سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

30‏/03‏/2024

فهرس كتاب نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة

 

فهرس كتاب نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة

تأليف / إبراهيم أبو عواد

دار الأيام للنشر والتوزيع ، عمان _ الأردن

الطبعة الأولى 2024 ، عدد الصفحات 734

.....................................

مقدمة......................................................................................5

تمهيد ......................................................................................7

أوَّلًا : العقيدة الإسلامية [9]

1 _ تعريفها ومصادرها وعناصرها............................................................9

2_ حُجِّية حديث الآحَاد في العقيدة.......................................................13

3_ قواعد رَدِّ حديث الآحَاد الصحيح......................................................30

4 _ كلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ...................................................................31

5 _ المُحْكَم والمُتَشَابِه ( الأسماء والصِّفَات ).............................................53

6_ تَنزيه اللَّهِ عن المكانِ والزمانِ.........................................................184

7_ الآياتُ التي يَستدل بها المُجَسِّمَةُ على العُلُوِّ الحِسِّي للَّهِ تعالى.........................217

8 _ إثباتُ أنَّ عُلُوَّ اللَّهِ مَعْنَوِيٌّ لا حِسِّي..................................................228

9_ عِلْمُ الكلامِ.........................................................................236

ثانيًا : مُشكلات المَذهَب الحَنْبلي [260]

1 _ فِتْنَة خَلْقِ القُرْآن...................................................................260

2_ ضَعْفُ الإمامِ أحمد بن حَنْبَل في الفِقْهِ................................................268

3 _ نَشْرُ عَقائدِ التَّجسيمِ والتَّشبيهِ.......................................................273

4_ تَعَصُّبُ الحَنابلةِ وَشِدَّتُهُم وَقَسْوَةُ قُلُوبِهم.............................................288

5_ إرهابُ الحَنابلةِ وَقَتْلُ الإمامِ الطَّبَري..................................................292

6_ كَذِبُ الحَنابلةِ على الإمام أحمد بن حَنْبَل............................................296

7_ سَرِقَةُ القاضي أبي يَعْلَى الحَنْبلي لكتاب الأحكام السُّلْطَانِيَّة للإمام المَاوَرْدِي الشافعيِّ...299

ثالثًا : عقائد ابن تَيْمِيَّة الباطلة [305]

1_ تكذيب القُرآن الكريم...............................................................305

2 _ تكذيب الأحاديث الصحيحة........................................................305

3_ قِدَمُ العَالَمِ بالنَّوْعِ وَحَوادَثُ لا أوَّلَ لَهَا................................................314

4_ حُلُول الحوادث بذات اللَّه تعالى.....................................................332

5_ إثبات الجِسْمِيَّة للَّه تعالى............................................................338

6 _ استقرارُ اللَّهِ على العَرْشِ وتَجويزُ استقرارِ اللَّهِ عَلى بَعُوضَة.............................351

7_ إثباتُ الجِهَةِ للَّهِ تَعَالى...............................................................355

8 _ قُعُودُ اللَّهِ عَلى العَرْشِ...............................................................361

9 _ حَرَكَةُ اللَّهِ تَعَالى....................................................................364

10_ الحَدُّ لِذَاتِ اللَّهِ تَعَالى.............................................................374

11_ مَعِيَّةُ اللَّهِ تعالى....................................................................388

12_ فَنَاءُ النارِ.........................................................................390

13 _ المُشَبِّهَةُ طائفةٌ غَيْرُ مَذمومةٍ.......................................................393

14_ إنكارُ المَجَازِ......................................................................395

15 _كَرَاهِيَةُ آلِ البَيْتِ والطَّعْنُ في الصَّحَابة..............................................398

16_ رَفْضُ التَّوَسُّلِ بالنَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وسلم ..........................................410

17 _ عَدَمُ تَحْرِيفِ التَّوْرَاةِ والإنجيلِ.....................................................426

18_ تَقْسِيمُ التَّوْحِيدِ ( التَّثليث في التَّوحيدِ والعَقيدةِ )....................................432

19_ التَّطَابُقُ بَيْنَ عَقائدِ الكَرَّامِيَّةِ وعَقائدِ ابنِ تَيْمِيَّة........................................435

رابعًا : أقوال العُلماء في ابن تَيْمِيَّة [437]

1_ الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث ابن حَجَر العَسْقَلاني........................437

2_ الإمام الحافظ الذهبي...............................................................439

3_ الإمام التَّقِي الحِصْنِي................................................................444

4_ الإمام ابن حَجَر الهَيْتَمِي.............................................................448

5_ الإمام التَّقِي السُّبْكِي.................................................................449

6_ الإمام التاج السُّبْكِي.................................................................450

7_ الإمام الحافظ وَلِيُّ الدِّينِ العِرَاقي.....................................................450

8 _ العَلَّامة المُلَّا علي القاري...........................................................450

9_ العَلَّامة العَلاء البُخاري...............................................................451

10_ العَلَّامة مُحَمَّد بخيت المُطيعي ( مُفتي الدِّيار المِصرية سابقًا )........................451

11_ العَلَّامة محمود خَطَّاب السُّبْكِي....................................................451

12_ العَلَّامة يُوسُف الدِّجوي ( عُضْو جماعة كبار العُلماء بالأزهر سابقًا )..................452

مُلْحَق : سَلَفِي وَهَّابي تَكْفيري يَكشِف ضَلالاتِ ابن تيميَّة..................................455

خامسًا : عقائد ابن القَيِّم الباطلة [472]

1_  إقعادُ اللَّهِ للنبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم مَعَهُ على العَرْش.................................472

2_ إثباتُ جَنْبَيْن للَّهِ تعالى...............................................................475

3_ إثباتُ سَاقَيْن للَّهِ تعالى..............................................................478

4_ إثباتُ العَيْنِ صِفَة حقيقية للَّهِ تعالى...................................................481

5_ فَنَاء النار...........................................................................482

6_ إنكارُ المَجَاز........................................................................485

7_ الكَذِبُ في الحَدِيث ونِسْبَةُ الجُلوسِ والقُعُودِ والطَّوَافِ للَّهِ تعالى.......................486

8_ قَوْلُ الإمام الحافظ ابن حَجَر العَسْقَلاني فيه..........................................487

9_ قَوْل الإمام الحافظ الذهبي فيه.......................................................488

10_ قَول الإمام التَّقِي الحِصْنِي فيه......................................................488

11_ مُقْتَطَفَات مِن كِتاب السَّيْف الصَّقيل في الرَّد على ابنِ زَفِيل..........................488

سادسًا  : مُشكلات السَّلَفِيَّة الوَهَّابِيَّة مُجَسِّمَة الحَنَابلة خَوَارج العَصْر [492]

1 _ نَقْد بِدْعَة السَّلَفِيَّة..................................................................492

2_ لا يُوجَد مَذهَب للسَّلَف.............................................................520

3_ اختلافُ السَّلَفِ في العَقيدةِ والفِقْهِ...................................................523

4_ كَيْفَ تُصْبحُ سَلَفِيًّا عَصْرِيًّا ؟..........................................................542

5_ هَلْ وَرَدَت السَّلَفِيَّةُ في القُرْآنِ والسُّنَّةِ ؟...............................................544

6_ خُرَافَة حَصْر فَهْم الإسلام بالسَّلَفِ الصالح...........................................547

7_ ادِّعَاءُ السَّلَفِيَّةِ الوَهَّابيةِ أنَّهَا الفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ وبُطْلانُ حَدِيثِ الافتراقِ.....................558

8 _ إمكانيَّةُ تَفَوُّق بَعْضِ المُتَأخِّرين على بَعْضِ الصَّحَابَة...................................561

9 _ حُجِّيَّةُ مَذهَبِ الصَّحَابي.............................................................565

10_ مُسَاوَاةُ الحَدِيثِ الضَّعِيفِ بالمَوْضُوع................................................567

11_ مَسْألةُ البِدْعَة......................................................................570

12_ الاحتفالُ بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ...................................................582

13 _ كَذِبُ السَّلَفِيَّة الوَهَّابِيَّة على الأئمةِ الأربعةِ أبي حَنِيفة ومالك والشافعي وأحمد.......587

14 _ عِبادَةُ ابنِ تَيْمِيَّة وتَقْدِيسُ كَلامِهِ والاعتقادُ بِعِصْمَتِه..................................592

15_ نَشْر عَقائدِ التَّجسيمِ والتَّشبيهِ......................................................598

16 _ أوْجُهُ التَّشَابُهِ بَيْن السَّلَفِيَّةِ الوَهَّابِيَّةِ النَّوَاصِبِ والشِّيعَةِ الرَّوَافِضِ......................599

17_ أوْجُهُ التَّشَابُهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ الوَهَّابِيَّةِ وَالخَوَارجِ.........................................601

18_ أوْجُهُ التَّشَابُهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ الوَهَّابِيَّةِ والعَقيدةِ اليَهُودِيَّةِ.................................607

19_ تَحْريمُ الاشتغالِ بالفَلْسَفَةِ والمَنْطِقِ وَعِلْمِ الكَلامِ.....................................610

20 _ الرَّد على الألباني.................................................................613

21_ الرَّد على ابن عُثَيْمِين..............................................................631

22_ بَيَانُ جَهْلِ ابنِ باز وابنِ عُثَيْمِين....................................................635

23_ مَقَالات مُختارة مَن مَوْقِع عَرَبي 21................................................637

أ _ " السلفية " فَخْرٌ وانتماء ، أَمْ دَجَلٌ وادِّعَاء ، للأستاذ / وَنيس المَبروك..................637

ب _ السلفيةُ الهادئة والسِّياسة الدِّينية في العَالَمِ العربي ، للأستاذ / حَسَن أبو هَنِيَّة.........640

ج _ الأساطيرُ المُؤسِّسة للخِطاب السَّلَفِي المُعَاصِر في مِصْر ، للأستاذ/ مُصطفى مُحْيي....645

د _ إعلانُ فَشَلِ المَشروعِ السَّلَفِي الوَهَّابي ، للأُستاذ / رمضان إبراهيم أبو أحمد............647

ه _ كَلِمَة أخيرة........................................................................651

سابعًا : نَقْد كِتَاب التَّوْحِيد لـِ مُحَمَّد بن عبد الوَهَّاب [653]

1_ مَسألةُ التَّبَرُّكِ بالشَّجَرِ أو الحَجَرِ ونَحْوِهِمَا............................................653

2_ الاستعاذةُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالى............................................................671

3_ التَّوَسُّلُ بالأنبياءِ والصَّالِحِين..........................................................671

4_ الاسْتِغَاثَةُ بالأنبياءِ والصَّالِحِين........................................................690

5_ إثباتُ حَيَاةِ الأنبياءِ والأولياءِ..........................................................695

6_ تَفْنِيدُ شُبُهَاتِ المُعَارِضِين للتَّوَسُّلِ والاستغاثةِ..........................................706

7_ مُلاحَظَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بالتَّوَسُّلِ والاستغاثةِ.................................................710

8 _ عَدَمُ تَعظيمِ النَّبِيِّ مُحَمَّد صلى اللَّه عليه وسلم........................................713

9_ نَشْرُ عَقائدِ التَّجسيمِ والتَّشبيهِ........................................................719

10_ خَاتِمَة.............................................................................727

فِهْرِس...................................................................................729

صَدَرَ للمُؤلِّف...........................................................................734

22‏/03‏/2024

التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

 

التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

...........................

     الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط بالبُنيةِ الأخلاقية الفَرْدِيَّة والجَمَاعِيَّة ، ولُغَةُ العملِ الأدبي تَرتبط بِنَبْضِ الواقعِ اليَوْمِي ، والمشاعرُ الإنسانية نابعةٌ مِن تفاصيل الحياة ظاهريًّا وباطنيًّا ، والتَّعَمُّقُ في الطاقةِ الرمزية اللغوية إنَّما هو _ في الحقيقة _ تَعَمُّقٌ في مَكنوناتِ النَّفْسِ البشرية ، لأنَّ اللغةَ والإنسانَ هُمَا الحاملان للأدبِ والفَنِّ والفِكْرِ والمَعرفةِ ، ورُوحُ اللغةِ ورُوحُ الإنسانِ هُمَا القاعدتان اللتان تَقُوم عليهما العمليةُ الإبداعيةُ نَصًّا ومَعْنى .

     والأدبُ هُوَ الابنُ الشَّرْعِيُّ للأخلاقِ ، واللغةُ هي الوريثةُ الشرعيةُ للحُلْمِ الإنساني . وإذا حَصَلَ صِرَاعٌ بَين الأدبِ والأخلاقِ ، فإنَّ الإبداعَ سَيُصبحُ شَبَحًا باهتًا بِلا سُلطةٍ ولا هُوِيَّة ، وإذا حَدَثَ صِدَامٌ بَيْن الفَنِّ والشُّعُورِ فَإنَّ اللغة سَتُصبحُ صَدى مَبحوحًا لا صَوْتًا هادرًا .

     ولا يَخفَى أنَّ الشِّعْرَ هُوَ الفَنُّ الأكثرُ التصاقًا باللغةِ ، لأنَّه قائمٌ على التَّكثيفِ والنَّقَاءِ والصَّفَاءِ والصُّوَرِ الجَمَالِيَّةِ المُدْهِشَةِ ، والشُّعُورِ الإنساني النَّبيل ، وإعادةِ تَشكيلِ الأشياءِ العاديَّة لِتُصبح مُبْهِرَةً ، وتَكثيرِ زَوايا الرُّؤية لتفاصيل الحياة لِتُصبح عوالم سِحْرِيَّة مِن الأحلامِ المُحَلِّقَةِ والذكرياتِ المُلَوَّنَةِ . وإذا خَسِرَ الشاعرُ لُغَتَه خَسِرَ هُوِيَّتَه ، وإذا فَقَدَ الشاعرُ شُعُورَه فَقَدَ إنسانيته .

     ومِن أسوأ التناقضات بَين الحَالةِ الإبداعيَّةِ والمَوْقِفِ الأخلاقيِّ ، التناقضُ الصارخُ في حياة الشاعر الأمريكي عِزرا باوند( 1885_1972)الذي يُعْتَبَر أحد أهَمِّ شخصيات حركة شِعْر الحداثة في الأدب العالمي في النِّصْفِ الأوَّلِ مِن القَرْنِ العِشرين، حتى إنَّ الشاعر الإنجليزي مِن أصلِ أمريكي تي إس إليوت أهدى إلَيه قصيدته " الأرض الخراب" ( أشهر قصيدة في القرن العِشرين ) باعتباره مُعَلِّمًا له ، وأبًا للحداثة الشِّعْرية الغربية، حيث قال : (( إلى عِزرا باوند الصانع الأمهر )) .

     وُلِدَ عِزرا باوند في ولاية آيداهو في المنطقة الشمالية الغربية من الولايات المتحدة . وكان طِفلاً وحيدًا لعائلته ، وكان والده يَعمل مُسَجِّلًا في مكتب الأراضي العامة .

     دَرَسَ الأدبَ المُقَارَن في جامعة بِنسلفانيا في الفترة ( 1900_ 1905 ) ، ولكنَّه غادرَ أمريكا إلى أوروبا عام 1908 ، لأنَّه كان عاجزًا عن التأقلم معَ المجتمع الأمريكي .

     تزوَّجَ عِزرا باوند مِن دورثي شكسبير ابنة العشيقة السابقة للشاعر الأيرلندي وليام بتلر ييتس ( 1865 _ 1939 ) الفائز بجائزة نوبل للآداب ( 1923 ) . وقد أسهمَ ييتس وباوند في بدايات الحداثة الإنجليزية ، وانخرطا في حركات عديدة أثَّرَتْ في مُستقبَل الشِّعْر الإنجليزي .

     تَرَكَ عِزرا باوند إنجلترا مع بداية الحرب العالمية الأُولَى . وبِحُلول عام 1924 كان قَد استقرَّ بصفة دائمة في إيطاليا مع عائلته . وخلال الحرب العالمية الثانية ، كان أحد أشهر مُؤيِّدي نِظام مُوسوليني ، بَلْ وكانَ مُنَظِّرًا لِدُوَلِ المِحْوَر ( ألمانيا ، إيطاليا ، اليابان ) . لذلك لَمْ يَكُن غريبًا أن تُلْصَق بِه تُهمة الخِيانة لبلده الأُمِّ أمريكا بسبب كتاباته وخِطاباته الإذاعية .

     وفي نِهاية المَطَاف ، قَبَضَتْ عَلَيه قُوَّات إيطالية مُسانِدة للحُلَفَاء ، وتَمَّ تَسليمُه إلى أمريكا التي حاكمته بِتُهمة الخِيانة ، لكنَّ المحكمة قَضَتْ بأنَّه غَيْرُ مُذنِب لأنَّه مجنون . وعِندها ، عارضَ الكثيرون هذه الفِكرة، وأُعِيدَ النظر في قضيته ، وحُكِمَ عليه بالسجن 12 عامًا في مُستشفى إليزابيث للأمراض العقلية . وبعد إطلاق سَرَاحِه بِضُغوطات مِن كُتَّاب العَالَمِ ، عادَ إلى إيطاليا ، حيث عاش حتى وفاته عام 1972 .

     كانَ عِزرا باوند يَبحث عن البِدائية والعَفْوِيَّة والبراءة والصِّدْق في شِعْر الأُمَم التي لَمْ تُفْسِدْها الحَداثة الصناعية والتكنولوجيا الماديَّة ، كما حَدَثَ لِمُجتمعاتِ أوروبا وأمريكا . والفكرة الأساسية لديه هي أنَّ العلاقات الكائنة بين الأشياء أهَمُّ مِن هذه الأشياء ذاتها، ولكن ليس كل الناس يَرَوْنَها. وَحْدَه الشاعر الكبير يَرَاها .

     يُعْتَبَر عِزرا باوند من أعظم شُعَراء الحداثة في تاريخ الأدب الإنجليزي ، ولا يُمكِن إنكار تأثيره على الشِّعْر. وكان مِن أوائل مَن استخدموا الشِّعْرَ الحُر ، كما لَعِبَ دَوْرًا عظيمًا في اندلاع الثَّورة الشِّعْرية الحديثة التي أثَّرَتْ على الأدبِ الإنجليزي كُلِّه في القرن العشرين .

     وتَمَرُّدُه الشِّعْرِي كانَ مُتوازيًا معَ تَمَرُّدِه النَّفْسِيِّ والشَّخْصِيِّ ، فقد اشْتُهِرَ باحتقاره للعاداتِ والتقاليدِ السائدة في المُجتمع ، ومَيْله إلى الاستفزاز والخُروج على المألوف . وكانَ مِن أتباع الفَيْلَسُوف الصيني كونفوشيوس ، وكان يَعتقد أنَّ الدولة الفَاشِيَّة التي أسَّسها مُوسوليني في إيطاليا هي تجسيد للدَّولة المدنية التي حَلُمَ بها كونفوشيوس .

     لَقَد ارتكبَ عِزرا باوند خطيئةَ حياته بِدَعْمِه المُطْلَقِ للفَاشِيَّةِ ، ومُساندته العلنية لِمُوسوليني ، حَيث سَخَّرَ مَوْهبته الشِّعْرية ومكانته الأدبية لدعمِ العُنْفِ والإرهابِ ، وإيجادَ مُبَرِّر أخلاقي لهما. وهكذا يَتَّضِح التناقضُ الصارخُ بَين الحالةِ الإبداعية والمَوْقِفِ الأخلاقيِّ ، ويَظْهَر الصِّدَامُ الحَتْمِي بَيْنَ الوَظيفةِ الجَمَالِيَّةِ للنَّصِّ الشِّعْرِيِّ الإنسانيِّ الذي يَحْفَظ كَرامةَ الإنسانِ ويُحَافِظ على شُعُورِه وأحلامِه وتاريخه وحضارته ، وبَيْنَ الوظيفةِ الأيديولوجية للفَاشِيَّةِ التي تَقُوم على القتلِ والكَرَاهِيَةِ وتَصفيةِ الخُصُومِ وإلغاءِ الحُرِّياتِ الفرديةِ وتَدميرِ مُستقبلِ الإنسانِ وإقحامِ الدُّوَلِ في حُرُوب دموية عبثية .

17‏/03‏/2024

الجذور الاجتماعية للنقد الثقافي

 

الجذور الاجتماعية للنقد الثقافي

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     إنَّ النقد الثقافي لا يَعْني تحليلَ الأنساقِ الثقافيةِ الكامنةِ في النُّصُوصِ الأدبية فَحَسْب ، بَلْ يَعْني أيضًا تَفكيكَ الأفكارِ الفلسفية الراسخة في الصُّوَرِ الإبداعية الفَنِّية ، وإعادتها إلى أشكالها الأوَّلِيَّة في الواقعِ اليَوْمِي ، وإرجاعها إلى جُذورها الاجتماعية في الأحداث الحياتية . والثقافةُ لَيْسَتْ تَجميعًا للكَلِمَاتِ وتَنميقًا للعِبَاراتِ وتَزويقًا للدَّلالاتِ ، وإنَّما هي تَجسيدٌ للوَعْي الاجتماعي بَين مَا هُوَ كائن وَمَا يَنبغي أن يَكُون.وكُلُّ حالةٍ إبداعيةٍ تُمَثِّل اندماجًا بَين رُوحِ النَّصِّ ورُوحِ المُجتمعِ، مِمَّا يُسَاهِم في كَشْفِ جَوهرِ التاريخ شخصيًّا وجَمَاعِيًّا ، وإظهارِ تَحَوُّلاتِ الفِعْل الاجتماعي تاريخيًّا وحَضاريًّا ، وإبرازِ امتداداتِ سُلطةِ العملِ الأدبي أُفقيًّا وعَمُوديًّا .

     والنقدُ الثقافي لَيْسَ مُوضةً عابرةً ، ولَمْ يَجِئْ مِن العَدَمِ ، ولا يَتَحَرَّك في الفراغ ، بَلْ هُوَ تَجربةٌ إنسانية مُتكاملة لها جُذور اجتماعية عميقة ، ومَصْدَرٌ أساسي للمَعرفةِ المُسْتَتِرَةِ في تفاصيل المُجتمع ، وإعادةُ إنتاج للعلاقات الاجتماعية كأدواتٍ لُغَوية لتفسيرِ المفاهيم المُسيطرة على الواقع اليَوْمِي ، وإعادةُ تَشكيل للتَّرَاتُبِيَّةِ الهَرَمِيَّة كَآلِيَّاتٍ ثقافية لتأويلِ الخِطَاب المُهيمِن على الأحداث الحياتية .

     وإذا كانَ المُجتمع يَستمد سُلطته الاعتبارية مِن مَصادرِ المعرفة ، فَإنَّ النقد الثقافي يَستمد طاقته الرمزيةَ مِن جُذوره الاجتماعية . وإذا اندمجت السُّلطةُ الاعتباريةُ معَ الطاقةِ الرَّمزية ، فإنَّ مَرجعية اللغةِ سَوْفَ تَتَكَرَّس في الإبداعِ الأدبي وَالوَعْيِ الاجتماعي معًا ، ويُصبح جَسَدُ اللغةِ بَحْثًا دائمًا عَن المَعْنَى ، وتَجسيدًا مُستمرًّا للأنساقِ الثقافية القادرةِ على الجَمْعِ بَيْن المَركزي والهامشيِّ.

     وكُلُّ عَمَلِيَّةٍ نَقْدِيَّةٍ لا تُصبح مَنظومةً حياتيةً شَرْعِيَّةً إلا إذا قامتْ على مُسَاءَلَةِ الأنساقِ الثقافية في تَحَوُّلاتِ الزمانِ والمكانِ داخل العمل الأدبي ، واعتمدتْ على تَكوينِ نِقَاط تَوَازُن بَيْن المَعرفةِ والسُّلطةِ داخلِ اللغةِ والمُجتمعِ معًا ، باعتبار أنَّ اللغةَ والمُجتمعَ هُمَا المَجَالان الحَيَوِيَّان للثقافةِ فِكْرًا ظاهرًا ونَسَقًا مُضْمَرًا ونِظَامًا وُجوديًّا .

     وإذا كانَ الفَصْلُ بَيْن المَعْنَى والمَبْنَى في جَسَدِ اللغةِ يُؤَدِّي إلى انهيارِ العملِ الأدبي ، فإنَّ الفصل بَين الرُّوحِ والمَادَّةِ في النَّقْدِ الثقافي يُؤَدِّي إلى انهيارِ الوَعْي الاجتماعي . وهذا يَدُلُّ على ضَرورة التلاحم بَين المَرجعيات الفِكريةِ والاجتماعيةِ ، مِن أجْلِ تَحريرِ كَينونةِ الإنسانِ مِن قَبْضَةِ النظامِ الاستهلاكي الذي يَخْنُق رُوحَ المُجتمعِ ، وتَحريرِ هُوِيَّةِ التَّعبيرِ الفَنِّي مِن شظايا الانفجار اللغوي التي تُمَزِّق رُوحَ النَّصِّ ، وتُحِيله إلى خِطَابٍ مَعرفي وَهْمِي عاجز عن التوفيق بين الأصالةِ والمُعَاصَرَةِ مِن جِهَة، وبَين الحَداثةِ وَمَا بَعْد الحَداثةِ مِن جِهة أُخْرَى.

     إنَّ الاندماج بَين رُوحِ النَّصِّ ورُوحِ المُجتمعِ يَهْدِف إلى التنقيب عَن الأنساق الثقافية في الوَعْي الاجتماعي باستخدام اللغةِ بِوَصْفِهَا أداةَ حَفْرٍ في المَكبوتِ والمُهَمَّشِ والمَنْسِيِّ ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى تَفعيلِ النقد الثقافي كَسِياسةٍ لُغوية ، ومَنهجيةٍ وُجودية ، ومَركزيةٍ حضارية ، ومَرجعيةٍ مَعرفية ،  وتَفعيلِ المَبادئ الإنسانية في الجُذور الاجتماعية للنقد الثقافي . وهذا التَّفعيلُ المُزْدَوَجُ يَدفَع العمليةَ النقدية باتِّجاه التَّركيز على المَحمولِ الفِكري لا الحاملِ اللغوي ، أي : التركيز على المَعاني العميقةِ والأنماطِ المُضْمَرَةِ والرسائلِ الغامضةِ في العملِ الأدبي كِيَانًا وكَينونةً ، بعيدًا عَن الانبهارِ بِجَمَالِيَّاتِ النَّصِّ وشِعْرِيَّةِ اللغةِ ولَمَعَانِ الألفاظِ المُنَمَّقَةِ وبَرِيقِ الصُّوَرِ الفَنِّيةِ المُدْهِشَةِ . والنقدُ الثقافي لا يُصبح نظامًا ومَنظومةً إلا إذا كَشَفَ عَن عملياتِ الاحتراقِ الفِكْري والانفجارِ المَعرفي داخل لُغَةِ العمل الأدبي ، ولَمْ يَنخدع بلمعانِ الإطارِ وبَرِيقِ الصُّورة . وجَوْهَرُ العملِ الأدبي يَكْمُن في النَّوَاةِ الداخلية السِّرِّية ، ولا يَكْمُن في مَظْهَرِه وبَلاغةِ لُغته ورَوْعَةِ أُسلوبه.

     والجُذُورُ الاجتماعية للنقد الثقافي لَيْسَتْ مَرجعياتٍ فِكرية وتاريخية فَحَسْب ، بَلْ هِيَ أيضًا هُوِيَّات فَرْدِيَّة وجَمَاعِيَّة ، والهُوِيَّةُ الإنسانيةُ لا تُصبح سُلطةً مَعرفية إلا إذا تَمَّ فَحْصُها واختبارُها ، وهذا يَستلزم تَحويلَ رَمزيةِ اللغةِ إلى مِحْوَر ارتكاز بَيْن النَّسَقِ المُضْمَرِ والنَّسَقِ الظاهر ، وتَحديدَ طَبيعة حركتهما في الفَضَاءِ اللغوي والمَجَالِ الاجتماعي تَزَامُنِيًّا وَتَعَاقُبِيًّا .

     واللغةُ هي نِشَاطٌ اجتماعي ، والمُجتمعُ هُوَ خِطَابٌ لُغَوي ، ولا يُمكِن صَهْرُهما في حَقْلٍ مَعرفي واحد إلا بواسطة النقد الثقافي ، الذي يُعيد صِيَاغَةَ مَنطِقِ اللغة الرمزي بِتَحريكِ المَركزِ ، وزَحزحةِ الهَوامشِ ، مِن أجْلِ تَحويلِ العملِ الأدبي إلى مَنهج نَقْدِي مُستمر ، وتَحويلِ الواقعِ إلى فاعليَّة ثقافية دائمة ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى تَفسيرِ المَرجعيات الفِكرية ضِمْن سِيَاقَاتِهَا التاريخية والحَضارية ، وتَمييزِ الأنساق الثقافية المُسيطِرةِ عَن المُهَمَّشَةِ ، وتَمييزِ الوَعْي الاجتماعي الحاضر عَن المُغَيَّب ، وهذا الأمرُ ضَروري مِن أجْلِ تَحديدِ التَّطَوُّراتِ الثقافية في هُوِيَّةِ المُجتمع الإنسانية، وتَحديدِ التَّحَوُّلاتِ الاجتماعية في سُلطةِ النَّصِّ الأدبي. ولا تُوجَد ثقافة بِدُون مَعايير نَقْدِيَّة ، ولا يُوجَد مُجتمع بِدُون حراك ثقافي إنساني . وهذا يَستلزم تَعرية الأنساق الثقافية الوَهْمِيَّة ، وفَصْلها عَن طبيعة الواقع اليَوْمِي، الذي تَجِب تَنقيته مِن مُخَلَّفَاتِ الوَعْي الزائف ، وإفرازاتِ النظامِ الاستهلاكي. وَسَيَبْقَى النقدُ الثقافي مُحَاوَلَةً لِتَطهيرِ رُوحِ النَّصِّ وَرُوحِ المُجتمعِ مِن المَادِيَّة المِيكانيكية المصلحية .