القصيدة ثنائية القطب
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة العرب اللندنية 4/3/2013
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة العرب اللندنية 4/3/2013
إن القصيدة هي المختبَر الحقيقي لتوظيف الشعور
عاطفياً ورمزياً وواقعياً . والشعورُ يظل قناعاً للوهم حتى يلازمه تركيب فلسفي
حقيقي بعيد عن الشكلية . وهذا التركيب الفلسفي لا يمكن توليده إلا من خلال تفاصيل
الأبجدية الشعرية . ومن خلال هذا الترابط المصيري يتكون نسيج معرفي يُخرج الفكرَ
الاجتماعي من تكتلات المعاني الذهنية الجاهزة إلى فضاءات الكُل الجمعي ( المجتمع
الإنساني ). وبعبارة أخرى، تتحول الأنا الذاتية الجزئية ( شخصية الفرد ) إلى كيان
عام كُلِّي ( شخصية المجتمع ) ، وهكذا تتحول القصيدة إلى عالَم ثنائي القطب ،
وتصبح النظمُ الرمزية الهادفة إلى فهم طبيعة الحراك اللغوي طريقاً للالتقاء مع
التوهج الشِّعري ، الأمر الذي يجعل ماضي القصيدة وحاضرها مستقبلاً للأبعاد اللغوية
عالية التجانس . وهذا التحول الزماني باتجاه المستقبل هو الذي يُبقي على حيوية
النَّص واستمراريته خارج أنطقة اللحظة الراهنة. وهنا يظهر الاختلاف الجوهري بين
القصيدة الحية العابرة للتجنيس والأطرِ الزمنية ، وبين الحياةِ الاستهلاكية الآنية
التي تصير جزءاً من الذكريات بعد انقضاء الحدث .
وكلما
توغلنا في التفاعلات الحيوية لمضامين الشِّعر، توصَّلْنا إلى فهم البناء الشبكي
للقصيدة ، مما يقودنا إلى وضع الخصائص العامة لمفهوم الثنائية القطبية في الأفق
الشعري. واللافت أن القصيدة تتكون من ثنائيات متعددة، مثل: الفرد / المجتمع، اللفظ
/ المعنى، الواقع / المجاز... إلخ .
وهذا الزخمُ
الفكري ينتشل الحلمَ الشِّعري من عنق الزجاجة ، ويؤسس علاقاتٍ اجتماعية متوافقة مع
نظام القصيدة باعتبارها مجتمعاً متكاملاً موازياً للحالة البشرية العامة .
وبالتالي تبرز معايير منطقية للإحساس القصائدي، تعتمد على شفافية اللغة، وقدرتها
على حمل الأحلام البشرية، وتوجيهها نحو ترسيخ السلوك العاطفي الإيجابي لا السلبي .
وهذا السلوكُ الفاعل من شأنه أن يقود الأبجديةَ الشعرية نحو عوالم أكثر انفتاحاً
على الحياة الاجتماعية ، وشرعيةِ مكانها ومكانتها .
https://www.facebook.com/abuawwad1982