26‏/10‏/2019

عندما أموت ستعرفين من أنا / قصيدة

عندما أموت ستعرفين من أنا / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

     عِندَما أَمُوتُ سَيَسْقُطُ قِناعي/ يَنتهي بَريقُ أبجدِيَّةِ المطرِ/ وَيَنقلِبُ سِحْرُ الذِّكرياتِ عَلى الذاكرةِ/  تَنتهي صَلاحِيَّةُ عُلَبِ المِكياجِ كالْمَشْرُوباتِ الغازِيَّةِ / تَنكسِرُ الْمُومياءُ الأخيرةُ في الحضَارةِ الْمُنْقَرِضَةِ / تَنتشِرُ التَّوابيتُ البلاستيكِيَّةُ / والموْتُ يَكْشِفُ هُوِيَّتي الحقيقِيَّةَ / تَقْرَئِينَ اسْمِي السِّرِّيَّ عَلى غِمْدِ سَيْفي/ وَتَكْتُبِينَ رَقْمَ زِنزانتي الصَّدِئَةِ عَلى خَنْجَري الذهبيِّ/ وَذَلِكَ النَّهْرُ الباكي سَيَتَزَوَّجُ أوَّلَ امْرَأةٍ تَزُورُهُ في السِّجْنِ / فَاسْمَعِي كَلامَ الْجُثَثِ الْمُمَلَّحَةِ بالشُّموعِ/ انتَهَتْ قِصَصُ الْحُبِّ في الخريفِ الدَّامي / وَسَقَطَ مِلْحُ الدُّموعِ في مِلْحِ الطعامِ / وَقَعَ طِلاءُ أظافرِ الإِمَاءِ في عَصيرِ البُرتقالِ / وَتَمشي اليَتيماتُ إلى مُدُنِ الأنقاضِ / وَيُلَمِّعُ السَّجَّانُ الْمُتَقَاعِدُ أوْسِمَتَهُ بِلُعَابِهِ اللزِجِ/ لا أحَدٌ يحتفلُ بِعِيدِ مِيلادي سِوى رِجَالِ الْمُخَابَرَاتِ / وَلا أحَدٌ يَمْدَحُنِي في غُرفة الإِعدامِ سِوى الْمُخْبِرِينَ /
     سَقَطَ الملِكُ بَيْنَ التَّاجِ وحَجَرِ النَّرْدِ / وانتَهَتْ لُعبةُ الشِّطْرَنجِ / وَهَرَبَ الجنودُ / انكَسَرَتْ رُومانسِيَّةُ الملِكَاتِ السَّبايا / ودَمُ الْحَيْضِ يَسِيلُ في حُفَرِ المجاري / والفَراشاتُ العَمياءُ تُرَتِّبُ أثاثَ قُلوبِنا / والأشجارُ تَتحرَّشُ جِنسِيَّاً بالأرصفةِ / فَابْحَثْ عَن جُمجمتي دَاخِلَ قَصيدتي / سَتَعْشَقُ الأمطارُ جُثماني في نَشيدِ البَحْرِ المزروعِ بالحواجزِ العَسكريَّةِ / اعْشَقْ تِلالَ الدَّمْعِ كَي تَكْرَهَ التاريخَ الْمُعَدَّلَ وِرَاثِيَّاً / سَتَعْرِفُ ضَريحي يَا قَمَرَ الْمَنَافِي / عِندَما تَتحرَّكُ بُوصلةُ اكتئابِ الشَّرْكَسِيَّاتِ بِاتِّجاهِ اكتئابي / يَقْتُلُونَ العُصفورَ / وَيَتَقَاتَلُونَ عَلى اقتسامِ مِيرَاثِهِ / وَالغَجَرُ قَد رَحَلُوا إلى السَّرابِ / وَبَقِيَتْ أُغْنِيَاتُهُم عَلى الصَّليبِ / الرَّايةُ الْمُنَكَّسَةُ تَصِيرُ تَنُّورةً قَصيرةً لأرملةِ البَحْرِ / أُطَالِبُ بِحِصَّتي مِن دُموعِ الذبابِ / تَسْرِقُ الأنهارُ مِيرَاثَ البَحْرِ / وتَشْحَذُ عَلى بَابِ قَلْبي / وَالزُّمُرُّدُ الدَّمَوِيُّ يُخَزِّنُ الجماجمَ في عُلَبِ البِيرةِ / أَدْخُلُ إلى غُرفةِ الإعدامِ بالْمَرَايا / وأكْسِرُ أقنعتي / فُرشاةُ أسناني مُبْتَلَّةٌ بِدِمَاءِ اليَمَامِ / وَالعناكبُ تَسيرُ عَلى أوْعِيتي الدَّمويةِ / يَتَشَمَّسُ العُشَّاقُ على رُموشِ الفِئرانِ /  وَيَتَزَلَّجُ الأيتامُ عَلى الرَّصاصِ المطاطِيِّ / والأكفانُ تَتساقطُ في آبارِ القَمَرِ / فَاغْسِلِي زُجاجَ نَظَّارَتِكِ السَّوداءِ بِكُرَيَاتِ دَمِكِ البَيْضاءِ / سَتَزُورُ قَبْرَكَ أيُّها الغريبُ ذِئبةٌ مَشْلُولةٌ / فَاعْشَق الأزهارَ البلاستيكِيَّةَ / التي سَتُغَطِّي نَزِيفَكَ الحجَرِيَّ / ولا تَبْحَثْ عَن أقواسِ النَّصْرِ في كُحْلِ الصَّبايا الخائفاتِ مِن غُرفةِ الاعترافِ / سَيَكُونُ هَيْكَلي العَظْمِيُّ رَايَةً للعَاشِقِينَ في حُرُوبِهِم الخاسرةِ / سَيَجْلِسُ الجنودُ العائِدُونَ مِن الهزيمةِ في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / وتَسْقُطُ الأوسمةُ العَسكرِيَّةُ في البَطاطا الْمَقْلِيَّةِ .