25‏/10‏/2019

الكتابة في ساعة الاحتضار / قصيدة

الكتابة في ساعة الاحتضار / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

     البَقُّ يَأكُلُ أخشابَ نَعْشي / فَكَيْفَ أَمُوتُ ؟ / سَقَطَتْ شَمْسي تَحْتَ شَمْسِ المقابرِ / فما نَفْعُ نَظَّارتي الشَّمسيةِ ؟ / زَرَعَ الرَّعْدُ في جَسَدي نِقَاطَ التَّفتيشِ / فَكُنْ يَا سَجَّاني نَاعِماً لِيَفْرَحَ الشَّجَرُ بَيْنَ قُضبانِ زِنزانتي / فَتِّشْ عَن عُقَدي النَّفسيةِ تَحْتَ المطرِ / وَحيدةٌ أنتِ يَا أشلائي كَعُلبةِ مِكياجٍ لِرَاهبةٍ عَمْيَاءَ / تَزُورُني امرأةٌ غامضةٌ في سِجْني الواضحِ / زُرْنِي أيُّها الإعصارُ بَعْدَ اغتيالي / إِنَّ قَبْري مُضَاءٌ بِضَفائرِ أُمِّي / جُثْمَاني وَردةٌ تُقَدِّمُهَا الأمواجُ هَدِيَّةً لِقَاتِلَتِي / لا تَكْرَهِيني أيَّتُها الطاعنةُ في الذِّكرياتِ / المطعونةُ بِسَيْفِ العِشْقِ / لا تَخُونِينِي أيَّتُها الحشَرةُ المكسورةُ كالْمَزْهَرِيَّاتِ / لَن أَكْسِرَ صَلِيبَكِ / إِنَّ سَرَطَانَ الثَّدْيِ سَيَكْسِرُ الصَّليبَ /
     رَكْعَتَانِ قَبْلَ القَتْلِ / والانتحارُ التَّدريجِيُّ لليَاسَمِين / وَالتَّاجُ المكسورُ / وَالقَتْلُ تَحْتَ شَمْسِ الخريفِ/ رُبَّمَا يَغتالُني الْحُزْنُ في يَوْمٍ مُشْمِسٍ مُنَاسِبٍ للرِّحلاتِ المدرسِيَّةِ / يَا ذِكْرَياتي الجارحةَ المجروحةَ / تَزَوَّجِي غَيْرِي بَعْدَ مَقْتَلِي / اغْسِلِي ثِيَابَ الحِدَادِ بِعَصيرِ البُرتقالِ / اجْمَعِي شَظايا الكُحْلِ في غَاباتِ الشِّتاءِ / وَانْثُرِي العِطْرَ عَلى أجنحةِ النَّوارسِ بَعْدَ ذَبْحِهَا / يُفَتِّشُ اليَمَامُ ثِيَابَ الجنودِ القَتْلَى / سَاعي البَريدِ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / والرَّسائلُ ضَائعةٌ في الْهُدْنةِ بَيْنَ الفِئرانِ والمِصْيَدةِ /
     لَن تَصِلَ رَسائلُ الجنودِ إلى زَوْجَاتِهِم / فَابْحَثْ يَا ضَوْءَ الزَّيتونِ بَيْنَ أزهارِ الضَّبابِ / عَنْ مَوْتٍ لا قِيَامَةَ بَعْدَهُ / وَاعْشَقْ دُمُوعي قَبْلَ مَوْتِي / وَكُنْ مَوْتي كَي أعيشَ طَيْفاً في بَراري الرَّحيلِ / خَزِّنْ بَعْدَ مَوْتي العَشَاءَ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ في أرشيفِ اليَتَامَى / الْهِضَابُ أرْمَلةُ الإعصارِ / بُكاءُ النَّهْرِ هُوَ طَيْفٌ قَديمٌ لِفَراشةٍ تَحُطُّ عَلى كَتِفِ فَتَاةٍ مُغْتَصَبَةٍ / جَفَّت الدِّماءُ عَلى سَيْفِ الذِّكرياتِ / وأرملةُ البَحْرِ تَخِيطُ رَاياتِ القَبائلِ / والعناكبُ تَقْضِي وَقْتَ فَرَاغِهَا في تَرْقِيعِ أغشيةِ البَكَارةِ /
     وَرَّثَنِي أبي حَبْلَ مِشْنَقَتِهِ وَغَابَ / الْجُثَثُ في عَرَبَاتِ القِطَارِ / الذي يَدْخُلُ في ضَوْءِ الرَّحيلِ ولا يَخْرُجُ / وَأُمِّي تُخَبِّئُ دُمُوعَهَا في مَزْهَرِيَّةِ بَيْتِنَا المهجورِ / والأرصفةُ تَأخُذُ إِجَازةً مِن دَمي / لِتَدْرُسَ دَوْرَ الْمُومِسَاتِ في الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / وَجَمَاجِمُ الكَهْرَمَانِ عَلى مَلاقِطِ الغسيلِ / خَسِرْنا الأندلسَ في لُعبة قِمَارٍ / وَبِعْنَا دُمُوعَ شُيوخِ القَبائلِ / وصَارَتْ أَعْلامُ القَراصنةِ مَلابِسَ دَاخِلِيَّةً للرَّاهباتِ في مَحاكمِ التَّفتيشِ/ أنا وذِكْرَياتي افْتَرَقْنَا في مُنْتَصَفِ الطريقِ / أَزُورُ أطلالَ قَلْبي في لَيْلِ الشِّتاءِ الحزينِ/ فَيَا أيَّتُها البُحَيرةُ النُّحَاسِيَّةُ / التي لا يَمْشِي في جِنَازَتِهَا غَيْرُ الْمُخْبِرِينَ / سَقَطَت الرُّومانسِيَّةُ/ سَقَطَت الوَحْدَةُ الوَطَنِيَّةُ / وحُدُودُ مَمْلَكتي حَيْثُ يَصِلُ دَمِي الْمُعَلَّبُ / لَكِنِّي الْمَلِكُ المخلوعُ .