سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

28‏/07‏/2018

العقل في مواجهة الشهوة

العقل في مواجهة الشهوة 

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

........................

[1] الفَيْلَسُوفُ الذي يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ يُؤسِّس فَلْسَفَتَهُ في الهواءِ .
     الفلسفةُ هِيَ الشِّيفرةُ السِّريةُ للوُجودِ الإنسانِيِّ ، والمِفتاحُ السِّحريُّ لأبوابِ التاريخِ الحضاريِّ. وهذه الرُّتبةُ السَّامِيَةُ التي وَصلتْ إلَيها الفلسفةُ ، جَعَلَتْ مِنَ اللغةِ الفلسفيةِ لُغةً شَديدة التَّعقيد ، لأنَّ الأفكارَ العظيمةَ لا تُحْمَلُ إلا على الكلمات القوية ، كناطحات السَّحاب لا تَقوم إلا على أقسى أنواع الفولاذ . ومعَ هذا ، لا بُدَّ مِنَ الوُصول إلى نُقطة ما في مُنتصَف الطريق ، وذلك كَحَلٍّ وَسَط . فالفَلسفةُ هِيَ عِلْمٌ إنسانِيٌّ ، والإنسانُ هو الرَّكيزة الأساسية في الفلسفة ، فلا بُدَّ أن تَصِلَ إلَيه الكلمات، كَي تَتِمَّ عَمليةُ الاستيعاب ثُمَّ التطبيق على أرض الواقع. وهُنا تَبْرُز مَهارة الفَيلسوف في صناعة كلمات واضحة وقوية في آنٍ مَعًا ، وتَوليد أفكارٍ عَظيمة ومَفهومة في الوَقْتِ نَفْسِه .
[2] الكاتب لا يَحْمِلُ اسْمَه إلا مؤلفاته .
     " مَنْ خَلَّفَ ما مَات " . والكاتبُ خَلَّفَ تَرِكَةً فكريةً ، سواءٌ تزوَّجَ أَم لَم يتزوَّج . لقد تَرَكَ كلماته في هذا العالَم تَسْبَحُ بلا تَعَبٍ . الشخصُ العاديُّ يَسْعَى إلى الخلودِ عَن طَريقِ التكاثر البيولوجي. أمَّا الشخص الْمُبْدِعُ فَيَسْعَى إلى الخلودِ عَن طريق مُمارَسة الكِتابة ( التكاثر الرُّوحي ) . فالكلمةُ تظلُّ إلى الأبد ، لا تَتحلَّل حُروفُها في التراب ، ولا يَأكلها الدُّود .
[3] عِندَما تَتعاملُ مَعَ الذِّئابِ ، مِنَ الغباءِ أن تَفترِضَ حُسْنَ النِّية .
     لماذا تتعاملُ مَعَ الذِّئاب ؟ ، لأنَّكَ خاضعٌ لسياسة الأمر الواقع . ولَم تَجِد المصلحةَ في التعامل مَعَ الحِمْلان ، فصارَ التعاملُ مَعَ الذئاب هُوَ المصلحة . الأمرُ مَفروضٌ عَلَيك ، ولَيْسَ اختيارًا حُرًّا . لا تَتحوَّل إلى ذِئب أثناءَ التعامل مَعَ الذئاب . احتفِظْ بالْهُوِيَّة الإنسانية ، والشخصيةِ الحضارية ، ولكنْ، تَفَقَّدْ سَلاحَكَ في كل وقت ، واحفظ خَطَّ الرَّجعة . الذِّئبُ سَيَظَلُّ ذِئبًا ، وهذا لَيْسَ ذَنْبَهُ ولا مُشْكِلَتَهُ . هذه مُشكلتك أنتَ . لا تَلُمْ الثَّوْرَ إذا قَتَلَ الْمُصَارِعَ . الْمُصَارِعُ دَفَعَ ثَمَنَ حَماقته . لَم يَكُن الثَّوْرُ وَحشيًّا ، ولَم يَكُن الْمُصَارِعُ رُومانسيًّا . الصَّيادُ هُوَ الصَّيادُ . والفَريسةُ هِيَ الفريسةُ.
[4] كِتابةُ القَصيدةِ مِثْل العَمليةِ الجِراحية .
     القصيدةُ مُخْتَبَرُ الوجودِ . والشاعرُ هُوَ مُخْتَبِرُ الأنساق المعرفية . يَكتبُ الشاعرُ قَصِيدَتَهُ كما يَقومُ الطبيبُ بالعملية الجراحية. لا فَرْقَ بين طبيب وطبيب إلا بالمهارة والمشاعر والذكريات . وحجمُ الألَمِ هو الذي يُميِّز المريضَ عن المريض . أغسلُ يَدَيَّ بالماء والصابون قَبْلَ كتابةِ القصيدةِ وبَعْدَها ، لِئَلا تَنتقل جَراثيمُ الأحزان إلى جسد الذاكرة . أُطَهِّرُ قَصيدتي مِنَ أصواتِ الضَّحايا ، وأُطَهِّرُ قَلبي مِن الأضداد والأندادِ . قَد يَخرجُ المريضُ مِن غُرفة العمليات إلى المقبرةِ ، وقَد يَخرجُ إلى أحضان زوجته . لا شَيْءَ مَضْمُونًا في الأنساقِ الإنسانية والأنساقِ الفكرية .
[5] القَصيدةُ هِيَ الْمُعادَلةُ الأُنثويةُ التي تُعَوِّضُني عَن غِيابِ المرأة في حَيَاتي .
     اخْتَفَت المرأةُ مِن حياتي ، لأنَّني اخْتَفَيْتُ مِنَ الحياةِ . أنا مَغرَمٌ لا مَغنَمٌ . لَوْ أحَبَّتْنِي امرأةٌ فأنا خاسرٌ وَهِيَ خاسرةٌ . هل سَتَكون الكراهيةُ هي وسيلةَ النَّجاة ؟ . إنَّ النَّوْمَ على مقاعد محطة القِطارات أفضلُ من الركوب في القطار الخطأ . التَّوقيتُ مُهِمٌّ ، والوُجهة مُهِمَّةٌ . ولكنَّ الحياةَ لا تَتوقَّف. سأبحثُ عَن أُنوثةِ عناصر الطبيعة لأظلَّ حَيًّا في قلبِ الأبجدية . القصيدةُ هِيَ اختزالٌ لعناصرِ الطبيعة ، والأُنثى المتكرِّرة في الوجوه لا الأقنعة ، والقصيدةُ الأُنثى تَحميني من الجنون ، وتَمنحني التَّوازنَ العاطفيَّ كَي أسيرَ بِهُدوء وعَقلانية في ظِل القَمْع والكَبْت.
[6] كُلَّمَا سَبَحْتُ في اللغةِ اكتشفتُ العناصرَ الرَّمزيةَ في السُّلوكِ البَشَرِيِّ الغامِضِ .
     اللغةُ لَيْسَتْ وَسيلةً للتخاطبِ فَحَسْب . اللغةُ هي الطاقةُ الرمزيةُ للإنسانِ والحضارةِ . وكُلَّما سَبَحْنا في اللغة ، وَصَلْنا إلى أعماق الإنسانِ ، وأمْسَكْنا بِمَنْبَع القيم الحضارية . وإذا عَرَفْنا مَنْبَع النهر سَنعرف مَجْرَاه. إنَّ رمزيةَ اللغة تَكشِف لنا كُلَّ العناصر الرمزية في السلوك البشري الغامض، لأنَّ الرَّمْزَ وَحدةٌ واحدةٌ مُتَّصلة عَبْر الزمان والمكان . واللغةُ هي الفلسفةُ العميقةُ التي تَكسِر قناعَ الإنسان ، وتُبْرِز وَجْهَهُ الحقيقيَّ بِدُون مُسْتَحْضَرَات التَّجميل . والفرقُ الجذريُّ بين اللغة والإنسان، هو أن اللغة كائن حيٌّ خالدٌ ، أمَّا الإنسان فكائنٌ حيٌّ مَيت . وإذا وَظَّفْنا رمزيةَ اللغةِ في السلوك الإنسانِيِّ ، فَسَوْفَ يَتحوَّل الإنسانُ إلى رَمْزٍ لُغويٍّ خَالدٍ ، ويَصير الْحُلْمُ الإنسانِيُّ كلمةً أبديةً .
[7] عِندَما يُصْبِحُ العَقْلُ فَارِغًا يَنحصِرُ التفكيرُ في الشَّهوة الجنسية .
     عِندَما تَنكسِرُ البُنيةُ الفَوقيةُ ( المنظومة العقلانية الأخلاقية ) ، تُصْبِحُ الشَّهوة الجِنسية هي المنظومةَ الحاكمةَ على النَّسَق الحياتِيِّ كُلِّه . والشَّهوةُ لا تُسيطِرُ على العَقْلِ إلا في لحظات الفراغ ، لأنَّ الفراغَ تَفريغٌ للأنظمة العَقلانية ، والجسمُ يَرفض الفراغَ ، فلا بُدَّ أن تَحْدُث عَملية إِحلال ، فَتَحِل الشَّهوةُ الجنسيةُ في البُنية الفَوقية ، ويُصبِحُ الجِنسُ هو العقلَ المسيطِر على تفاصيلِ المشاعر ، وأنساقِ الجسد ، وتقاطعاتِ الألفاظ مَعَ المعاني . وكُلَّما اضمحلَّ صَوْتُ العقلِ ، ارتفعَ صَوْتُ الرصاص ، وَكُلَّما غَابَ العقلُ أو غُيِّبَ ، صَارَت الكلمةُ الفَصْلُ للشَّهوة الغريزية . وهذا أدى إلى نشر هستيريا الجِنس في هذا العالَم الذي دمَّره الإنسان ، لأن الكثيرين يعتقدون أن بنادقَهم هِيَ صَوْتُهم الصادق الذي لا يَخُونهم ، وكُلَّما ابتعدَ الإنسانُ عن قُواه العقلية اقتربَ من قواه البدنية. فالذي يَضرب ويَقتل قَد مَنَحَ عَقْلَه إجازةً مفتوحة . وهذا الفِكْرُ المنحرِفُ يَرْفُضُه المنطقُ العقلانِيُّ ، فلا بُدَّ أن يَكُونَ صَوْتُ الإنسانِ أعْلَى مِن صَوْتِ الغريزة . 

07‏/07‏/2018

جريدة الشرق الأوسط تسرق كتابات المفكر/ إبراهيم أبو عواد

جريدة الشرق الأوسط السعودية تسرق كتابات المفكر/ إبراهيم أبو عواد . 

وتنسبها إلى أبي بكر البغدادي زعيم داعش !!!

.................

     نشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها ( 14247 ) الصادر يوم الخميس ، 30 نوفمبر 2017، تحقيقًا بعنوان " ( الشرق الأوسط ) داخل أوكار المتطرفين في ليبيا (5 من 5): رسائل مضطربة من البغدادي إلى ( دواعش ) ليبيا " ، بقلم : عبد الستار حتيتة ، مِن بنغازي .
     يتحدث التحقيق عن رسائل مزعومة لأبي بكر البغدادي ، قالت جريدة الشرق الأوسط إنها اطَّلعت عليها، معَ أنها لَم تُقدِّم أي دليل على ذلك . وجاء في هذا التحقيق : [ وفي واحدة من هذه الرسائل التي أمكن لـِ ( الشرق الأوسط ) الاطلاع عليها، كان الحديث مُوَجَّهًا إلى جدل يبدو أنه عصف بأتباعه في ليبيا حول السياق الذي وردت فيه تعليمات تحث على مواصلة القتال، وطريقة تفسير هذا الموضوع. يقول البغدادي وقد وضع تفسيره الخاص والمغاير لرغبة بعض القيادات في إعادة النظر في أعمال القتل والتفجير : " هذا الوهم ليس له أدنى نصيب من الحقيقة، وهو استنتاج مغلوط ، لأنه مبني على فرضية مغلوطة " . ويُضيف في موضع آخر كأنه يبعد أتباعه عن أي تفكير في الاستراحة من الحرب : " أعلم أن الأعداء كانوا يُحيطون بنا من كل الجهات ... الحرب حالة طوارئ خاصة ، تستدعي شحذًا للهمم ، وتحريضًا على القتال بكل الوسائل المعنوية والمادية، فلا يمكن أن استقبل عدوي الذي يريد قتلي بالورود وعبارات الترحيب " ] . انتهى الاقتباس .
     الغريب في الأمر أن هذه العبارات المنسوبة لأبي بكر البغدادي في رسالته المزعومة ، هي مِن كتابات إبراهيم أبو عواد . حيث تَمَّ انتزاعها من سياقها ، ونسبتها إلى أبي بكر البغدادي . وهذه العبارات جاءت في كتاب " قضايا تهم كل مسلم " ، تأليف : إبراهيم أبو عواد ، دار اليازوري ، عَمَّان ، 2010  .
     وقد عَلمتُ بالأمر بمحض الصُّدفة، وذلك بفضل مقال للأستاذ سعد الشريف، بعنوان " الوهابية تتناسل ، سلالات التكفير " في مجلة الحجاز ، وهي مجلة شهرية تصدر عن الجمعية الوطنية الحجازية . وهذا هو رابط المقال :
     يقول الأستاذ سعد الشريف في هذا المقال : [ لا بُدَّ مِن لفت الانتباه إلى أن بعض الرسائل المنسوبة للبغدادي والموجَّهة الى مساعديه في ليبيا والتي نَشرت صحيفة (الشرق الأوسط) مقاطع منها في 30 نوفمبر 2017 هي منحولة، وهي مجرد مقاطع من كتاب (قضايا تهم كل مسلم) للمؤلف إبراهيم أبو عواد ، وهو كاتب وشاعر أردني، والتي يعود تاريخ نشرها الى مطلع العام 2010 ، ولا صلة لها بالمسألة الليبية ، وهو يعالج قضية في الفكر الديني تتعلق بالقتل والقتال في التَّصَوُّر القرآني، ويَنفي عن الإسلام تحريضه على القتل العبثي. وللإنصاف فإن جزءًا وازنًا من الكتاب يدفع شُبهة التحريض على العنف في الآيات القرآنية، كما يُوضِّح ذلك بما نصُّه : " لذلك إن رأيتَ مَن يقومون بتفجيرات عبثية هنا أو هناك، ويقومون بقتل مَعصومي الدم، فاعلم أنهم مُخالِفون للقرآن الكريم، حتى لو رأيتهم يتلون بعض الآيات التي توهَّموا أنها تدعو إلى ما يدعون إليه ، فليس كل مَن هَبَّ ودَبَّ صار قادرًا على تفسير القرآن الكريم، وليس كل من يرتدي ثوبًا أو يطلق لحيته أو يُصلِّي في الصف الأول صار مجتهدًا قادرًا على الاستنباط من كتاب الله تعالى " . وفي مكان آخر يقول : " إن النَّفْس الإنسانية داخلة في ذِمة الله وحِفظه، إذ إنه سُبحانَه حرَّم قتلَها دون وجه حق، وهذا التحريم يهدف إلى منح هذه اللطيفة الرحمانية وهي النّفْس ، حرية الانطلاق والإبداع وعمارة الأرض دون ضغوطات خارجية، أو تهديدات من أي طرف تعيق النمو الوجداني والواقعي لهذا الكيان الإنساني النبيل " . في تفسيره لآية : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ } [ الأنفال : 65] . كتب إبراهيم أبو عواد : " وقد يظن بعضُ المغرِضين أو العوام في الشرق أو الغرب بأن الآية الشريفة تدل على أن الله تعالى يأمر النبيَّ بالكراهية والعنصرية تجاه الآخرين، وبث الحقد والقتال في النفوس دون وجه حق. وهذا الوهم ليس له أدنى نصيب من الحقيقة. وهو استنتاج مغلوط لأنه مبني على فرضية مغلوطة ، تُغفِل السياقَ التاريخي للنص. واعلم أن الأعداء كانوا يحيطون بالدولة الإسلامية من كل الجهات، فقد قضى المسلمون جزءًا كبيرًا جِدًّا من أعمارهم، وهم في حالة حرب. فلا يجوز إخراج الآيات التي تتحدث عن حالات الحرب، ومحاولة إسقاطها على أوضاع السلم ، والأوضاع الطبيعية. فالحرب حالة طوارئ خاصة تستدعي شحذًا للهمم، وتحريضًا على القتال بكل الوسائل المعنوية والمادية. فلا يمكن أن أستقبل عدوي الذي يريد قتلي بالورود وعباراتِ الترحيب والاستقبال ". ( وهذه الفقرة التي نسبتها صحيفة (الشرق الأوسط) لرسالة للبغدادي الى مُساعديه في ليبيا ، هي في الأصل مثبتة من كتاب إبراهيم أبو عواد سالف الذِّكر ] . انتهى الاقتباس .
     إن قيام جريدة الشرق الأوسط بالسَّطو على كتاباتي ، وانتزاعها من سياقها ، ونِسبتها دون وجه حق إلى أبي بكر البغدادي في رسالة مزعومة له ، يُعتبَر انتهاكًا صارخًا لحقوق الملكية الفكرية ، وتشويهًا لسيرتي الأدبية وسُمعتي ككاتب ، عِلْمًا بأنني وَضَّحْتُ الرؤية الإسلامية في تحريم قتل الأبرياء والمدنيين والعُزَّل ، فأنا ضِد الإرهاب مهما كان مصدره ، وضِد استهداف الأبرياء مهما كان دينهم وجِنسهم وعِرقهم في أيِّ مكان على وجه الأرض .
     لقد قامت جريدة الشرق الأوسط بانتزاع كتاباتي من سياقها، والزَّج بها في الحالة الليبية ، معَ أنني لا ناقة لي ولا جمل في ليبيا ، ولا علاقة لي بالتنظيمات المتطرفة ولا غير المتطرفة ، كما أن كتاباتي تَدعو إلى احترام النفس الإنسانية وتحريم قتل الأبرياء. لذلك، فإنني أحتفظ بحقي القانوني في مُقاضاة الجريدة في المحاكم المختصة . وقد وَكَّلْتُ فريقًا من المحامين بهذه المهمة .

إبراهيم أبو عواد
مفكر وشاعر من الأردن

04‏/07‏/2018

الأدب والتحرر من النقاد

الأدب والتحرر من النقاد

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة رأي اليوم ، لندن ، 4/7/2018

.....................

[1] إذا كانت آراءُ النُّقادِ تُسَيْطِرُ عَلَيْكَ ، فَلَن تُنْتِجَ نَصًّا جَيِّدًا .

     إذا أرَدْتَ أن تُصْبِحَ كاتبًا عَظيمًا، انسَ النُّقادَ. انْسَ النَّاسَ. أنتَ تَعيشُ في هذا العالَم وَحْدَكَ معَ الأشجارِ والشوارع والذِّكريات ، وعَلَيْكَ أن تُعيدَ تَرتيب عناصر الطبيعة التي دَمَّرَها الإنسان . هذه هي نُقطة البِداية . لَن يُقَدِّمَ الناسُ لَكَ أيَّ شَيْءٍ ، ولا تَنتظِرْ مِنهُم أيَّ شَيء . كُن وَحيدًا لِتُصْبِحَ وَحْدَتُكَ مَناخًا إبداعيًّا. إرضاءُ الناسِ غايةٌ لا تُدْرَكُ . الشخصُ الذي يُرِيدُكَ سَيَبْحَثُ عَنكَ، ويَقْبَل بِكَ كما أنتَ بِلا مِكياج ولا أقنعة . لا تَنتظِرْ مَديحًا مِن أحَدٍ . لا تَضَعْ في رَأْسِكَ صُورةَ النُّقادِ. لا تَبْحَثْ عَن الْمُعْجَبِين والْمُعْجَبَات. عِشْ مَعَ نَفْسِكَ. اعرِفْ نِقاطَ قُوَّتِك، وَقُمْ باستغلالها . اعرِفْ نقاطَ ضَعْفك ، واعْمَلْ جَاهدًا لإزالتها . كَوِّنْ مَشروعَك الفكريَّ أو الأدبِيَّ ، وحَاوِلْ أن تُطَوِّرَ لُغَتَكَ وأُسلوبَكَ وأفكارَكَ . وعِندئذٍ ، سَتَفْرِضُ شُروطَك على النُّقادِ ، ويَلْهَث وَراءَك الأتباعُ والْمُعْجَبُون . رُبَّما لا تَستطيع أن تُجْبِرَهُم أن يُحِبُّوكَ، ولكنْ تَستطيع أن تُجْبِرَهُم أن يَحترِمُوك ، لأنَّ أعمالَك الأدبية تُحفةٌ فَنِّية . ولا تَنْسَ أنَّ أجسادَنا طعامٌ للدُّودِ ، لكنَّ كلماتِنا حَيَّةٌ لا تَمُوت .

[2] عَلى النُّقادِ أن يَصْعَدُوا إلى أحلامِ الأُدَباء إِذا أَرَادُوا أن يَكُونوا مُنْصِفِين .

     الناقدُ مَهْمَا كانَ عَبقريًّا ، فَهُوَ تابعٌ وَرَدَّةُ فِعْلٍ . الأديبُ هُوَ القائدُ والفِعْلُ . وعلى الناقدِ أن يَركض وَراءَ أفكارِ الأديب ، ولا يُحاوِل أن يَسبقه . لا يَنبغي للنَّاقدِ أن يَتَذَاكَى على الأديبِ أوْ يُنَظِّرَ عَلَيهِ ، فالأديبُ هُوَ الذي يُقَاتِلُ على أرضِ المعركة ، أمَّا الناقدُ فَيُرَاقِبُ المعركةَ عَن بُعْدٍ . ومهمةُ الناقد تَنحصِرُ في بَيان نِقاطِ القوة ونِقاط الضَّعف، مَعَ عملية التَّحليل المنطقيِّ لا الاستعلاء على النَّص وصَانِعِه .

[3] النَّصُّ الأدبِيُّ الذي تَفْرِضُهُ الآلةُ الإعلاميةُ سَيَذْهَبُ إلى النِّسيان .

     النَّصُّ الأدبِيُّ قادرٌ على إثبات نَفْسِه بِنَفْسِه ، عَاجِلاً أو آجِلاً . لَكِنَّ هُناكَ عَوامل تَعْمَلُ على تَسليط الضَّوء على النَّص أو التَّعتيم عَلَيه . وَعُمومًا ، الشمسُ لا تُغَطَّى بِغِرْبال . وهُناك نصوص أدبيةٌ تافهةٌ ، لكنَّ الآلةَ الإعلاميةَ المأجورةَ تَفْرِضُها فَرْضًا ، وتُلَمِّعُها ، وتُحيطها بهالةِ العَبقرية. وهذه النُّصوصُ سَتَأخذ حَظَّها من الشُّهرة والانتشارِ ، لكنَّ بِذْرة هَلاكِها كامنة فِيها ، ومُدَّة صَلاحيتها مَحدودة ، ولَن تستمر مَعَ الوَقْتِ ، لأنَّها لا تَتمتَّعُ بالاكتفاء الذاتِيِّ ، إذ إن طاقتها مُستمدة مِنَ الخارج ، وليس مِن داخل الكلمات . وهذه النُّصوصُ مِثْل الْحُكَّام الذين فَرَضَهم الاستعمارُ على شُعوبهم . سَوْفَ يَحْكُمُون لمدةٍ زَمنيةٍ مَحدودة ، ولَن يَستمروا ، لأنَّهم بَنَوا عُروشَهم على جماجم شُعوبهم ، ولَم يَبنوا عُروشَهم في قُلوب شُعوبهم .

[4] لَن أَترُكَ للتاريخِ فُرصةً للحُكْمِ عَلَيَّ . أنا سَأكتبُ تاريخي بِكَلِماتي .

     التاريخُ سَيَحْكُمُ عَلَينا بِمَا لَنا وما عَلَينا. عِبارةٌ صحيحةٌ . ولكنْ ، لكلِّ قاعدةٍ شَواذ . إِنْ لَم تَكتب تاريخَك سَيَكْتُبه الآخرون. إِنْ لَم تتكلم، سَيَتكلم عَنكَ الآخرون. إنْ لَم تَعترِضْ ، سَيَعتبرون صَمْتَك مُوَافَقَةً . وفي ظِلِّ هذه المعطيات ، يَنبغي على كُلِّ شَخص أن يَرْوِيَ قِصَّتَهُ بِنَفْسِه ، ويَكتبَ تاريخَه قبل أن يَكتبه الآخرون . إذا كانَ التاريخُ صَنَمًا ، فاكْسِرْ هذا الصَّنَمَ . إذا كانَ التاريخُ ضَبعًا سَيَتَعَشَّى بِك ، فَكُنْ أنتَ الأسدَ الذي سَيَتَغَدَّى بِه . لا تَتْرُكْ للآخرين أن يُقرِّروا مَصيرَك ، لأنَّهم سَيتلاعبون بهذا المصير لمصلحتهم . كُن أنتَ الْمُبَادِرَ ، واكتبْ تاريخَك بِنَفْسِك ، واحْكُمْ على التاريخ ، ولا تَتْرُك التاريخَ يَحْكُم عَلَيك . الكُرْسِيُّ لا يَحْكُمُ على النَّجارِ الذي صَنَعَهُ .

[5] القلبُ الذي تَستقِرُّ فِيهِ الفَلسفةُ تَهْرُبُ مِنهُ النِّساءُ .

     الفلسفةُ والمرأةُ ضِدَّان لا يَجتمعان . وهذه لَيْسَتْ إهانةً للمرأة ، ولا عَيبًا فِيها . إنَّ الفلسفةَ إذا سَيْطَرَتْ على القلبِ، أدْخَلَت الإنسانَ في مَدار الحضارة البشرية ، فلا يَعُود يَرى إلا مُشكلات الإنسان وأزمات الحضارة . وهذا العالَمُ الْمُغْلَقُ لا يُناسِب المرأةَ ، فهي فَراشةٌ تُريد الانطلاقَ والاستمتاع بِحَياتها ، ولا علاقة لها بِنَشأة الحضارات وسُقوطها . والفَلسفةُ إذا اسْتَحْوَذَت على القلب ، طَردتْ كُلَّ العناصرِ مِنهُ ، لأنَّ الفلسفة   ( التَّعبير الإنسانِي عَن الوجود ) لا تَقْبَل بِوُجود شَريك ، خُصوصًا إذا كان هذا الشَّريك مِن الجِنس اللطيف . فالفلسفةُ هِيَ الجِنسُ الْخَشِنُ ، والتَّنظيرُ المتماسكُ ، والخلاصُ الذِّهنيُّ لأزماتِ الإنسان الحياتية ، وانهياراتِ الحضارة الإنسانية. والفَلسفةُ هِيَ القاتلُ والضَّحِيَّةُ في آنٍ مَعًا، وَهِيَ تَستحقُّ الشَّفقةَ سَواءٌ أحْبَبْناها أَم كَرِهْناها .

[6] بَعْضُ الأُدَباء يَهْرُبُونَ مِنَ الاكتئاب إلى الكتابةِ ، لَكِنَّ كِتَابَاتِهِم تَصِير اكتئابًا جَديدًا .

     متعة الكتابة كامنةٌ أثناءَ الْمُمارَسة . تَتفجَّر اللذةُ أثناءَ فِعْلِ الكتابةِ . وحِينَ يَنتهي هذا الفِعْل، تَبدأ رِحْلةُ الْمُعاناة،وتَحَمُّلُ المسؤولية، وتَفَجُّرُ المشاعر الْمُتضارِبة. ولا بُدَّ مِن دَفْعِ ضَريبةِ الاستمتاع. يجب دَفعُ ثمن اللذة ، ولا تُوجَد لَذَّةٌ بِدُون ضَريبة ، ولا تُوجَد مُتعة بِدُون ثمن . والكتابةُ عَذابٌ مُتواصِلٌ يَرْمي إلى تَطهير الأنساق الإنسانية مِنَ العذاب . إنَّ الضِّدَّ يُولِّدُ الضِّدَّ . واكتئابُ الأُدَباءِ دَاخليٌّ مُتعلِّق بتفاصيل الوجود الإنسانِيِّ ، وغَير مُتعلِّق بِلَحظات الفرح أو الْحُزْن . الأفراحُ والأحزانُ أعراضٌ زائلةٌ ، تَجيءُ وتَذهبُ . أمَّا الوجودُ الإنسانِيُّ بِكُلِّ ما يَحْمِلُه مِن أضداد وتناقضات ، فيظلُّ مَوجودًا في أعماق الإنسانِ ، ويظلُّ رَاسخًا في تفاصيل الحياةِ . ولا مَهْرَبَ مِنهُ ، فالإنسانُ لا يَهْرُبُ مِنْ جِلْدِه . والناسُ يُعْجَبُون بِصُورة المثقف ، لكنهم لا يَشعرون بالنار التي تتأجَّج في صَدْرِه. إنَّهُ يَحترِق مِنَ الداخل.واللمعانُ ناتجٌ عَن الاحتراق لا اللذة.

[7] الأُسلوبُ الأدبِيُّ هُوَ أن تَعْرِفَ اسْمَ الْمُؤلِّفِ مِن كِتَابَاتِه دُونَ أن يَكْتُبَ اسْمَهُ .

     الأُسلوبُ هُوَ اسْمُ الكاتبِ الحقيقيُّ . لقد سَكَبَ الكاتبُ شَظايا قَلْبِه في حُروفِ الأبجديةِ ، وعَلَينا أن نَعرِف اسْمَ الكاتبِ مِن خِلال شَظايا قَلْبه التي تَقَمَّصَت الكلماتِ . عِندَما يَبدأُ الكاتبُ رِحلةَ البَحث عن الألفاظ والمعاني ، يَنْسَى نَفْسَه ، ولا يَرى وَجْهَهُ ولا أقْنِعَتَهُ ، لأنَّ نُورَ اللغةِ الساطعَ يُغَطِّي على عَقْلِه وقَلْبِه ، ثُمَّ يَكشِف له الطريق . السَّائرُ في الطريقِ هُوَ الطريقُ . والكاتبُ هُوَ الكِتَابةُ. الكتابةُ هِيَ اسْمٌ جَديدٌ للكاتبِ يَختلِف عَن الاسمِ في البِطاقة الشَّخصية . اسْمُ الكاتبِ في الوثائق الرَّسمية هو جُزء مِن سِلْسلة النَّسَب وحَلَقات التَّواصل عَبر الآباء والأجداد . أمَّا الاسمُ الجديدُ الذي تَمْنَحُهُ الكتابةُ للكاتبِ ، فَهُوَ حَرْفٌ مِن حُروف الأبجديةِ ، ورَمْزٌ مِن رُموز اللغة ، ومِفْتاحٌ لِبَابِ الوُجود .