05‏/10‏/2019

وحدي مع العوانس / قصيدة

وحدي مع العوانس / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     أيَّتُها السَّجينةُ التي لا يَحْتَفِلُ بِعِيدِ مِيلادِها غَيْرُ السَّجَّانين / تَقُودُ الذِّئبةُ جَمْعِيَّاتِ حُقوقِ المرأةِ في النَّهارِ / ثُمَّ يَغْتَصِبُهَا زَوْجُهَا في الليلِ / تُبَاعُ النِّساءُ في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ / سَامِحْني يَا أبي/ قَد صَارَتْ طُفولتي غَدَاءَ عَمَلٍ للقَرَاصِنَةِ عَلى شُطْآنِ الملاريا/ قِطَطُ الشَّوارعِ تَشْهَدُ عَلى دُموعي / وأنا الشَّاهِدُ عَلى مَوْتِ الفُقَراءِ في حَافلاتِ النَّقْلِ العَام /
     في صَوْتِ المطَرِ / اختَفَى صَوْتُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ تَحْتَ المطَرِ / سَأصيرُ رُومَانسِيَّاً عِندَمَا يَتَسَاوَى سِعْرُ الْمَرْأةِ مَعَ سِعْرِ بِرْميلِ النِّفْطِ / تَرَكْتُ قَلْبي في القِطَاراتِ / وَنَزَلْتُ في المحطةِ الخطأ / أدْفِنُ أخطاءَ الشَّجَرِ في خَطَايَا سِكَكِ الحديدِ / فَاتْبَعْ ضَوْءَ جُثماني نَحْوَ التِّلالِ /
     يُرَتِّبُ النَّخَّاسُونَ أشْلاءَ الضَّحايا كَرَبطاتِ العُنُقِ/ بَعْدَ قَطْعِ أعناقِ الحمَامِ بالْمَقَاصِلِ/ انتَهَى عُرْسُ التَّوابيتِ/ وَتَفَرَّقَ دَمُ السُّنونو بَيْنَ قَبَائِلِ الكَسْتَنَاءِ/ أيْتَامٌ في حَديقةِ المطَرِ الجريحِ / والأُرْجُوحةُ خَاليةٌ إِلا مِنَ الصَّدى / أهْرُبُ مِنَ الْحُبِّ / فَيَبْحَثُ عَنِّي الْحُبُّ / وأنا أبْحَثُ عَن جُثَثِ عَائِلتي في المرفأ الذي قَصَفَتْهُ الطائراتُ / أنا السَّاهِرُ في أزِقَّةِ الطاعونِ / وَالحشَرَاتُ تَسْكَرُ بِدُمُوعي /
     كُلُّنَا مُسَافِرُونَ / نَتْرُكُ مَقاعِدَنا الخشَبِيَّةَ في مَحطةِ القِطَاراتِ لِلْبَقِّ والأُمْنِيَّاتِ الجريحةِ / نُخَزِّنُ في حَقائبِ السَّفَرِ قُبُورَ أُمَّهَاتِنا / وَنُصَادِقُ الغَرِيباتِ في طَريقِ المجزرةِ / وَالليلُ يَسألُ ضَوْءَ الزَّنازين / أيْنَ سَيَذْهَبُ الْمُهَرِّجُ بَعْدَ إِغلاقِ السِّيركِ ؟ / كَانت الثِّيرانُ تَجُرُّ العَرَبَاتِ التي تَحْمِلُ النُّعوشَ المجهولةَ إِلى الغَيْمَاتِ / بُيُوتُنا زَنَازِين / آباؤُنا أسْرَى/ طُرُقَاتُنَا مُعَسْكَرَاتُ اعْتِقَالٍ / وأبراجُ الحمَامِ هِيَ أبراجُ الْمُرَاقَبَةِ / نَحْنُ الأحلامُ المقتولةُ /  لا تاريخٌ لِخُدُودِنا / وَلا جُغرافيا لِحَوَاجِبِ أشجارِنا / نَعِيشُ في عُلَبِ السَّرْدِينِ كأعْوَادِ الكِبْريتِ المنبوذةِ/ وَنَمُوتُ في عُلَبِ الكِبْريتِ كالسَّمَكِ الْمُطَارَدِ / نَسِينا وُجُوهَ أُمَّهَاتِنا في زَحْمةِ البَراويزِ/ وَلَن يَتَذَكَّرَ وُجُوهَنا غَيْرُ الرَّصاصِ الْحَيِّ / يَا أخِي السَّجَّان / كِلانا سَجِينٌ في مَملكةِ الجرادِ / أصْنَعُ مِن جِيَفِ النُّسورِ رَايَاتٍ للدُّوَلِ الْمُتَسَوِّلَةِ/ وَالحمَامُ الزَّاجِلُ يُغَطِّي تَابُوتَ الذاكرةِ/ فَاشْكُر النَّخَّاسِينَ الذين يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الإِمَاءِ والضَّفادعِ / تأتي وُجوهُ النِّساءِ المسْحُوقاتِ في ثَلْجِ المدينةِ الحزينةِ / نِسَاءٌ دَامِعَاتٌ وَرَاءَ سَتَائِرِ الصَّفيحِ الفُسْفُورِيِّ / أحلامُ الطفولةِ في أكواخِ الصَّفيحِ / وَفَتْرَةُ اكتئابِ الحقولِ كَفَتْرَةِ الحيْضِ للأشجارِ / أيْنَ سَتَذْهَبُ نَظَّارتي الشَّمْسِيَّةُ بَعْدَ مَوْتي في ضَوْءِ القَمَرِ ؟ / لَم تَعُدْ دِمَائي سِوى بِيتزا في مَطْعَمٍ مَنْسِيٍّ / أُصَادِقُ الأرَقَ / وأَخُونُ الاكتئابَ / لَكِنِّي تَاريخٌ مُوجَزٌ للعُقَدِ النَّفْسِيَّةِ .