سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

28‏/09‏/2013

أشهر قصائد الشاعر/ إبراهيم أبو عواد المنشورة ورقياً

أشهر قصائد الشاعر/ إبراهيم أبو عواد المنشورة ورقياً

[1] رسالة من النمر إلى اللبؤة ( جريدة الرأي الأردنية ) .
[2] كشمير تلبسني ( جريدة الرأي الأردنية ) .
[3] لا تتركيني يا إسطنبول ( جريدة الرأي الأردنية ) .
[4] مكياج خفيف لمجرمة الحرب ( جريدة الزمان اللندنية ، وجريدة الدستور الأردنية ) .
[5] ملحمة غزة ( جريدة الدستور الأردنية ) .
[6] أغنية للبحيرات الجافة ( جريدة العرب اللندنية ، وجريدة الرأي الأردنية ) .
[7] جنازة الفيلسوف المجهول ( جريدة الزمان اللندنية ) .
[8] لاجئ في دماء القمر ( المجلة العربية / السعودية ) .
[9] تاريخ الشموس المكسورة ( جريدة العرب اللندنية ) .
[10] يخرج الياسمين إلى الميادين ( جريدة العرب اللندنية ) .

[11] نهاية الربان ( جريدة الزمان اللندنية ) .

21‏/09‏/2013

الأمنية الأخيرة للمحكوم بالإعدام / قصيدة

الأمنية الأخيرة للمحكوم بالإعدام / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 20/9/2013

سقطتُ في قاع نَفْسي
وَقَعَ الليلُ في بئر شهيقي
يُقاتِل قلبي في الصحراء
بلا رايةٍ ولا طبول
بكائي طَبْلُ الحرب
ولا فراشاتٌ في الصدى الوحشي
كي تنظِّف ثيابَ الريح من الملاريا
ولا حجارةٌ تبكي على هَوْدجِ الغريبةِ  
أذهبُ إلى معتقلاتِ سيبيريا
تاركاً وجوهَ القوقازياتِ على حيطان زنزانتي
فيا وحشتي
تتكاثرُ في السجون أهدابي
وتتكاثرُ السجونُ في شفتي
ظلالُ النهر على مشطِ الزوبعة
فيا وردةَ اللهب
صغيرةٌ أنتِ على الحب يا قاتلتي
وكبيرةٌ على المِقصلة يا صغيرتي
أظل في الورد والشوكِ غريباً
مطروداً من دمائي
هكذا تُولَد الفراشاتُ على أكتاف الأرامل
وتبقى الجثثُ المتحللة في عصير الليمون
ويصبحُ ذبولُ النساءِ أقواسَ نَصْرٍ
في المدن المهزومة
فاحملي جثمانَ البحيرةِ
على ظهر حصاني
إن بوصلةَ ضريحي
تتَّجه نحو الحزن في عينيكِ
لا شيوخُ القبائل ينتظرونني
في حرب البسوس
ولا الهنودُ الحمر يَحفظون جدول الضرب
لِيُحصوا قتلاهم  
خطبتُ الأمواجَ تزوجتُ الشطآنَ
أنا الصحراءُ التي تنتظر المطرَ
وتشربُ الأحلامَ الضائعة
وتأكل الطفولةَ المهشَّمة
أنا صخرةُ الرحيل
التي تنتظر زَهْراً يُفَتِّتها
وسوفَ أُدفَن تحت الشجرةِ
التي كنتُ ألعبُ تحتها
لا نساءُ الإنكا ينتظرنَ اكتئابي
تحت أقواس النصر
ولا الراهباتُ يُوَزِّعْنَ الخِيامَ على اللاجئين
فانصبوا الخِيامَ بين شراييني ونعناعِ المقابر
ستذهب اللبؤاتُ إلى احتضارِ البحيرة
وتبقى الأُسودُ في جنوبِ الأغنياتِ
أيها الحزنُ التائهُ في عُروقي كُحْلاً لليمام
سنظل واقفين تحت المطر
ننتظر أحلامَ الطفولة
والسناجبُ تقلي حبلَ مِشنقتي بزيت الزيتون
أَخرِجوا رفاتَ الياسمين من عطشي
سأغرقُ مع السفينة التي أحببتُها
يا قلبي البعيدَ
هؤلاء الأراملُ يفتحنَ قبورهنَّ أمام السائحاتِ
ويغلقنَ قلوبهنَّ أمام السُّنونو
فكن يا صديقي أنيقاً
عندما تنقرُ العصافيرُ جماجمَ الأسرى
لن أصرخَ في زنزانتي
فلتسمع الحيطانُ صوتَ المطر
أشمُّ أجفانَ الرعد
وأنامُ في حُفرتي
وينامُ حصاني في الفراغِ العاطفيِّ
يَرمي البرقُ قبعاتِ الجنود الهاربين من المعركة

والوحلُ يسيل على قارورةِ العطر .

18‏/09‏/2013

المؤسسة العسكرية المصرية ومشكلات سيناء

المؤسسة العسكرية المصرية ومشكلات سيناء

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة القدس العربي اللندنية 16/9/2013

     إن السلطة العسكرية في مصر لم تستوعب دروس الماضي. فهي تنتهج سياسة " كسر العظم " دون وجود أي أفق للحوار، أو جمع الأطراف على كلمة سواء . وهذه الخطيئة تتضح بشكل صارخ في سيناء . حيث يَدفع الجيشُ المصري بتعزيزات عسكرية إلى هذه المنطقة الحساسة في ظل غياب تام للحلول السياسية . ومن الواضح أن الجيش المصري _ يرمي من وراء هذه العملية الأمنية _ إلى إظهار قبضته الحديدية في رسالة واضحة إلى الأطراف الداخلية . وهذه الرسالة مفادها أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على فرض الأمن ، وإحلال السلام ، وإدارة البلاد من الألف إلى الياء. وهذه رسالة بالغة الخطورة لأنها تنسف النظام السياسي المصري برمته ، وتجعل الأطرافَ السياسية متفرجين_ لا أكثر ولا أقل _. مما يؤدي إلى عسكرة السياسة بالكامل، وتولي الجنرالات إدارة البلاد ، ورسم حاضرها ومستقبلها . وهنا تكمن مشكلة مصر الحقيقية ، وتظهر حالة الانفصام في شخصية صانع القرار .
     فالمؤسسة العسكرية التي تَحكم مصر هي بُنية تراتبية ذات طبقات متماسكة تخضع للأوامر واللوائح بشكل صارم ، وكل طبقة تتلقى الأوامر من الطبقة التي تعلوها دون نقاش . وهذا النظام الصارم معتمد لدى جميع المؤسسات العسكرية في العالَم . إذ إن أساس العمل العسكري لا يعترف بالحوار أو المناقشة أو الاستدراك على أوامر القادة. فيجب السمعُ والطاعة وتلقي الأوامر وتنفيذها دون تأخير، وكل معارَضة تُعتبر خيانة ، وكل رأي آخر يُعتبر محاولة انشقاق . وهذه الفلسفة العسكرية تتعارض _ جُملة وتفصيلاً _ مع العمل السياسي . فالسياسةُ تعتمد على الأخذ والعطاء وتنازل الأطراف للوصول إلى حلول وسط ، والجلوس على طاولة المفاوضات ، وانتهاج مبدأ الحوار ، والاستماع للرأي والرأي الآخر ، ووجودُ سُلطة ومعارَضة دون اللجوء إلى التخوين أو الطعن في وطنية الموالين أو المعارِضين .
     والخطأ الكارثي أن المؤسسة العسكرية المصرية تريد لعب الدورَيْن معاً ، وهذا مستحيل نظرياً وواقعياً ، لأن الضِّدين لا يجتمعان . فالجيشُ المصري المسؤول عن حماية البلاد من أي عدوان خارجي ، اقتحم عالَم السياسة على غير بصيرة ، فأعلن خارطة الطريق ، ونصَّب رئيساً مؤقتاً وحكومةً ، ونشر الدبابات والجنود في الشوارع . وهذه الانتقال من الخارج إلى الداخل ، ومن الثكنات إلى الطرقات ، سيلغي دورَ الجيش الوطني ، ويَسحبه إلى حرب استنزاف داخلية طويلة الأمد ، تكلِّفه الكثير من الأرواح والوقت والجهد والمال . ولا يخفى أن مصر في أمس الحاجة للموارد من أجل الوقوف على قدمَيْها .
     والمؤسف أننا نسمع عن إجراءات عسكرية في سيناء ، دون وجود أية مبادرات سياسية . وهنا يختفي صوتُ العقل تماماً ، ويعلو صوتُ الرصاص . والواجبُ أن تتولى الحكومةُ المصرية موضوع سيناء ، وتطرح مبادرة سياسية تعتمد على الحوار مع شيوخ القبائل ، والوقوف على حاجات أبناء المنطقة الذين تم تهميشهم لمدة طويلة ، وتنفيذ مشروعات تنموية عاجلة لاجتثاث التطرف من جذوره .
     ولا يمكن القضاء على الفكر المتطرف بالبنادق والطائرات ، بل يتم القضاء عليه بإزالة أسبابه ( الفقر / الجهل / المرض ) . فالفكرُ لا يُجابَه إلا بالفكر . والتطرفُ فكرٌ منحرف لن يُهزَم إلا أمام فكر التنمية الحقيقية لا الشعاراتية . أمَّا معالجة أعراض المرض ونسيان أصل المرض ، فهو مضيعة للوقت ، وتبذير للموارد الوطنية .
     وينبغي الانتباه إلى أن سيناء ذات بُنية عشائرية ، ولا بد من احترام هذه البنية الاجتماعية ، وإشراكها في منظومة المواطنة . ولا ننسى أن سكان سيناء هم مواطنون مصريون ، ولم يتم استيرادهم من الخارج ، ولم يأتوا من كوكب آخر . وبالتالي فإن الحكومة المصرية تتحمل مسؤولية حمايتهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم ، ودمجهم بشكل كامل في النسيج الشعبي ، وعدم تصنيفهم كمواطنين درجة ثانية .

     أمَّا اعتماد الحل الأمني فلا فائدة منه ، وهو _ في واقع الأمر _ مشكلة وليس حلاً ، لأنه يُدمِّر الاقتصاد بالكامل ، فرؤوس الأموال تهرب من أماكن النزاعات ، والمناطق غير المستقرة . كما أنه يقضي على السياحة التي تُعتبر من أبرز الموارد المالية لمصر ، وهو تشويه لصورة مصر في الداخل والخارج . ففي الداخل ، يَنظر الكثيرون إلى أن الجيش يَقتل أبناء جِلدته. وفي الخارج ، يتم تصوير مصر كدولة فاشلة غير مستقرة . فعلى قادة مصر أن يتعلموا من أخطاء الآخرين ، وألا يحاولوا إعادة اختراع العجلة . والعاقلُ من اتعظ بغيره .

15‏/09‏/2013

مقدمة كتاب/ مشكلات الحضارة الأمريكية

مقدمة كتاب/ مشكلات الحضارة الأمريكية

تأليف : إبراهيم أبو عواد

     إن هذا الكتاب محاولة سريعة لإلقاء الضوء على خارطة المشهد السياسي العالمي، وتثبيت الوجود العالمي عبر دراسة الأزمات المصيرية التي تهدد مستقبلَ أمريكا باعتبارها حضارةً مبنية على هوس الاستهلاك ، والغلو في تبديد الطاقة .
     فالاقتصاد مبني على أسس غير سليمة تكرِّس الشططَ الطبقي ، وثنائيةَ السادة والعبيد ، وإجهاضَ الروح والجسد ، والتمييز العنصري بين البيض والسود . وهذا الاضمحلال الحضاري الشامل ناتج عن انحرافات جذرية في الفكر الإمبراطوري الذي يبتعد عن التوجه الإنساني المستقيم . وكل هذه العوامل لا بد أن تؤثر سلباً على مسار الحضارة الأمريكية ومصيرها .
     ونحن إذ ندرس بنية الفكر الإمبراطوري ، فإننا لا ندغدغ عواطفَ الناس ، أو نعمل على زراعتهم في عوالم الخيال والوهم والهلوسة من أجل تخديرهم لكي يشربوا الأوهامَ ، ويرددوها إلى درجة التصديق . بالطبع نحن لا نفعل هذا .
     فالأزمة الأمريكية في بنية اللفظ والمعنى متداولة _ بشكل أو بآخر _ في الأوساط الحكومية الأمريكية ، والجامعات العريقة ، ومراكز الأبحاث. بل إن كثيراً من المفكرن الغربيين _ الذين ليس لهم علاقة بالإسلام والعروبة وعلى رأسهم نعوم تشومسكي_ يتحدثون بصراحة عن غطرسة " العم سام " الخادعة، والسرابِ الجاثم على عقول الأمريكيين الذين يعتقدون أن دولتهم مستمرة حتى نهاية التاريخ ، وانتهاءِ الإمبراطورية الأمريكية ، والمؤشراتِ حول انكسار الحلم المستبد المؤدلَج عسكرياً ، وغرورِ القوة ، والتموضعِ في بؤرة القوة الظاهرية . وهذا كلام الكثيرين من علماء الغرب الذين يعرفون بنية الحضارة الغربية من الألف إلى الياء ، وليس كلامَ ابن لادن أو أعداء أمريكا . 
     ويأتي هذا الكتاب كتدقيق فلسفي تأصيلي ينحو منحىً سياسياً استشرافياً لمستقبل الوضع الأمريكي داخلياً وخارجياً ، بعيداً عن الإيقاعات الصاخبة المفرغة من المعنى الفكري العميق .
     فلا بد لكل دراسة جادة أن تشتمل على تطبيقات أنسنة المشاعر ، وتأصيلِ التيارات الإنسانية في قدرة المعنى على التكريس والانطلاق . فالصورةُ الدموية لوأد الإنسانية المنتشرة في كل أنحاء العالم تنبع من غبش الصورة الذهنية حول الأنا والآخر .
     وبما أن الحضارة الأمريكية تنظر إلى نفسها على أنها المركز الفكري العالمي ، ومن حولها أطراف هامشيون ، فإن ردود فعل كثيرة نشأت باتجاهات مضادة للمشاريع الغربية مثل العولمة ( الأمركة ) ، لأن كل ثقافة صارت ترمي إلى حماية نفسها .
     وللأسف فإن الغرب لا يرى وجوداً حقيقياً خارج أنطقة وجوده . وهذا أدى إلى تهميش الحضارة العربية الإسلامية، والصينية ، والإفريقية ، واللاتينية في أمريكا الجنوبية . فظهرت عمليات تقسيم منهجية للبشر كدرجة أولى وثانية وثالثة . وهذا غير منطقي في مجتمع الخير المنشود .
     والإشكاليةُ الكبرى في هذا السياق أن أدبيات الأنظمة السياسية الإمبراطورية صاحبة المكانة الدولية على مدار التاريخ ، تنتهج سياسة تثبيت الذوات كسادة . حيث يتم إقصاء الآخرين ، وتجريدهم من قيم الحضارة والمعاني الإنسانية الراقية، وهذا يتنافى مع مجتمع الأخوة البشرية.   
     فالانكسار الحضاري العالمي المتقوقع على شكل فقاعة صابون أو بالون منتفخ ، سوف يزداد تشظياً إذا لم يتم حل المشكلات جذرياً ضمن عالم متعدد الأقطاب والثقافات . فكل حضارة على مدار التاريخ تظن نفسَها سيدة الأرض المطْلقة ، ما هي إلا تشكيل خيالي وهمي يشتمل على بذور انهياره في أنويته الداخلية .
     وواجب البشرية جمعاء أن تعمل بكل نشاط لتفعيل العقل الجمعي الكَوْني لإعمار الأرض ، وإسقاطِ العناصر الشاذة عن المسار الحضاري. وذلك عبر الانتقال من طور الدفاع الاختزالي التراجعي أمام العناصر السلبية إلى طور الهجوم الفاعل ضد الأساطير التي تتقمص شكلَ الحضارات . إذ إن انتهاج الأسلوب الضاغط في التعامل مع محورية التوازي السياسي الوهمي هو الذي يُنَمِّي بذور الانهيار في داخل أنوية العناصر الوهمية ، وبالتالي فإن السقوط الحتمي لمجتمعات الكراهية سوف  يتكرس بكل دينامية ، وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي .
     والسقوط المعرفي الذي تعاني منه حضارات انكسار الحلم، واضمحلال المعنى لصالح عقيدة الأخذ المتكرر ، هو السقوط الشامل للاستهلاك الجنوني لمتع الجسد على حساب متع الروح . وهذه نقطة مهمة سوف نقوم باستعراضها من خلال التأسيس الذهني السياسي لحالة الحراك الاجتماعي داخل بنية المجتمع الأمريكي. فهذا المجتمع الأمي من ناحية الثقافة السياسية لا يهتم بالسياسة الخارجية ، وإنما كل تفكيره منصب حول نظامه الاستهلاكي الصارم ، ومدى قدرته على تطويع الأداء الكلي لخدمة الفردية الأنانية السائرة باتجاه مضاد للروح الإنسانية والبيئة بكل تجلياتها المعنوية والمادية .
     وإن أية دراسة تتناول المستوى المعرفي للتشريح الدلالي في بنية التراكيب الاجتماعية للأداء السياسي الأمريكي ينبغي أن تعتمد منهجيةَ الوصول إلى بنية فكرية حاسمة ودقيقة من أجل إعادة قطار كوكب الأرض إلى السكة الصحيحة .
     ووفق هذه القاعدة الثابتة المطردة تظهر أنساق دراستنا هذه كأداء فكري محوري يصب في خانة الفعل الاستباقي الحازم ، وليس ردة الفعل العاطفية الخالية من المستوى العقلاني للتحليل .
     وكما أن انحسار صيغة التفكير المنطقي في عالم مجنون وجامح سائر نحو الهاوية ، صار منطقاً رسمياً للكثيرين، فإن قدرة الفرد على مواجهة مشاريع استئصال إنسانيته صارت تياراً مقاوِماً رامياً إلى بعث الإنسان من قبره العالمي من جديد، وإحياء المعاني الميتة في النفوس بشكل متفجر .
     ولا يخفى أن الانتكاسات المتكررة في أداء اجتماعيات السياسة على الصعيد العالمي ساهم_ إلى حد بعيد_ في تجذير أنطقة التخلف الاجتماعي وفق صور إنسانية أكثر أنانية ، وأكثر توغلاً في هوس الأخذ المتواصل . وللأسف فقد تحول الفردُ الذي يُفترَض به أن يعمر الأرض إلى معول هدم في هذه الأرض، وهذا نابع من الاختلاط المريع في مفهوم الإنسان كوحدة وجودية راقية . كما أنه نتاج طبيعي لحالة الاحتقان الفكري المأزقي العمومي التي كرَّسها النظامُ الاستهلاكي المتوحش الذي أحال الفرد من صيغته الطبيعية إلى كومة شهوات متضاربة موغلة في الشهوانية الفجة .
     وهذا التحول في المنهجية الإنسانية متزامن مع التحول الجدلي في الفكر السياسي العالمي الذي صار يضع المدفع أمام الكلمة وليس العكس. وكل هذه العوامل قادت إلى الانهيار المرعب في تقاطعات المنحى الإنساني التجريدي ، فصار الإنسان سائراً باتجاه مضاد لإنسانيته ، حتى إنه أضحى مستعداً لسحق ذاته في سبيل نيل مكتسبات وقتية .
     وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي صار للعالَم قطب واحد وهو أمريكا، وهذه المعلومة الواضحة صارت مفروغاً منها من فرط تكرارها. وعلى الرغم من صحة المعلومة السابقة جزئياً إلا أن مفهوم القطب يحمل عدة طبقات من صياغات المفاهيم.
     فأمريكا هي حجر الرَّحى الذي يدور حوله النظام السياسي العالمي ضمن واحدية الاستقطاب المنهجي النَّفعي . ومع هذا فإن التصدعات العميقة في وجه أمريكا ككيان داخلي متواصل مع الظواهر الخارجية تمتاز بالانسحابية اللامنطقية . أي تحول انكسار المعنى من التموضع حول نقطة بؤرية مركزية محدَّدة إلى تيار انسحابي شامل يغطي كافةَ تضاريس المعرفة الفكرية على صعيد تطبيقات عسكرة السياسة التي تقودها الرصاصة بدلاً من الكلمة .
     ومهما يكن من أمر فإن التوغل في بنائية الرمز التكويني لحالة القطب الواحد لا بد أن يصل إلى لحظة زمنية فارقة تمنعه من مواصلة التقدم، أي إن استمرارية الحفر في متوازيات العمق ستتوقف لا محالة، ولن تستمر إلى ما لانهاية ، لأن الطاقة المرافقة للعَرَض ( الحالة الظاهرية الناتجة عن النواة الأصلية ) سوف تنتهي لا محالة بسبب استنفاد الطاقة في قيمة الجوهر الأصلي( البيئة الأساسية لمنبع النواة البدائية الأولى ).
     فالشمس _على سبيل المثال _ لن تستمر في بعث الطاقة إلى ما لانهاية ، لأن حجم الانفجارات والطاقة الموجودة على سطحها سيصل إلى نقطة التلاشي بسبب انعدام الإمداد ، وحينها تسقط الشمس كشمس ، وتصبح لا قيمة لها .
     وأمريكا هي مركزية البؤر الأيديولوجية السياسية . لكن الإشكالية الصارمة تكمن في انقطاع التواصل بين الجوهر الأصلي الأولي( وحدة النواة المركزية المنبع )، والظواهر العَرَضية للأشكال المرئية . كما أن البنية الاجتماعية عبارة عن تيار مغلق على الروح ، مفتوح على الاستهلاك المادي . وهذا يؤثر سلباً في مسار القوة ومصيرها .
     وكلما تكونت الأفكار في سياق المواجهة مع قيم النَّفي السالبية التي تتكرس وكأنها قيم إثبات عالمية الدلالة والتثبيت ، نشأت قيم المقاومة للمشروع الانتكاسي الذي من شأنه إحالة المعنى إلى لفظ مشوَّش ، وزراعة الكائن الحي في طور الشهوانية ، واللهاثِ وراء نزواته الآنية ، وحصرِ تفكيره في دوائر الاستهلاكية المفعمة بسحق ذاتية الفرد والمجتمعِ، لصالح إنشاء تيارات سياسية ناتجة عن زواج الثروة بالسلطة . 
     وتأتي هذه الصور الفكرية في سياق دراستنا كتشريح رمزي واقعي واضح يستشرف المستقبلَ، ويضعه في إطار المعنى الرسمي لأزمة الإمبراطورية الأمريكية الجوهرية .
     وقد برزت بنية الأزمات الحضارية العالمية على مسرح الأحداث الدولي بشكل صاعق . لأن التآكل في الفكر المعرفي أدى إلى تآكل في المعنى الوجودي للكائنات الحية .
     وعلى الرغم من اعتقاد كثير من الباحثين أن الحضارة الأمريكية بدأت العد التنازلي ، فإننا نؤكد أن الأمر ليس بالسهولة التي قد يتخيلها البعض . فالأنظمة التداخلية في الولايات المتحدة شكلياً أنظمة مفتوحة تمتاز بحرية الاختيار . وهذا يعني أنها قادرة على إجراء تصحيح ذاتي لمسارها في كل أزمة . إلا أن التأخر في العلاج سيؤدي إلى عدم فاعلية الدواء . وهذا هو الحاصل على أرض الواقع .

     والمشكلةُ الأمريكية في علاج الأزمات تتمحور حول البطء الكارثي في إنتاج الفعل ورد الفعل ، وهذا مرجعه إلى مراعاة نفوذ الطبقات الغنية المسيطرة على مفاصل البلاد دون النظر إلى غالبية الشعب الذين هم مُهمَّشون ، وبعيدون كل البعد عن كواليس صناعة القرار الأمريكي. وهذا أمر متوقع في الأنظمة الرأسمالية المغلقة المحصورة في أيدي طبقة محدودة دون امتدادها إلى باقي طبقات المجتمع . وإذا استمر تكديس السلطة المالية _ وما يتفرع عنها _ في قبضة المتنفِّذين ، وحصر الأداء الاجتماعي بشتى أصوله وفروعه في فئة ضيقة ، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى عواقب اجتماعية وخيمة تعمل على تفكيك المجتمع ، وغياب البوصلة القائدة ، وفقدان روح الانتماء والولاء .

06‏/09‏/2013

الأطياف القرمزية للنعش الرمادي / قصيدة

الأطياف القرمزية للنعش الرمادي / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

كُوني صديقةً للزبدِ
الذي يَلمحُ آثارَ أسنانِ الصبايا
على تفاح المجازر
وارحميني من ضوء عينيكِ
لأمسكَ ضوءَ نعشي
أيها المحاربُ الخاسر
تعيش مع البراويز
وقد خانتكَ الراياتُ المنكَّسة
فابكِ وحدكَ مثلَ دودةِ القز
لا امرأةٌ تبكي في أحضانها البلاستيكية
ولا أرشيفٌ يَحرقُ شموعَ عيد احتضاركَ
أيها الشَّلالُ الأعزب
لماذا تقتلني وتتوكأ على عكازتي ؟
يا أمطارُ
انظري في عيونِ أمي
ولا تنظري في عيونِ حفار قبري
سأصيرُ بعد موتي أيقونةً
توضع مشنقتي على طوابع البريد تذكاراً
للعشاق الذين قتلهم الحبُّ
في عيد الجراد
ونخبِّئُ نعوشَ آبائنا في القطار القادم
من مناديل البحيرة
أُخزِّنُ أظافري في ترابِ الشفقِ
ليثمرَ الليمونُ رصاصاً وفراشاتٍ
تدخل الملكاتُ إلى سِنِّ اليأس
وأدخل إلى زنازين الأمل
فأخرجوا جثثَ الشموسِ من جثتي
ونقِّبوا عن توابيتِ الخيولِ في تابوتي  
يا طفلةَ الأعاصير
ساعدي أباكِ
كي يُزيِّن جِلْدَ الفراشاتِ بالنعوش
هذه دماءُ النملِ تضرب زجاجَ السياراتِ
وفي الخريف سيزهرُ صداعي قهوةً للسجناءِ
كسرتُ سيفي
وأعطيتُ نعشي لجاراتي
ليضعنَ عليه ملاقطَ الغسيل
وأنا الحزنُ المنذورُ لقتال الأحزان  
الغروبُ العاطفيُّ دامعٌ
كالقلوب الكسيرة
والجماجمُ على رؤوس الرماح
والأقمارُ المعلَّقة على قضبانِ الزنزانة
أدخلُ في روحِ الليل
لأهربَ من أصابعي
أيتها المجروحاتُ عاطفياً
أمامَ خُوذَةِ الإسكندر
هذه القطاراتُ محمَّلة بالجنود القتلى
والصبايا على رصيفِ المحطةِ يُقبِّلنَ الغزاةَ
وتصبحُ فساتينُ العرسِ أكياساً للجثثِ
سَأُكمِل ما بدأه ترابُ المدافن
لأعيش خارج قبري برجاً للحمَام
أطفالي جياعٌ
أطعمتُهم ذكرياتي في السجون
فماتوا قرب شمسٍ تُولَد في ضلوعي
سلامٌ على الرياحِ
وهي تغلق قلبي بالشمع الأحمر
هكذا تصيرُ أجنحة الذبابِ
أطرافاً صناعيةٍ للشاطئِ المشلول
أركضُ في دماءِ سنديانةٍ
لا أكاليلُ غارٍ ترميها عليَّ النساءُ
ولا أقواسُ نصرٍ تظللَ جثمانَ أبي
انكسرت صورةُ العشاق
على ضفائرِ الشلالات
لأن البَعوضَ قد خَدَشَ المرايا
وصورةُ جَدِّي ستظل إلى الأبد
على سطوح البحيرات  
سأتركُ قلبي على مقعد الحديقةِ
لتأخذه الغريبةُ معطفاً للخريفِ
فابكي عليَّ عندما أموتُ
وتعلِّقين حواسِّي على حبل الغسيل
وإن لم يجدني المساءُ في كوخي
سيجدُ جثماني في قاع البحيرةِ
ويَلمحُ أجفاني على جدائل القرى المنسية
وسوفَ تعشقُ النعاجُ الذئابَ
في جراحاتِ الكافيار
نخافُ من رموشنا نهربُ من جلودنا
نتَّحد بالموت لأعيش فيكِ ضوءاً
وتعيشي فيَّ شمعاً
سنحترقُ في الموت كي نُولَد معاً
فانسي أهدابي
واذكري الجثثَ الطافيةَ

في كوب اليانسون .