حركة فتح : من البندقية إلى سيارة المرسيدس/
إبراهيم أبو عواد
لقد انتهى مؤتمر حركة فتح ( بيت لحم 2009م ) دون خطوات ملموسة لإنقاذ فلسطين من الاحتلال الجاثم على الصدور . وقد يكون أهم ما توصل إليه المؤتمر هو انتخاب لجنة مركزية جديدة لحركة فتح ضمن فوضى انتخابات مشبوهة يعتريها الكثير من المخالفات والتزوير . وهذا أمر ليس جديداً ، إذ إن تزوير الانتخابات وتزوير إرادة الشعب لعبة فتحاوية قديمة جديدة ، مذ قاد صانع الهزائم ياسر عرفات انقلاباً على السيد أحمد الشقيري . حيث قام الراحل عرفات باختطاف منظمة التحرير ، وجعلها مزرعةً شخصية له ولأتباعه المشبوهين . وهذا أمر أنتج حركة فتح المهزومة في الحرب المهزومة في السلام .
لكن الرابح الأكبر من هذ المؤتمر الذي فصله الاحتلال على مقاسه هو الاحتلال نفسه . فالمؤتمر كان سيناريو معداً سلفاً ، وتمثيلية سيئة الإخراج لإظهار الالتفاف الوهمي حول الرئيس غير الشرعي محمود عباس الذي سيطر على المؤتمر لأنه هو مالك رواتب الأعضاء آخر الشهر . وبالطبع فإن محمود عباس لا يمكن له أن يتخذ أي قرار إلا بموافقة الاحتلال ومباركته ، خصوصاً أن الذي يمول حركة فتح ويدفع ثمن البدلات وربطات العنق للكوادر الفتحاوية هو الاحتلال الصهيوني .
ومن هنا فإن حركة فتح التي قادت الشعبَ الفلسطيني من هزيمة إلى هزيمة ( عَمَّان 70، بيروت 82 ، أوسلو 93) قد تحولت من حركة فلسطينية إلى حركة صهيونية الهوى وفق نظرية " أطعم الفم تستحِ العين " . ولا يعتد بالشرفاء في فتح لأنهم منبوذون ، ولا وزن لهم ولا تأثير .
وإذا رجعنا إلى اللجنة المركزية الجديدة التي جاءت ضمن لعبة الانتخابات المزورة ( كل انتخابات تجرى بأمر الاحتلال وتنظيمه هي تزوير لإرادة الشعب وغير شرعية ) ، سوف نجد أن وجوهاً مشبوهة كثير قد دخلت فيها . فالثالوث الأمني المتواطئ مع الاحتلال ( دحلان ، الرجوب ، الطيراوي ) كان من الطبيعي جداً أن يتواجد في اللجنة المركزية ، لأن هذه أوامر الاحتلال الذي يقف خلف رجاله في المنطقة لدعمهم . وكلنا يعلم أن تزوير الانتخابات العربية موضة رائجة ، ولن تكون حركة فتح هي الوردة في وسط المقبرة .
أما أصحاب الشهادات العلمية مثل : د. نبيل شعث و د. صائب عريقات كبير المفاوضين ، والمتخصص في المفاوضات العبثية ، والذي ألف كتاباً ذا عنوان مضحك " الحياة مفاوضات" . فهذا الشخص _ أي عريقات_ من مصلحته أن تظل المفاوضات حتى يوم القيامة لئلا يصبح عاطلاً عن العمل ، أو يفقد سياراتِ المرسيدس وحراسه وخدمه . فبدون المفاوضات العبثية لن يقدر على إطعام زوجته وأولاده ، أو تعليمهم في أمريكا وبريطانيا . وهذا سبب التمسك بسيرك المفاوضات .
ووفق المعطيات على الأرض والقرائن الواضحة فإن أبرز مهمة أمام اللجنة المركزية الجديدة هي تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل مع شطب حق عودة اللاجئين ، واستئصال العناصر المقاومة في الضفة الغربية المحتلة مقابل أرصدة بنكية أكبر ، وسيارات مرسيدس أكثر رفاهية .
فالقدس تغرق _ أو غرقت _ في التهويد ، والمستوطنات تتكاثر وتقضم الضفة المحتلة ، بحيث لم يعد هناك أرض لإقامة الدولة الفلسطينية الموعودة ، خصوصاً مع انتحار الأمة العربية ، وموت الأمة الإسلامية التي قدمت قِبْلة نبيها _ صلى الله عليه وسلم _ على طبق من ذهب للأعداء .
وقديماً كانت المؤامرات لبيع فلسطين تحت الطاولة ، أما الآن فتحدث علانيةً فوق الطاولة أمام وسائل الإعلام مع الضحكات والألوان الزاهية لربطات العنق . وأكبر مثال على هذا الواقع المرير هو ما قام به الرئيس المصري حسني مبارك ( ميلوسوفيتش العرب ) من عملية إبادة جماعية وتطهير عرقي وحصار خانق بحق أهل غزة بالتنسيق الكامل مع الاحتلال ( في الحرب على غزة نهاية 2008م ) . حتى إن الرئيس غير الشرعي محمود عباس قد ساهم بدور محوري في إبادة أهل غزة وحصارهم ، خصوصاً أن محمود عباس دمية في يد الاجتلال ينفذ كل الإملاءات الصهيوأمريكية ، وهو يخاف إن عارض أن يتم قتله كعرفات .
وختاماً نقول إن للبيت رَبَّاً يحميه . فالأمة باعت فلسطين بثمن بخس ، وركضت وراء سراب السلام الذي حوَّل البندقية إلى سيارة مرسيدس .