03‏/12‏/2023

رقصة في مدار السرطان

 

رقصة في مدار السرطان

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

     سَرَطَانُ الثَّدْيِ لَمْ يَرْحَم الرَّاقصاتِ / دُودُ المَقابرِ سَيَأكُلُ الصُّدورَ المُمْتَلِئَةَ / كِلابٌ بُوليسِيَّةٌ بَيْنَ الثَّدْيَيْن / كُنَّا سَنُصْبِحُ رُومانسِيِّينَ لَوْ سَمِعْنا رَنينَ دَمْعِ الرَّاهباتِ/في الأديرةِ الثَّلجيةِ بَيْنَ حِصارِ بَيْرُوتَ وَحِصارِ ستالينغراد/ لَيْتَ الطريقَ بَيْنَ البَحْرِ والمقبرةِ أقصرُ مِن حَبْلِ المِشْنقةِ / لَيْتَني حَبَّةُ كَرَزٍ بَيْنَ الاكتئابِ والوَسْوَاسِ القَهْرِيِّ /

     دَمُ النَّوارسِ يَحْمِي بَوَّابةَ المقبرةِ مِنَ الصَّدأ / وأنا أُقَبِّلُ يَدَ أبي قَبْلَ إعْدَامِهِ / وأركضُ إلى البَحْرِ النُّحَاسِيِّ / كَي أبكيَ مَعَ طُيورِ البَحْرِ التي هَاجَرَتْ مِن دَمِي/ أنا الطِّفلُ اليَتيمُ/ أبيعُ العِلكةَ وَكُرَيَاتِ دَمي على إشاراتِ المُرورِ / وأنا الدَّمْعُ المَنبوذُ في مُدُنِ الطاعونِ / أُدَافِعُ عَن شَرَفِ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ في الشَّوارعِ المُعَبَّدَةِ بأغشيةِ البَكَارَةِ / وَالنَّخَّاسُونَ يَبيعُونُ جُلُودَ القِطَطِ المُشَرَّدَةِ /  لِيَشْتَرُوا أحمرَ شِفَاهٍ للسَّبايا / والنَّوارسُ المشلولةُ تَغسِلُ بَلاطَ السُّجُونِ بِدَمِ الحَيْضِ /

     آتِيًا مِن مَوْسِمِ المَشَانِقِ كالتُّوتِ البَرِّيِّ / ذَاهِبًا إلى مَوْسِمِ التَّزَاوُجِ كالحَشَرَاتِ البلاستيكِيَّةِ / نَسِيَ العُشَّاقُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في صَوْتِ الرَّصاصِ/وأنا شَجَرَةُ الكَرَزِ اليَتيمةُ بَيْنَ الرَّصَاصِ الحَيِّ والرَّصَاصِ المَطَّاطِيِّ / أركضُ في طُرُقَاتِ الليلِ/ وأبكي كالرَّمْلِ وَحِيدًا / لِئَلا يَرى البَحْرُ دُمُوعي /

     أنا الرُّومانسِيُّ العَاطِلُ عَن العَمَلِ / أبْحَثُ عَن دِمَاءِ آبائي بَيْنَ بَناتِ أفكاري وبَناتِ آوَى / جُثَّتي مَجهولةُ الهُوِيَّة / والنَّوَارِسُ تَحترِقُ في الشَّفَقِ البَعيدِ فَوْقَ غَابةِ النِّسَاءِ المُتَوَحِّشَاتِ / دَمُ الحَيْضِ للرَّاهباتِ هُوَ ثَلْجٌ عَلى مِدْخَنةِ الدَّيْرِ / وَدَمِي الأخضرُ يَصُبُّ في الشَّايِ الأخضرِ كالنَّهْرِ الأعمى/ وأحزاني مَنْبَعٌ بِلا مَصَبٍّ / واكتئابي انقلابٌ عَسكريٌّ ضِدَّ حَبَّاتِ الكَرَزِ / وجَسدي تاريخٌ بِلا جُغرافيا / فَيَا أيَّتُهَا الأُمُّ التي تَزِيدُ وَزْنَ طِفْلِهَا كَي يَأكُلَهُ الدُّودُ / إنَّ اللعبةَ انتَهَتْ /

     نُهُودُ النِّساءِ المَقطوعةُ مَصْفُوفةٌ كالتَّوابيتِ على رَصيفِ المِيناءِ / والمساءُ يَرْسُمُ الذُّعْرَ عَلى وُجوهِ النِّساءِ / والفِئرانُ الكريستالِيَّةُ تأكُلُ خُدُودَهُنَّ / وأظافرُ السُّجَناءِ تَلْمَعُ كَما يَلْمَعُ الحُزْنُ في عُيون النِّساءِ / وَجُثَثُ العُشَّاقِ في الشَّوارعِ / والذِّكرياتُ في حُفَرِ المَجَاري /

     رَمَيْنَا قُمصانَ النَّوْمِ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ/ وانتَهَتْ لُعبةُ الرُّومانسيةِ/ كَما تَنتهي أحزانُ الشَّاطئِ بَيْنَ جُلُودِ الغَرْقَى وَفِئْرَانِ السَّفينةِ / صَارَ الخليفةُ عَاجِزًا جِنْسِيًّا / وَصَارَت السَّبايا عَاطِلاتٍ عَن العَمَلِ / وَلَن تَستطيعَ السَّبايا أن يُفَرِّقْنَ بَيْنَ السَّائِلِ المَنَوِيِّ وَسَائِلِ الجَلْيِ / كَيْفَ أَرْكَبُ المَوْجَةَ وقَد مَاتَ البَحْرُ بَيْنَ قَارُورةِ العِطْرِ وقَارُورةِ السُّمِّ ؟ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ بَحْرٌ كَي نُتَاجِرَ بِدُمُوعِهِ .