22‏/02‏/2024

النشيد الوطني لبساطير العسكر

 

النشيد الوطني لبساطير العسكر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     ذَهَبَت النِّساءُ إلى الاغتصابِ في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ/ وَبَقِيَتْ جُثَثُ الأطفالِ عَلى أراجيحِ حَديقةِ المَوْتِ / تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الحَجَرِيَّةِ/ وابْنَةُ حَفَّارِ القُبورِ نَسِيَتْ مَلاقِطَ الحواجِبِ تَحْتَ أشجار المقبرةِ / فَيَا أيُّها الغريبُ/ الْتَقِطْ لِي صُورةً تَذكاريةً بِجَانِبِ جُثتي الأثريةِ في مَتاحفِ الوَهْمِ/

     أشِعَّةُ القَمَرِ تَحْرُثُ جِلْدِي / كَمَا تَحْرُثُ تَوابيتُ العُشَّاقِ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ/ يَنتهي تَاريخُ الجَرَادِ في مُدُنِ السَّرابِ / وَحَقائبُ المَلِكَاتِ مَصنوعةٌ مِن جُلودِ العَبيدِ/ وَحِبَالُ المشانقِ مَجْدُولةٌ مِن شَعْرِ السَّبايا / فَابْحَثْ أيُّهَا المَوْجُ القِرْمِزِيُّ عَن فَرَاشَةٍ تَبْكي عَلَيْكَ بَعْدَ مَوْتِكَ / وَتَنْشُرُ ثِيَابَ الحِدَادِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / الذي يَفْصِلُ بَيْنَ أشلاءِ الأيتامِ وَفُوَّهَاتِ المَدَافِعِ / قَصَفَت الطائراتُ حَبْلَ الغسيلِ / واختفى عِطْرُ الزَّوابعِ مِن مَناديلِ الوَدَاعِ / وَسَقَطَ كُحْلُ الغَزَالاتِ في المُسْتَنْقَعَاتِ /

     شَظَايا جَماجمِ العُشَّاقِ تَغرَقُ في الشَّايِ الأخضرِ المَتْرُوكِ للحَشَرَاتِ والذِّكرياتِ / وَالرِّيحُ تُلْقِي رُفَاتَ الجُنودِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ/ والأوسمةُ العَسكريةُ في حَاوياتِ القُمامةِ / والصَّدَأُ أكَلَ مَساميرَ نَعْشي وأوسمتي العسكريةَ / التي مَنَحَنِي إيَّاها البَعُوضُ / بَعْدَ هُرُوبي مِن مَعركةِ العِشْقِ/

     أُجَدِّدُ شَبابي في المَقَابرِ الجَمَاعِيَّةِ / وأعِيشُ مُرَاهَقَتِي المُتَأخِّرَةَ في الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ / لا نِسَاءٌ يَتَشَمَّسْنَ في ثُقُوبِ جِلْدي / ولا نافذةٌ لِزِنزانتي تُطِلُّ عَلى البَحْرِ / أُطَارِدُ أحلامَ الطفولةِ الضَّائعةَ بَيْنَ الأكفانِ المُضيئةِ وَطُيورِ البَحْرِ البَاكِيَةِ/والقَنَّاصُ الأعمى يَقِفُ بَيْنَ بُرْجِ الكَنيسةِ وَبُرْجِ الحَمَامِ/ وَيُطْلِقُ الرَّصَاصَ عَلى نُهُودِ النِّسَاءِ وَقِطَطِ الشَّوارعِ / أضاعَ الحَمَامُ الزَّاجِلُ رَسَائِلَ العُشَّاقِ بَيْنَ طَعْمِ التُّفَّاحِ وَرَائِحَةِ الرِّمَاحِ / وانكَسَرَتْ أُنوثةُ السَّنابلِ في طَيْفِ الغُروبِ / نَحْنُ خَاسِرُونَ في المَعاركِ/ لَكِنَّنَا نَبْني أقواسَ النَّصْرِ عَلى أجسادِ الفُقَرَاءِ/ والأراملُ يَنْثُرْنَ أكاليلَ الغَارِ عَلى جَثامينِ الجُنودِ/ الذينَ هَرَبُوا مِنَ المَعاركِ / كَي يُجَامِعُوا زَوْجَاتِهِم عَلى خَشَبَةِ المَسْرَحِ /

     عِندَما تُصَابُ أشجارُ المقابرِ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ/تَرْكُضُ ابنةُ حَفَّارِ القُبورِ إلى ضَرِيحِهَا في الغُروبِ/ وَتَسْبَحُ خُدُودُ النَّوَارِسِ في الغُيومِ الحمراءِ / سَتَنْتَهِي الحَرْبُ يا حَفَّارَ قَبْري / لكنَّ الجنودَ القَتلى لَن يَعُودُوا إلى أُمَّهَاتِهِم/ وَلَن تَعُودَ الأراملُ الشَّابَّاتُ إلى ذِكْرَيَاتِهِم/ سَتَنْمُو الجَوَّافَةُ في فُوَّهَاتِ المَدَافِعِ/ وَتَتساقطُ أوراقُ الخريفِ عَلى المُسَدَّسَاتِ المَطْلِيَّةِ بأحْزَانِ الطُّفولةِ / اكتشفَ البَدْوُ الرُّحَّلُ آبارَ النِّفْطِ بَيْنَ أفخاذِ النِّسَاءِ / وَدَمُ الحَيْضِ للرَّاهباتِ عَلى الثلجِ الأزرقِ الذي يُغَطِّي أجراسَ الكَنائسِ / والصَّليبُ بَيْنَ نَهْدَي الذِّئبةِ هُوَ أرشيفُ الاحتضاراتِ في المَسَاءِ الزَّهْرِيِّ .