20‏/10‏/2019

بدوية في المحفل الماسوني / قصيدة

بدوية في المَحفِل الماسوني / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     وَطَنُكِ مَاتَ يَا سَيِّدَةَ الرِّمالِ / كُلُّ حُزْنٍ خَوْخَةٌ / وَالدِّيدانُ تأكُلُ فَساتينَ البُحَيرةِ / سَيَظَلُّ النَّهْرُ الباكي حَضارةَ القَتْلَى / أيَّتُها الذِّئبةُ التي تَرْعَى الأغنامَ في الْمَحْفِلِ الْمَاسُونِيِّ / تِلْكَ قَرْيتي الرَّصَاصِيَّةُ / تَلْتَهِمُ العَناكبُ خُدودَ النِّساءِ / وَالْخَوْفُ يَأكُلُ عَقاربَ السَّاعةِ / وَقَعَتْ حِكَاياتُ الْحُبِّ في كُوبِ الشَّايِ الأخضرِ / فَيَا أيُّها الحِصَانُ المشلولُ في إِسْطَبْلِ الزَّوْجَاتِ الخائناتِ / اسْمَعْ بُكَاءَ الصَّنَوْبَرِ في عِظَامي / هَذا ضَريحي لَيْمُونةٌ عَلى طَاوِلَةِ القِمَارِ / لَكِنَّ اللاعبينَ لَم يَحْضُرُوا لِيَشْرَبُوا البِيرةَ بِرَغْوَةِ الدِّماءِ / وَلَم تَتْرُكْ لَنَا الزَّوْجاتُ الخائناتُ فُرْصَةً لِتَسْلِيَةِ الضَّفادعِ في الْمُسْتَنْقَعَاتِ / وَلَم يَرْصُدْ خَفْرُ السَّواحلِ هَمْسَ النَّوارسِ / فَابْحَثْ أيُّها الصَّدى عَن جَدائلِ عَشيقاتِكَ في بُطُونِ الضِّباعِ/ سَتَقُصُّ الغَريباتُ وِشَاحَ القَمَرِ/ تُصْبِحُ جُرعةُ السُّمِّ أكبرَ مِن ذِكْرَياتِنا/ ويَلْمَعُ مَوْتُ السَّنابلِ في مِكْيَاجِ الأراملِ / وَتُصْبِحُ بُنْدُقِيَّةُ الثائرِ عُكَّازةً للفَراشةِ الْحُبْلَى بالتِّلالِ /
     تَرْمِي الشَّمْسُ ثِيَابَهَا في الخنادِقِ / وَرَائحةُ جَوَارِبِ الجنودِ القَتْلَى تَشْنُقُ بُرتقالَ الْحُرُوبِ /    لا قِنَاعٌ لِتَاريخِ اليَاسَمِينِ سِوَى ذُبابٍ يَفْتَرِسُ الأكفانَ الضَّوْئيةَ / وَلا مِفْتَاحٌ لِبَابِ الْحُزْنِ سِوَى أُغْنِيَاتِ الضَّحايا / حَوَافِرُ العَصافيرِ عَلى جُلودِ الأطفالِ / عُدْتُ مِنَ الْهَاوِيَةِ الأُرْجُوَانِيَّةِ / لأُسَجِّلَ أَرْقَامَ عِظَامِي وأرقامَ الضَّحايا في أَرشيفِ الزَّيتونِ / مَزَّقَت الحشَراتُ أجفانَ الأسْرَى/ وَالعَناكبُ نَسَجَتْ خُيُوطَهَا في أغشيةِ البَكَارَةِ / تَدَحْرَجَت الرُّؤوسُ المقطوعةُ في أحضانِ الزَّوجاتِ الخائناتِ / والعَبيدُ يَبيعُونَ رُمُوشَهُم في مَحطةِ القِطَاراتِ / فَانْزِعْ قَلْبَ الرَّمْلِ مِنْ صَدْرِ العَاصفةِ / تَنْحِتُ الزَّوبعةُ اسْمَها في سُورِ المقبرةِ عَلى طَوابعِ البَريدِ التِّذكارِيَّةِ / يَا مَطَرَاً يُضَاجِعُ أضواءَ السَّياراتِ العَسْكَرِيَّةِ / تَغَيَّرَتْ أقنعةُ الشُّموسِ التي تُرَتِّبُ أكفاني / عَلى أثاثِ غُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائِيِّ / لَيْسَ في أوردةِ الرِّيحِ غَيْرُ دِمَاءٍ نُحَاسِيَّةٍ / وَهَذِهِ جُثتي حَجَرُ الزَّاويةِ في القَصْرِ الرَّمْلِيِّ /
     يَعْشَقُنَا الزَّرنيخُ الْمُشَرَّدُ في خِيَامِ الأمطارِ / أَبِيعُ الفَراولةَ عَلى خَشَبَةِ الْمَذْبَحِ أمامَ الْمَحْكَمَةِ العَسكرِيَّةِ / وَتَشْرَبُنَا القَهْوَةُ تَحْتَ النَّوافذِ / التي تُطِلُّ على الجِنازةِ العَسكرِيَّةِ / أَيْنَ نَهْرُبُ في عَالَمٍ يَسْلَخُنَا وَيَبِيعُ جُلُودَنا للسَّائحاتِ ؟ / كَم مَرَّةً يَنبغي أن يُقْتَلَ العاشقُ كَي تَضَعُ الرِّمالُ المِكْيَاجَ عَلى تَجاعيدِ وَجْهِهَا الذابلِ ؟/ حَاجِزٌ عَسكرِيٌّ بَيْنَ أحذيةِ الجنودِ وجَثامينِ الضَّحايا / والصِّرْبِيَّاتُ يَلْعَبْنَ التِّنسَ في حِصَارِ سَرَاييفو / أرْجُوكِ يا حَشَائِشَ الْمَدَافِنِ / لا تَتَذَكَّري النِّساءَ الْمُغْتَصَبَاتِ / لِكَيْلا يَتَعَكَّرَ مِزَاجُكِ وأنتِ تَسْتَعْمِلِينَ مُزِيلَ العَرَقِ .