03‏/09‏/2019

مجزرة الفلوجة العراقية / قصيدة

مجزرة الفلوجة العراقية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

     جُنْدِيٌّ أَمْرِيكِيٌّ يُهَرْوِلُ فِي شَرِيعَةِ الإِبَادَةِ / كَطِفْلٍ يَرْكُضُ إِلَى أَحْضَانِ أُمِّهِ / الَّتِي تَخُونُ أَبَاهُ / اقْتُلْ حُلْمَ الأَطْفَالِ / وَاحْرِقْ هَذِهِ الأَرْضَ / مِثْلَمَا يَأْمُرُكَ إِنجيلُكَ / الذي يَقْتُلُ فِيكَ النَّبْضَ / أَيُّهَا الْغُزَاةُ الْخَارِجُونَ مِنْ خَشَبِ التَّوَابِيتِ الْكِلاسِيكِيَّةِ / رَكِّزُوا فِي التَّحَرُّشِ الْجِنْسِيِّ فِي بِلادِكُمْ / وَلَمْلِمُوا زَوْجَاتِكُمُ الْخَائِنَاتِ فِي الْمَسَابِحِ الْمُخْتَلَطَةِ / وَسَنُرَكِّزُ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ لَكُمْ /
     أَسْمَعُ الأَذَانَ فَوْقَ أَبْرَاجِ الْفَاتِيكَان / فَيَا زُجَاجَاتِ النَّبِيذِ فِي أَحْضَانِ أَمِيرَاتِ مُونَاكُو / انْكَسِرِي كأجراسِ كَنائسِ القُرونِ الوُسْطى / لأَنَّ عِنَبَ الْجَزَائِرِ ظِلالُ الْمُحَجَّبَاتِ / لا ظِلالُ الْمُرَاهِقَاتِ الْحَوَامِلِ فِي مَدَارِسِ بَارِيس / زُورِينِي يَا أُمِّي فِي مَكْتَبِي / عَلَى كَوْكَبِ زُحَلَ /
     إِذَا أَعْدَمُونِي يَا خَطِيبَتِي / فَلا تَبْكِي عَلَيَّ / وَاسْتَعِدِّي لِلزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِي ! / لا تُهَرْوِلْ فِي دَمِي يَا قَاتِلِي / يَا مُذِيعَةً تَفْتَحُ ثَدْيَيْهَا / وَتَصُبُّ حَلِيبَهَا عَلَى شَاشَةِ الْمَارِيجوَانَا / أَنْتِ أَجْمَلُ أَقْنِعَةِ الْكِلابِ الْبُولِيسِيَّةِ / فَرَكِّزِي فِي الْجِمَاعِ كَحُبُوبِ الْهَلْوَسَةِ / القَمرُ النَّازفُ تَاريخٌ لِلْمَشَانقِ النَّاعمةِ / وَجَسَدي بَلاطٌ لِلْمَخْفَرِ المهجورِ/ يَا بُرْتُقَالاً عَائِشَاً فِي جَسَدِي الْمَحْصُورِ / بَيْنَ الْمَطَاعِمِ الشَّعْبِيَّةِ وَغُرَفِ الْفَنَادِقِ الرَّخِيصَةِ / أَيُّهَا الْعَدَمُ الْمُسَيَّجُ بِانْتِحَارِ رَاهِبَةٍ حُبْلَى/ أنا مِنْدِيلُ خَطِيبَتِي الثَّائِرُ جَنُوبَ عُطَارِد/ سَتُصْبِحُ مَشاعرُ الصَّحراءِ رَقيقةً/ عِندما تُصْبِحُ أكفانُ النِّساءِ مِنَ القَصْديرِ / وَيَصيرُ نَعْشي مِن خَشَبِ البَلُّوطِ/ فَلْتَكُنْ مِشْنقتي تُفاحةً / صَاعِداً مِن أطيافِ الموتى/ شَبَحي هُوَ الآكِلُ / وَالعُشْبُ الطالعُ مِن شَرَاييني هُوَ المأكولُ / أَخْشَى يَا قَمَرِي أَنْ تَأْتِيَ بَغَايَا بُطْرُسْبُرْغَ / لِيُلْقِينَ عَلَيَّ مُحَاضَرَاتٍ فِي الْفِقْهِ الشَّافِعِيِّ / إِذَا كَانَ الْقَمْحُ أَمْرِيكِيَّاً / فَاخْلَعْ مَعِدَتَكَ كَالْمِعْطَفِ الشَّتَوِيِّ / وَاخْلَعْ أَنْفَ أَمِرِيكَا كَالْجَوَارِبِ النِّسَائِيَّةِ / بُقَعُ نِفْطٍ عَلَى جَسَدِ الْحُزْنِ الْمَصْلُوبِ /
     لَوِ انْتَظَرَتْنِي فِي الْمَطْعَمِ خَطِيبَتِي / سَيَطُولُ انْتِظَارُهَا / لأَنِّي لَنْ أَعُودَ مِنَ الْمَعَارِكِ / قِطَارِي لا يَصِلُ أَبَدَاً / فَلا تُضَيِّعِي وَقْتَكِ فِي انْتِظَارِي / عَلَى مَقَاعِدِ الْمَحَطَّةِ / زَرَعُوا أَعْوَادَ الْمَشَانِقِ فِي الْمَلابِسِ الدَّاخِلِيَّةِ لِلسُّجَنَاءِ / لَوْ كُنْتُ هُنَا لَكُنْتُ هُنَاكَ / لَوْ كُنْتُ مِرْآتِي لَكُنْتُ غَيْرِي / مُقَاتِلٌ أَنَا حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ / وأنا قِيامةُ الأجسادِ المصْلوبةِ/ أنا قِيامةُ السُّيوفِ المكسورةِ / وَالنِّسَاءُ اللوَاتِي أَحْبَبْتُهُنَّ وَتَزَوَّجْنَ غَيْرِي / سَيَعْرِفْنَ مَكَانَ قَبْرِي بِدِقَّةٍ /
     أَظَلُّ أَغْزِلُ جِرَاحِي رَصَاصَاً/ وَأَكْوَاخَاً لاسْتِرَاحَةِ الثُّوَّار / أَنَا الأَرَقُ الصَّحْرَاوِيُّ/ أَظَلُّ أَدُورُ فِي أَزِقَّةِ الشَّفَقِ / أُوَزِّعُ الطَّعَامَ وَالذَّخِيرَةَ عَلَى جُنُودِنَا / فِي خَنَادِقِ الأَعَاصِيرِ / لَمْ أَشْرَح النَّظَرِيَّةَ النِّسْبِيَّةَ لِمُومِسَاتِ رُوما/ وَلَمْ أَرْمِ تَارِيخِي فِي الْمَسَابِحِ الْمُخْتَلَطَةِ / زَوْجَتِي الْبُنْدُقِيَّةُ / وَعُشْبُ المقابِرِ صِهْرِي / ولَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ حُبِّ جَارَتِنَا غَيْرَ مُضَادَّاتِ الاكْتِئَابِ / والرصيفُ يَسْكَرُ بِدَمْعي / فاسْكَرْ بِدَمي / قَد دَارَ حَبْلُ مِشْنقتي قَبْلَ أن تَدورَ الكؤوسُ/(( يَا رَبِّ! قَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ وَهَدَمُوا مَذَابِحَكَ وَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي وَهُمْ يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِي )) .
     الصَّلِيبُ الْمَكْسُورُ عِنْدَ حَافَّةِ أُغْنِيَاتِ الدَّمِ الْبَنَفْسَجِيِّ / اتْرُكِينِي يَا سَنَاجِبُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَحِيدَاً/ وَاذْهَبِي لِمُشَاهَدَةِ مُبَارَيَاتِ كُرَةِ الْقَدَمِ / عَرَقُ رَاقِصَاتِ الْفِلامنغُو عَلَى الْمَسْرَحِ الْخَطَأ / عَانَقَ الْحَيَوَانُ الْمَنَوِيُّ الْبُوَيْضَةَ فِي سَاعَةِ نَحْسٍ / فَانْبَثَقَ كِتَابُ غُبَارِ الْحَدَائِقِ الْمَيْتَةِ/ وَحْدَهَا جَمَاجِمُ آبَائِي الْمَشْنُوقِين / مَنْ سَتَتَنَاوَلُ الْعَشَاءَ الأخيرَ مَعِي / فِي ذَلِكَ الْمَسَاءِ الرِّيفِيِّ / لَسْتُ أَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِي/ لأَني لا أَعْتَرِفُ بِالْمُلُوكِ/ وَمَجْدِي هُوَ لَحْدِي السَّحِيقُ / أَوْ ذِكْرَيَاتُ شِيشَانِيَّةٍ / تَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ أمامَ قَبْري / فِي ضَبَابِ غُروزنِي /
     يَا أَيُّهَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي يَبِيعُ حَلِيبَ زَوْجَتِهِ / لِيَشْتَرِيَ جَائِزَةَ نُوبِل / أَنَا الإِعْصَارُ يَبْلَعُ جُيُوشَ الصَّلِيبِ فِي وَسَطِ الْمُحِيطِ/ الْهَثْ أَيُّهَا الْحَاكِمُ فِي تُفَّاحَاتِ الأَلَمِنْيُومِ / يَا كَبِيرَ الْمُهَرِّجِينَ فِي السِّيركِ الْمُحْتَرِقِ / اكْتُبْ دُسْتُورَ شَرْعِيَّةِ الْبَغَايَا بِجُثَثِ الْمُتَسَوِّلِين / زَيِّنْ صَدْرَ زَوْجَتِكَ بِجُنُونِ الْمُخْبِرِين/ مَارِسْ هِوَايَتَكَ فِي الْحَجِّ إِلَى أَمِرِيكَا قِنَاعِ الأَعْوَرِ الدَّجَّالِ/ أَرَى مُرْتَدَّاً يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ عَلَى قَبْرِ الْمُرْتَدِّ /
     سَيَأتي يَوْمٌ يَموتُ فِيهِ الْحُبُّ / أخافُ مِن ذَلِكَ اليَوْمِ/ لكني أنتظرُ قُدُومَهُ / إنَّهُ الانتظارُ القاتلُ / أموتُ قَبْلَ الموتِ / أموتُ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَمْساً / فلا تَكْرَهْني يا أبي / إِنَّ الشمسَ سَتُطالِبُ بِدَمي /
     جُنُودٌ يَحْمِلُونَ تَوَابِيتَ رِفَاقِهِم / وَيَتَزَوَّجُونَ صَهِيلَ الْخَشَبِ / لا أَنَا يُوسُفُ / ولا امْرَأَةُ الْعَزِيزِ سَتُعْجَبُ بِثِيَابِي الرَّثَّةِ / دَمُ الْفِئْرَانِ الأَثَرِيُّ يَطُوفُ حَوْلَ مِسْمَارِ النِّسْيَانِ / فَعِشْ تَعَالِيمَ جُرْحِكَ / لِئَلا تَعِيشَ جِرَاحَ الْمَطَرِ الْيَابِسِ / فَلَمْ يَبْقَ فِي الليْلِ غَيْرُ النَّهَارِ / سَنَبِيعُ الْوَطَنَ لِنَشْتَرِيَ فَسَاتِينَ السَّهْرَةِ لِنِسَائِنَا / سَامِحْنِي أَيُّهَا الْمَوْتُ الشَّقِيقُ / لأَنَّكَ عَرَفْتَ شَخْصَاً تافهاً مِثْلِي / قُتِلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ / فَيَا إِلَهِي أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ لأَشْرَبَ .