06‏/11‏/2019

أعتذر عن عِشقي للبحيرة الخائنة / قصيدة

أعتذر عن عِشقي للبحيرة الخائنة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

     يَلْمَعُ المطَرُ عَلى أوتادِ خِيَامِ اللاجِئينَ / والفُقَرَاءُ يَحْرُثُونَ أجسادَ نِسَائِهِم بَحْثاً عَن فَواتيرِ الكَهْرَباءِ/ سَوْفَ تُطْفِئُ الأمطارُ شُموعَ أبجدِيَّةِ الدِّماءِ / دَمُ الْحَيْضِ يَختلِطُ بألوانِ لَوْحَاتِ المتاحفِ/
     أنا الرَّاعي المقتولُ بَيْنَ قِمَّةِ الجبَلِ وَصَوْتِ النَّايِ / وَلَيْسَ في القَطيعِ سِوَى دُودةٍ وَاحدةٍ / أيُّها الدُّودُ الذي سَيَأكُلُ لَحْمي / هَل تَعْرِفُ دُموعَ أُمِّي في صُحُونِ المطبخِ ؟/ هَل تَعْرِفُ عُكَّازةَ أبي في سُعالِ الشِّتاءِ ؟ / أنا الغريقُ وأنا البَحْرُ / فَهَل أنا قَاتِلٌ أَمْ ضَحِيَّةٌ ؟ / لا ضَرِيحَ لِي إِلا الذِّكريات /
     مَاتت الفَتَيَاتُ في صَوْتِ البيانو تَحْتَ مَطَرِ الذِّكرياتِ / وَالطيورُ الجارِحةُ تَكْتُبُ وَصِيَّتَهَا في جَوَارِحِي / وَتَرْقُصُ بَنَاتُ آوَى في عُرْسِي / أنا العَرِيسُ المصلوبُ في لَيْلةِ العُرْسِ / وَلَيْلةُ الدُّخلةِ هِيَ سِفْرُ الْخُرُوجِ/ لا فَرْقَ بَيْنَ الدُّخولِ والْخُرُوجِ / إذا كَانتْ أجنحةُ النُّسورِ تَتساقطُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / ولا فَرْقَ بَيْنَ الاحتضارِ والموْتِ / إذا بَدَأَت النَّوارسُ في حَفْرِ القُبُورِ /
     أَبْجَدِيَّتِي تَسِيرُ بِعَكْسِ عَقَارِبِ السَّاعةِ / لَكِنِّي أَمْشِي إلى ضَرِيحي مَعَ عَقَارِبِ السَّاعةِ / والنَّهْرُ دَخَلَ إلى غُرفةِ العِنَايةِ الْمُرَكَّزَةِ وَحِيداً / عَاشَ وَحيداً في غُرفةٍ بِلا سَرِيرٍ / وَمَاتَ وَحيداً عَلى سَرِيرٍ بِلا غُرفةٍ / وَثلاجةُ الموتى لَم يَعُدْ فِيها غَيْرُ البُوظةِ والأطفالِ والذِّكرياتِ / يُنَقِّبُ الفُقَرَاءُ عَن نُهُودِ نِسَائِهِم المقطوعةِ في مَنَاجِمِ الفَحْمِ / وَأَبْحَثُ عَن جُثَثِ الفُقَرَاءِ تَحْتَ بَسَاطِيرِ الْجُنُودِ / فيا قَلبي الوحيدَ بَيْنَ الحواجزِ العَسكريةِ والكِلابِ البُوليسِيَّةِ / عَلَيْكَ أن تَمُوتَ مَرَّتَيْنِ / مَرَّةً عِندَما ضَاعَت الأندلسُ / وَمَرَّةً عِندَما ضَاعَت الشَّرْكَسِيَّةُ /
     أَنتَ فَأرُ التَّجَارُبِ الحاكِمُ عَلى قَطيعِ الغَنَمِ / لا تَسْرِقْ نَايَ الرَّاعي / وَلا تَخُنْ دُموعَ نِسَاءِ القَبيلةِ / ابْنِ ضَرِيحَكَ بَيْنَ الدِّيمقراطِيَّةِ البَدوِيَّةِ وَحُقوقِ المرأةِ / لا ذُكُورةٌ إلا ذِكُورةَ حَبْلِ المِشْنقةِ / وَلا أُنوثةٌ إلا أُنوثةَ المِقْصَلةِ / والطحالبُ تَلْعَبُ الغولفَ في استراحةِ الْمُحَارِبِ /
     أيُّها البَحْرُ المنبوذُ / عِشْ كَمَا يُرِيدُ الزَّبَدُ / لا قَانونُ الطوارئِ يُدَافِعُ عَن ذِكرياتِ الْمَوْجِ / ولا قَطِيعُ الغَنَمِ يُدَافِعُ عَن تِيجانِ الملوكِ/ تَقْتُلُ الحضارةُ زَوْجَها / وَتَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ عَشِيقِهَا / مَقَاعِدُ مَحطةِ القِطَاراتِ مِنْ عِظَامِ الأطفالِ / وأمطارُ الدَّمِ تُسَافِرُ بَيْنَ مَلاقِطِ الغسيلِ وَمَلاقِطِ الْحَوَاجِبِ / سَتَرْتَدِي الفَرِيسَةُ قِنَاعَ صَيَّادِهَا في آخِرِ الخريفِ / فَابْدَأ مِن حَيْثُ انتهى الْمَوْجُ / وَكُنْ بَدْءَ المِلْحِ في دُموعِ اليَمَامِ / أنا بِدايةُ قَطَرَاتِ المطرِ وَنِهَايَةُ دُموعِ الشِّتاءِ / أَلْهَثُ وَرَاءَ الذِّكرياتِ الْمُسْتَحِيلَةِ / والشُّعوبُ تَلْهَثُ وَرَاءَ رَغِيفِ الْخُبْزِ الْمُسْتَحِيلِ .