10‏/03‏/2024

أغنية وطنية ضائعة بين الغنائم والرهائن

أغنية وطنية ضائعة بين الغنائم والرهائن

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     سَوْفَ تَشْنُقُنِي الذِّكرياتُ في طَريقِ العَرائسِ إلى لَيْلةِ الدُّخلةِ / سَوْفَ تَغتالُني الفَراشاتُ في طَريقِ الرَّاهباتِ إلى غُرفةِ الاعترافِ / تَنهمرُ شَظَايا جَماجمِ العُشَّاقِ في عَصيرِ الليمونِ / وَحِبَالُ المشانقِ تُمَزِّقُ أعصابَ البَناتِ المجروحاتِ عاطفيًّا / اللواتي يَنْشُرْنَ الغسيلَ على أشجارِ المقبرةِ / ويَبْحَثْنَ عَن الصُّوَرِ التَّذكاريةِ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ / يا أيُّها الوَطَنُ الضَّائعُ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ / مَتى تَنتهي حَرْبُ الجِرذانِ التي تَركضُ في الهياكلِ العَظميةِ؟/مَتى يُوَزِّعُ الفَجْرُ الكاذبُ الأوسمةَ عَلى القَتلى في المساءِ الرُّومانسيِّ؟/ إنَّ مِلْحَ دُموعي كَمُصَارِعِ الثِّيرانِ المُبْتَدِئِ / لَيْسَ أمَامَهُ إلا الاحتضارُ أوْ إلقاءُ الوُرُودِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ/مَاتَت النِّسَاءُ في أزِقَّةِ الجَرَادِ / وَبَقِيَت الضَّحِكَاتُ في مَمَرَّاتِ البُيُوتِ الباردةِ / وجُثةُ الرُّبَّانِ هِيَ هُدنةٌ بَيْنَ فِئرانِ السَّفينةِ وفِئرانِ التَّجَارُبِ /

     سَوْفَ أَسْتَغْنِي عَن حَبْلِ مِشْنَقتي / عِنْدَمَا تَسْتَغْنِي النِّسَاءُ عَنِ المِكْيَاجِ / والطِّفْلُ الغريبُ يَحْتَضِنُ جُثةَ أبيهِ بَيْنَ أنقاضِ بَيْتِهِ / الذي قَصَفَتْهُ الطائراتُ الحربيةُ / أنا مُمَزَّقٌ عاطفيًّا / جَسَدي مَعَ الذُّبابةِ/ وَقَلبي مَعَ الفَرَاشةِ / وَجَوَارحي أعشاشُ الطيورِ الجارحةِ / فيا دَمِي الأخضرَ/ خُذ مكاني في قَائمةِ الضَّحايا / وَامْنَحْنِي أحلامَ الطفولةِ الضَّائعةِ / كَي أُزَيِّنَ بِهَا أثاثَ المَنَافي / يا قَاتِلِي الأنيقَ /  كُن شَاعِرًا / لِتَرْثِيَ طُيورَ البَحْرِ / وَتَرِثَ عِظَامي في طُرُقَاتِ البَعُوضِ / وَتَكْتُبَ هَدِيلَ الأبجديةِ عَلى شَاهِدِ قَبْرِي /

     جَسَدُ البُحَيْرَةِ كالغِرْبَالِ مِن أثَرِ الرَّصَاصِ / وَبَسَاطِيرُ العَسْكَرِ عَلى نُهُودِ الجَوَاري في مَملكةِ المُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ / والجَرَادُ أكَلَ حَنَاجِرَ الإمَاءِ في لَيالي الخريفِ / والخَنْجَرُ المَسمومُ بَيْنَ رِئَتَيْكِ أيَّتُها الذِّئبةُ التي تَعْشَقُنِي وتَغتالُني/ أنا النَّوْرَسُ المنبوذُ / أحْتَرِقُ في المَدَارِ وَحِيدًا / لا أقْدِرُ أن أتَحَرَّرَ مِنَ المَدَارِ/ ولا أقْدِرُ أن أهْرُبَ مِنَ البَحْرِ / أعْشَقُكِ أيَّتُها البُحَيْرَةُ الغامضةُ لأعْشَقَ عَذَابي/ وأعْرِفُ أنَّكِ تَعْشَقِينَ احتضاري في شِتَاءِ أحلامِ الطفولةِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَعْرِفُ أنَّ جُثتي المجهولةَ سَتَطْفُو عَلى سَطْحِ البُحَيْرَةِ الزَّهْرِيَّةِ ذَاتَ مَسَاء /

     في أُمْسِيَّاتِ الخريفِ الحزينةِ / أُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى الذِّكرياتِ / لأتَحَرَّرَ مِن رَائحةِ المَطَرِ في أخشابِ تابوتي / والأيتامُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تَشْرِيحِ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم/ بَيْنَ رَاياتِ القَبائلِ وأعلامِ القَرَاصِنَةِ / والزَّوابعُ نَسِيَت المَشروباتِ الغازِيَّةَ في ثَلاجةِ المَوْتَى / وَشَظَايا جَماجمِ الأُمَّهاتِ تَتَسَاقَطُ في صُحُونِ المطبخِ البلاستيكيةِ / والجِرذانُ تَلْتَهِمُ نُهُودَ النِّساءِ في مَتَاحِفِ الاحتضارِ .