْكُرُ الأَعْزَبَ الَّذِي يَرْثِي زَوْجَتَهُ الثَّائِرَةَ ؟ / وَفِي مَعِدَةِ الزَّرْنِيخِ امْرَأَةٌ تَرْمِي أُنُوثَتَهَا / عَلَى بَضَائِعِ الْبَاعَةِ الْمُتَجَوِّلِينَ / هُوَ الأَمْسُ مِينَاءُ انْفِجَارِ الْكَلِمَةِ / وَلِلرَّجْفَةِ عُيُونُ ذِئْبَةِ الْخَرِيرِ خَلْفَ الزُّجَاجِ الأَسْوَدِ / كُلُّ هَذَا الْجَمَالِ يَا لاعباتِ التِّنسِ ذَهَبَ إِلَى الشُّموعِ الْمُطْفأةِ /
     أَكْتُبُ انْدِفَاعَ الْفُهُودِ بِمُسَدَّسِي / أَكْتُبُ بِالسَّيْفِ الضَّوْئِيِّ / وَصَوْتِي جُرُوحٌ مَنْقُوعَةٌ فِي زَوَاجِ الْمِلْحِ الشَّرِسِ / وَجِرْذَانُ حَيِّ سَان أنطوان تَقْضِمُ ذِئَابَ مِكْيَاجِ مَارِي أنطوانيت / يَشْعُرُ الْقِرْمِيدُ بِسَرَيَانِ السُّمِّ فِي جَسَدِهِ النَّارِيِّ /
     أُمَرَاءُ الْحَرْبِ / وَزَوْجَاتُ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ / وَلاعِبَاتُ التِّنِسِ الأَرْضِيِّ / وَشَرِيعَةُ الدَّبَّابَةِ / وَالْهَزِيمةُ الْمَنْقُوعَةُ فِي الْفُودكا الدَّمَوِيَّةِ / وَنِسَاءُ سَان بُطْرُسْبُرْغَ الْمُكْتَئِبَاتُ فِي سُوقِ النِّخَاسَةِ / سَأَنْفُخُ فِي هَذَا الثَّلْجِ الأُفُقِيِّ / لأُصَفِّيَهُ مِنَ الْغُزَاةِ / وَيَرْمِي الرَّمَادُ الأَبْيَضُ جُنُونَهُ عَلَى الْمِرْوَحِيَّاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ / فَيُصْبِحُ أَكْثَرَ عَقْلانِيَّةً أَكْثَرَ اشْتِعَالاً /
     الأَمْوَاجُ الْمَنْسِيَّةُ فِي جَوَازِ سَفَرِ الصَّنَوْبَرِ هِيَ اشْتعالاتي / وَسَوْسَنَةُ رِئَتِي تَوَّاقَةٌ لِشَرَارَةِ الْمُسْتَحِيلِ / فَرَاشَاتِي الْمُسَلَّحَةُ بِالْمَاءِ اسْتِحْوَاذُ الْعَنَاصِرِ عَلَى عُرُوقِي الْمُفَخَّخَةِ / أَنَا الْعُنْصُرُ الضَّوْئِيُّ الْمُتَشَظِّي إِلَى سَنَابِلَ وَدِيناميت / اسْمِي طَرِيقُ الرَّعْدِ وَصِدْقُ وُعُودِ الشَّمْسِ /
     أَيُّها الْبُرْكَانُ / أَحْضِرْ لِي كُوبَاً مِنَ الثَّوْرَةِ مَعَ مِلْعَقَةِ سُكَّرٍ / هُوَ جَسَدِي صُوَرُ الأَمْوَاجِ الْفُسْفُورِيَّةِ / وَالأَكْوَانُ أَشْبَاحٌ مَقْهُورَةٌ تَحْتَ مَجْدِ الإِلَهِ/ بَيْنِي وَبَيْنَ قَلْبِي خَنْدَقٌ لَوْزِيٌّ / يَتَحَصَّنُ فِيهِ الثُّوَّارُ وَعَنَاصِرُ الْقَمَرِ / الْبَارُودُ أَخِي غَيْرُ الشَّقِيقِ / لَكِنَّنَا فِي الْقِتَالِ شَقِيقَانِ.