17‏/10‏/2019

شمس فضية من الجنوب / قصيدة

شمس فضية من الجنوب / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     أركضُ في هَاويةِ الزُّمُرُّدِ / أجفاني تتكسَّرُ كأعوادِ الثِّقابِ أوْ أعوادِ المشانقِ / دُموعي تُعَبِّدُ الطريقَ أمامَ البُحَيراتِ المشْلُولةِ / تُهَرْوِلُ الْهِضَابُ في بُكائي قُرْبَ جِيفَةِ غَزالٍ مُنْتَفِخَةٍ/ عُكَّازةُ أبي مُحَنَّطَةٌ في مِلْحِ الدُّموعِ/ تَبْني النُّسورُ العَمْياءُ أعْشَاشَهَا في مِدْخَنَةِ الدَّيْرِ المهجورِ / وَتُخَبِّئُ الرَّاهباتُ في مَلاقِطِ الغسيلِ الْجُثَثَ الْمُتَفَحِّمَةَ والأكفانَ الْمُحْتَرِقَةَ / اعْشَقْنِي أيُّها الأرَقُ / سَنُصْبِحُ صَدِيقَيْنِ في لَيالي الصُّراخِ / لأنَّ أعمدةَ الكَهْرباءِ زَرَعَتْ في وِسَادتي الحواجزَ العَسكرِيَّةَ / هَذا أنا / لَيْسَ لِي وَريثٌ إلا الرَّمْل / يَبْقَى هُناكَ ثَلْجٌ سَاخِنٌ على الْجُثَثِ الباردةِ / سَيَبكي الْمَلِكُ المخلوعُ في أحضانِ عَشيقَتِهِ في الوَقْتِ الضَّائعِ / وَأَبكي في أحضانِ سَجَّاني / يُصْبِحُ جَدْوَلُ الضَّرْبِ شَريعةَ البَنادقِ / والمساءُ مَاتَ بالذَّبْحَةِ الصَّدْرِيَّةِ / فَمَا فَائدةُ العَشَاءِ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ / أيُّها العُشَّاقُ الْمُتَقَاعِدُونَ مِنَ الْجُيُوشِ المهزومةِ؟/تاريخي يَخْلَعُ تاريخي/ رُموشي تَنْقَلِبُ عَلى عُيوني/ أمْعَائي طُبُولُ الْحَرْبِ عَلى خَشَبَةِ المسْرَحِ / والفِرْقَةُ الموسِيقِيَّةُ تَعْزِفُ لَحْنَ الوَداعِ تَحْتَ الرَّاياتِ الْمُنَكَّسَةِ للقَبَائلِ / لَم يَجِئْ صَباحُ الأشلاءِ السَّاخنةِ / فَاغْرِسْ أوتادَ رِئَتي بَيْنَ النَّظاراتِ السَّوداءِ وأرشيفِ الأراملِ/ تَبِيضُ الذِّكرياتُ عَلى رُخامِ أوْرِدَتي/ يُوَزِّعُ قَوْسُ قُزَحَ مَنشوراتٍ سِرِّيةً ضِدَّ قَلْبي / الرَّاقِصَاتُ الْمُرَقَّمَاتُ/ وأرقامُ السُّجناءِ / وأرقامُ الزَّنازين / وأرقامُ القُبورِ / وأرقامُ الْجُثَثِ المجهولةِ / وَطَنٌ مِنَ الأرقامِ/لكنَّ أُستاذَ الرِّياضياتِ ماتَ/جُرحي بِطِّيخةٌ فَلْتَمُرَّ السَّكاكينُ عَلى كُرَيَاتِ دَمي الْمُتَحَارِبَةِ/أَرفعُ مُسَدَّسي في وَجْهِ البَحْرِ / سَأَقْتُلُ البَحْرَ كَي يَزْرَعَني الماءُ في الدَّمِ / فَأُولَدَ زَيتوناً للغُرباءِ / سَيَصيرُ دَمي عَصيرَ لَيْمُونٍ للمُخْبِرِينَ / فَلا تَجْرَحْ مَشَاعِرَ الحطَبِ / ولا تَخْدِشْ أُنوثةَ الرِّمالِ / سَتُولَدُ الصَّحراءُ مِن ثُقوبِ جُلودِنا/ اذْكُرْنِي يا بَرْقَ الأبجدِيَّةِ/حِينَ تَنتشِرُ أجسادُ النِّساءِ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ/ كُلُّنا نَرقصُ في مَأْتَمِ آبائِنا/ مَاتَت الصَّحراءُ في سَريرِ البَحْرِ / والخِيانةُ في دَمِ الملوكِ / تَعَالَوْا نُهَنِّئ الْمَوْجَ في عِيدِ الاحتضارِ / سَنَرْفَعُ مَعْنَوِيَّاتِ الرَّمْلِ الأزرقِ / نُرَتِّبُ الحشَرَاتِ عَلى مَقاعِدِ الجِنازةِ العَسكرِيَّةِ / نُرَتِّبُ الطحالبَ عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ / فَافْرَحْ أيُّها النَّهْرُ السَّجَّانُ/ لَيْسَ بَعْدَ هَذا الرَّحيلِ رَحيلٌ/ لا ظِلالٌ لِرُمُوشي عَلى المصابيحِ / وَلا قَارُورةُ حِبْرٍ تَشْرَبُ رُفاتي / خَسِرَ القَمْحُ رُتَبَهُ العَسكرِيَّةَ/وتَقَاعَدَ الشَّاطِئُ مِنَ الْمُخَابَرَاتِ/ وَطَنٌ ماتَ/ رَمْلُ البَحْرِ وَاقِفٌ في الطابُورِ الخامسِ/ كُلَّمَا سِرْتُ في ضَريحِ البُرتقالِ ارْتَطَمْتُ بِدُمُوعِ أُمِّي/ التُّرابُ الفِضِّيُّ يَبْحَثُ عَن الْحُبِّ وَالكَرَاهِيَةِ مَعَاً/ ويَعْشَقُ القَتيلُ بُحَيرةً لا تاريخَ لَها سِوَى الأظافرِ / وكُحْلُ النِّساءِ يَسِيلُ عَلى رَصيفِ المِيناءِ .