09‏/03‏/2024

القرصان المحنط في رايات القبائل

 

القرصان المحنط في رايات القبائل

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     الذِّئَابُ القِرْمِزِيَّةُ تَرْكُضُ في شَراييني النُّحَاسِيَّةِ / وَخُدُودُ الأمواتِ عَلى زُجاجِ القِطاراتِ / وَصَفِيرُ القِطاراتِ في عِظَامِ الضَّحَايا / وأنا المَنْفِيُّ في مَحطةِ القِطاراتِ الجليديةِ / بَيْنَ جَدائلِ أُمِّي وَرَائحةِ الحُزْنِ / مِلْحُ دُموعي بُوصلةٌ للأمْوَاتِ الذينَ نَسُوا عِظَامَهُم / بَيْنَ رَائحةِ الخُبْزِ وَصَوْتِ البيانو / وَصَوْتُ الكَمَانِ مَكْسُورٌ تَحْتَ أمطارِ الخريفِ / وَسُعَالي دَلِيلٌ سِيَاحِيٌّ للقَتْلَى الذينَ يَمْشُونَ في عُرُوقي الكريستالِيَّةِ / وَلَمْ يَجِدُوا مَن يَدْفِنُهُم بَيْنَ وَمِيضِ البَرْقِ وَصَوْتِ الرَّعْدِ /

     كُنْ مُخْلِصًا للصَّحراءِ أيُّها السَّرابُ / كَي تَدْفِنَ أُمَّكَ في المَقابرِ الجَمَاعِيَّةِ/ وَتَبْحَثَ عَن رُفَاتِ أبِيكَ في أرشيفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / والضَّحِيَّةُ أوْصَتْ أن يُكْتَبَ عَلى شَاهِدِ قَبْرِهَا / الفَرَاشَةُ العَذرَاءُ في مَملكةِ الاغتصابِ/

     لا مُسْتَقْبَلَ للطحالبِ سِوَى حَناجرِ البَناتِ / ولا مُسْتَقْبَلَ للهزائمِ العَسكريةِ سِوَى الأغاني الوَطنيةِ / يا أيَّتُهَا الضِّفْدَعَةُ التي تُتَاجِرُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا في المُسْتَنْقَعِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / لَقَد جَاءَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ مِن القُصورِ الرَّمليةِ التي هَدَمَهَا المَوْجُ/ ومَاتتْ أحلامُ الطفولةِ/ وانتَهَت الذِّكرياتُ /

     يا شَجَرَ المَنَافي الفِضِّيَّ / لا تَلْعَبْ بِمَشَاعِرِ ابنةِ حَفَّارِ القُبورِ / احْتَرِمْ أُنوثةَ الرِّمَالِ البَاكِيَةِ في المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ/ كَيْفَ أعيشُ احتضاري يا طُيورَ البَحْرِ؟/إنَّ الحواجزَ العَسكريةَ تتكاثرُ في أوعيتي الدَّمويةِ/ كَيْفَ أعْشَقُ اغتيالي يا عَصافيرَ المُستحيلِ؟/إنَّ نِقَاطَ التَّفتيشِ تَبِيضُ في قَفَصِي الصَّدْرِيِّ/

     الزَّوابعُ المُخْمَلِيَّةُ تَبْحَثُ عَن غَابةٍ عَذرَاء / تَتَقَاعَدُ فِيها المُومِسَاتُ العَاجِزَاتُ بَعْدَ خُرُوجِهِنَّ مِنَ المِهْنَةِ / وَالبَحْرُ المَشلولُ يَجْرَحُ مَشاعرَ البُحَيرةِ في لَيْلَةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْرَبَائِيِّ / والخَنْجَرُ المَسمومُ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ يا ذِئبةَ الحَضَارَةِ الوَرْدِيَّةِ /

     جُثتي مَجهولةٌ في الوَطَنِ المَجهولِ / وتَطْفُو عَلى سَطْحِ بُحَيْرَةٍ غَامضةٍ / لَكِنَّ زِنزانتي الانفراديةَ تُطِلُّ عَلى بَحْرِ الوَدَاعِ/ والسُّفُنُ المُحَمَّلَةُ بأشلاءِ الضَّحايا تُبْحِرُ في السَّحَرِ/ والغريبُ يَجْلِسُ عَلى عَرْشِ الأنقاضِ كَي يَدْفَعَ ضَريبةَ القَتْلِ/ وأُغْنِيَاتُ الانقلابِ العَسكريِّ عَلى طَوَابِعِ البَرِيدِ التَّذكاريةِ / والطحالبُ في المُسْتَنْقَعَاتِ لَن تَعْرِفَ أشِعَّةَ القَمَرِ / يا أيَّتُهَا الجَارِيَةُ التي تَفْتَخِرُ بِحَجْمِ صَدْرِهَا في المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ / إنَّ أرشيفَ الضَّحايا في مَتاحفِ الفَنِّ التَّشْكِيلِيِّ /

     رُفَاتُ الغُرَبَاءِ يُزَيِّنُ سَقْفَ الزِّنزانةِ الكريستاليةِ / وَدُخَانُ السَّجائرِ يَملأُ جَوَّ المكانِ / بَعْدَ ضَياعِ الزَّمانِ في المَنَافِي / وَجُثَتُ الجُنودِ المُتَفَحِّمَةُ مَنْسِيَّةٌ في الخَنَادِقِ/والنُّسُورُ تَحُومُ في ذَاكرةِ الشَّفَقِ .