18‏/10‏/2019

خسرتُ الشركسيات ولم أربح الأرثوذكسيات / قصيدة

خسرتُ الشركسيات ولم أربح الأرثوذكسيات / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

( مَن يُرِدْ كُلَّ شَيْءٍ يَخْسَرْ كُلَّ شَيْءٍ )

     تُولَدُ زَهرةٌ دَموِيَّةٌ طاهرةٌ بَيْنَ الهِلالِ والصَّليبِ / وَتَرْمي العُقبانُ جَماجمَ الراهباتِ في زُجاجاتِ الشَّمْبَانيا / وَعِندَما أَمُوتُ سَأَتَحَرَّرُ مِنَ الفَراغِ العاطفِيِّ / أتزوَّجُ الدِّيدانَ وَأُنْجِبُ التُّرابَ/ لا شَارِعٌ يَحْمِلُ اسْمَ جُثتي الْمُتَحَلِّلَةِ/ ولا أوْسِمَةٌ تُزَيِّنُ عِظامي القَذِرَةَ/ يَصْطَدِمُ الجرادُ بِزُجاجِ الكاتِدْرَائِيَّاتِ/ هَذا النَّزيفُ في أجنحةِ الشَّلالاتِ يَمامةٌ للصَّوْتِ الكِلْسِيِّ الصَّدى الوَحْشِيِّ / أَحْضِرُوا تابوتَ الفَيَضَانِ في عِيدِ مِيلادِ الزَّبَدِ / لا أَبْحَثُ عَن مَجْدِ الأقنعةِ / أَبْحَثُ عَن وَجْهي خَارِجَ المرايا /
     الصَّدى مِرْآتِي / والأمواجُ طَلِيقَتِي / ودِمَاءُ السِّنديانِ عَلى مِشْطِ الذبابةِ / ونزيفُ الرَّاهبةِ العَمْياءِ عَلى فُرشاةِ أسنانِها / يَنْشُرُ حُزْنُ الفَراشاتِ الغسيلَ عَلى شَجرةِ الضَّبابِ / شَرْكَسِيَّةٌ تعتني بِحِصَانِها في سَيْبِيريا/ وَتُرَبِّي الفُهودَ في رُموشي الْمُبْتَلَّةِ بالرَّصاصِ / لَم أَشْرَب الفُودكا مَعَ الرَّاهباتِ في حِصَارِ ستالينغراد / فَازْرَعِي الْخَنْجَرَ الفُسْفُورِيَّ بَيْنَ فَلْسَفَتِي وَهَلْوَسَتِي / وَكُونِي مِثْلَ رَاهبةٍ تَنْسَى عُلبةَ الكِبْريتِ في مَطْبَخِ الدَّيْرِ / وَاحْرِقِي سُفُني / لَن أَعُودَ إلى صَدْرِ أُمِّي / انكَسَرَتْ جَدائلُ أُمِّي بَيْنَ شَهيقي وزَفيري / فَاذْكُرِي فَصيلةَ دَمي حِينَ تَمْشِي الشَّرْكَسِيَّاتُ في جِنازتي / وَتَقْرَأُ الفَراشاتُ حِكَايتي / تَتَزَاوَجُ الصُّقورُ عَلى كَتِفِ حَارِسِ مَقْبرتي / وَيَسْتَسْلِمُ الجنودُ بَيْنَ رَسائلِ الغرامِ والْحُبُوبِ الْمُنَوِّمَةِ / سَقَطَ كُحْلُ النِّساءِ في الخنادقِ / ويُغَنِّي الأغرابُ للأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ /
فَلا تَكْرَهِي ذِكْرَياتِ الرَّمْلِ حِينَ يَرْحَلُ البَدَوِيُّ مِنْ بَيْتِ الشَّعْر إِلى الْمَحْفِلِ الماسُونِيِّ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاعَ / وَلَم يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ أبكي عَلَيْهِ / فَابْكِي عَلَيَّ لِتُصْبِحَ أجفانُ اللبُؤَاتِ مُسْتَنْقَعَاً / وَأَصْطَادَ الضِّفدعةَ الْمُكْتَئِبَةَ في الليلِ السَّحيقِ / حُزني نَبَاتِيٌّ / وَاكتئابي آكِلُ لُحُومٍ / قَبْرُ الفَراشةِ غَارِقٌ في طِينِ الشِّتاءِ/ وَقَبْرُهَا في قَلْبي لا يَغْرَقُ/ هَذِهِ المقبرةُ مَمْلَكتي/ والأضرحةُ جُنودُ الصَّدى الْمُنْتَصِرُونَ / والملوكُ المهزومُونَ يُبَدِّلُونَ أقنعةَ الإِمَاءِ/ خَسِرْتُ الشَّرْكَسِيَّاتِ خَسِرْتُ الأُرْثُوذُكْسِيَّاتِ / مَا أصْعَبَ أن تَخْسَرَ مَرَّتَيْنِ في حَرْبٍ وَاحدةٍ / أُوَحِّدُ أمواجَ البَحْرِ ضِدَّ البَحْرِ / أُوَدِّعُ الغرباءَ الذينَ يَبْنُونَ قُصُورَ الرَّمْلِ بَيْنَ الكافيارِ والصَّدَمَاتِ العاطفِيَّةِ / تُصْبِحُ عُلَبُ السَّرْدِينِ وَاقِياً ضِدَّ الرَّصاصِ / وَتُوقِفُ شَرْكَسِيَّةٌ سَيَّارةَ المرسيدسِ أمامَ قَبْري / تَقْرَأُ الفاتحةَ / وَتَرْحَلُ إلى شَمْسِ الشِّتاءِ .