دور القصيدة في بناء الإنسان
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
إن البنية الاجتماعية في جسد القصيدة تنطلق
من إيقاع الوجود البشري المحتوي على العواطف والأحلام ، والذي يترجم النشاطَ
اللغوي إلى وهج شعري ذي صبغة معرفية . وهذا لا يعني تحول القصيدة إلى وعظ وإرشاد ،
بل يعني تحولَ القصيدة من الإطار الأبجدي المحدود إلى تفاصيل الجوهر الإنساني بكل
صراعاته ، وانتقالَ الثقافة اللغوية من الحالة الجمالية الضيقة إلى الصيغة
النهائية الحاسمة للفعل الاجتماعي الذي يُحدِّد التفاعلاتِ الوجدانية ، ويُكوِّن
حلولاً جذرية لأزمة الإنسان المنتمي إلى عالَم محصور في التناقضات ، ومحاصَر في
الهويات المعرفية المتضاربة .
والإشكاليةُ
الصادمة في النسق البشري العام هي تحول الفرد إلى آلة قامعة ومقموعة في نفس الوقت.
وهذا التحدي الفلسفي يتطلب إيجادَ أبعاد جوهرية للقصيدة ، بحيث تصبح اللغةُ الشعرية
هي التاريخ الحقيقي للإنسان، والقوة الدافعة لأحلامه، ورصيده الفعلي من المشاعر
والذكريات . وهكذا تصبح القصيدةُ لافتةً رئيسية على طريق تحولات الفكر الإنساني،
ووطناً دافئاً في المجتمعات العائشة في غربة الروح والجسد . ووفق هذا المنظور فإن
قوة القصيدة ستتحول إلى قوة اجتماعية ناقدة تستمد شرعيتها من توهج الفكر الشِّعري،
واحترام الشاعر لكينونته الأدبية، ورمزيةِ لغته ، ورمزيةِ ذاته بعيداً عن تصنيم
ذات الشاعر وقصيدته( أي جعلهما صَنَمَيْن لا يَقبلان النقد). وبذلك نكون قد أنشأنا
مجتمعاً قادراً على طرح الأسئلة والإجابة عليها دون خوف أو تحايل .
فالقصيدة
تتيح للإنسان فرصةً ذهبية كي يقف أمام مرآة ذاته، ويعترف أمامها بنقاط ضعفه . وفي
نفس الوقت فإن القصيدة تمنح الإنسانَ القدرة على تحويل نقاط ضعفه إلى نقاط قوة ،
لأن اللغة الشعرية _ بالأساس _ هي سلاحٌ يستخدمه الإنسان لقهر خوفه وضعفه ، وليست
رايةَ استسلام. وسوف تظل هذه اللغة المتفردة بناءً اجتماعياً رمزياً يحتضن التكوين
الفلسفي للخطاب الشِّعري العابر للحدود .