سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

29‏/04‏/2010

جمهورية تحكمها عائلة مالكة

جمهورية تحكمها عائلة مالكة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .
هي دولةُ الشموس المطفأة
كتابٌ أعمى من أوراق الملوخية السجينة
انتقالُ العاطلين عن العمل من ضرب نسائهم
إلى مدرجات ملاعب كرة القدم
وخروجُ التائهات من الكوافير
إلى مسرحية صناديق الاقتراع
وعلى شاشات الأفيون
تناقش المثقفاتُ العاريات فلسفةَ الغزالي
وتدافع الأديباتُ الحداثيات
عن عولمة الفروج النسائية
إن القمر هو المؤلف الحقيقي لأشعاري
وأنا الحِبر الفضي مداه
ينام عنفوان الحقول على أثواب القرشيات
بعد أن تنازل عن الجنسية الأمريكية
من سيعتني بدجاجاتي بعد شنقي ؟
من سَيَلُم تلميذاتي الجديدات
من المسابح المختلطة بعد اغتيالي ؟
من سيرشد الزوجاتِ الخائنات
بعد تصفيتي جسدياً ؟
من سيفتح ملف جريمة قتل عماد الفايد
بعد تسميمي ؟
مشنقةٌ بطعم الأناناس المتفائل
وبعد أن تقاعدت القططُ المتوحشة
صارت تدافع عن حقوق الفئران
إنني كينونة اللاشيء
امتدادُها في سجود الشجر لله
كأن حمرة الطوب تتفجر
في الرياح المغناطيسية
الطابقُ الخامس من جرحي المتمرد
إنه إغفاءة القصدير على نوافذ الأمس
لا توقف السنابل الراكضة إلى المسجد
دمي له مذاق اليانسون المحمص
ودمُ اليورانيوم بطعم البطاطا المقلية
انتظرني في دفوف الشلال المعدني
عندما تتساقط ذكورة الدِّيَكة
على رؤوس من يبيعون البطيخ
أمام المحاكم العسكرية
إنني رؤية الصوفي لا الشطح
وذاكرةُ مجزرتي قلب الليمون لا السطح
إن العاطلين عن الذكريات
يتقدمون لخطبة بنات أفكاري
والرؤوسُ تتدحرج على مرتفعات الكافيين
في قهوة القتيلات
أولد محاصَراً وأموت محاصَراً
سأحاصر ميليشيات المخيلة
سمعتُ النهر يقول لضيوفه
في عيد ميلاده الأربعين :
(( لا خير في بحيرة أضاعت مسدسها ))
ويذهب الضبابُ إلى وظيفته الجديدة
بملابسه العسكرية
أستثمر نفطَ جمجمتي
في بورصة تاريخ النوارس
قد يصير عَرَقي وقوداً لسيارات الأجرة
لكن أعشاب حمرة الغروب تلميذاتُ الصرخة .

28‏/04‏/2010

الوردة الشمسية ترتدي الخمار الأسود

الوردة الشمسية ترتدي الخمار الأسود
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .
خماركِ غزال البراري الواثقة استنزافي الأفقي
أنتِ مذبحي المشرق في سقوف كبدي
اتقي الله في عمري الذي صار مزهرية
على مكاتب ضباط المخابرات
ولوحةً زيتية على حائط غرفة التحقيق
إن أصلحت راقصةُ التانغو كعبَ حذائها
على مسرح الرياح المهجورة
فأصلحي تعرجاتِ حلم اليمام المقاوِم للصدأ
وأرجلِ طاولة شهيقي المتدحرج
انهضْ ممتزجاً بامتدادات عيون خفر السواحل
وكنْ شكلاً سرياً للزلازل
وأعلنْ مشطَ أمكَ خندقاً للبرتقال المقاتِل
كلُّ عضو في جسد التفاحة لغمٌ بحري
وأظافري أحزمة ناسفة
أُشهرها في جيوش الصدى
أعصر الحجارةَ في طرقات أورشليم
لأجمع في أكياس رئتي دمَ الأنبياء
أعيش في قلب سمكة منفية
لا يقدر طباخو الأمير على تشريحها
أحضنةُ المعنى تتعثر بأمعائها وتُقاتِل
وأسماكُ القرش تجر عمودي الفقري في الصحاري
لكني ألقي على قوس قزح محاضراتِ الثورة
أنا صهر الريح
وفراشاتي نقيضُ أشلائي
وفي صالة القمار يصنع الزعيمُ الرمز
سياسةَ الوحدة الوطنية
سأحقن شرايينَ هضابنا بالرعد الشامل
وفي غرف الفنادق المراقَبة
نعيش ونتزوج ونؤلف المنشوراتِ الجهادية
ونموت رافعين الهلال
عندما تزرع النوارسُ الغامضة أظافرها في الغمام
ينمو على جلودنا جِلدُ البحور المتفجرة
وُلدتُ بعد اعتقال الأمويين لي
لأني رفضتُ بَيْعة يزيد
في بنطالي دبٌّ قطبي يشرب القهوةَ
مع زوج أمه
ويتخيل نملةً تُسحَق تحت بساطير الجنود
من سيتذكر مأساتها خارج صلوات الكاهنة ؟
من سيتذكر لونَ جِلدها
الذي تتقمصه أعواد المشانق ؟
كلما حاصرني صراخُ إشارة المرور
في الشوارع الثائرة
قضى الجليدُ الملتهب إجازته
في مرتفعات خنجري
لا عظماتي سلالم بطريقٍ
ينظِّف أسنانَه بالنار
ولا سيفي مطعمٌ للعائلات
يرتاده أرسطو وحيداً .

26‏/04‏/2010

تصريحات البارود الناطق الرسمي باسمي

تصريحات البارود الناطق الرسمي باسمي
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .
عندما وجدوني مقتولاً في أدغال أفريقيا
خرجت الراهباتُ من سِفر الرؤيا
ودخلن في سِفر رؤياي
عندما وجدوني مسموماً بحبكِ
اعتزلت مادونا الغناء
وصارت تقرأ عن الإسلام
عندما اتهموني بمعاداة السامية
عانقني كبريت أعواد الثقاب
وصار إعدامي ذروةَ حداثتي الشعرية
امتحانُ الدراق فانهض يا حلمنا الماحي
كن لوزاً ناطقاً بالعربية
لأذكر اتساع البحر في أحداق اليتيمات
يا مَن لا تفرِّقون بين التاء المربوطة وحبلِ المشنقة
نزيفُ التراب هو الفارق الثلجي لا المحرقة
إنني الشوارع العنيفة التي لن يمشيَ عليها أحد
لن أتراجع عن مسدسات الغروب
حتى لو أرسلوا أشياء المطر إلى المصلوبين
بالبريد الدبلوماسي
لم أجد زنبقاً أصافحه فصافحتُ سيفي
ذبابٌ إفرنجي يدخل في المومياء لغواً
ويرتكب عشقَ الأطياف اليابسة
وقاعُ المحيط يحرر الصفحةَ الثقافية في جريدة دمي
إنني معركة السحاب العاشق
والحطبُ ناقد أدبي فاشل
كيف سيقاتل الشاطئُ المصاب بعسر الهضم
موجاً غارقاً في سوء التغذية ؟
وفي جسم الوردة اتفاق لوقف إطلاق النار بين الرئتين
كانت أمومةُ أخشاب المراكب عند الكوافير
والخادماتُ يُربِّين بارودنا الفضائي
الآن أخلع ظلال الثلج عن براويز صرختي
وأوقد في طبول فتوحاتنا عظامي
لأن جلود الهنود الحمر
تصير أبواباً للمحاكم العسكرية
كأن مسدسي جبال أطلس
وقلبي عشبةٌ ثلجية دافئة تغرسها الكرديات
في ستائر شرفات شِعري قرب تعاليم المطر
إنني إحدى جهات البحر
وتنحت الشهبُ على سبائك جمجمتي آيةَ الكرسي
نفيُ دولة الجماجم شرعية وجود معدتي
وخلايا السكين معصرة خبز العدو
تنفيه شكلاً لحاملات الطائرات
البوليسُ السياسي
وانتحارُ كنائس القرون الوسطى
قرب قشور البصل
أمازيغيةٌ تزور قبري في جبال أطلس
وتقرأ الفاتحة
إنني حقيقة التراب
في مواسم رجوع البحر إلى أمه
وتنشر موانئُ الفجر على حبالي الصوتية
الغسيلَ المرتعش
لا تُصدِّق ضحكةَ الخريف
حينما يضطهدها حلمها البنفسجي
لأن الدكتاتور يبول على نفسه أثناء محاكمته
هي عظامي المضيئة دفتراً لتلميذة يتيمة
ومانعو الزكاة يصلبون أرواحهم على قبعة النار
إن الشحنات الكهربائية في دماغي غزالةٌ
تركض في الشفق
احتفالاً باستقلال قلبي وفلسطين وكوسوفو
والشيشان وجنوب تايلند
لكن مجلس الأمن يعقد اجتماعاته
في المسابح المختلطة
أيتها النطف السامة في الأرحام النجسة
اخرجي من رمال الجرح المثخن
بالبوارج الحربية
لا تكوني الضلع الثالث في مثلث برمودا
لا تكوني الزاوية القائمة
في المربع الأمني للصدى الترابي
وسوف ألقاكِ يا غروزني
خارج الإبادة الجماعية
يا فراشةً تحرق تواريخ الخيانات الزوجية للغزاة
ولا تحترق
أعشقكِ حتى نهايات صقيع ذبحي
أعلى من الرتب العسكرية
لقياصرة المقابر الجماعية
أعلى من احتلال أسنان الورد البري
في وجه الغيمة
كانت الحقائب المدرسية لبناتكِ الصاعدات
زيتاً لقناديل الثورة
إنني أصغر من طفلة بوسنية
وأكبر من المجزرة اللانهائية
خسرتُ أشكال نزيفي المصبوغ بالنيكل
لكنني فزتُ بقلبِ كشميرية في أشعة الصليل
طفلٌ يرضع من أمه
التي ترضع من قمح المذنَّبات
وحين يُسرق وطني أصير وطني
الذي يعيد وطني
واقعيةُ الذباب في ممالك الحطب الأنثوي
وفي نهاية أيام أعواد الكبريت
وآخرِ دوران المراوح الصخرية
يعود الأكسجين إلى زوجته
حاملاً خبز الأعاصير
كلما قفزت قصائدي من غيمة إلى غيمة
حاول قوسُ قزح إمساكها
كأن وجوه نساء ميلانو لفافة تبغ
في أُذن حارس مقبرة
إنها أقاصي احتراق سيجار الأعضاء المبتدئين في المافيا
السواكُ النبيل انتفاضة غاباتي
التي تهرول إلى صوتي
أسرج الترابَ الفضي بئرُ المعاني النهائية
خارطةً للوريد الذي احتلته أشجارُ جباه بنات دمشق
كانت كنيةُ ظلالي وأقمارُ الرحيل
أمتطي صهوةَ الهديل
وأُسمِّيها زماناً للوردات
ربما أسقط عن ظهر حزني
لكن الحصان الحالم
لا يركب على جثة فارسه المتشظية
اقتلي ما تبقى من أطياف الشعير
لأنه لا اسم لأطيافي غير القمح
عدمُ انتظام في دقات قلب الشجرة
وطحالي يرن كأجراس المطر الحمضي
في المنافي الطازجة
غضب مني الغروبُ الصاخب
لأني لم أزره بعد أن أجرى عملية القلب المفتوح
وفي المساء الراحل
يتناول غموضَ قصائد اليانسون الغرباءُ
مستقبلي الأدبي هو القبر
فاصعدي يا ثورتي البِكر
من أصابع أزقة المرفأ
الذي يفتح باب قفصي الصدري
وحده الدودُ من سيفك شيفرة جسدي
ويقرأ نَفَسي المندثر
موسمُ تزاوج اليمام في عظام رقبتي
لا زوجة تضم المهرجَ بغد إغلاق السيرك
ولا خيال يسافر في حقيبة الظهيرة
لغتي انشطارٌ نووي يربت على كتفي
إن أحبتني زرقةُ دم الأرستقراطيات متُّ طيفاً
أنا رخام الجامع المنتفض
والليلكُ المحاصَر في الطرقات العابرة
ليتني كنتُ رقعة في ثوب الفاروق
وهو يحمل أكياس الطحين على ظهره إلى الأرامل
شمال درب التبانة
منتصرٌ أنا على كل ركام العصور
وفي مسقط رأس نيوتن
أعلن انتصاري على نيوتن
أعصابي تمرد الزرنيخ
ووجهي حزامٌ ناسف
يلفه البرق حول خصره
لغضبي اسمان :
عسكرةُ القصيدة وتسييس الحشائش
إن ينبش الليلُ زفيري
تجدْ جمجمتي سائرة على الشاطئ
توزِّع على الأمواج دعواتِ حضور جنازتي
المرابون والعناكب الواثقة من الجريمة
وشيخوخةُ هند بنت النعمان
وسماسرةُ الوحدة الوطنية
يجرون انتحارات بناتهم من المدارس الأجنبية
وسيارةُ المرسيدس لامرئ القيس
وآخرُ أغنيات جواري السلطان
وطالباتُ جامعة هارفارد يحضِّرن البيتزا
ورسائلَ الدكتوراة حول أعمالي
والأسماءُ الأجنبية تنخر لافتات دكاكين حارتنا البعيدة
اشطبْ لون البجع في صمتي واتخذني لغماً
سأخترع اسماً جديداً لدمي وأقاتِل
لأن توابيت ملح دموعي
تصير طاولاتٍ في كفتيريا الجامعة
ليت رئتي تقاطع انتخاباتِ معدتي
وتقيم إجاصةُ الماء في جسدي اتحاداً فيدرالياً
ينامون مع عشيقاتهم
ويحلمون بخليفة كأبي بكر
هذا المدى برقوقٌ تقضمه العاصفة أو العاطفة
وحين يفرض الضبابُ الزئبقي الضرائبَ
على الظهيرة اليتيمة
أذهب إلى صلاة الظهر
بينما يذهب ظلي المؤقت إلى قبور أجدادي
وقمري في بغداد أعلى من الكنيسة
التي تزوجت فيها إليزابيث الأولى
أنا رسولُ أبجدية العنف
وأولُ انقلاب في صحن العدس .

25‏/04‏/2010

إيران ستمتلك القنبلة النووية

إيران ستمتلك القنبلة النووية
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
نشرت في القدس العربي
لندن ، 24/4/2010م .
لا يملك المتابع لملف إيران النووي إلا أن يعترف بعبقرية السياسة الإيرانية في المناورة ، وكسب الوقت ، والقدرة على التحرك في أكثر الزوايا ضيقاً ، وإتقان أساليب اللعب مع الدول الكبرى . وهذا الأداء السياسي ينبع من القوة الذاتية لإيران التي استطاعت الاعتماد على نفسها في تطوير صناعاتها العسكرية ، وقوتها الصاروخية .ولا يخفى أن إيران تستغل غرق أمريكا في العراق وأفغانستان لتعلن استمرار برنامجها النووي، ضاربةً بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة ولهاث المسؤولين الغربيين . ولو كان الغربُ قادراً على لوي عنق إيران وقمعها لفعل ذلك مباشرة دون الحاجة إلى مفاوضات وتنازلات ومشاريع بديلة مقدَّمة لإيران . فما يجري هو كسبٌ للوقتِ من جهة إيران التي تتقن اللعبة بحرفية عالية . وهناك قانونٌ أساسي عام في كل مكان وزمان ، وهو أن الغرب لا يُقدِم على مفاوضات وتقديم عروض وحوافز إلا إذا كان موقفه ضعيفاً ، فلو كان قوياً بما فيه الكفاية لأوقف أي جهة معارِضة له فوراً دون الحاجة إلى طاولة مفاوضات، وتقديم بعض الأطعمة والأشربة على طاولات غداء العمل أو العشاء ، ونشر بعض الضحكات والابتسامات الصفراء أمام كاميرات وسائل الإعلام ، فهذا كله يعكس المأزق الغربي عموماً، والأمريكي خصوصاً ، ويطرح السؤال المتكرر : من الذي أعطى الحق لأمريكا وأذنابها بامتلاك عشرات آلاف الرؤوس النووية ، وإبادة اليابانيين بالأسلحة النووية ، ومنع باقي الدول من التسلح نووياً ؟! .ويرافق الارتباك الغربي صعودُ نجم إيران كقوة نووية ضاربة في المنطقة وقلعة ضد الإمبريالية ، في ظل إحالة الدول العربية إلى التقاعد ، والتي صارت عاطلة عن العمل ، نتيجة السياسات الاستبدادية للحكام الأعراب الذين أعادوا البلاد إلى العصر الحجري ، وجعلوا منها ظلاً باهتاً لما يسمى بإسرائيل . فأضحت الدول العربية الكرتونية مزرعة للحاكم وعائلته المعصومة وحاشيته المقدسة ، حيث الفشل الشامل في السياسة والاقتصاد والتعليم وباقي المجالات . وهذا خلق فراغاً هائلاً في المنطقة أَفسح المجالَ لإيران كي تكون اللاعب الأساسي .فالفوضى الخلاقة في الوطن العربي منحت إيران كل الأوراق على طبق من ذهب ، خصوصاً بعد تآمر بعض العرب على العراق الذي كان البوابة الشرقية للعالَم العربي . وبانتحار العراق كُسرت هذه البوابة. فدخلت إيران لكي تلعب دور الأب للأمة العربية اليتيمة.ولو وجدت إيران في طريقها دولاً سيادية ذات وزن إقليمي وعالمي لما قدرت على زراعة نفسها في المحيط العربي. وعلى الرغم من هذه الحقائق فلا فائدة للعرب في تصنيف إيران كعدو ، فمن مصلحتهم وجود إيران قوية لا توسعية . ومن مصلحتهم كذلك الدخول مع إيران في مظلة أمنية واحدة ، لأنها القلعة الأخيرة التي تملك أن تقول : (( لا )) . لكن البعض يتخوف من سيطرة إيران على الخليج وابتلاعه . وهذا تحليل مبالغ فيه . فباكستان دولة نووية سُنِّية مجاورة لإيران، ومع هذا لم تسيطر على الشيعة ، وتفرض نفوذها عليهم . وعندما تمتلك إيران السلاح النووي لن تقدر على ابتلاع الخليج ، لأنه بحر النفط . وكما هو معلوم فإن النفط هو العمود الفقري للحضارة الغربية . وإذا حدث تهديد لمنابع النفط فإن الغرب وأوله أمريكا سوف يتدخل فوراً ، ليس حباً في دول الخليج ، بل حباً للنفط . وهذا ما حصل عندما غزا صدام الكويتَ ، فقد تدخل الغرب ليس حباً في الكويت ، بل تقديساً للنفط .وأيضاً وجود إيران نووية سيدفع دول المنطقة مثل مصر والسعودية لدخول النادي النووي من أجل صناعة معادلة الردع النووي المتبادل وفق منظومة سباق التسلح . فمثلاً ما كان لباكستان أن تصبح دولة نووية لولا ظهور الهند كقوة نووية، مما اضطر باكستان لإيجاد قود ردع، فكرَّست وقتَها لامتلاك السلاح النووي، وهذا ما حصل . فالحاجة أم الاختراع . أما مبالغة أمريكا في رسم إيران كفزاعة فيهدف بالدرجة الأولى إلى بيع دول الخليج أسلحة ، لكي تزدهر مصانع السلاح الأمريكية ، ومحاولة دفع دول المنطقة إلى التكفل بتمويل الحرب على إيران ، كما تكفلت بتمويل الحرب على العراق ، لأن الحاكم العربي مستعد أن يُضَحِّيَ بأي شيء مقابل بقائه على الكرسي . وهذا هو دَيْدَن الأنظمة الدكتاتورية في العالَم كله . إن الأمة العربية تقامر بمستقبلها ، والأمم قد تقامر بأي شيء إلا مستقبلها . ولكن غياب القائد الرمز المحوري في العالَم العربي جعل منه مساحةً جغرافية لا وزن لها دولياً ولا إقليمياً . ونحن بحاجة إلى تجمع عربي إقليمي مُنَظَّم وفاعل يضم تركيا وإيران لإعطاء زخم للوطن العربي المهزوم ، وإلقاءِ طوق النجاة لهذه الكتلة الجغرافية الضخمة الضائعة في الصحاري ، وإنقاذِ ما يمكن إنقاذه ، وتحسينِ صورته في المحافل الدولية ، لأن الدول العربية التي انضوت في المحور الصهيوأمريكي تُنفِّذ أجندةً خارجية مرسومة في أروقة الخارجية الأمريكية معادية للمشروع العربي الإسلامي، وهذا سيقضي على الحلم العربي في التحرر والتحرير . فالتحالف مع إيران هو الخيار الإستراتيجي للدول العربية إذا أرادت التخلصَ من قيود عبوديتها لأمريكا ، مع وجود مسافة وقائية تردع إيران من تنفيذ مخططاتها التوسعية . والمؤسف حقاً أن الدول العربية تُلدغ من نفس الجحر مئات المرات ، فهي تتعرض لعملية نصب سياسي كما حدث في " سايكس بيكو " ، وتغرق في خدعة " الحرب على الإرهاب " التي كانت عملية احتيال واضحة لترسيخ عودة الاحتلال الغربي وتجذيره بشكل متزامن مع تواطؤ رسمي عربي . ومن المؤكد أن أمريكا لن تأتي لإنقاذ العرب ، وسوف تخلف وعودها للعرب كما فعلت بريطانيا أيام الشريف حسين بن علي . فأمريكا التي أقنعت دول الخليج بأهمية إزاحة صدام حسين الذي تم تصويره كخطر داهم ، قد سلَّمت العراق لإيران، وها هي تستعد للهرب منه _ بعد أن أعادت تصميمه وفق الطراز اللبناني _ ، كما هربت من الصومال في بداية تسعينات القرن العشرين ، وبالطبع ستترك العرب يواجهون مصيرهم المجهول . أضف إلى ما سبق أن إيران قد وصلت في الطريق النووي إلى نقطة اللاعودة ، وسوف تستمر حتى امتلاك السلاح النووي ، ولو استطاع الغرب إيقافها لأوقفها منذ مدة طويلة ، لكنه لا يملك الأوراق اللازمة لكبح طموحها النووي . فالغرب كاملاً برفقة " إسرائيل " لم يقدروا على منع باكستان ( الدولة الفقيرة ) من التسلح نووياً، فكيف سيكبحون جماح إيران ( الدولة الغنية ) ؟!. فعلى العرب أن يتحالفوا مع إيران قبل أن يخرجوا " من المولد بلا حمص " ، وتصبح دول الخليج مثل العراق حيث القبائل والطوائف تتناحر ، وتتصارع على احتكار الكراسي الوهمية . ولن تحميَهم القواعد الأمريكية في الخليج لأنها في مرمى الصواريخ الإيرانية . ولا تنفع المشاريع النووية العربية التي نسمع عنها هنا وهناك بمساعدة دول غربية ، لأنها مسرحية مكشوفة لاختراع حالة توازن فاشلة مع إيران . ولا ينفع الرهان على ضرب المواقع الإيرانية النووية لأنها ليست مفاعل تموز العراقي ، كما أن إيران قادرة على امتصاص الضربة الأولى _ في حال وقوعها _ ، وقادرة كذلك على إعادة بناء قدراتها الذرية ، لأن التقنية النووية موجودة ، والإمكانيات موجودة ، وأسس الصناعة النووية ثابتة . فلن تتأثر الشجرة بسقوط أغصانها إذا كانت جذورها راسخة ، وكل ضربة سطحية لا تمس العمود الفقري للمشروع النووي يمكن استيعابها بسهولة ، ناهيك عن ردة الفعل الإيرانية العنيفة التي تتضمن إغلاق مضيق هرمز تحت الغطاء الصاروخي الكثيف ، وهو أهم طريق لإمدادات النفط العالمية ، إذ تعبره ناقلة نفط كل ست دقائق تقريباً . بالإضافة إلى قصف القواعد الأمريكية في الخليج ، وتحرك رجال إيران المؤثرين في العراق ، واندفاع المقاومة اللبنانية في عمق فلسطين المحتلة . فينبغي على العرب عدم تكرار سيناريو التآمر على الدولة العثمانية لصالح القوى الغربية ، لأنهم بذلك يقامرون بمستقبلهم ، ويرمون أنفسهم في قيود العبودية عن سبق الإصرار والترصد . وعلى الحاكم العربي أن يستيقظ قبل أن يلاقيَ نفس مصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين .

22‏/04‏/2010

طريق الثورة من البكيني إلى الحجاب

طريق الثورة من البكيني إلى الحجاب
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .
للأعاصير البرتقالية تفاحاتُ الغروب الحازم
أستلُّ من نعوش تاريخ الأرانب تواريخَ الرعشة
وأسحب من موت العناصر حياةً للظلال المقاتِلة
ذكرياتُ اللصوص من الأسمنت المسلح
وذكرياتي أسلحةٌ أوتوماتيكية
تمتص العشب رصاصاً
كأنني مرايا الاقتحام الصاعق
هي كبدي المواجهةُ النهائية مع المفردات
العلمانيةُ النازية والنساءُ الوقحات
وكلبُ الجيران غير الوفي
وحاجبُ الخليفة غير الشرعي
والحروفُ المتكسرة في فلسفة السجن
لم يستشرني المستنقعُ المعدني
حين باع ضفادعه للنخاس
لكن المد استشار أراجيح العاصفة
حين وأد بناته
للزبرجد اقتحامُ لغته طلاقُ أجزائه
ويطلع من براميل النفط طواويسُ أجنبية
تركل كرياتِ دم القناديل في الملعب الأولمبي
إذا سارت على أرجوحة الغد مدخنةٌ للمعنى
للمشاعر المرهفة لجارنا ضابط المخابرات
تشظى كالجوافة انقلاب عسكري في قلبي تقوده البوسنيات
دماغُ رصاصة عسكرةُ زهور
يا حضارة الإبادة والتطهير العرقي
يا رمال سرطان الثدي على الشواطئ الموبوءة
خذوا ديانا
وأعطونا عماداً
خذوا ابنتكم
وأعطونا ابننا
جماجمَ النسرين كانت دموعُ راهبات الفرنسيسكان
لم أتقمص أشكال شهور دمي
لأخجل من عري الأعشاب الراكض
في أفلاك الكلمة
إنني أخترع أشكال زجاج عَرَقي
لتزور قبري الأمازيغيات
رغم الفطر السام المتفشي
في قزحية كوكب مكتشَف للتو
كأن رائحة الهديل الذي يطبخه الصقيع صدأ أسلحتنا
في مستودعات الميناء المهجور
وطيورُ البحر تأخذ لمعان عيونها من إيماننا
بين الأذان والإقامة تبني الشطآن الساجدة أكواخَها
في أزقة رعود دمي الأخضر
إن القراصنة على ضفة السعال
أشد نوبات اكتئاب الزبد
أنتخب زيتون طيفي المكسور
وينتخبني مرعى الأغنيات المنكسر
سأكسر انكساري وأصعد صليلاً للشرفات
هو اسمي الفاتح المنتصر .

19‏/04‏/2010

علماء السلاطين

علماء السلاطين
إبراهيم أبو عواد
نشرت في جريدة القدس العربي
لندن ، 19/4/2010م .
إن الأنظمة البوليسية في كل مراحل التاريخ تنظر إلى الدين باعتباره الأساس القادر على حشد الجماهير وتوجيههم. ولأن الحكام العرب حريصون على تثبيت عروشهم حتى يوم القيامة ، فإنهم يحرصون على السيطرة على المؤسسات الدينية ، واستقطاب علماء السلاطين الذي يُفصِّلون الفتاوى حسب مزاج الطغاة والعصابة الحاكمة بالحديد والنار ، ويوجِّهون الآراء الفقهية نحو بوصلة الراتب الشهري .ونحن نجد في الوطن العربي أن المؤسسات الدينية تابعة للحكومة ليس لها صوت مستقل ، بل هي تتكلم بأمر السلطة السياسية . وقد فهم الحكام أهمية توظيف الدين لصالح تثبيت سلطتهم ، وأهمية ارتباطهم بالقيم الدينية _ ظاهرياً _ لجذب الرأي العام ، وحشدِ الجماهير حولهم . ولدينا أمثلة باهرة من الشرق والغرب. فقد ظهر في ثقافتنا ألقاب من قبيل: الحاكم بأمر الله ، والواثق بالله ، ... إلخ . وفي الغرب ظهر الإمبراطور شارل الخامس بلقبه " حامي الكنيسة الكاثوليكية " . حتى إن الملكة إليزابيث رأس النظام السياسي في بريطانيا هي ذاتها رأس الكنيسة على الرغم من علمانية النظام البريطاني _ شكلياً _ . وتوظيف الدين لخدمة الأغراض السياسية إنما يأتي في سياق توفير شرعية للحكام ، وتبرير أفعالهم ، وإقناع الناس بأهمية وجودهم كحماة للحضارة والتاريخ . وفي هذا السياق ظهر الصراع على الأزهر الشريف باعتباره أعلى مؤسسة إسلامية في العالم . فقام النظام المصري بتوجيه سياسة الأزهر نحو شرعنة أفعال الحزب الحاكم ، واختراع غطاء شرعي لها . وخضوعاً لتوجهات السلطة السياسية فقد وُلد أزهر جديد بعد اتفاقية كامب ديفيد لكي يجاريَ المرحلة السياسية الجديدة من " السلام الإستراتيجي مع أبناء العم " . فشيخ الأزهر الراحل طنطاوي استطاع في نصف ساعة أن يلم شمل مجمع البحوث لتأييد بناء الجدار الفولاذي الرامي إلى إبادة سكان غزة ، لكنه لم يتفوه بكلمة طوال تاريخه حول تحرير المسجد الأقصى الذي هو آية من القرآن الكريم، رغم أن طنطاوي يحمل الدكتوراة في التفسير !.ومؤخراً قامت هيئة كبار العلماء في السعودية بإيعاز من السلطات بتجريم تمويل ما يسمى بالإرهاب ، لكننا لم نسمع عن تجريم احتلال بلاد المسلمين ، ولم يتحدث أصحاب الفضيلة عن تحرير القِبلة الأولى ، وعن مليون قتيل في العراق ، وقتل المدنيين في أفغانستان ، ونهب ثروات المسلمين في الشرق والغرب ، والأنظمة القمعية التي باعت البلاد والعباد في سوق النخاسة . إن علماء البلاط الذين أداروا ظهورهم لقضايا الأمة المصيرية ، واكتفوا بفتاوى الحيض والنفاس ، وبأي رِجل تدخل دورة المياه ، هم انعكاس طبيعي لتخلف الأمة ، وانهيارها على كافة الأصعدة . ووجود هؤلاء العلماء المرتزقة في أماكن صنع القرار في العالم الإسلامي يُعتبر أفضل تجنيد للشباب في تنظيم القاعدة ، وباقي التنظيمات المسلحة المؤمنة بحمل السلاح ضد الدولة . فالشباب العربي والمسلم فقدوا ثقتهم بأكاذيب الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والمستقبل المزدهر ، واختفاء البطالة ، والتنمية البشرية ، ودولة القانون والمؤسسات ، والرجل المناسب في المكان المناسب . واقتنعوا بأن هذه الخرافات مجرد مخدرات سياسية لكسب الوقت من قبل النظام الحاكم واستمراره حتى يوم القيامة . كما أنهم فقدوا الثقة بعلماء السلاطين أصحاب أجندة المصالح الشخصية ، والذين يستخدمون الدين لشرعنة وجود الطغاة وعدم معارضتهم ، وتخدير الناس ليسهل ذبحهم . وهذا دفع الشباب إلى شيوخهم الخصوصيين ، واعتناق فكر التكفير ، وقلبِ أنظمة الحكم بقوة السلاح ، وعدم التمييز بين الجهاد والإرهاب ، فلم يعد يعنيهم التمييز بين عسكري ومدني . ولو كان الأزهر صاحب كلمة مستقلة لرأيتَ الجميع يخضعون لما يصدر عنه ، ولكن الكل يعلم أن الأزهر تم إعادة تفصيله حسب مقاس الحزب الحاكم ، والرؤيةِ الإستراتيجية العبقرية لجمال مبارك وأحمد عز ! . وليس أدل على ذلك من كَوْن شيخ الأزهر غير المنتخَب الدكتور أحمد الطيب عضواً في لجنة سياسات الحزب الحاكم . وبفعل الضغط عليه استقال من الحزب ضمن مسرحية مكشوفة لا تنطلي على أحد . وهذا يدل _ بلا شك _ أن الأزهر تم اختطافه من الحزب الحاكم ، وتم إدخاله شاهداً على زواج الثروة بالسلطة . ولأن مصر الآن هي إيران الشاه ، بلا وزن عربي أو إسلامي ، فلا بد من التفكير جدياً في عملية نقل الأزهر من مصر ، لكي يتحرر من سُلطة الدولة البوليسية الخاضعة للإملاءات الصهيوأمريكية ، ويقوم بدوره القومي والديني نحو التحرر والتحرير . أما التغني بأمجاد الماضي فلا يمكن أن يؤثر في مسار الحاضر . فلم تعد تنفع المقارنة بين شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود الذي كان يحشد الرأي العام ضد العدو الصهيوني في حرب 1973م ، وبين شيخ الأزهر الراحل طنطاوي الذي صافح رئيس الكيان الصهيوني ، وأيد جدار التطهير العرقي بحق أهل غزة ، لأن الواجب هو الخروج من دائرة الكلام التاريخي إلى الفعل الواقعي المعاصر .

15‏/04‏/2010

الفتى الملتحي في عرسه الأخير

الفتى الملتحي في عرسه الأخير
( إلى القائد الرمز شامل باساييف )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار"
دار اليازوري ، عَمَّان 2009 م .
مشت أعمدةُ الكهرباء إلى أغنياتي
تغوص سنابلُ الجسد المحترق في الضوء العميق
مثلما تغوص رواتبُ الموظفات في حفرة المكياج
ودهاليزِ الملابس المثيرة
لن أعود إلى قلب الحمامة الذي طُردتُ منه
ديمقراطيةُ نقابات بنات الليل
دفنوا النفاياتِ النووية في جثتي
لكنني أنتعل ذكريات سعال الغزاة
أخلع صفاتي وأبعثرها انقلاباتٍ
وألجأ إلى صفات الله
سأعلِّم الموجَ كيف ينام بلا حبوب مهدئة
يسرقون طفولةَ قمحنا
ويحقنوننا بقمحهم المسرطن
حاولْ أن تشعر بآلام الولادة لزورقي الذي قصفوه
والمستشفياتُ المهجورة في جسد البلوط
خلت من المرضى
وصارت دهشةً للكلاب الشريدة
كُوني أجمل من الأسلاك الشائكة
أجملَ من غيمة تتكئ على ضحكة خنجري
أجملَ من فرشاة أسناني التي تكشف أسراري
للاستخبارات العسكرية
وفي السَّحَر أغتسل بغضب المجرات
والفرنجةُ يركضون إلى شواهد قبور مناجم الفحم
ويحاربون الضوءَ في جلودنا
ونساؤهم يُقلِّبن الخياناتِ الزوجية
كأوراق التقويم السنوي
إسلامُنا ثورتي السرمدية الضوءُ الماسح
إنه ديني ووطني وأبي وأمي وجنسيتي
أنا قاهرُ اكتئاب كل هذا الغبار
القمرُ الصاعد من نخاع الدمار
لأنحت لفظَ الجلالة على جبين النهار
فاخلعْ من طواحين الدمع مسدساتِ النمل
السائرِ على سكة الحديد
وتذكَّرني أنا الزلزال المنتشر كالإجاص
من الوريد إلى الوريد
تلطخت يدا الشلال بدماء الزيتون الأعزل
يا رعود الجسد الفستقي
لا تضيِّعي وقتكِ في رثائي
للثلج الوحيد رثاءُ المدى
ولنا فتوحات النمور
لأنني رماح النسرين في رقبة هُبَل
واستشهادي تحمله السنابل صقراً
يقتنص خطواتِ الشيطان على قميص الغابة
بعتُ ظلي لأسدد ديوني قلبي
نخلةٌ زُفَّت إلى قاتلها الوسيم
لا تنفقْ راتبكَ على الطبيب النفسي
لأن بندقيتي ممرضتي
تفجِّر ظلَّ الشجيرات السامة تحت إبطي
لماذا توزع الملكةُ إليزابيث الصفرية
الحلوى الممزوجة بالويسكي
على الراقصين احتفالاً بمصرعي ؟
لهم انتحاراتُ الدود
واحتضاراتُ زجاج الكاتدرائيات
والشهداءُ حذفوا الموت من قاموسهم
أبدِّل رصاصاتِ أمعائي الانفصالية
مثلما تبدِّل الأرستقراطيات سياراتِ المرسيدس
لا تسأل الرمل :
(( لماذا يركض كارل ماركس إلى المرحاض ؟ ))
لا تسمحْ للرمل أن يسألكَ :
(( لماذا بال غيفارا على نفسه حين قُتل ؟ ))
تقمَّصَتْكَ الصحاري
فلتكن سيبيريا خنصرَ المسافة الصاعدة
والتفاحُ المتمرد ينتظر الباص
على أسلاك الكهرباء
وفي صالة الرقص مراهقةٌ
تنتظر انتحارها بفارغ الصبر
إن الغيوم تكتحل بعَرَق الأنبياء
والقتلةُ يقومون بواجبهم القومي
في برلمان القنافذ
ألغِ الشرعية الدولية
وكنْ أنتَ الشرعية الدولية
ألغِ المجتمع الدولي
وكنْ أنتَ المجتمع الدولي
اشطبْ حكومةَ الرمل
وكنْ حكومة البارود
ألغِ دستور البغايا في أزقة موسكو
وارفع القرآنَ دستوراً
وعظامَكَ دستوراً لأعشاب الصليل
أعمل عند مخيلة الموج سائقاً
وعند موج المخيلة حارساً شخصياً
وفي ليلة الدخلة يكتب الوحلُ استقالته
من الحزب الشيوعي
سلمتُ قلبي للشمس المجاهِدة
وابتعدتُ عن ذكريات جارتي
تبرعتُ بأعضائي للشفق الهادر
لكن الصنوبر نشر أسرارَ الأسمنت
على ساعة يدي
كلابٌ بشرية تعلن الحرب على الله
يحكمون باسم الشيطان
ويظنون أنفسهم ملائكة
من سيذكر الأعزبَ
الذي يرثي زوجته الثائرة ؟
وفي معدة الزرنيخ امرأةٌ ترمي أنوثتها
على بضائع الباعة المتجولين
هو الأمسُ ميناء انفجار الكلمة
وللرجفة عيونُ ذئبة الخرير
خلف الزجاج الأسود
كلُّ هذا الجمال يا مارلين ذهب
إلى الوهم
إنني أكتب اندفاع الفهود بمسدسي
أكتب بالسيف الضوئي
وصوتي جروحٌ منقوعة
في زواج الملح الشرس
وجرذانُ حي سان أنطوان
تقضم ذئابَ مكياج ماري أنطوانيت
يشعر القرميدُ بسريان السم في جسده الناري
أمراءُ الحرب وزوجاتُ ضباط المخابرات
ولاعباتُ التنس الأرضي وشريعةُ الدبابة
والهزيمةُ المنقوعة في الفودكا الدموية
ونساءُ سان بطرسبرغ المكتئبات
في سوق النخاسة
سأنفخ في هذا الثلج الأفقي
لأصفِّيَه من الغزاة
ويرمي الرمادُ الأبيض جنونه
على المروحيات العسكرية
فيصبح أكثر عقلانية أكثر اشتعالاً
الأمواجُ المنسية في جواز سفر الصنوبر
اشتعالاتُ مجاهِد
وسوسنةُ رئتي تواقة لشرارة المستحيل
فراشاتي المسلحةُ بالماء استحواذُ العناصر
على عروقي المفخخة
أنا العنصرُ الضوئي المتشظي
إلى سنابل وديناميت
اسمي طريقُ الرعد وصدقُ وعود الشمس
أيها البركان
أحضرْ لي كوباً من الثورة مع ملعقة سُكر
هو جسدي صور الأمواج الفسفورية
والأكوانُ أشباحٌ مقهورة تحت مجد الإله
بيني وبين قلبي خندقٌ لوزي
يتحصن فيه الثوارُ وعناصرُ القمر
البارودُ أخي غير الشقيق
لكننا في القتال شقيقان
يطفئون سجائرهم
في ثقوب سعال نسائهم المغتصَبات
إنني أجري لحجارة النيازك تنفساً اصطناعياً
كلُّ الشموس المحجبات
يُنقِّين كرياتِ دمي
من أقنعة الأنظمة البوليسية
لأني لم أتناول الكافيار مع أميرات موناكو .

13‏/04‏/2010

القرميد والإعصار

القرميد والإعصار
( إلى الذين إذا حَضَروا لم يُذْكَروا ، وإذا غَابُوا لم يُفْقَدوا )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
من مجموعة " القرميد والإعصار "
دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .
نرفع الأذان فوق برج بيزا
وتُعدِّل انحناءه دماؤنا
كلفتُ بندقيتي أن تكتب وصيتي
اغتيل الصنم نخرته رصاصات الطوفان
لا تحضروا النهر كي يصليَ عليه
وأخواتُ الشمس يرتدين الحجاب
محكمةُ الجرذان تحكم على النهر بالإعدام رمياً بالذباب
لا تبكوا على الفيضان الأحمر حتى تأخذوا بثأره
يا زوجتي الرصاصة !
عندما يلقون رأسي في حِجركِ
قبِّليه وادفنيه في وسادة قلبكِ المثقوب
كلنا استشهاديون
قرآننا دستورنا
ودماؤنا ألغام
رموشُنا سياراتٌ مفخخة
تبلع التتار المعلَّبين
في مطاعم الوجبات السريعة
والقادمين من خيوط قمصان النوم
لزوجاتهم الخائنات
وفتحت الأدغالُ في بنك الجماجم
حساباً سرياً
ضفادعُ وطنية تُنظِّم موسم الحج
إلى البيت الأبيض
أيها الموتى الراكضون
في مدارات طين محروق بالوهم
تبرَّكوا ببول ممثلات هوليود
ونحن سنتبرك بماء زمزم
ثورةُ اللصوص على اللصوص
أيها الجدار افهمني
قبل أن يُصاب الكاردينال
بالاكتئاب الهوسي
نملةٌ علق في بلعومها برميلُ نفط
وغابةٌ من الجثث المحترقة
تتناول الغداءَ مع مغتصِبها
أبراجُ الكستناء العمياء قاتلٌ مأجور
بعوضٌ نحاسي ينزف زجاجاً
لناطحات الوحل
جثماني محجوزٌ في مركز حدودي
يُدخل المهرِّبين ويمنع المجاهِدين
ينام الصقيعُ في السجون على حصير دمي
والقططُ السيامية تنام
على قمصان النوم للأرستقراطيات
عِدْني أيها الرعد أن تمشيَ في جنازتي
لأن النمور تجلس على عظام الشفق
تنتظر قطارَ الجماجم ودهشةَ الدببة القطبية
وفي زحمة براويز الآلهة الكاذبين
نسيتُ تواريخ مقتلي
وتذكرتُ صياح القش في جبين الإعصار
بحيرةٌ عذراء تجلس على مقعد في حافلة
لا تصل أبداً
إنما وجهي فيضان
يا وطن الملامح المحروقة بالأحكام العرفية
والمراهقاتِ العاريات
اصلبني على النسيان المستورَد
وخُذْ جِلدي ملابس داخلية للسائحات على شطآننا
في رئة كل زهرة قتيلة كلبٌ بوليسي
لكن الطوفان يُغيِّر طقمَ أسنانه
عساكرُ وأسماك قِرش ينبشون قبري
جِرذٌ شارد يلبس في رِجليه الطواغيت
كالجوارب المقطعة
والشيوعي يعبِّئ موتَه الأشقر في زجاجات مهشمة
ويبيعها للعمال بأسعار رمزية
امتزجتُ بصلوات النهر
أنا المؤذِّن الذي صلبني المغول على المئذنة
مَوْتي سيقضي على أعدائي
لن يقضيَ عليَّ
تسير الأشجارُ إلى مقصلة المعنى بسرعة الضوء
والحضارةُ الغربية أجمل ذئب جنسي مزركش شاهده الطوفان
وحيث يحوِّلون المرأة إلى حذاء
على مقاس قدم الحطب
يُسمُّون ذلك حقوق المرأة
ومحاكمُ التفتيش سيناريو ركيك لفيلم بوليسي
يشاهده أمراء الحرب قبل الاستحمام بالسيانيد
ما زلتُ أحفر لفظ الجلالة
على عظام قفصي الصدري
إذا أردتم أن تغتالوني فأعطوني فرصةً
كي أقرأ سورةَ الكهف
وأصليَ الجمعة في درب التبانة
وإذا قتلتموني فلا تسرقوا بيتي
كما سرقتم بيتَ عثمان
وألم خواطرَ الخريف
على الحبل السُّري للفراشات المقاتِلة
وبناتُ أعمامي يزرن
قبري المتجول في الصحاري
برفقة أزواجهن الطيبين
امرأةٌ إسبانية تنشر الأكسجين على حبل الغسيل
وهي في قميص النوم
تعكر مزاجُها عندما رأت خيولنا
في ملامح شمس قرطبة
أطلع من أجنحة الفراشات قمحاً للفقراء
وأعاصيرَ تلتهم أهرامات الرؤوس القذرة
واثقاً من بدايات اللهيب
ذاهباً إلى نهايات الخوخ
وتختبئ الزلازل في لحيتي
لا تتاجرْ أيها البركان
بأشلاء أدغال الترحال
مثلما يفعل المهرجون المتقاعدون
في أوردة الديناميت
وبينما كنتُ على منصة الإعدام
كانت أمي تبحث لي عن عروس
وتصلح النساءُ مكياجهن في الجنازات
أطمح أن أدرِّس الفقهَ الشافعي للجن
وما زالت الحرب الصليبية المقدسة
ضد أغشية بكارة الفراشات في روما
تستعر صخراً زيتياً
لكن الضائعات معلَّقات
على حبل الغسيل الخشن
ويعرِّج المراهقون على جثتي في المساء
قبل الذهاب إلى الديسكو
وعلى الأسلاك الشائكة في أوصالي
مظاهراتُ احتجاج بزعامة فئران التجارب
لا تبكي علي يا ابنةَ عمي
حين يقيم الفطرُ السام
في بقاياي المتحللة مملكته المتجمدة
دموعكِ البرمائية أشد لمعاناً من مقصلتي
لو أني سدٌّ في جسدكِ يمنع سريان السم
وما زال هتاف الديدان :
(( فليعش القيصر الأبله ))
يحمل السعالُ نعشَ أمه في حقيبته المدرسية
عندما ينتشر المخبِرون في سراويل الشطآن
وحناجرِ الزبرجد السجين
والعسكرُ البلاستيكي في جلود الرمل الأحمر
يحددون ألوانَ ملابسنا الداخلية
ومواعيدَ معاشرة الرجل لزوجته
وأشكالَ أحذيتنا الرياضية المستعمَلة
وأوقاتَ بيع الوطن في أنهار السياط الحجرية
أحبكِ يا صعقتي قبل اعتقالي وبعدَه
فلا تمضغي كتفَ السنبلة لا تقتلي مجدَه
أحبكِ أكثر من حب السجان لبنطال الذبابة
هجرةُ الحضارات العنصرية
من النبيذ إلى الويسكي
استهلاكُ ظل السنونو في جبين الشعير
لكن وأد العشب في سراييفو
يمحو قطعانَ الإفرنج المعدَّلين وراثياً
مثلما يمحو الكاردينالُ آثارَ خطوات مرآته
على جسم الصليل
لأول مرة تمشي البحيرةُ بدون واقي رصاص
احتفالٌ بسيط في شرفة الألم القرميدي
لأن السيل نال شهادة الماجستير
يمشي العشبُ وفوقَه الطعنات وتحته الطعنات
وحباتُ العَرَق تحاصرها سياط الرغبة
والخنزيرُ البري يحتفظ في دفتر ملاحظاته
بالاسم السري للجنون الإستراتيجي
لغتي تلدني وتئدني
لكنني لغتي الحارقة
تفجيرُ موكب دودة القز
أثناء خروجه من البار
قراصنةُ البِحار
والموزُ النابت في سقوف الكهوف
عندما كان الثلج جنيناً في بطن أمه
فكَّر أن يتكئ على بندقية الجراد الورقية
أنا بريق المهاجِر في وجع الكهوف
وغضبِ الأدغال
والرصاصُ يسند رأسَه إلى كتفي المخلوعة
قاوِمْ أيها الغضب الزعفراني نواقيسَ الغازي
سيدفن الكرزُ المقاتِل قاراتِ الإبادة
في جورب الهوس
ثوارٌ يُشعلون ظلالَهم بطوفان المساء
لا توقف لمعان البارود في سفن الرمد
دخل واشنطنَ صليلُ جلودنا فاتحاً
الريحُ تصقل عَرَقَ خيولنا
والسيوفُ فَرَاشٌ
مزَّقْنا هُبل في أجندة العجل المقدَّس
محيطٌ ملتهب سنطفئه باليانسون الثائر
عيونُنا رؤوس الرماح
اقذفني على أسوار بني النضير
سنخرج من أحزاننا
من قناديل الأرامل المطفأة
من دروعنا التي تنسجها المجرات
من انكسارات الراهبات المسحوقات في التراتيل
من قيعان أكباد البخور
من سجاجيد الصلاة
من دعاء الشيوخ في السَّحَر
إعصاراً يجتاح الظلَّ نورساً عاصفاً
يلبس الطعناتِ ويقتل قاتلَه
لا طائراتكم البلاستيكية ستوقف وجوهَنا الراكضة
في صنوبر الضوء
ولا قتلاكم على أرصفة حبال الغسيل
سيحمون قرميدَ وجوهكم من أسناننا
السِّواكُ ميناء الصواعق وحقائبُ النسور
كلُّ حقول الألغام في بلعومي
ستشطب حاملاتِ الطائرات
لن تجدوا جُحراً سوى قمصان النوم لنسائكم
اللواتي لا يشبعن من ممارسة الجنس
ولن ينقذكم من اجتياحنا الإلهي غير قبوركم
صلبتُ صليبَ ابن الزبير
فكيف تصلبونني ؟
هذا النزيف متعدد الجنسيات
ومن ثقوب قاع هزيمتي الفسفوري
يتدفق لمعانُ بركان انتصاري
واشتعالُ فتوحاتي
وينتفان ريشَ الصقيع
وعندما يدس لي الضباب السم
ستجد النساءُ التافهات حكايةً مثيرة
لملء أوقات فراغهن أو انتحارهن
وماءُ زمزم يمحو من سبورة عمودي الفقري
أشكالَ الكلاب البوليسية
وقزحيةَ الصدى الأسمر
لا داعي يا جارتي أن تحضري لي طعاماً في السجن
محكمةُ الغروب التي أقامها العاجُ السِّري
نقضتْ قرارَ إعدام الصفيح
وعندما تنهمر في فصول تمردي أشجارُ الديناميت
يسيل المكياجُ على وجوه القتيلات
في رموش الكلور على جثمان المسبح المختلط
كلما حاصرتني الأنوثةُ المشتعلة
في مساءات القرنفل
مزقتُ حصاري بصلاة الفجر
سأستر البحيرة العارية بأكفاني الشمسية
وأموت عارياً كالعنف في جدائل الصاعقة
يا خزانةَ ملابسي المراقَبة
اعتني بعواطف النافذة أثناء اعتقالي
هنأتُ مديرةَ المخابرات في دولة الهلوسة
بمناسبة تعيينها
رؤوسٌ متدحرجة تحت عمود كهرباء
في أنف جَمَل
هذيانُ الغبار الحكومي ديناصور لم ينقرض
قد يقيم الوحلُ في إبطه الأيمن مفاعلاً نووياً
كي تصير معدته قنبلةً ترابية
يهديها إلى سروة الوهم في ذكرى زواجهما
على أزرار قميص النار الخضراء
لصوصٌ يقيمون حد السرقة على اللصوص
ومومسٌ تلقي تعاليم الشرف على المومسات
والمجرةُ تنشر الغسيل على حبال دموعي
نعيش كالباعة المتجولين في أوردة قوس قزح
نبيع جماجمنا الضوئية للثوار في أدغال الضوء
ونغيِّر جِلدَ هذه الأرض التي تنسفنا
لكن راياتي لا تسقط
وسيفي طلَّق غمدَه
أمنح للصاعقة أمعائي
وتوهجاتِ التراب
وبينما كان القراصنة يتزوجون الصخب المرجاني
كانت المراهقاتُ يتناولن البوظة أثناء تشييعي
والرعودُ تصدر مرسوماً ثورياً
لكي تدخل غاباتُ قلبي إلى قصيدتي
إن الزلازل تبيع القنابل النووية على الأرصفة
يا أدغال الشمس
يا زميلتي في الكفاح المسلح
زوريني في وقت آخر
فجثتي مليئةٌ بالضيوف
لكنني المنتصر
ادفعْ الجزية وأنت صاغر
هي أمعائي طريق الآبار نحو أقمار الدماء
صار هوسُ الرمل طبيعياً
لأنه يشرب دماً طبيعياً كامل الدسم
بعتُ كل شراييني الجديدة والمستعملة
واشتريتُ سيفاً أحز به أحطاباً
(( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ))
خجلُ تلميذاتي الكاثوليكيات
حين يقرأن سِفرَ حزقيال
في ضباب أعمدة الرصاص
زيتونةُ الأرجوان هي امرأة تركية محجبة في فرانكفورت
وفي الماء الأحمر اشتعالي الأبيض
أرسم على وجه اليورانيوم خطواتِ الصدى
نمورٌ آثار مشي اليمام
على سطوح أفكار سرطان الجِلد
سَيِّدي أبا بكر الصديق
أنا الجسدُ الصاعق
على ظهور الارتعاش السيفي
وجوهُنا ترفرف على أبراج الفاتيكان
وصوتُ قارئ القرآن
في خلايا حيطان جامعة أكسفورد
وأميراتُ أوروبا يرتدين الحجاب
ويتدارسن الفقه الشافعي
سَيِّدي مَلَكَ الموت
انزع روحي برفق
لأنني مَلِكُ الغربة
وغربةُ الملوك الراكعين للمَلِك
قد أتزوج أرملة النهر لأربيَ بناته الصغيرات
أسحب طحالي ببطاقة الصراف الآلي
وأرميه قذيفةً على وزارة الحرب
وجمهوريةِ الرقيق الأبيض
سلامٌ للياسمين المنفي في حفر المجاري
ميلادُ وسادتي لغزُ السوسن قرب أناشيد الماء
وموتُها لغزُ البطاطا عند عودة بنات مدريد
إلى دفاتر الانتحار الطازج
سأذبح اكتئابي بسكاكين مطبخ بيتنا في سراييفو
أغنيةُ الضباب تجلس على أرجوحة الذاكرة
خروجُ النساء التافهات من المسابح المختلطة
إلى مظاهرات تحرير المرأة من أنوثتها
دَمِّري حياتي ثم عيشي حياتكِ مع زوجك
أثناء التزلج في جبال الألب
اقتلوني ثم اقرؤوا الفاتحة
على روح ضابط المخابرات
سَيِّدي مَلَكَ الموت
شرفٌ كبير لي أن تزور شخصاً تافهاً مثلي .

11‏/04‏/2010

نحو تأسيس علم اجتماع القصيدة

نحو تأسيس علم اجتماع القصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
نشرت في جريدة الدستور الأردنية
9/4/2010م .
إن كتب علم الاجتماع العربية والأجنبية تركز على بنية العلاقات الاجتماعية بين الناس وإشكالياتها وتفاصيلها . ولكن من النادر انتقال معنى التفسير الاجتماعي إلى الأشكال الثقافية الحياتية وعلى رأسها القصيدة . لذلك فالحاجة تبدو ماسة لتأسيس رؤية شمولية تمس القصيدة بكل جوانبها ، خصوصاً الجانب الاجتماعي والتأثير في أنساق التحولات البشرية في المجتمعات. ولما كانت القصيدةُ عَالَمَاً متشابك الأوصال، كان لزاماً تجذير التجوال في الأبعاد الرمزية للقصيدة ، والتفاعل مع العناصر الفكرية ، حيث المرور على التقنيات الأدبية في توليد الرؤى والبناءات المتوالية بشكل فاحص لا عابر . وهنا تبرز أهمية اختبار النص الشعري كلمة كلمة . فالمرور اللغوي في عوالم القصيدة ليس عابراً . إنه تجريد وتعرية . أضف إلى ذلك حتمية العمل المتواصل من أجل إخضاع القصيدة لعلم اجتماع خاص بها له مقوماته الاستقلالية، وأبعاده المادية والذهنية بالغة الخصوصية ، والذهاب إلى ماوراء النص بغية الحصول على صيغة متكاملة لنص منهجي مكثف قادر على تفسير النص الأدبي المتمتع بكل خصوصياته . ويمكن تعريف " علم اجتماع القصيدة " على أنه : (( العلمُ الذي يدرس القصيدةَ باعتبارها مجتمعاً متحركاً بشكل ذهني وواقعي ، ويقومُ بتشريحها إلى وحداتٍ بدائيةٍ انطلاقاً من ثلاث محطات: الولادة ( الانبعاث)، والشباب ( العنفوان )، والموت ( الانطفاء ) ، مع الانتباه إلى حالات التمايز والدمج، والمجازِ والحقيقة بين هذه المراحل الثلاثة المختلطة إلى درجة الانصهار في بؤرية الحلم المستتِر )) . إن القصيدة هي الثورة الذهنية الواقعية الأكثر قدرة على استشراف الواقع المتخيَّل ، ذلك الواقع المعجون بالطموح الإنساني الواعي الذي تتم عقلنته في كل لحظة سطوع . وبالتالي فحريٌّ بنا أن ندرس القصيدة بوصفها كائناً حياً له صفات خاصة ، ويمر في أطوار مادية وغير مادية متعددة الجوانب . وهذه الأطوار إنما هي تشكيل للقدرات الإشاراتية التي تستشرف مستقبلَ الحلم وتحوله إلى وجهٍ للتاريخ ، وطريقةٍ لفهم تحولات الذات الإنسانية في أعماق تشكيلها الشِّعري . إن البعض يعتقد أن تطور المجتمعات الإنسانية يستند إلى نهضة تكنولوجية ومادية مجردة من كل النواحي الأدبية والفنية، وهذا اعتقادٌ موغل في الخرافة الأكيدة لأن الأمم المتطورة تكنولوجياً لا بد أن تكون متطورة أدبياً وفنياً ، والعكس غير صحيح . فالأمة العربية تعيش أزمة معرفية شديدة الوطأة ، وهي محاصرة بأشباح التخلف التقني، لكن هذا لا يعني أنها متخلفة حضارياً أو أدبياً . بل هي تعج بالمبدعين والعلماء والفلاسفة والأدباء الذين يستطيعون مقارعة أكبر المبدعين في العالم ، والتفوق عليهم بسهولة . لكن البيئة العربية عاجزة عن زراعة المبدع في قلب الحضارة العالمية بسبب تمركزها السياسي في هامش الأمم، وبالتالي فإن المبدع العربي يذهب ضحية انكسار بلاده . إننا قَصَّرْنا في صناعة السيارات والطائرات، أي تقاعسنا في النواحي المادية المحضة، لكننا ما زلنا نصنع مجداً أدبياً لافتاً . ومن الأخطاء الفظيعة تصنيف أمتنا في الآداب والعلوم كدرجة عاشرة لأننا متخلفون في مجال التكنولوجيا . إذ لا يوجد معادلة علمية تقتضي بأن الذي لا يتقن صنع الحديد لا يتقن صنع الإنسان . وهذا يدفعنا إلى العمل بجد لتشكيل حالة من التوازن بين الناحيتين المعنوية والمادية. فالمجتمع الذي يُنجب فلاسفة بارزين وأدباء متمكنين وعلماء أفذاذاً ، لا بد أن يشحذ همته من أجل صناعة السيارة والطائرة وغير ذلك من الصناعات المادية . إن القصيدة هي اختصارٌ مكثف لحالة إنسانية جمعية محلِّقة في فضاءات أكثر رحابة وتسامحاً وعنفواناً . إنها أساس روحي للنهضة والاندفاع ، ومشروع تاريخي كَوْني حاسم رغم أنها لا تُعنى بالوقائع الاجتماعية من حيث تأريخها ، لأن هذا الأمر ليس من وظيفة النص الشعري الساعي بكل ما أُوتي من مهارة وثقافة إلى إعادة تشكيل الواقع وفق منظور حالم قائم بالأساس على استنباط العناصر الثورية ذات الجَمال الفاقع المتشظي إلى تقاطيع حياتية مفصلية ، ومحاور إنسانية تتقاطع مع المنتوج الأدبي الذي يتم اعتباره وجهة واضحة تحدد اتجاه سير المجتمع ككتلة جمعية موحَّدة وموحِّدة للعناصر المبعثرة في النصوص الطبيعية الجمالية . والقصيدة هي ظاهرة شمولية تعتمد على صياغة الأبعاد المعرفية في قوالب كاسرة للقولبة والتقليدية . فينبغي وضع النص الأدبي الشِّعري في أقصى مداه ، من أجل الحصول على علاقات متكافئة متمردة على الظلم داخل الكيان النَّصي . وهذا يدفعنا إلى التفتيش في قلب النَّص عن قدرات فاعلة تمتلك المؤهلات لرسم حياة متكاملة في ورشة فنية نظيفة تدعى النص الأدبي . وإذا أَصَّلنا التزاماًَ حقيقياً بالمعايير الفنية فسوف نحصل على نقاش هادف يعيد تشكيل كامل العلاقات الاجتماعية في النَّص المزروع في نزعة الأنسنة بشكل يصعب معه الاجتثاث أو المساس بالجذور الراسخة للقصيدة .

08‏/04‏/2010

خنازير تشرب بولها

خنازير تشرب بولَها

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

من مجموعة " القرميد والإعصار"

دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .

لم يعد لدي سلال قمامة

تتسع لكل هذه الأنظمة الفاشية

خذوا كلابكم البوليسية إلى جنتكم الموعودة

إنا ذاهبون إلى جنة خالقنا

حشائش مبهورة بأستاذها الدم

شكراً لعشيقات الأباطرة

صاحباتِ النهود المكشوفة للكاميرات

تكتشف البناتُ أنوثتهن قرب حُفرتي

لأن أصدقاء الأرجوحة قُتلوا لا يرن هاتفها

لا تتاجروا بدم الحسين

يا مَن تؤجرون بكارةَ النعاج

يا فخامة الوهم الذي يحكم باسم الشيطان

هنيئاً لعينيكَ الدودتين كل هذا الجحيم السرمدي !

ألقِ التحيةَ على الوليد بن المغيرة وأبي جهل

يا أجمل الكلاب البوليسية الشاذة

التي لا تتقن سوى الاختباء بين أفخاذ النساء

قبركَ مزبلة ذئاب الدولة البوليسية

وحياتُكَ انتحارات الجرذان

وخليفتكَ كلبٌ أعور

يتعاطى الفياغرا في المراحيض الحكومية

التي سيُدفن فيها برفقة شياطينه الأوفياء !

أيتها السيدات المحنَّطات في قمصان النوم على المذبح

لا تتعلمنَ الرثاء حينما يزفني التراب إلى التراب

الآن أقيم الخلافة في أدق تفاصيل المجموعة الشمسية

دولةُ الله في قلوبنا الضوئية

وعلى أرضنا الغاضبة

ماسحاً قياصرة الأحذية اللامعة بخنصر الشمعة

لنا وهجُ الشمعة ولهم احتراقها

أقفاصُنا الصدرية عنفوانُ الاجتياح الضوءُ الماحي

وللغزاة الذين يحملون أسماءنا سقوطُ الظل في الدهشة

بنكرياسُ الجليد نارٌ كامنة في الإعصار

ظلالي المتدفقةُ رماحُ النهايات الحاسمة

وفي قاع المحيط أفيالٌ تلتقط أسماءَ النباتات الواثقة

بِعنا فلسطين كي ندفع أقساط المدارس الأجنبية

وتُجري نساؤنا عملياتِ التجميل

كلُّ السيوف التي تُطحن في الدورة الدموية للعصفور الطريد

أسألكِ بالذي خلق عينيكِ الدامعتين أن تبتعدي عني

لكي يهجرني الأرق في ليالي الحمى الشتوية

لَئِنْ ألقى جيش الإسكندر المقدوني وحيداً

أحب إلي أن تُزف لي الملكة كاترين

ارْمِني في غبار المعركة الجنوني

ومزِّقْ جوازَ سَفَري

ولا تسأل السيوفَ عن صندوق بريدي

ولا ترشد بناتِ الجيران إلى موقع حصاني

ستجدوني حيث تركتموني أشرب القهوة التركية

وأبحث عن قنبلة أقضي معها شهر العسل في المعركة

لا تُصدِّقي ما يقوله عني الوشاة يا كوسوفو

أحبيني كما أنا

طفلاً يرضع من ثدي البندقية

أرجوكِ

لا تحاولي نسياني

لا تحاولي أن تتركي قلبي للزوابع

فمذ عرفتُكِ عرفتُ البطاقة الشخصية لأجفاني

اذكريني عندما تنامين في خدودي

وأنام في مدائن كُحلكِ

اصهريني في حرارة دمعكِ

وصُبِّيني في خيوط ثيابكِ

ادفني جماجمَ ثلوجي في علب مكياج حوريات البحر

ولا تتركي أصابعي وحيدةً ترتعش تحت المطر

كلُّ الزنازين في بنطالي ومضة

وكلُّ ملكات الإنس والجن

لا يَقْدرن على الصعود إلى رموشي التي على شفتيكِ .

07‏/04‏/2010

قبل أن يدسوا لي السم

قبل أن يدسوا لي السم

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

من مجموعة " القرميد والإعصار"

دار اليازوري ، عَمَّان 2009م .

كأنني سعال محارة على ظهر حصان

منسي تحت المطر

لم تحمل العصافير على رأسها

سوى أعمدة الكهرباء

والضغطُ النفسي على تفاح القتال في ليلة الدخلة

يلتقط برقوقَ المجرات الساجدة للإله

الحريقُ الطازج والمخنثون واللقطاء

في نزيف اغتصبته صكوك الغفران فاحترقتْ

أمي تقلب نظام الحكم على المريخ

وتوقظني لصلاة الفجر

نحن ضريحان سابحان في أفكار النخلة

خذوا لمعان رموشي سيفاً مغسولاً

في ملح القناديل

وسُكَّراً لأحصنة المسلمين الفاتحين

في شمال المجرة

مَن سيُغسِّلني حينما أموت

في هذا السعال الهستيري ؟

وردةٌ على الصليب المكسور

ترشد الإفرنج إلى توابيتهم

المصنوعةِ من الملابس الداخلية

لزوجاتهم الخائنات

إنه الضجيج الثلجي

أيها المارون في عروقي شِعراً

ويركض العارُ الرخامي

في لعاب الحشرات الميكانيكية

إنها خيانة الأوحال على أغصان الصداع

يجلس الصدى الرمادي على ظل نورس

يحتسي كوباً من النسكافيه الدامية

كلابٌ بشرية متوَّجة تبصق

على انتحارات الشعوب القرابين

عاملُ النظافة يُكنِّس القياصرة على صفيح الجنون

كُنْ أكثر نعومةً من المقاصل المستوردة

هكذا يضطهد الوحلُ الناري نساءَ الشظايا

ثم ينقرض مثل خيانة يهوذا

تاريخُ أوروبا زجاجةُ نبيذ في ثلاجة

في بيت دعارة

وسيلٌ من الرؤوس المتدحرجة

على سفوح سرطان الثدي

سأفجِّر نَفْسي وظلالَ الغيم في جيش الصليب

وأرمي ركامي عشباً تعبر عليه فتوحاتنا

وأضع الهلالَ على قمة برج إيفل

هؤلاء شهداؤنا يرصفون الأبيض المتوسط بأظافرهم

فأقم اللهُ دولتكَ على أجسادنا المتفجرة

نحن خلفاء الله في الأرض

كانت بنات واشنطن

سيحترمن أغشية بكارتهن

لو أن تمثال الحرية

أعلى من بساطير المجنَّدات

لكن مملكة الضفادع

وتجارةَ الرقيق الأبيض

تذوبان في حفر المجاري

لقد اتفقتُ مع أرملتي أن نُنظِّم النسلَ .