07‏/09‏/2019

مكياج خفيف لمجرمة الحرب / قصيدة

مكياج خفيف لمجرمة الحرب / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     خُذْ دَمِي وَرْدةَ الطوفان/ يَا حَفَّارَ قَلْبي في الشِّتاءِ الفِضِّي / ولا تَعْبُر الذِّكْرياتِ الجافةَ كأعشابِ الرِّئةِ الثالثةِ / هذا أنا / جَسَدٌ مِن الأسلاكِ الشَّائكة / فَاشْكُر البَاعةَ المتجوِّلين / الذين يَسْحَبُونَ تابوتي مِن مُسْتنقعِ الذَّاكرة / وَاشْكُرْ عُمَّالَ النَّظافةِ / الذين يَنْتَشِلُونَ جُثَّتي مِنْ حُفَرِ المجاري /
     يا كُلَّ البنادقِ التي يَرْضَعُ مِنْها النَّسرُ الجريحُ / ما لونُ الدَّمِ المنثورِ في بَراميل النفط ؟ / لم يَعْرِفْني مَرْفأُ المطرِ المعلَّبِ / في الشَّرايين العسكريةِ / عُدْتُ مِنَ الْمَعْرَكَةِ مُنْتَصِرَاً/ لَكِنِّي لَمْ أَجِد امْرَأَةً تَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهَا/ عُدْتُ مِن القِتالِ مُنتصِراً / أَجُرُّ ضَريحَ البحيرةِ / لكنِّي لم أَجِدْ ضَابِطَ مُخابراتٍ / لألعبَ مَعَهُ الشِّطْرَنجَ /
     إنني عُزلةُ رياحِ الخمَاسين / فلا تَجْرَحْ مَشاعرَ صحرائي / خارجَ هُوِيَّةِ السُّيول/ يا امرأةً تُوقِفُ سيارةَ المرسيدس / أمامَ ضِحْكةِ بُنْدقيتي / وتقرأُ الفاتحةَ أمامَ شَاهِدِ قَبْري / إِنَّ الفيضانَ هو المتحدِّثُ الرسميُّ باسْمِ جُفوني / فلا تَحْزَنْ على حُزْنِ الأسفلتِ الوحيد / إِنَّ عِنَبَ الخليلِ هُوَ الجناحُ السياسيُّ للمطر / وبُرْتقالَ يافا هُوَ الجناحُ العسكريُّ للبَحر /
     والغُرباءُ يَحْتَفِلُونَ بالغرباءِ في مَعِدةِ الرُّعْبِ / كأنَّ نَزِيفَ النَّهرِ حُمْرةُ مِكْياجِ سَيِّدةِ الغُبار / دُبْلوماسيةُ صَانعةِ التَّوابيتِ مِن خَشَبِ الصَّنْدل / والبَارودُ غُرْفَةُ نَوْمِ اليَمام / فَامْنَحْ أَرَقَ الشُّطآنِ رَصاصةَ الذِّكْريات / وَحْدَها الألغامُ الشَّاهِدةُ على قِصَّةِ حُبِّنا مع المرايا /
     أيتها الحضارةُ التي تَحْفِرُ قَبْرَها بَيْنَ ثَدْيَيْها / سيظلُّ الموتُ حيَّاً في عُيونِ الفَراشاتِ / بَراميلُ البارودِ مَحْمُولةٌ على أجنحةِ الذبابِ / أشتاقُ إلى صَوْتِ أبي في شَرايينِ الموْجِ / أركضُ إلى صُورةِ أُمي المنثورةِ في جَسَدِ الفَجْرِ / مَوْتي هُوَ حياتي / وحياتي هِيَ مَوْتي / والضِّباعُ تُبْعِدُ النسورَ عَن جُثماني /
     أنا تاريخُ ثورةِ اليَاسَمين / وآخرُ رَجُلٍ تَعْشَقُني البحيرةُ اليتيمةُ / فَإِنْ بَاعُوا جُمْجمتي في السُّوق السَّوداءِ / فَقُلْ لِنَجْمةِ القُوقازِ / إنني لم أَرْفَع الرَّايةَ البيضاءَ .