07‏/03‏/2024

ألعب الغولف في حفر المجاري

 

ألعب الغولف في حفر المجاري

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     طَيْفُ الغريباتِ يَفْتَرِسُ أشلائي التي تُزَيِّنُ حُفَرَ المَجَاري / وَطُيُورُ المَطَرِ شَبِعَتْ مِن جِيَفِ الجنودِ القَتلى / وَالمَوْجُ يَكْتُبُ وَصِيَّةَ البَحْرِ عَلى جُثَثِ الغَرْقَى / وَالزَّوَابعُ تَنْحِتُ في عِظَامِ الضَّحايا أرقامَ الزَّنازين / وَفِئْرَانُ الكَهْرَمَانِ تأكلُ خُدودَ الجَوَاري في أرشيفِ الحُبِّ الأوَّلِ / والشَّاحناتُ العَسكريةُ مُحَمَّلَةٌ بِتَوابيتِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ / وَرُفَاتُ الجنودِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والصَّدَأُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الأوسمةِ العَسكريةِ وَبَوَّابةِ المقبرةِ / إنَّ مِشْنَقتي مُعَدَّلَةٌ وِرَاثِيًّا/ وأنا الغريبُ في دِمائي/ الهاربُ مِن أشلائي/ سَأهْرُبُ مِن حَجْمِ مِشْنَقتي / عِندَما تَهْرُبُ المَرْأةُ مِن حَجْمِ ثَدْيَيْهَا /

     الجِرْذَانُ الفُسْفُورِيَّةُ تَرْكُضُ في أمعاءِ النِّساءِ المصلوباتِ عَلى أعمدةِ الكَهْرباءِ في مُدُنِ الطاعونِ/ رَمَيْتُ أحلامَ طُفولتي الضَّائعةِ في أرشيفِ القَرَابين / وَتَحَرَّرْتُ مِن ضَوْءِ القَمَرِ في أُمْسِيَّاتِ الخريفِ / لَكِنَّ الطحالبَ تُلَوِّنُ حِيطانَ زِنزانتي الانفراديةِ / والبَقَّ يَلْتَهِمُ خَشَبَ البَرَاوِيزِ التي تَحْضُنُ صُوَرَ عَائِلَتي/ عَلِّمِيني السُّقُوطَ في قَلْبِكِ لأصِيرَ طَيْفًا للنَّيَازِكِ/ تَحَطَّمَتْ أُنوثةُ النَّيازكِ بَيْنَ مَلاقِطِ الحواجِبِ وَمَلاقِطِ الغسيلِ / وَنَسِيَت الفَتَيَاتُ مَلاقِطَ الغسيلِ عَلى سُورِ المقبرةِ / وَذَهَبْنَ إلى فِرَاشِ المَوْتِ أوْ فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ / وَنَسِيَ الغُرَبَاءُ رَائحةَ المَطَرِ في الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ /

     يَرْعَى المَسَاءُ قَطِيعًا مِنَ العَناكبِ الذهبيةِ في أجفانِ الأراملِ المَنْسِيَّاتِ / وَتَحَلَّلَت الجُثَثُ المَنْسِيَّةُ تَحْتَ الأنقاضِ / والتَّوابيتُ مَصْفُوفةٌ عَلى رَصيفِ المِيناءِ كَصَناديقِ المَشْرُوبَاتِ الغَازِيَّةِ / وَيَنْهَمِرُ صَدَأُ مَساميرِ نَعْشِي في كُحْلِ الصَّبايا الصَّاعداتِ إلى خَشَبَةِ الإعدامِ/ ولا تَزَالُ رَائحةُ الجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ في ثُقُوبِ جِلْدِي / وأنا البَحَّارُ التَّائِهُ بَيْنَ حُطَامِ قَلْبي وَحُطَامِ سَفِينتي /

     انكَسَرَ جَيْشُ كُرَيَاتِ دَمِي في مَعركةِ السَّرابِ/كَمَا انكَسَرَتْ قِطَعُ الشُّوكولاتةِ في يَوْمٍ مُشْمِسٍ مُنَاسِبٍ لِحَفَلاتِ الإعدامِ / أعيشُ بَيْنَ ذُكُورةِ حَبْلِ المِشْنَقةِ وَأُنوثةِ السَّنابلِ/ أنا جُثَّةٌ ضَوْئِيَّةٌ / لأنَّني دَفَنْتُ رُوحِي بَيْنَ أرواحِ الشَّركسياتِ/ وَبِعْتُ عِظَامِي على إشاراتِ المُرُورِ لأشتريَ رَصاصةَ الرَّحمةِ/

     خَبَّأتُ كُرَيَاتِ دَمِي في شَرايينِ الشَّركسياتِ/ لكنَّ نَعْشِي يَسْبَحُ في مَدَارِ الذِّكرياتِ المُتَوَحِّشَةِ/ وَمِلْحَ دُمُوعي لَمْ يَتَحَرَّرْ مِن كُحْلِ الشَّركسياتِ / الذي يُضِيءُ غَاباتِ المَنْفَى أمامَ طُيورِ البَحْرِ /

     دَخَلَت العَصَافِيرُ المُلَوَّنةُ في مَدَارِ الاحتراقِ / وأحْزَانُ طُفُولَتي خَرَجَتْ مِن رُفَاتي وَلَمْ تَعُدْ / وَبَنى الأيتامُ القُصورَ الرَّمليةَ وَهَدَمُوها / وأنا بَنَيْتُ مَجْدي وَهَدَمْتُهُ / وأنا الذِّئبُ المَجروحُ عاطفيًّا / أبحثُ عَن لَيْلى بَيْنَ صُوَرِ الضَّحَايا / وَتَتَفَجَّرُ أشلائي في الغَيْمِ لِتُضِيءَ المُسْتَنْقَعَ أمامَ الطحالبِ .