13‏/09‏/2019

احتضارات نخَّاس فقد الثقة بالجواري / قصيدة

احتضارات نخَّاس فقد الثقة بالجواري / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     يَا وَحيدُ/ لا امرأةٌ تتزَيَّنُ لَكَ في لَيالي الكُوليرا/ وَلا فَرَاشةٌ تتذكرُ عِيدَ مِيلادِكَ/ قَلَقُ السَّبايا قَبْلَ أن يُجَامِعَهُنَّ الخليفةُ / وَالماضي يَفترسُ صُدورَ الزَّوْجاتِ الخائناتِ كَسَرَطَانِ الثَّدْيِ / وَالدَّمُ لا يَنامُ / عَلَّمَني الرَّعْدُ النِّجارةَ / لأصنعَ توابيتَ السُّنونو في الشِّتاءِ السَّحيقِ / وَذَلِكَ المنبوذُ هُوَ أنا / أسْحَقُ قَلْبي لأكتشفَ أطيافَ الموتى قُرْبَ أغصانِ الشَّجَرِ / لم أصْهَرْ رُوحي في مِيكانيكا الجِنْسِ / فَسَامِحْني يا قِرْميدَ أكواخِ النَّزيفِ / أركضُ في دِمائي بِلا تاريخٍ / وجِلْدي أحافيرُ الذِّكرياتِ / وبُكائي يُوازي بُكاءَ اليمامِ / يَحْمِلُ الذُّبابُ على أجنحَتِهِ بَراميلَ النِّفْطِ / والجرادُ يُزَيِّنُ أوعيتي الدَّمويةَ / رَحَلَت الأضرحةُ مِن خَريفِ العُشَّاقِ إلى الرُّسومِ المتحرِّكةِ / كَما تَرْحَلُ القُلوبُ إلى القُلوبِ / وَدِمَاءُ البُحيرةِ العَرْجاءِ يَضْرِبُ زُجاجَ الكنائسِ الْمُلَوَّنَ / ولم يَعْرِفْ هُوِيَّةَ جُثتي سِوى السَّائحاتِ في مُدُنِ النِّسيانِ / أعضائي تتساقطُ مِثْلَ قِلاعِ القُرونِ الوُسْطَى / وجُثتي مُلْقاةٌ على أرضِ المعركةِ / وَجُثثُ الفَتَياتِ مَنْسِيَّةٌ في صَالةِ السِّينما الْمُعْتِمَةِ/ وَالقُبورُ مُسْتَوْدَعَاتُ أسرارِ النِّساءِ / إِنَّ الموْتَ قَد زَرَعَني/ وَهُوَ الذي سَيَحْصُدُني / وَخُدُودُ الفَتَياتِ أيقوناتٌ مَكْسُورةٌ في غُرفةِ الاعترافِ / وَعُلبةُ المِكْياجِ مُسْتَوْدَعٌ لِدَمِ الحيْضِ / وفي شَوارعِ رِئتي حَرْبُ عِصَاباتٍ /
     أركضُ في غاباتِ الكَهْرمانِ خائفاً / أسمعُ صَوْتَ دِمائي يأتي مِن أغصانِ المطرِ / وأرى الجرادَ يَأكلُ عِظامي / والبَرْقُ يَزرعُ المقاصلَ في حَبَّاتِ الياقوتِ / أنا في سِباقٍ معَ الانتحارِ / أسْبِقُ حَبْلَ مِشْنقتي حِيناً / ويَسْبِقُني حَبْلُ مِشْنقتي حِيناً / وفي كُلِّ الأحيانِ أنا القَتيلُ الْمَنْسِيُّ / تَموتُ الطحالبُ على جُدرانِ شَراييني / كما يَموتُ الْحُبُّ في قَلْبي / نَقْضي حَيَاتَنا في التَّخطيطِ لانتحارِنا / نعيشُ قِصَصَ الْحُبِّ كَي نُصَمِّمَ شَواهِدَ قُبورِنا /
     بَشَرٌ يَعيشونَ كَفِئرانِ التَّجاربِ أو فِئرانِ السَّفينةِ / يَخْرُجُونَ مِن تَحْتِ الأرضِ / مِن حُفَرِ المجاري/ مِن دُموعِ زَوْجَاتِهِم المقموعاتِ جِنْسِيَّاً / يَسْجُدُونَ للأصنامِ البَشَرِيَّةِ / يَخْلَعُونَ رُؤوسَهُم / وَيَضَعُونَ مَكَانَها التِّيجانَ المزوَّرةَ مِثْلَ كُلِّ الانتخاباتِ المزوَّرةِ/ بَشَرٌ يَرْمُونَ دِمَاءَهُم في حُفَرِ المجاري/ لِيَصْنَعُوا تاريخاً جَديداً للذبابِ / فيا أيتها الطِّفْلةُ الحالمةُ المقتولةُ / جَارتي تَقودُ الكِفَاحَ الْمُسَلَّحَ ضِدَّ مَلاقِطِ الغسيلِ / هَكذا تنكسرُ أحلامُ النَّوارسِ في إسْطبلاتِ الخليفةِ / أنا عِبْءٌ على جِلْدي / وَسَوْفَ يَكُونُ قَوْسُ قُزَحَ أجْمَلَ بِدُوني/ النَّيازكُ تَدخلُ في بُيوتِ النَّمْلِ/ فابْحَثْ عَن قَلْبِ امرأةٍ / وَعِشْ فِيهِ كي تُقْتَلَ فِيهِ / ولا تَتْبَع آثارَ مُضَادَّاتِ اكتئابي / اترُك الاكتئابَ للاكتئابِ / اترُك السَّبايا للعَبيدِ/ وعِش انتحارَكَ في أوْجِ الحياةِ / مِثْلَ كُلِّ الملوكِ الذينَ يَسْرِقُونَ الشَّعْبَ / ويَعْشَقُونَ المواطِنَ الذي ماتَ في الوَطَنِ / وماتَ فِيهِ الوَطَنُ /
     تنكسرُ الرُّوحُ في غابةِ الذِّكرياتِ اللازَوَرْدِيَّةِ / فلا تنتظِر الصَّحراءَ كَي تَمْنَحَ ظِلالَكَ عُكَّازةً / في شِتاءِ القُلوبِ المكسورةِ / وَلا تَرْكُضْ وَراءَ دُموعِ الأميراتِ / اللواتي اكْتَشَفْنَ خِيانةَ أزواجِهِنَّ / وَحْدَهُم الْمُخبِرُونَ مَن سَيَتْلُونَ وَصِيَّتَكَ الأخيرةَ على اليمامِ/ الذي لا يُتْقِنُ غَيْرَ لُغةِ النارِ/ لم أشْرَب الويسكي معَ سَجَّاني / لأنَّ زِنزانتي الانفراديةَ كانتْ تَشْرَبُ الويسكي على ضَريحي الخشَبِيِّ / أُهَرْوِلُ في دِمائي الزُّمرديةِ بِلا تاريخٍ/ فأخْسَرُ أحلامَ الطفولةِ الضَّائعةَ / وتُصبحُ جُفوني تاريخاً لأعوادِ المشانقِ / فيا أيتها الجثةُ التي تَسْخَرُ مِنَ الملوكِ اللصوصِ/ مَاتت الملِكَةُ/ لكنَّ العِلْكةَ بَقِيَتْ بَيْنَ أسنانِها / خَسِرَت البُحيرةُ شَرَفَها في كُلِّ الأمكنةِ / لأنَّ الوَطَنَ هُوَ المنفَى / وأجنحةَ الفَراشاتِ هِيَ هَشيمُ الذِّكرياتِ / بِلادي مُمَدَّدةٌ على سِكَّةِ الحديدِ / تنتظرُ الإِعدامَ بِالقِطارِ الكَهْربائيِّ / فادْعَمُوا الوَحْدةَ الوَطَنيةَ في الوَطَنِ الضَّائعِ / يا قَرْيتي المنبوذةَ في صَفَّاراتِ الإِنذارِ / قَد مَاتت الكَاهِنةُ / وَبَقِيَتْ رَائحةُ عِطْرِها في سَراديبِ مَحاكِمِ التَّفتيشِ / وأخَذَت الخفافيشُ جَدَائِلَها تِذْكاراً / وَنَسِيَت الفَتَياتُ أحْمَرَ الشِّفاهِ عِندَ مَزهرياتِ الوَدَاعِ / وَذَهَبْنَ إلى فِرَاشِ الموْتِ وَاثِقاتٍ مِن العُنوسةِ / وَالْخُلفاءُ غَيْرُ الشَّرْعيينَ لَم يُمَيِّزوا بَيْنَ قَميصِ عُثمانَ وَقُمْصانِ النَّوْمِ للجَواري /
     في مَملكةِ البُكاءِ / حَيْثُ نهودُ النِّساءِ مُرَقَّمةٌ كالزَّنازين / فيا سَيِّدةَ الخريفِ الوَحيدةَ / ذهبَ الذي كُنتِ تتزيَّنينَ لَهُ / لكنَّ نباتاتِ الزِّينةِ تُضِيءُ مَقْبرتي / كَيْفَ تَمشينَ يا أميرةَ الأحزانِ وفي رُموشِكِ أعوادُ مَشانق ؟/ مُسَدَّساتٌ حُبْلَى بغاباتِ الصَّدى/ والرَّصاصُ يَترسَّبُ في أوْردةِ الشَّفقِ/ فَلْيَمُت الشعبُ جُوعاً / وازْرَعُوا القَمْحَ على المرِّيخِ / وازْرَعُوا الشَّعيرَ في جُثثِ الفُقراءِ / أسماكُ القِرْشِ تغرقُ في عَرَقِ الرَّاقصاتِ / والمطرُ يَحْرِقُ خَشَبَ التَّوابيتِ في مَملكةِ الطاعون /
     أيها الجنديُّ العائدُ مِن المعركةِ بِلا أوسمةٍ / وَلا تَعْرِفُ اسْمَكَ النِّساءُ الواقفاتُ في الجِنازةِ العَسكريةِ/ وَحْدَها البُحَيْرةُ العَرْجاءُ تنتظرُكَ أمامَ مِدْخنةِ كُوخِكَ المهجورِ / فلا تَبْحَثْ عَن ضَريحي/ لأني مَصلوبٌ على أغصانِ الشَّجَرِ / كَسَرْتُ ظِلِّي / وأنهيتُ اللعبةَ / وأدغالُ البارودِ تنامُ تَحْتَ أظافري / هَكذا صِرتُ دِيكاً سَمَّنَني أَهْلي / ثُمَّ ذَبَحُوني لَيْلةَ الوَداعِ / أحتفلُ بأعيادِ الزَّهايمرِ في جَنوبِ النُّعوشِ / وَالْمُهَرِّجُ يَنتظرُ في الشَّارعِ لأنَّ السِّيركَ مُغلَقٌ / وَالكَافيارُ فلسفةُ البنادقِ الآليةِ / أضيعُ في أزِقَّةِ دِمائي / كما تضيعُ أحلامُ البَناتِ في غابةِ الحواجزِ العَسكريةِ / يَلعبُ الأطفالُ كُرةَ القَدَمِ في المقابرِ الجماعيةِ / خُذوا الحمَامَ الزَّاجلَ / واترُكوا للأغرابِ رَسائلَ الوَدَاعِ /
     الزُّهورُ على الأضرحةِ لَن تُعيدَ الأمواتَ / والعَشَاءُ على ضَوْءِ الشُّموعِ لَن يُعيدَ ذِكْرياتِ العُشَّاقِ / سَتَمشي أيها النَّهْرُ في شَرايينِ الغروبِ / سَتَمشي في طَريقِكَ وَحيداً / ولَن تَعُودَ / والليلُ السَّحيقُ يَسْحَقُ قَلْبي/ كُرياتُ دَمي هِيَ سَلَطَةُ فَواكِه/ فيا أيتها اللبؤةُ المتوحِّشةُ/ لا تتذكَّري العَشَاءَ على ضَوْءِ الشُّموعِ / إِنني أمشي إلى ظُلْمةِ القَبْرِ العميقِ / وَطَنٌ ضَائعٌ في الوَقْتِ الضَّائعِ / يُسْحَقُ كُلُّ شَيْءٍ لِيَصيرَ فَلْسفةَ اللاشَيء / قَلْبٌ يُقاتِلُ المشاعرَ / وأنا التائهُ في جَدائلِ الغَيْمةِ المسافرةِ / فَقَدْتُ الثِّقةَ بأظافري / واليَمامُ يُقَلِّمُ أظافِرَ الفَيَضان / سَأتلو على مَسَامعِ الرَّمْلِ وَصِيَّتي التي كَتَبَها قَاتِلي / وَتَدخلُ النِّساءُ الآلِيَّاتُ في مَشاعرِ الرِّجالِ الآلِيِّين /
     لماذا تقتلُ المؤمنينَ يا أميرَ المؤمنين ؟ / القَمَرُ يُطالِبُ بِدَمِ الشَّمْسِ / والسَّنابلُ تَخرجُ مِن بَلاطِ السُّجونِ / تَنشرُ الأراملُ الغسيلَ على سُطوحِ القِطَاراتِ / التي تَذهبُ وَلا تَعودُ / أُولَدُ في نفْسي / وأموتُ في نفْسي/ وَالبُروقُ تَجْرِفُ أجسادَ النِّساءِ تَحْتَ أمطارِ الخريفِ/ يَلعبُ الأطفالُ بِجُثتي البرونزيةِ/ كَمَا تَلعبُ الأمطارُ بِمَشَاعرِ النَّهْرِ / وَنَعْشي طَاوِلةٌ في مَطْبَخِ بَيْتِنا الأندلسيِّ /
     يَا عَشيقتي المِقْصلة / مَن الخائنُ فِينا ؟ / لم تُفْلِت النُّعوشُ مِن تَسديدِ الضَّرائبِ / انتحرتْ عَازفةُ البيانو/ وَازدادتْ قِصَصُ الْحُبِّ غُموضاً/ وَبَقِيَ البيانو تَحْتَ المطرِ وَحيداً / لماذا تَعْشَقِيني يَا شُرفاتِ الخريفِ / مَاتَ قَلْبي عَاطِفِيَّاً / دَفَنْتُ قَلْبي في رَبيعِ الدِّماءِ / وَالشِّتاءُ يُولَدُ في ثُقوب جِلْدي / سَأُقْتلُ بِسَيْفِ أبي / وتَبكي نِساءُ القَبيلةِ حَوْلَ جُثماني /
     لا تَكُوني رُومانسيةً يَا جَارتي / إِنَّ مَلَكَ الموْتِ سَيَقضي على الرُّومانسيةِ / ماتَ العُشَّاقُ / وَبَقِيَ عَصيرُ الليمونِ على خَشَبِ النُّعوشِ/ ولم يُفَرِّق الصَّدى الموحِشُ بَيْنَ خَشَبِ طَاوِلاتِ المطاعمِ وخَشَبِ التَّوابيتِ/ أحتاجُ إلى هُدوءِ ضَابِطِ المخابَراتِ/ حِينَ رأى زَوْجَتَهُ تَخُونُهُ معَ سَجينٍ سِياسِيٍّ / ستمشي الملِكَةُ إلى المِقْصلةِ بِكُلِّ رُومانسيةٍ بِدُونِ سَجَّادٍ أحمر / سَأهْرُبُ مِن الاكتئابِ إذا طَهَّرَ الحطَبُ عُروقَهُ مِن هَلْوسةِ الجِنسِ / وَحَرَسُ الحدودِ هَرَبُوا مِن الحدودِ / وَصَارتْ أفخاذُ نِسائهم هِيَ الحدودَ/ يَقتلُ البَحْرُ أحلامَ طُفولَتِهِ / والأرَقُ هُوَ تاريخُ أجفانِ البُحيرةِ / فيا كُلَّ الراهباتِ العابراتِ في سَراديبِ الدَّيْرِ/ إِنَّ مَوْتَكُنَّ يتوهَّجُ في آخِرِ الليلِ/ سَتَموتُ الشَّمْسُ/ سَيَموتُ القَمَرُ/ فَيَا غَريبُ/ أيْنَ المرأةُ التي سَتَبكي عَلَيْكَ بَعْدَ اغتيالِكَ ؟ / بِلادي طِفْلةٌ تَرضعُ مِن دَمي / غُموضُ الانتظارِ في عُيون العَرائسِ / اللواتي يَنتظِرْنَ الموْتَ في سَاحةِ الكَنيسةِ / كُحْلُ النِّهاياتِ / وبِدايةُ الانتحاراتِ / اكتئابي خَالٍ مِنَ الكُحولِ / وَمَاءُ عُيوني خَالٍ مِنَ الرَّصاصِ / كُلَّما وَصَلْتُ إِلى المحطةِ فَاتني القِطارُ / وَلَوْ أعْلَمُ أنَّ الْحُبَّ حَريقٌ يَندلعُ بَعْدَ تقاعُدِ رِجالِ الإطفاءِ / لَضَغَطْتُ على قَلبي كَي يُقَدِّمَ استقالَتَهُ/
     كُن يا قَبري حَارِسَ قَبري حِينَ أموتُ في مَداراتِ النِّسيان / إِنَّ الموْتَ يَحْرُسُنا / والقُبورُ مَنْسِيَّةٌ تَحْتَ شَجَرِ الصَّفصافِ / وأحلامُ الطفولةِ تغتصبُ أشلاءَنا / كالدُّخانِ الذي يُمَشِّطُ ضَفائرَ البُحيراتِ / أظافري الكريستاليةُ هِيَ طُرُقاتُ الإبادةِ / وأنا غَيْري / أتزوَّجُ بَريقَ المدافِنِ لأنسَى الْحُبَّ الضَّائعَ / والزَّوابعُ تَبني قلبي الْمُهَدَّمَ / وَيَبْني الملوكُ المهزومونَ أقواسَ النَّصْرِ في أغشيةِ البَكارةِ/ والنَّمْلُ يَسْحَبُ جُثةَ قَوْسِ قُزَحَ/ رَائحةُ البَحْرِ تتوهَّجُ في رَغْوةِ القَهْوةِ/ وَأصحابُ الدِّماءِ الزَّرقاءِ يَمْشُونَ إلى المِشْنقةِ اللازَوَرْدِيَّةِ / ذَهَبَ الجنودُ إلى الموْتِ / وَصَارَ الشَّايُ بَارِداً / بَابُ الذِّكرياتِ مُغلَقٌ / لَكِنَّ بابَ القَبْرِ مَفْتوحٌ / وَدُموعُ العاشقِ الوَحيدِ تَحْفِرُ الوِسادةَ تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ / وَبَعْدَ أن ماتَ قَلبي / صَارَت النِّساءُ يَرْكُضْنَ وَراءَ طَيْفي / دَائماً يَأتي العُشَّاقُ مُتأخِّرين /
     يا أيتها البِلادُ التي تأخذُ ألوانَ أعلامِها مِن دَمِ الحيْضِ / كَم هِيَ قِصَصُ الْحُبِّ المدفونةُ معَ الموتى ! / الحمَامُ الزَّاجلُ يَنقلُ رسائلي إلى حَارسةِ قَبْري / أنا الْمُغنِّي السائرُ في بَغداد / المقتولُ في الأندلسِ / كُلُّ شَيْءٍ يَتغيَّرُ في مَملكةِ الكُوليرا / عَناوينُ البَغايا / رَاياتُ القَبائلِ اللقيطةِ / بَنادقُ الميليشياتِ / تِيجانُ الملوكِ العَبيدِ / مَواعيدُ الحيْضِ لِلْمَلِكاتِ السَّبايا /
     في أحلامِنا مَوْتٌ / ولم يَجِئْ مَلَكُ الموْتِ / مُتْنا في أحلامِنا / وماتَتْ فِينا أحلامُنا / عِظَامي بَلاطٌ للسُّجونِ / وقَفَصي الصَّدْرِيُّ هُوَ قُضبانُ الزَّنازين / صُندوقُ بَريدي سَيَظَلُّ فَارِغاً / لكني أظلُّ أبعثُ الرسائلَ / والفَراغُ يُنادي على الفَراغِ / فاسْمَعْ لُغةَ الأسمنتِ في قُرى الملاريا / أمشي ولا أَصِلُ / أحْمِلُ على ظُهورِ الأبقارِ ذِكرياتِ النِّساءِ الْمُغتَصَبَاتِ/ وأزْحَفُ في أفلاكِ الجثثِ الْمُحَنَّطَةِ / فتعالَ أيها العُصفورُ اليَتيمُ / كَي نَجُرَّ أكفانَ النَّخْلةِ /   
     قَتَلْنا الأُمَّ / وَرَقَصْنا في عِيدِ الأُمِّ / قَتَلْنا المرأةَ / وَاحْتَفَلْنا بِيَوْمِ المرأةِ / سَأرَمي قَلبي في المطَرِ النُّحاسِيِّ / كَي أكتشفَ أحاسيسَ اليتامى في الخِيَامِ / صارَ قَلبي الضائعُ هُوِيَّةً لليمامِ / وصارَ مَوْتي جَوازَ سَفَرٍ للبَعُوضِ/ كُنَّا نبكي على مَوْتانا/ والموتُ لم يَبْكِ عَلَيْنا / نزرعُ أشلاءَنا في الغيومِ المسافرةِ في الخريفِ البعيدِ / والموْتُ يَحْصُدُنا في كُلِّ الفُصولِ / كأنني الشَّاهدُ الوَحيدُ على انتحارِ المصابيحِ في شِتاءِ الصُّراخِ / فيا صَديقي المقتولَ / خُذ عُنوانَ مَجزرتي / واجْمَعْ رَبطاتِ العُنُقِ للعاطِلينَ عَن العَملِ الذينَ يَمْشُونَ في جِنازتي/ وَابْعَثْ لِي بَرْقيةَ تهنئةٍ في ذِكْرى ذَبْحي/ لم أُزَوِّج السُّنبلةَ للطوفانِ / لأني كُنتُ أَخِيطُ أكفانَ الفَراشةِ العَرْجاءِ / مِشْنقةٌ بِطَعْمِ الأناناسِ في حُقولِ الجِرذان / أحتاجُ إلى حَبْلِ مِشْنقةٍ بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ/ لأتحرَّرَ مِنَ الاكتئابِ وعُقْدةِ النَّقْصِ/ سَتَصيرُ اللبؤةُ دَجاجةً مُرَقَّمةً / فَكَيْفَ أنسى الفِئرانَ الكريستاليةَ / التي عاشتْ مَعَنا تَحْتَ الأرضِ ؟! /
     أشجارُ المقابرِ تُحَدِّدُ أسعارَ السَّبايا/ حَسَبَ سِعْرِ بِرْميلِ النِّفْطِ / أنا الملِكُ المخلوعُ بَيْنَ شِتاءِ الجثثِ وأحلامِ الطفولةِ / بَنَيْتُ مَملكةَ البَعوضِ / وَبَحَثْتُ عَن عَرْشِ الدِّماءِ / وكانت عِظامي نشيداً وَطَنياً يُلَحِّنُهُ الثلجُ الدَّمويُّ / أجلِسُ أمامَ مَوْقَدةِ الشِّتاءِ / وأرى الدُّودَ يَأكلُ جَسَدي / يُشَغِّلُ الموْجُ مُحَرِّكَ سَيَّارةِ نَقْلِ الموتى / وأنا أحْمِلُ جُثةَ البَحْرِ عَلى ظَهْري / وكانَ المساءُ يَسْكُبُني في حَناجرِ السُّنونو نشيداً لليتامى/ فيا أخي القاتل / أمَرْتَني أن أضحكَ فَضَحِكْتُ / لكني أكتبُ دَمي السَّاخنَ بِدَمٍ باردٍ / ينكسرُ قَلبي في إسطبلاتِ الخليفةِ / فلا أشعرُ بامتدادِ أعضائي في ترابِ المقبرةِ /
     يا رَمْلَ المجرَّاتِ/ كَم أنتَ جَميلٌ في الصَّدماتِ العاطفيةِ/ سَيُوصلُ السَّجانونَ المشانقَ إلى بَيْتِكَ / كما يُوصلُ القَتلى الوَجَباتِ السَّريعةَ إلى حَفَّاري القُبورِ / والعُشَّاقُ يُشاهِدُونَ مُباراةَ كُرةِ قَدَمٍ بَيْنَ المشنوقينَ المحترِفِين / مُمَزَّقٌ أنا كَضَابِطِ مُخَابَرَاتٍ تَخُونُهُ زَوْجَتُهُ / فيا أيتها الأميرةُ التي يَدْفَعُ ثَمَنَ مِكْياجِها جُثثُ الشُّعوبِ/ تاريخي هَلْوسةُ الملوكِ المخلوعين / ونوافذُ الخريفِ أرشيفٌ للرَّقيقِ الأبيضِ في السُّوقِ السَّوْداءِ / وسُعالي المعدنِيُّ مُؤتمرُ سَلامٍ في غُبارِ المعاركِ /  
     إِذا كَانَ النَّهْرُ مَلِكاً / فَإِنَّ أكفانَ العصافيرِ هِيَ الإسْطبلُ الملَكِيُّ / وإذا كَانت البُحَيْرةُ مَلِكةً / فَإِنَّ نعشي هُوَ القَصْرُ الرَّمْلِيُّ / وإذا كانَ حَبْلُ المِشْنقةِ إمبراطوراً / فإِنَّ سُورَ المقبرةِ هُوَ العَرْشُ الغامضُ /
     سَتَركضُ الأشجارُ إلى تجاعيدِ المطَرِ / وتَسْجُدُ الأصنامُ للأصنامِ / انتحرَ العاشِقُونَ في مَطْعَمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / صارَ خَشَبُ الطاولاتِ خَشَباً للتَّوابيتِ / والبَعُوضُ يَسْبَحُ في عَصيرِ الليمونِ / لم تَهْدأْ أعصابُ الأشجارِ / ولم تَهدأْ أعصابُ النِّساءِ / لكنَّ الأضرحةَ تُهاجرُ مِن قَلْبِ المساءِ إلى قَلْبِ العاشقِ الوَحيدِ / رَأيتُ شَمْساً تَخرجُ مِن شَواهدِ القُبورِ / غَرِقْنا في مَشَاعرِ الرِّجالِ الآلِيِّين / وكانَ الموْتُ يَلْمَعُ في عُيونِ الإِمَاءِ / وَمَاتت النَّوارسُ في مُسْتَوْدَعَاتِ السِّيراميكِ/ وَدَمُ الحيْضِ يَسيلُ على المِكياج المصهورِ تَحْتَ شُموسِ الإِعدامِ / وَالنَّيازكُ تنامُ في أوْردتي البلاستيكيةِ /
     لا يَقْدِرُ الغسَقُ أن يُسَاعِدَ امرأةً تَعْشَقُ مُغْتَصِبَهَا / تركضُ أدغالُ الاحتضارِ وَراءَ بَناتِ الملوكِ / والزَّوابعُ تعيشُ معَ بائعاتِ العِلْكةِ في محطةِ القِطاراتِ/ لَحْمي مَزرعةُ الفِطْرِ السَّام/ وأجفاني أرشيفٌ مَنسِيٌّ في آبارِ قَرْيتي المهجورةِ / تمشي الأميراتُ على السَّجادِ الأحمرِ حافياتٍ / بَعْدَ انهيارِ دَوْلةِ الرُّومانسيةِ / فلا تَغْرِسْ في جُثمانِكَ أعلامَ القَبيلةِ / لأنَّ الموْتَ يَعْرِفُ عُنوانَكَ / انتظِرْني يا مَساءَ الشُّموعِ/ وَدِّعْني يا شِتاءَ الدُّموعِ/ حِينَ يَعودُ الجنودُ المهزومونَ إلى ضَرْبِ نِسائهم/ وتَرجعُ الأراملُ إلى البُروقِ قُرْبَ تِلالِ الوَداعِ / وَيَذهبُ الموتى إلى الموتى / (( وَدَعِ الموتى يَدْفِنونَ مَوْتاهم ! ))/
     بَشَرٌ يَخْرُجونَ مِن حُفَرِ المجاري / كَقَطيعِ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ / يُفَتِّشُونَ عَن خُبْزِ الضَّبابِ / ثُمَّ يَعُودونَ إلى تَحْتِ الأرضِ فَارغي الأيدي / أحزاني قَبيلةٌ بِلا نَشيدٍ وَطَنِيٍّ/ وَرُموشي زَنازينُ / نَحتفلُ بالخريفِ في قَلْبِ الربيعِ / والرَّمادُ يُحَلِّلُ رُومانسيةَ المنافي / افْرَحْ يا رَمْلَ البَحْرِ / قَد اكتشفتُ الرُّومانسيةَ في تَزويرِ الانتخاباتِ/ اشْتَرِ ثلاثَ مَشانقَ/ وارْبَحْ مِقْصلةً مَجَّاناً/ جَناحٌ للعائلاتِ في مَحاكمِ التَّفتيشِ/ فابْعَثُوا تفاصيلَ مَذْبَحتي معَ الحمَامِ الزَّاجلِ / كَي أُرْسِلَ لَكُم خَرائطَ جُمْجُمتي معَ ساعي البَريدِ / صَارَتْ أحلامُ الطفولةِ بَراويزَ خَرْساءَ على حِيطانِ السُّجونِ / فلا تَبْكِ عَلَيَّ يا قَوْسَ قُزَحَ / إِنَّ رَبطاتِ العُنُقِ مَنسوجةٌ مِن جُثثِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / وَتَعَمَّدَت الضائعاتُ في سَراديبِ الكنيسةِ بالاكتئابِ الْمُقَطَّرِ / وشَاطئُ المساءِ لا يَقْدِرُ أن يُدافعَ عَن امرأةٍ / تَمْسَحُ حِذَاءَ جَلادِها /
     أضعتُ وَقْتي الانتظارِ / عائشٌ في الفَراغِ حتى يَنْطِقَ العَدَمُ / كُلما مَشَيْتُ تساقطتْ أصابعي / كُلما وَقَفْتُ تساقَطَتْ جُفوني / فماذا أفعلُ أيتها الكِلابُ البُوليسيةُ التي تَقُودُ كِلاباً بُوليسيةً ؟ / ذُبابةٌ تَحْمِلُ على أجنحتها بِرْميلَ نِفْطٍ/ وتمشي إلى قانونِ الطوارئِ / نَمْلةٌ تَجُرُّ توابيتَ الجنودِ في كافتيريا القُلوبِ المكسورةِ / والموْجُ يُخَزِّنُ جُثثَ الغرقى في صناديقِ البَريدِ / ماتَ تاريخُ الوَهْمِ في جُغرافيا الأساطيرِ / كأنَّ رَجُلاً يُدَرِّبُ زَوْجَتَهُ على الخِيانةِ الزَّوْجيةِ / فاقْتُل لمعانَ عُيونِ الفَراشةِ / اقْتُلْني أو لا تَقْتُلْني / أنا مَقتولٌ / جُثماني يَتوهَّجُ بَيْنَ عَرْشِ النَّوارسِ وفِرَاشِ الموتِ / وعَصيرُ التُّوتِ الذي تَرَكَهُ العُشَّاقُ وماتوا / يَمتزجُ بِأُمراءِ الحروبِ /
     ماذا بَقِيَ مِن جَسَدِ النَّهْرِ ؟ / _ شَجرةٌ وَحَبْلُ مِشْنقةٍ / تتكسَّرُ جَدائلُ الْمُتَسَوِّلاتِ على مَرايا السَّياراتِ الفارهةِ / والزَّوابعُ مَشغولةٌ بِنِكاحِ الْمُتعةِ / تَسألُ عَنِّي الأمطارُ / لَكِنِّي أجلسُ معَ حَفَّارةِ قَبري / والرِّمالُ تستثمرُ في أجسادِ الأراملِ / حَنجرتي مَزْرعةٌ للضَّبابِ البَرِّي / تبني كُرياتُ دَمي تاريخَ احتضاراتِ البَجَعِ / وتتقاتلُ الإِمَاءُ على سَريرِ الخليفةِ / والشَّوارعُ الخلفيةُ تركضُ بَيْنَ أصابعي / والحطَبُ الأزرقُ يَلْمَعُ في ثُقوبِ جِلْدي / والجرادُ نَسِيَ ذِكرياتِهِ على حِيطانِ رِئتي /
     يَا حُرَّاسَ الجثثِ المجهولةِ / إذا وَجَدْتُم جُثتي / فاكتُبوا عَلَيْها عُنوانَ بَيْتي / أنا ومَديرُ مَقْبرتي نَدرسُ الرِّياضياتِ / كَي نَحْسِبَ عَدَدَ الجثثِ / تَرعَى النَّيازكُ في رُموشي أفيالَ الْحُزْنِ / وألَمِي البَنفسجِيُّ يَعملُ بالبِنْزينِ الخالي مِنَ الرَّصاصِ/ والمسدَّساتُ مُعلَّقةٌ على تِلالِ قَريتي المهدومةِ / أركضُ في أدغالِ الاحتضارِ بِلا حُلْمٍ / لا شَيْءَ يَكْسِرُ لَحْمي سِوَى الرِّياحِ الشَّمْسيةِ / وبِلادي بِلا شَمْسٍ / وَكُلُّ شَيْءٍ يَعْرِفُ خَارطةَ انتحاراتي إلا أنا/ والبُحيراتُ الزُّمرديةُ تَشربُ دِمائي الخشَبيةَ / سَيَنامُ على رُموشي الصَّحراويةِ الْمُخْبِرُون / وَيُصبحُ قَفَصي الصَّدْرِيُّ مَكْتباً لِرَاقصةِ الباليه /
     البَرقُ يُحَنِّطُ قلبي في صُراخِ الذِّكرياتِ / كَي يَكتشفَ الأشياءَ التي انكسَرَتْ فِيَّ / مِشْنقتي إعلانٌ تِجاريٌّ / وَمِقْصلتي مَاركةٌ مُسَجَّلةٌ / وبُكائي دائرةٌ نِصْفُ قُطْرِها تابوتُ المطرِ / عَلَّمَني الموجُ الهندسةَ المِعماريةَ / كَي أُصَمِّمَ ضَريحاً يَليقُ بأحزانِ البَحْرِ / لم أُعَلِّم الملِكاتِ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / ولم أخترِعْ حُبوبَ مَنْعِ الحمْلِ للقِططِ البُوليسيةِ / كانت لُحومُ النِّساءِ مُعلَّقةً على بَوَّاباتِ الْمُدُنِ / ورِجالُ المخابَراتِ يَدْفَعُونَ رَواتبَ الخادماتِ بَعْدَ مَقتلِ السَّيداتِ / بَيْتي صَقيعٌ يُضِيءُ تاريخَ النَّوارسِ/ وحواجبي صَحْراءُ الرَّمْلِ الأزرقِ / لا أنَّا كارنينا تنتحرُ في أحضاني / ولا الإمبراطورةُ تنتظرُ شَامل باساييف في السَّحَرِ / ولا تَزالُ عُيونُ الفِئرانِ تَلْمَعُ في الأديرةِ الباردةِ /
     أيها المنبوذُ السَّماويُّ/ لا امرأةٌ تنتظرُكَ في حَديقةِ الجثامين/ ولا قَبيلةٌ تأخذُ بِثَأرِ أبيكَ / ماتَ الرِّجالُ / مَاتت النِّساءُ / وَدَمُ الحيْضِ على رَاياتِ القَبائلِ / فَيَا سَيِّدةَ الخريفِ الدَّمَوِيِّ / بَيْنَ نَهْدَيْكِ حَاجِزٌ عَسكريٌّ / والجنودُ مَاتوا / لَيْلُ الشِّتاءِ الطويلُ يُناسِبُ عُشَّاقَ الجِمَاعِ / والمساءُ في شراييني لم يَظْهَرْ فِيهِ أيُّ قَمَرٍ / مَاتَ الْحُبُّ في قَلْبي/ وقَلْبي ماتَ في آبارِ الشَّفقِ/ ذَهَبت الفَتياتُ إلى الموْتِ / وَبَقِيَت الضَّحِكاتُ الدَّافئةُ في الممرَّاتِ الباردةِ / جَاءَ مَلَكُ الموْتِ / وانتهتْ لُعبةُ الْحُبِّ /
     امرأةٌ تَجُرُّ ثَدْيَيْها كَقَانونِ الطوارئِ / بَنى الحمَامُ أعشاشَه في أغشيةِ البَكارةِ / والأغرابُ يَغسِلُونَ أعشابَ الأضرحةِ بِالدَّمْعِ الْمُقَطَّرِ / تاريخي تفاحةٌ مَنْسِيَّةٌ في أكياسِ الجثثِ / وَحَبْلُ مِشْنقتي مِنَ الكريستالِ / مُدْمِنٌ أنا على قَرَفِ حُكوماتِ العارِ / ولم تتلطخْ جُفوني بِعَرَقِ العُشْبِ أو دِماءِ اللوزِ / تتلو الصحراءُ تعاليمَ الرَّمَدِ في جِنازةِ الأسماكِ / والوَحْلُ يُنشِئُ في هَلْوستي مُفَاعِلاً نوويَّاً للأغراضِ الرُّومانسيةِ / مَقتولٌ أنا في كُلِّ الحالاتِ / مَوْلُودٌ أنا في كُلِّ الذِّكرياتِ / قَبْرٌ يَسْبَحُ في كُوبِ عَصيرٍ / نَسِيَهُ الموْجُ على خَشَبِ التَّوابيتِ / ونعشي طاولةٌ كانَ يَجْلِسُ عَلَيْها العُشَّاقُ / الذينَ عاشوا في الأرضِ المحروقةِ/ تزوَّجَ الحوتُ الأخضرُ لَبُؤةَ الضَّجَرِ / وماتتْ شُموعُ المساءِ بَيْنَ ابتسامةِ الشَّفقِ ومناديلِ الوَدَاعِ /  
     أيتها الأصنامُ التي تُصَدِّرُ الوَطَنَ في عُلَبِ السَّرْدين / وتَبيعُ الشَّعْبَ في أباريقِ الفَخَّارِ / إِنَّ المطرَ الحِمْضِيَّ يَنْسَخُني / فَيَنْفَجِرُ صُراخُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ في المزهرياتِ / تَلتقطُ النُّسورُ أشلائي في قَارورةِ الحِبْرِ / وَطَنٌ لِكُلِّ اللصوصِ الشُّرفاءِ / وأحزاني صَالحةٌ للحياةِ في وَطَنٍ صَالحٍ للمَوْتِ / جاءَ مَوْكِبُ الإعدامِ كَشَيْخُوخةِ الأمواجِ/ وفَراشاتُ الحطَبِ تَصعدُ مِن ظِلالِ القَتلى / فيا كُلَّ السُّفنِ الغارقةِ في دُموعِ الصَّبايا / إِنَّ اليتامى يُولَدُونَ في احتضاراتِ قَوْسِ قُزَحَ / وكانتْ شُموعُ المجزرةِ نَقِيَّةً كالأحكامِ العُرْفيةِ / رُومانسيةً كَالدُّستورِ الذي يَكتُبُهُ الجرادُ .