23‏/10‏/2019

تيجان على رؤوس الأشباح / قصيدة

تيجان على رؤوس الأشباح / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     عِشْ في قَلْبِ امرأةٍ لِكَيْلا تَمُوتَ/ وَانْثُرْ أجفانَكَ عَلى عَرَقِهَا / لِتَظَلَّ تائهاً في غُربةِ الرُّوحِ /  أنا النَّجارُ في ذَاكرةِ حُطامِ السُّفنِ / أسْكُنُ في لُعَابِ البُحَيرةِ / لِيُضِيءَ لُعَابُها الذهبيُّ قَناديلَ الذهبِ/ ارْمِ عَقاربَ السَّاعةِ في مُسْتَوْدَعَاتِ الْمَرْفَأ / الذي قَصَفَتْهُ الطائراتُ / سَيَنْشُرُ قَوْسُ قُزَحَ أكفانَ الضَّحايا عَلى كَحْلِ رَاهبةٍ عَمْيَاءَ / سَيُدَافِعُ النَّهْرُ عَن حُقوقِ المرأةِ في الصَّباحِ / ويَغْتَصِبُ زَوْجَتَهُ في المساءِ / أَجْلِسُ عَلى مَقْعَدِ الدِّماءِ / وأنتظِرُ القِطَارَ الذي يَحْمِلُ جُثمانَ أبي /
     يَا أُخْتِي البُحَيْرة / أَمُوتُ جُوعاً وَتَمُوتِينَ عَطَشَاً / نَحْنُ مُتَعَادِلانِ في مَملكةِ السَّرابِ / سَوْفَ يُدْفَنُ الجِنِرَالُ في قَبْرٍ بِلا شَاهِدٍ في الغابةِ السِّحريةِ / نَبْكي مَعَ أشِعَّةِ القَمَرِ في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ / تَنْشُرُ التِّلالُ الغسيلَ عَلى أبراجِ الْمُرَاقَبَةِ / والكِلابُ البُوليسِيَّةُ تَعْزِفُ على البيانو / نَكْتُبُ أسماءَنا عَلى لَمعانِ السَّكاكين / والمطرُ يَكتبُ عَلى ضَوْءِ القَمَرِ وَصايا الْمَحْكُومِينَ بالإعدامِ /
     أنا الأوَّلُ في طَابُورِ الْمَشْنُوقِينَ / حَبْلُ مِشْنَقتي ثُلاثِيُّ الأبعادِ / أَعِيشُ خَارِجَ نَفْسي تَحْتَ مَطَرِ أَيْلُول / لأنَّ قَلْبي قَادَ انقلاباً عَسكرِيَّاً ضِدَّ كُرَيَاتِ دَمي / والفَراشاتُ تَكتبُ أسماءَها السِّرِّيةَ عَلى أوْعِيَتي الدَّمَوِيَّةِ / وذَلِكَ الشِّتاءُ البَعيدُ الذي بَكَيْنَا فِيهِ كَانَ دَمَوِيَّاً / نَكْتُبُ قِصَصَ الْحُبِّ عَلى كَبْسُولةِ السِّيانيدِ / والنُّسورُ تَأكُلُ جِيَفَ الملوكِ / وتُعَلِّقُ جَدَائِلَ النِّساءِ عَلى رَاياتِ القَبائلِ / زِنزانتي مُزَيَّنَةٌ بالطحالبِ وطوابعِ البَريدِ التِّذكارِيَّةِ وبَراويزِ الذِّكرى / ذَهَبَ أبي إلى الموْتِ / وبَناتُ آوَى تَتقاتلُ عَلى عُكَّازَتِهِ/ صُورةُ البَحْرِ عَلى حَدِّ الْخَنْجَرِ / وحِبَالُ المشانقِ مُعَطَّرَةٌ بِرَائحةِ الْمُلُوخِيَّةِ في ليالي الشِّتاءِ الطويلةِ /
     أنا ابْنُ الموْتِ الأوَّلِ / وَشَقيقُ الْحُزْنِ الثاني / سَتَنْمُو بَراميلُ النِّفطِ عَلى أغصانِ الشَّجَرِ / وتَتَوَهَّجُ ظِلالُ القَتْلَى عَلى ألواحِ صَدْري / سَيَكُونُ زُجاجُ نافذتي في المساءِ مَتْحَفَاً لِوُجُوهِ الأمواتِ/ قَفَصي الصَّدْرِيُّ مَفتوحٌ للمَصَابيحِ والدُّودِ والكَرَزِ / أنا الْمُهَاجِرُ والهِجْرةُ/ لَكِنَّ دِمَائي عَلى سَجَّادَةِ الصَّلاةِ / أَنامُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / والذبابُ يَتَسَاقَطُ عَلى جَسَدي / والْمُسَدَّسَاتُ تَبْكِي حَوْلِي / ورَاياتُ القَبائلِ تُظَلِّلُ جُثَثَ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
     يَا شَجَرَةَ الْخَوْخِ الوَحيدةَ في حَديقةِ الْجُثَثِ / لا تَضَعِي الْمُسَدَّسَ تَحْتَ الوِسَادةِ حِينَ تَنامِينَ / رَكَضَت الفَتَيَاتُ إلى الموْتِ / وَبَقِيَتْ ثِيَابُ الحِدَادِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / فَلا تَرْكُضِي وَرَاءَ شُيُوخِ القَبَائِلِ / سَأَمُوتُ مَخْذُولاً مِثْلَ عُثْمَانَ .