سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

24‏/10‏/2014

فلسفة الحياة بين اندثار الأمكنة وتقلبات الزمن

فلسفة الحياة بين اندثار الأمكنة وتقلبات الزمن

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة القدس العربي

لندن ، 20/10/2014

..........................................

     إن الحياةَ في منظومة شِعر المعلَّقات تتمحور حول مرورِ السنوات ، وتفجُّرِ الذكريات . لذلك تَبدو الحياةُ في هذا السياق الشِّعري مجرد سراب. وهذا يدل على سرعة دوران عجلة الحياة. وما إن تَبدأ الحياةُ حتى تنتهيَ. إنها سحابةُ صيفٍ ، أو حُلم سريع ، أو وهم مكتمل الأركان . وهذه المعاني عبَّر عنها أصحابُ المعلَّقات بكثير من الفلسفة والحسرة والضياع .
     لقد بَرزت معاني السآمة من الحياة ، والضجر من العيش ، والشكوى من الزمان ، وهذه المظاهِرُ لها إفرازات متعددة ، وتطبيقات مختلفة . فنجد أن السآمة تنبعث من شدة تكاليف الحياة ، وانقلاب الزمان على أهله ، وتقلب الأحوال . ولا شك أن دوامَ الحالِ من المُحال . كما تتضح فكرة أن الحياةَ أملٌ كاذب، وخُدعة بصرية، ووهمٌ سَمعي، دائمة التقلب والتغير ، لا الصديقُ يبقى صَديقاً ، ولا العدوُّ يظل عدواً . ومَن تأمَّلَ في الحياة وجدها أكذوبةً كبرى ، مثل الضباب الذي يمزِّقه نورُ الشمس ، ومثل أوراق الشجر التي تتساقط في الخريف .
     وتَظهر الشكوى من الحياة كقيمة معرفية أساسية. وهذه الشكوى لها جناحان : الأول _ الحياة كِذبة ، والثاني : الحياة عذاب. وهذا العذابُ نابعٌ من كَوْن الحياة مجبولة بالتعب والمشقة والكدر والمنغِّصات. فمتعتها زائلة وغير صافية، ولحظات السعادة قليلة . والأوقاتُ الجميلة تمر بسرعة هائلة ، أمَّا الأوقاتُ المؤلمة فتمر بطيئةً جداً . ومن المواضيع الراسخة في شِعر المعلَّقات ، مرورُ الزمن وعبور السنوات. وهذا الأمرُ يُهيِّج الذكرياتِ ، فتصبح الذكرياتُ وحشاً يُطارد الإنسانَ ، ويُغرقه في مستنقع الحزن والألم والفِراق . فموضوعُ الذكريات مرتبط ارتباطاً حتمياً بمراتع الصِّبا ، والحب القديم ، وفِراق الأحبة . وتبقى الحياةُ عِبرةً لمن يَعتبر ، ويظل الدهرُ ناطقاً بلسان الحال ، يَدعو الناسَ إلى الاتعاظ وأخذ العِبَر . والعاقلُ مَن اتَّعظ بغيره ، والجاهلُ مَن اتعظ بِنَفْسه .

1_ السآمة من الحياة :

     الحياةُ مصبوغةٌ بالتعب والملل والأحزان . وإذا صار الشخصُ من المعمَّرين ، فلا بد أن يُصاب بنوع من الكآبة أو السآمة بسبب رحيل نضارة الشباب بلا عودة، واختفاءِ الإشراق والنشاط ، وكثرةِ المشكلات الصحية ، وازديادِ صعوبات الحياة . وهذه الانتكاسةُ قد وَصل إليها الشاعرُ زُهير بن أبي سُلمى ، وهذا ما دَفعه للقول :

سَئمتُ تكاليفَ الحياةِ وَمَنْ يَعِشْ          ثمانينَ حَوْلاً لا أبا لَكِ يَسْــأمِ

     لقد بَلغ هذه المرحلة القاسية ( الطَّوْر الأخير من حياته ) . لذلك نراه مكتئباً ، ومصاباً بالسآمة والملل . فيقولُ : مللتُ مشاقَ الحياة وشدائدها ، ومَن عاش ثمانين سنة مَلَّ الكِبَرَ لا محالة . وعبارة " لا أبا لَكِ " كلمة جافية لا يراد بها الجفاء ، بل التنبيه والإعلام .
     والسآمةُ مسيطرة على الشاعر بسبب كثرة السنوات التي عاشها . وقد مَلَّ متاعبَ الحياة ، وتفاصيلَها المرهِقة ، والمصائبَ المتكاثرة فيها . وهو يَعتقد أن الذي يعيش ثمانين سنة سيُصاب بالملل والسآمة لا محالة .
     والشخصُ الذي يَصل إلى هذا العُمر ، يَقضي حياته في حالة انتظار قاسية ، انتظارِ الموت . وهذا الانتظارُ يُولِّد صعوباتٍ جمة في نَفْسِ الشخص ، ويُدخِله في هواجس لا حَصْرَ لها . وهذه الهواجسُ تُتعِب الروحَ والبدنَ معاً .

2_ الحياة كِذبة وعذاب :

     الحياةُ سرابٌ خادع . وعلى الرغم من معرفة الناس بهذه الحقيقة الظاهرة ، إلا أنهم يَلهثون وراءه بصورة هستيرية . والحياةُ كذبةٌ كبرى يَنخدع الناسُ بها ، أو يَخدعون أنفسهم فيُصدِّقونها . 
     يقول الشاعرُ عُبَيْد بن الأبرَص :

فَكُلُّ ذي نِعْمةٍ مَخْلوسٌ           وكلُّ ذي أَملٍ مَكْذوبُ

     كلُّ صاحبِ نِعمةٍ لا بد أن يَفْقدها. فالحياةُ الدنيا تَدور، ولا تستقر على حال . ودوامُ الحال من المُحال. والنِّعمُ تزيد وتَنقص، تأتي وتَذهب، وهذه قاعدة أساسية في الحياة ، وليست سِراً .
     والصِّغارُ والكِبارُ يُدرِكون هذه الحقيقة لأنهم يَرَوْنها رَأي العَيْن. إذن، كلُّ صاحبٍ نِعمةٍ مخلوس( مسلوب ). وبالتالي، على المرء أن يتوقع أن تُسلَب النِّعم من يَدَيْه في أي وقتٍ . وهذا الأمرُ يتلاءم تماماً مع طبيعة الحياة الدنيا المتقلبة. وَكَم مِن عزيزٍ قَد ذَلَّ ! ، وَكَم مِن غني قَد افتقر ! ، وَكَم مِن مَلِكٍ قَد خُلع ! .
     وكلُّ صاحبِ أملٍ مكذوبٌ، أي: لا يَنال ما يَأمل. فالحياةُ أكذوبةٌ عُظمى لا يمكن أن تقدِّم الحقائقَ للناس ، لأن فاقدَ الشيء لا يُعطيه . كما أن الحياةَ كومةٌ من الآمال الكاذبة ذات اللمعان المبهِر ، ولكنه لمعان مُزيَّف كلمعان السراب في الصحراء ، يَراه الظمآنُ ماءاً حتى إذا جاءه لم يَجده شيئاً . فلا ينبغي الاغترار بلمعان عناصر الحياة ، فليس كلُّ ما يَلْمع ذهباً .
     إن الحياةَ مِصْيدةٌ قاتلة ، آمالها كاذبةٌ ، وأحلامُها خادعة ، ولذتها زائلة . يظل الإنسانُ لاهثاً وراءها ولا يَنال بُغيته . ويظلُّ يَشرب من مائها لكنه يزداد عطشاً ، تماماً كالذي يَشرب من ماء البحر ، كلما شربَ أكثر عطشَ أكثر. لذلك فصاحبُ الأملِ عليه أن يَضع هامشاً للخسارة لئلا يُصاب بالصدمة عند ضياع أمله وأُمنيته. وَكَم مِن شخصٍ حَتْفه في أُمنيته ! . وهكذا ، تبرز أهميةُ النظر إلى ما وراء الأمور للوقوف على حقيقتها . والعاقلُ لا ينخدع بالبهرج الفتَّان ، ولا تنطلي عليه الحيلُ الساذجة ، ولا يغتر بالمذاق الحلو . ففي أحيان كثيرة يكونُ السُّمُّ القاتلُ ذا طَعمٍ لذيذ ورائحةٍ ذكية .
     ويقول الشاعرُ عُبَيْد بن الأبرَص :

والمرْءُ ما عاشَ في تَكْذيبٍ          طُولُ الحياةِ لهُ تَعْذيــبُ

     إن الحياةَ كذبٌ واضح، فمهما عاشَ الإنسانُ فلا بد أن يَموت. والحياةُ خيالٌ ، يأتي إليها الإنسانُ ويَذهب كأن شيئاً لم يكن . فالحياةُ نومٌ ، والموتُ يقظةٌ . والناسُ نيامٌ فإذا ماتوا انتبهوا .
     وما طُولُ حياة الإنسان إلا تعذيبٌ له لِمَا يلاقي في الشيخوخة من آلام الحياة، وصعوبةِ العيش ، وفقدانِ الأحبة ، وتذكُّرِ الماضي ، واستحضارِ الذكريات ، والحسرةِ على ما فات بسبب ضياع الفرص والأوقاتِ والامتيازات .
     ومن يمتد عمرُه يُصبح ضعيفاً عاجزاً على عكس ما كان عليه أيام الصبا من القوة والحيوية . فمن طال عمرُه نُكس خَلْقه ، فصار ضعيفاً بعد القوة، وشيخاً هَرِماً بعد الشباب . وفي واقع الأمر، إن الإنسان يَصعد نحو الهاوية ، ويتقدم نحو الموت ، ويزداد تألقاً في طريق الانطفاء .

3_ مرور السنوات :

     تمرُّ السنواتُ بسرعةٍ هائلة ، كأنها لم تكن أصلاً . وهذه السنواتُ ليست حركةً ميكانيكية غاطسة في الفراغ ، بل هي كتلةٌ متحركة من الأفراح والأحزان والذكريات المتحركة في الزمان والمكان . إنه عُمرٌ معاشٌ بكل تفاصيله مضى بلا عودة ، مُخلِّفاً لوعةً جارفة ، وحَسرةً حارقة .
     يقول الشاعرُ زُهير بن أبي سُلمى :

وَقفتُ بها من بعد عشرين حِجَّةً          فلأياً عَرفتُ الدارَ بَعدَ تَوَهُّـمِ

     يَختلطُ الزمنُ الراحلُ مع ذكرياتِ الحبيبة في المكان الغريب. مضى الزمانُ، واختفت الحبيبةُ، وتغيَّر المكان . كلُّ شيء سارَ نحو الانطفاء القاتل .
     قد وقفَ الشاعرُ بدار الحبيبة بعد مضي عشرين سنة مِن فراقها . إنها العودةُ إلى النبع الأول . يعودُ الشاعرُ إلى الأصل ( النواة الأولية ) ، لعله يستعيد ذكرياتِه التي خطفها الزمنُ ، أو يُعيد تجميع أحلامه القديمة التي تبخَّرت في هواء المكان . ولا شكَّ أن فِرَاقاً عمره عشرون سنة يَحمل في طيَّاته معانٍ كثيرة مؤلمة، وأوجاعاً عميقة في النَّفْس، وجروحاً غائرة في القلب .
     وما مرورُ السنوات إلا خنجرٌ مغروس في الوجدان . وكلما مَرَّت سِنةٌ انتزعت حُلماً من رُوح الشاعر . ولا بد أن عشرين سنة قد انتزعت أحلاماً كثيرة من الشاعر، واقتطعت من مشاعره مساحاتٍ شاسعة. ولا يمكن تجاهل تأثيرُ مرور السنوات على النفس البشرية العائشة في الحب ودفءِ الأحاسيس . فمرورُ السنوات يُحوِّل الإنسانَ المُحِب إلى كتلة محترقة في مدار لانهائي . فالحبُّ يزداد اشتعالاً مع مرور الوقت، تماماً كالنار، إذا لم يتم إطفاؤها مُبكِّراً ، فإنها ستتحول إلى جحيم مرعب مع مرور الوقت .
     وما الذي حصلَ بعد وقوف الشاعر بعد مضي كل هذه السنوات ؟ . لقد عرفَ دارَها بعد التوهم بجهد ومشقة ( اللأي ) . إنها معاناة مُزدَوجة . المعاناةُ الأُولى تتمثل في الذكريات التي تَخدش قلبَ الشاعرِ المكسورَ ، كما تتمثل في استعادة أحزان الفِراق . ولا رَيْبَ أن فِراقَ المحبِّين مؤلم للغاية ، وذو تأثير سلبي على الطرفين . والمعاناةُ الثانية تتمثل في عدم معرفة دار الحبيبة إلا بعد جهد ومشقة ، وذلك لبُعد العهد ، واندثارِ معالمها .
     تحوَّل صخبُ المحبِّين إلى صمتٍ رهيب، واللقاءُ الدافئ إلى فِراق أبدي، والحركةُ في الدار إلى سكون مخيف . لقد فَعلت الأيامُ فعلتها، وأدَّى مرورُ السنوات إلى هدمِ القلوب ، وهدمِ الحجارة .

     ويقولُ الشاعرُ لَبيد بن أبي ربيعة :

دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهدِ أنيسهـا          حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وحَرَامُها

     مرَّت السنواتُ كالطَّيْف، وتَركت تأثيرها الواضح على الدِّمن ( آثار الديار ) . والتجرُّم هو التكمُّل. فآثارُ ديارٍ قد تَمَّت وكملت وانقطعت بعد عهد سكانها بها . فهذه الديارُ كانت معمورةً ، ولكن مع مرور الوقت تحوَّلت إلى مكان كئيب مهجور ، وصارت أثراً إثر عَيْن . وكأن السنوات قد اقتلعت الحركةَ والنشاطَ ، وخَطفت سكانَ الديار، فصار المكان خالياً من الأنيس ، تَنبع منه الوحشةُ والكآبة ، وتفوح منه رائحة الفراغ والعَدَم . وهنا ، يتجلى تأثيرُ مرور السنوات على البشر والحَجر. فلا توجد قوةٌ في الطبيعة قادرة على مقاومة الزمن . إنه طوفان يَجرف كلَّ شيء .
     سنواتٌ مَضت ( حِججٌ خَلَوْنَ ) . مضت أشهرُ الحِل وأشهرُ الْحُرُم من السنين. نَعَم ، لقد مضت بعد ارتحال السكان سنوات بكمالها . والسَّنةُ لا تعدو عن أشهر الحِل وأشهر الحُرم . وإذا مضت هذه الأشهرُ فإن السَّنةَ بأكملها تكون قد مَضت . إذ إن ذهابَ الأجزاء يَعني ذهابَ الكُل .

4_ الحياة عِبرة :

     إن الناظرَ بعَيْن البصيرة في أحوال الحياة لا بد أن يأخذ العِبر. فهي حياةٌ قصيرة. ومهما امتدت فإن نهايتها إلى الموت الحتمي الذي لا مَهْرب منه . ولطالما رَفعت الحقيرَ فوق الشريف ، وجَعلت الجاهلَ فوق العالِم . ومهما امتلك الإنسانُ من الأموال ، وحقَّق الإنجازاتِ العظيمة ، وبلغَ أرفع المناصب ، ووصل إلى ذِروة الاستمتاع بالشهوات المختلفة ، فلا بد أن يَترك كلَّ شيء ، ويُوضَع في حُفرة ضيقة منسية . وعندئذ يَقتسمُ ورثته أمواله ، وتَبحث أرملته عن زَوْجٍ جديد ... إلخ .
     يقول الشاعرُ عُبَيْد بن الأبرَص :

لا يَعِظُ الناسُ مَن لا يَعِظُ          الدَّهرُ ولا يَنفعُ التَّلبيبُ

     إن الحياةَ عِبْرةٌ ، ولكنَّ خطورتها كامنة في زِينتها المخادِعة . ولا بد من أخذ الدروس والعِبر من الدَّهر وتقلباته . فالعاقلُ يَستفيد من حركة الزمان والمكان ، ويتأمل في تعاقب الليل والنهار ، ويَدرس السلوكَ البشري المتغير، واختلافَ الطِّباع والعادات ، واندثارَ الأمكنة ، وتقلباتِ الزمان . ولكل زمانٍ دولةٌ ورجال .
     يقول الشاعرُ : لا يَنفعُ وَعظُ الناسِ لمن لا يَعظه الدهرُ بقوارعه ونوائبه . إذن ، فالحياةُ أكبر واعظٍ ، ومصائبها وتقلباتها أكبر موعظة . ومَن لم يستفد من هذه الموعظة ، فلن يَنفعه وعظُ الناس وتذكيرهم . فالدهرُ أعظم الوعاظ بلاغةً وتأثيراً . ومَن لم يستفد من نور الشمس ، فلن يَنفعه ضوءُ الشمعة .
     و"التلبيب" هو تكلُّف اللب _ أي العقل _ من غير طباع ولا غريزة. والمعنى : أن الإنسان لا يَنفعه تكلفه أن يكون عاقلاً إذا لم يكن العقلُ فِطرةً قد فُطر عليها.
     فلا فائدة من تمثيل دور العاقل ، أو ارتداء الجهَّال لِزِيِّ العلماء . فالعقلُ ينبغي أن يكون فِطرةً لا قناعاً وهمياً .
     أمَّا تصنُّع العبقرية ، ومحاولة الظهور بمظهر صاحب العقل ، وتصدُّر المجالس دون وجه حَق . كلُّ هذه الأمور محاولة مكشوفة لذر الرماد في العيون ، وحِيلة ساذجة لا تَنطلي إلا على السُّذج .

     فالعقلُ يجب أن يكون غريزةً ثابتة ، وجوهراً دائماً لا عَرَضاً مؤقَّتاً . وسِوى ذلك فإن الإنسان سَيُهِين نَفْسَه، ويَحشرها في مأزق خطير ، ويُصبح مثاراً للسخرية والاستهزاء . ففي النهاية ، لا يَصِحُّ إلا الصحيح . وكلامُ الليلِ يمحوه النهارُ ، وما تأتي به الرياحُ تأخذه الزوابع .  

17‏/10‏/2014

مقدمة كتاب/ فلسفة المعلقات العشر

مقدمة كتاب/ فلسفة المعلقات العشر

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

دار الأيام للنشر والتوزيع / عمان _ الأردن

الطبعة الأولى / صيف 2014

..................................................

     إن الشِّعر هو دِيوان العرب _ شَاءَ مَن شاء وأبى مَن أبى _. وهو لم يصل إلى هذه المكانة السامية بالصُّدفة ، بل وصل إليها بسبب كَوْنه _ أي الشِّعر _ هو المتحدث الرسمي باسم تاريخ العرب وبطولاتهم وأمجادهم، وهو السِّجلُ الشريف الذي يَحْوي تفاصيلَ حياتهم الروحية والمادية. لذلك نظرَ العربُ إلى الشِّعر باعتباره نظاماً للتخليص والخلاص، تخليصهم من ضغط العناصر الحياتية، وخلاصهم الإنساني الذي يَمنحهم المجدَ أثناء الحياة، والخلودَ بعد الموت . ووفق هذه الرؤية ، ليس غريباً أن يَضع العربُ كلَّ بَيْضهم في سَلة الشِّعر .
     ولا يَخفى أن العرب قبل البعثة المحمَّدية كانوا أُمَّةً وثنية ليس لها كتابٌ سماوي مُقدَّس ، وهذا جعلها في مرتبة أدنى من أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) الذين كان في أيديهم التوراة والإنجيل . ومن الطبيعي أن يَشعر العربُ بُعقدة النقص لأنهم منقطعون عن السماء . فكان الحلُّ _ من وجهة نظرهم _ هو اتخاذ الشِّعر كتاباً مقدَّساً، وذلك لكي يُعوِّضهم عن عدم وجود كتاب سماوي في أيديهم ، ولكي يَجبر كَسْرَهم ، ويُحطِّم عُقدةَ الشعور بالنقص ، فيتعاملوا مع الأمم الأخرى _ خصوصاً اليهود والنصارى _ بكل ثقة ، غير شاعرين بالنقص أو الانكسار أو تدني المرتبة .
     ومن هذا المنطلق لم يكن الشِّعرُ نظاماً لغوياً اجتماعياً فَحَسْب، بل كان_ أيضاً_ منظومةً دِينية، وَوَحْياً خاصاً. وهذا منحَ الشِّعرَ منزلته الرفيعة، وجعله أيديولوجية قائمة بذاتها تشتمل على أبعادٍ أسطورية ، وتقاطعاتٍ اجتماعية ، وأحلامٍ إنسانية ، وثقافاتٍ محلية وإقليمية .
     ويمكن اعتبار المعلَّقات هي دُرة تاج الشِّعر الجاهلي ، فقد اشتملت على صور صادقة للحياة الاجتماعية ، والعواطفِ الإنسانية ، والفلسفةِ العربية المصهورة في الواقع والخيال معاً . كما أنها امتازت بلغة قوية آسرة تستمد مفرداتها من البيئة المحيطة، فالشاعرُ _أولاً وأخيراً _ هو ابنُ بيئته ، وحاملُ تاريخها. والجديرُ بالذِّكر أن المعلَّقات سُمِّيت بهذا الاسم لأنها عُلِّقت على الكعبة المشرَّفة تنويهاً بقيمتها الشعرية ، وعَظَمة شأنها ، ومكانة أصحابها .
     وقد قال ابن خلدون في تاريخه ( 1/ 803) : (( اعلم أن الشِّعر كان ديواناً للعرب ، فيه علومهم ، وأخبارهم ، وحِكَمهم . وكان رؤساء العرب منافسين فيه ، وكانوا يقفون بسوق عكاظ لإنشاده ، وعرض كل واحد منهم ديباجته على فحول الشأن ... حتى انتهوا إلى المناغاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام مَوْضع حَجِّهم ، وبيت أبيهم إبراهيم )) .
     وما كان لهذه الأشعار أن تُعلَّق على الكعبة لولا اعتبارها نصوصاً شِعرية مُقدَّسة تُجسِّد التاريخَ العربي ، والأحاسيسَ الإنسانية في بيئة الجزيرة العربية ، والصورَ الحياتية المنتشرة في عوالم الإنسان العربي . كما أن تعليقها على الكعبة جرى بكل سلاسة دون اعتراض من أَحد ، وهذا مؤشر واضح على اتفاق الناس على قيمة المعلَّقات المعنوية والمادية ، وأهميةِ الشِّعر في صناعة الحضارة العربية ، وإخراج أُمَّة العرب المحصورة في الجزيرة العربية إلى آفاق جديدة ، وعوالم أكثر رحابة . إذن ، فالعقلُ الجمعي العربي كان يُقدِّس الشِّعرَ ، ويَجعله في قمة الهرم الحضاري، ويَنظر إلى الشاعر على أنه نبيٌّ يُدافع عن القبيلة ، ويَرفع اسمَها ، ويَحفظ التراث الإنساني الحضاري . وبالتالي ، ليس غريباً أن تَحتفل القبيلةُ إذا نبغ فيها شاعر ، فهي تَعلم  _ عِلْمَ اليقين _ أنه لسانُها الناطق ، وسيفُها القاطع .
     إن الشِّعرَ يَكشف نَفْسَه بنفْسه ، فهو نسقٌ قائم بذاته ، تَنبع مرجعياته ونظرياته من داخله ، لذلك لم أقم باستيراد النظريات الأدبية من هنا وهناك ، لإيماني بأن المعلَّقات ذات نسق فريد ليس على مستوى الشِّعرية العربية فَحَسْب ، بل أيضاً على مستوى الشِّعرية العالمية . كما أنني حاولتُ الإصغاءَ لما يقوله شعراءُ المعلَّقات، وتفسير رموزهم ، وتحليل تطبيقاتها ، وجعلَ الشِّعر يُفَسِّر الشِّعرَ دون حقنه بعناصر دخيلة، أو آراء شاذة عن مسار الحضارة الشِّعرية التي صَنعتها المعلَّقات.
     لقد حاولتُ أن أستمع إلى آراء شعراء المعلَّقات التي أدْلَوا بها في شتى المواضيع. ولا يَخفى أن آراءهم مستمدة من خبراتهم الحياتية، ومكنوناتهم النَّفسية، وتأثيرات البيئة الفكرية والاجتماعية في تكوينهم الشخصي . إنهم قد عاشوا الحياةَ بكل تفاصيلها ، لمعرفتهم أن الحياة تشكِّل قيمةً أساسية في الفكر الإنساني ، فهي الفرصة الوحيدة المتاحة أمام الإنسان لتحقيق الغاية من وجوده ، وتحويل أشواقه الروحية إلى واقع ملموس ، وإشباع حاجاته المادية .
     والجديرُ بالذِّكر أن ولادة الكلمات الثورية في شِعر المعلَّقات ، إنما تتم بواسطة زرع ثورة اللفظة والمعنى في أرجاء النَّص عن طريق بناء تكوينات فلسفية مُبْتَكَرَة ومُدهِشة وصادمة للمألوف، وهذا يتحقق في نفسية الشاعر الثوري أولاً ثم يهبط على النتاج الأدبي الشِّعري . وهذه الولادة المتفجرة لها تشكيلان :
     الأول _ تشكيلٌ بصري فاقع لامتلاكه عناصر الرؤية الفنية التي تُختصَر في صدمة الصورة المتخيَّلة التي تهز الواقع هزاً ، وتُفرغه من محتواه السلبي لصالح الصورة الفنية الساطعة التي تملأ نفسية الصانع والمتلقي على السواء .
     والثاني _ تكوين سمعي يهز أركانَ المتلقي من أجل حشده بالقيم المطْلقة . فالعنصر السمعي موسيقى داخلية تنبع بالأساس من الصورة المتفردة، ولا ضير أن تنبع من الأوزان الشِّعرية، لكن الأولوية للصورة المتدفقة التي تأخذ مسارها الماحي الهادر دون حواجز لغوية أو أوزان قد تعيق التصويرَ الصادم ذا المعاني المبتكَرة . فالموسيقى تهز الإنسان حتى لو لم يفهمها ، فزقزقة العصافير _ على سبيل المثال _ تثير الخيال، وتهز الأحلام، وتحرِّك ثوريةَ العاطفة، دون أن يفهمها المتلقي، وقد يصل الشِّعرُ إلى هذا الطَوْر _ أحياناً _ .
     إن هذا الكتاب يأتي كمحاولة شخصية للتنقيب عن القيم المركزية في المعلَّقات العَشْر ، واكتشافِ المستويات الشعرية بكل تطبيقاتها الدينية والإنسانية والاجتماعية والفلسفية . والمعلَّقاتُ مَنجم كبير بحاجة إلى عمليات تنقيب كثيرة ومكثَّفة . والفلسفةُ الشِّعرية الكامنة في المعلَّقات هي بحرٌ متلاطم الأمواج . وقد حاولتُ_ قَدْر المستطاع _ أن أغوص في أعماق هذا البحر لعلِّي أضع يدي على الجواهر والدُّرر. فإن نجحتُ فذلك توفيقٌ من الله تعالى، وإن أخفقتُ فعُذري أني قد حاولتُ، وشرفُ المحاولة يَكفيني .
     وأخيراً وليس آخِراً ، فهذا الكتابُ محاولةٌ ذاتية لاستنطاق شِعر المعلَّقات ، وجهدٌ مختصَر شديد التكثيف، ومغامرةٌ شخصية لم أُقلِّد فيها أحداً. وإنما سِرتُ على ضوء الشِّعر مُسلَّحاً بالمنهج العِلمي الذاتي وأدواته . والمرجعُ الوحيد الذي اعتمدتُه لتأليف هذا الكتاب هو " شرح المعلَّقات السَّبع " للزوزني .
واللهُ وَلِيُّ التوفيق .

إبراهيم أبو عواد
عَمَّان في 4 رَجَب 1435 هـ

 3 أيار 2014 م .

19‏/09‏/2014

مقالاتي الثقافية في جريدة العرب اللندنية ( 2010 _ 2013 )

مقالاتي الثقافية في جريدة العرب اللندنية ( 2010_ 2013) 

تأليف: إبراهيم أبو عواد

www.facebook.com/abuawwad1982 

.......................

علم اجتماع القصيدة
سوسيولوجيا الوحدة المكانية للنص
السياسة الشعرية والسياسة الاجتماعية
القصيدة بين سياسة البناء الشعري والحضور الثقافي
جسدُ اللغة هو ذاكرة القصيدة
الأطوار الفكرية لتاريخ النص الشعري
زواج الخيال والواقع في القصيدة
صدمةُ القصيدة طريق الحرية
القصيدة هي روح التنمية الاجتماعية
الأسئلة والأجوبة في الفكر القصائدي
القصيدة والموازنة بين الغموض والوضوح
القصيدة من ثورة اللغة إلى لغة الثورة
القصيدة والتحولات الاجتماعية
بوصلة النص الشعري
الكتابة الشعرية والبحث عن الأصل
تحرر القصيدة هو تحرر المجتمع
الإنسان وثقافة الشعر
مراحل ولادة الإيقاع في القصيدة
السلوك الاجتماعي للثقافة الشعرية
معالم وظيفة القصيدة
الرؤية عبر مجهر القصيدة
انقلابات الكتابة الشعرية
الثقافة الشعرية والثورة الاجتماعية
بصيرة الفعل الشعري
معركة القصيدة
الفكر الانقلابي في الممارسة الشعرية
التجاوز والصراع من منظور الشعر
القوة الدافعة للنص الشعري
حكومة الثقافة
الشِّعر وعسكرة المعنى
القصيدة تعيد الحياة إلى المجتمع
القصيدة : إعمار الخيال وترميم الذاكرة
نحو توليد معجم شعري خاص
أهمية الرمز الشعري في صناعة الواقع
هندسة الخيال وإعادة بناء المجتمع
أهمية القصيدة كجسر اجتماعي
الدورة الدموية لأبجدية الشِّعر
البحث عن هوية القصيدة
عنفوان القصيدة والعقل الشعري
الشِّعر : صانع الحلم وحارس الشرعية
أثر منظومة الشعر الثورية
التغير والتغيير في الأفق الشعري
القصيدة سُلطة سياسية
البعد الاجتماعي للتنوير الشعري
الشعر صوت من لا صوت له
القصيدة خط الدفاع عن الحضارة
خصائص الشعر الأساسية
أبعاد مغامرة الكتابة الشعرية
القصيدة مشروع اجتماعي عام
الشعر ومنظومة الأبجديات
تحديات في طريق القصيدة
جمرةُ القصيدة وصناعة العالَم النقي
فلسفة الهدم من منظور الشِّعر
أعضاء الجسم القصائدي الحي
حركة الشعر ضد الفراغ
فضاءات الرمزية الشعرية
القصيدة وصناعة المستقبل
الحرب الشعرية على الوهم
الوعي ووجود القصيدة
فلسفة القصيدة والعاطفة الإنسانية
التحولات المصيرية في عالم الشعر
نحو نظام شِعري عالمي جديد
الأساس الفكري للشعر
الفعل الشعري والتنمية الاجتماعية
دور الأبجدية الثقافية في المجتمع
انتفاضة الفكر الشعري
القصيدة ترفض التهميش
الشرعية الاجتماعية للشِّعر
القصيدة خارطة جديدة للعالَم
تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي
عوالم القصيدة والمجتمع الإنساني
القصيدة والتاريخ الجديد
النص الشعري ورفض الحياد
القصيدة ثنائية القطب
أهمية اللغة الشعرية
القصيدة مشروع استثماري
دور القصيدة في بناء الإنسان
القصيدة وفلسفة النقد الذاتي
دور الشعر في صناعة التجانس
القصيدة مملكة الرمز
المجتمع الشعري والمجتمع الإنساني
التقليد والإبداع في النظام الشعري
قواعد البناء الشعري
تحول المادة الشعرية إلى طاقة
القصيدة والرؤية والرائي
وحدة الجسد القصائدي
الكتابة الشعرية فيزيائياً وكيميائياً
سلوكُ القصيدة والانتخاب الطبيعي
اللاشعور والشعور في عالَم القصيدة
تطبيقات معادَلة الوجود الشعري
ماهية التحولات في العوالم الشعرية
النظامُ الشعري وثورية اللغة
الغربة كنظام سلوكي شِعري
الرمز الشعري وحركات القصيدة
القصيدةُ وحماية الصِّفة الثورية
اللغات الذهنية وتأريخ الشِّعر
حركة التصحيح الشعرية

الفعل الشعري والفاعلية الشاعرية

05‏/09‏/2014

عشيقات امرئ القيس

عشيقات امرئ القيس

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

facebook.com/abuawwad1982

............................

    إن الإنسانَ يعودُ إلى ذكريات الحب الماضي باحثاً فيها عن بارقة أمل أو طوقِ نجاة. إنها العودةُ إلى ينابيع العشق الأُولى ، والرجوعُ إلى النواة التاريخية الأصلية . وهذه العودةُ إلى الأصل إنما هي بسبب المعاناة في الحياة اليومية . فالإنسانُ حينما يعاني من حاضره ، لا بد أن يَهرب إلى الماضي ، لعله يجد فيه الخلاصَ ، والدفءَ العاطفي ، وراحةَ الأعصاب .
     وفي حالة الشاعر امرئ القَيْس ، حدث العكسُ تماماً. فهو يَعود إلى الماضي محترقاً نادباً حظَّه . وذكرياتُه المتمركزة في عالَم عشيقاته السابقات تزيده لوعةً وحزناً وألماً . ولم يجد في قصص حُبِّه الماضية سوى حطب جديد لنيران قلبه المحترق .
     يقولُ الشاعرُ امرؤ القَيْس :

كَدأْبكَ مِن أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلها          وجارَتِها أُم الرَّبابِ بمَأْسَــلِ

     يخاطبُ نَفْسَه بكل حسرةٍ وألم ، مقتنعاً أن غرامياته سلسلةٌ متَّصلة من الخسائر والخَيْبات والهزائم . يقول لنَفْسه : عَادَتُكَ في حُب هذه كعادتكَ من تلك . وبعبارة أخرى ، قِلَّةُ حظِّكَ من وِصال هذه ومعاناةُ عِشقها ، كقلة حظِّكَ من وِصالهما ومعاناتكَ عِشقهما. " قَبْلها " أي قَبْل هذه التي شُغفت بها الآن ."مأسَل" اسم جبل.

     إن هزيمة الشاعر في معركة العشق الحاضرة قد ذَكَّرَتْه بهزائمه الغرامية الماضية . وبالتالي ، فإن الفشلَ في العِشق ليس جديداً على الشاعر . وهذه المرأةُ _ التي يُعاني الوجدَ بها ويتعذب بسببها _ قد أعادت له ذكرياتِ العِشقِ المرَّةَ التي مَضَت . وهذه العشيقةُ الحاليةُ قد ذَكَّرَتْه بأُم الحُوَيْرث وأُم الرَّباب ، وهما عشيقتان سابقتان ، عانا الشاعرُ معهما أشد المعاناة . إذن ، فالشاعرُ يَملك تاريخاً من الهزائم الغرامية ، الحالية والماضية ، لذلك نجده غير متفاجئ بخَيْبته وقِلَّةِ حظِّه مع المعشوقة . فهذه المشاعرُ سبقَ وأن جَرَّبها في الماضي . إنها مغامرةٌ غرامية خاسرة تُضاف إلى خسائره الغرامية القديمة . وهكذا ، قد تحوَّلت قصصُ العِشق إلى عذابات متَّصلة مخزَّنة في ذاكرة الشاعر المخدوشة، وأرشيفِ التاريخ المكسور، وسِجِل الأيام الحزينة . ويبدو أن الشاعرَ قد اعتاد على إخفاقاته مع العشيقات ، فلم يعد يَشعر بالصدمة ، ولم يَسقط ضحيةً لعنصر المفاجأة القاتل . 

24‏/08‏/2014

فهرس كتاب/ فلسفة المعلقات العشر

فهرس كتاب/ فلسفة المعلقات العشر

تأليف: إبراهيم أبو عواد 

الطبعة الأولى / آب 2014

عدد الصفحات 275

دار الأيام للنشر والتوزيع 

...................

مقدمة......................................................................................5
الفصل الأول : العقائد الدينية................................................................9
تمهيد [10] 1_ العقيدة في الله [11]2_ الحلف بالله [22] 3_تعظيم الكعبة[26]
الفصل الثاني : الموت.....................................................................29
تمهيد [30]1_ لا خلود في الدنيا [31] 2_الذهاب إلى الموت وعدم انتظاره [32]3_ عدم المبالاة بالموت [33] 4_ الموت شامل لكل الأحياء [35] 5 _ الطريق إلى الفناء  [36] 6_ لا مفر من الموت [37] 7_ نشر خبر الوفاة [41] 8 _ " الموت صُدفة " [ 43 ] 9_  لا أحد يعود من الموت  [ 44 ] 10 _  الموت مُقدَّر  [45]
الفصل الثالث : الحياة.....................................................................47
تمهيد [48]1_ السآمة من الحياة [49] 2_  الحياة كذبة وعذاب [49] 3_ مرور السنوات[51]4_ الحياة عِبرة [53]
الفصل الرابع : الأطلال...................................................................55
تمهيد [56]1_ الدعوة إلى البكاء [ 57 ] 2_ أنسنة المكان ومخاطبة الحجارة [58]3_ سيطرة الفراغ ( العدم ) [62]
الفصل الخامس : الحرب..................................................................67
تمهيد [ 68 ] 1_ القتال حتى الفناء [ 69 ] 2_ تجريب الحرب  [ 71 ]  3_ ذم الحرب[72] 4 _ الحرب طاحنة [ 73 ] 5 _ النشأة في ظل الحروب[74]6_ الحرب تحرق المال [75]  7_ إعطاء الدِّيَات بعد الحرب [76]8_ النصر في الحرب [78] 9_الفخر بإراقة الدماء[79]10_النساء في الحرب[80]11_رفض الغنائم[85] 12_ السبايا والأسرى [86] 13_ خيل الحرب [89]
الفصل السادس : السِّلاح.................................................................91
تمهيد [92]1_ السيف القاطع [93] 2_السيف مَصْدر القوة [94] 3_ استخدام السيف لنحر البعير [ 95 ] 4 _ وصف الرماح [96 ] 5 _ وقتُ الطعنِ والضربِ بالسيف [97]  6_ ثنائية الطعن والدم [98] 7_ التكامل بين الرُّمح والسيف [99]
الفصل السابع : المرأة...................................................................101
تمهيد [102] 1_ عشيقات سابقات  [103] 2_ عطر النساء ( المِسك ) [104]            3 _ذكريات مع النساء[ 106] 4_ اقتحام حياة المرأة [107]5_الالتصاق بالعشيقة [ 109] 6_ التقبيل  [110] 7_ الافتخار بالفحولة [112]8_ النصف الأسفل من المرأة [114]  9_ الهجران  [ 115 ] 10_  تخفيف الهجران  [116] 11_ذُل الحب[118]12_إرجاع القلب[119]13_سلاح المرأة دموعها[120] 14 _ الطهارة والنقاء [ 122 ] 15 _ المجازفة بالحياة من أجل  العشيقة [ 123 ] 16_ قميص  النوم [ 124 ] 17 _  مكوِّنات النصف الأعلى من المرأة  [ 126 ] 18_ الإعراض عن العاشق واستقباله [ 127 ] 19 _ وصفُ العُنق [ 128 ]20_ وصفُ الشَّعْر [ 129 ] 21_ العشيقةُ الثَّرية [ 131 ]  22 _ نورُ الوجه [134] 23_ طُول القامة [135] 24 _ رسوخُ العِشق [136]   25_رفض النصيحة واللوم[137] 26_ الرقص [ 138 ] 27_ الغِناء [ 139 ] 28_ التعري [142]     29_ التمتع بالمرأة [143]30_ الحنين إلى النساء [145]31_ جَمال النساء الحِسِّي  [146]  32_الشوق إلى نساء القبيلة[146] 33_ صعوبة الوصول إلى العشيقة [147] 34_  الوِصال والقطيعة [ 149 ] 35_ معاناة البِعاد[150] 36 _الخوف من الخيانة [ 151 ] 37 _  ثدي المرأة [153] 38_الطُّول وثقل الأرداف[154] 39_الوِرك والخاصرة [155] 40_ الساقان والخلاخيل[155 ]41 _ الحزن لفراق العشيقة[156]42_ تذكُّر الهوى عند الرحيل [159] 43 _ إقامة العشيقة في أرض الأعداء [ 160 ] 44 _ العشق رغم عداوة القبائل [161 ] 45 _ منزلة العشيقة في القلب[162]  46 _ الوَداع [163] 47 _  هدوء العشيقة [164] 48 _عدم التجسس[166] 49_العِشق في الكِبَر[167]50_دموع العاشق وبكاؤه [ 167] 51 _  صَبْرُ العاشق  [ 170 ] 52 _  عذاب العاشق [170]
الفصل الثامن : الخمر...................................................................175
تمهيد [ 176]1_  المسارعة إلى الشرب  [177] 2_ الخمر تزيل العطش [ 178] 3_ التأثير الاجتماعي للخمر[179]4_ الوصف المادي للخمر [181] 5_ الخمر تُنسي الهموم [ 182 ] 6_  الخمر والكَرَم  [ 183 ] 7_ الخمر والأمكنة[186]

الفصل التاسع : العشيرة ( القبيلة ) وقوانينها..............................................187
تمهيد[188]1_سُلطة العشيرة[189]2_ إنقاذ الأفراد للعشيرة[190] 3_ الدفاع عن أبناء العشيرة [193]4_ فرسان العشيرة [195] 5_ تماسك العشيرة [196] 6_ الافتخار بالآباء والسَّيْر على خُطاهم[198]7_السَّطْوة العشائرية[199]8_الافتخار بالنَّسَب والحَسَب [201]
الفصل العاشر: الطعام والإطعام..........................................................203
تمهيد[204]1_ إطعام العذارى [205] 2_كثرة الطعام[ 206] 3_ إطعام الندامى [207] 4_ طعام السادة وطعام الخدم [208]
الفصل الحادي عشر : المال............................................................209
تمهيد[210]1_تمنِّي الغِنى [211] 2_ التقلب بين الفقر والغِنى  [211] 3 _ جمع المال للوَرَثة [212]
الفصل الثاني عشر : منظومة القِيَم ( الإيجابية والسلبية ).................................213
تمهيد [214] أ_ القِيَم الإيجابية[215] 1_الإقدام[215] 2_إعانة القوم [215] 3_ نجدة المستغيث[216]4_الجرأة[217] 5_الثبات عند المصائب [218] 6_ بذل المعروف [219] 7 _الوفاء بالعهد [219] 8 _ مدح الخصوم [220] 9_تعظيم الضيف والجار [221 ] 10_مساعدة الأيتام والفقراء والمساكين[222]11_الإيثار[ 223] 12_الكَرَم  [224] 13_ الأمانة [225] 14_ الشَّرف والمجد  [226 ]  15 _ الصمود والثبات  [226 ] 16_ مساعدة الناس [227] 17_العِزَّة[228]ب_القيم السلبية[229]1_التناقض وازدواج الشخصية[229]2_البخل[230] 3 _الذُّل [231 ] 4 _الإحسان في غَيْر مَوْضعه [ 232 ] 5_ الظلم [ 232 ] 6 _ التكبر [ 233 ] 7_ الغِيبة[234] 8_ الذم والانتقاص [235] 9_ الثأر [235] 10_ التبذير [237]
الفصل الثالث عشر : مشكلات أُسرية...................................................239
تمهيد [240]1_وصال الأغراب وهجران الأقارب[241]2_ابتعاد القريب [242] 3_ظلم الأقارب[243]4_الفجوة بين الابن والأب(صراع الأجيال)[244]
الفصل الرابع عشر : ممارَسات جاهلية...................................................245
تمهيد [246]1_ لعبة الفِيال [247]2_ الميْسِر ( القِمار ) [248]3_ الذبح للأصنام[251]4 _ البُعد الأسطوري ( الميثولوجي ) [251] 5 _ الأنصاب [ 252 ]
6_ التحية [253] 7_ التمائم [254] 8 _ شَق الجيْب ( النياحة ) [255] 9_ استخدام النساء للإِثمِد [255]
الفصل الخامس عشر : الحيوانات.......................................................257
تمهيد [258] 1_ الخيل والفَرس [259]2_ السِّباع [262] 3_ الحِمار والذئب [264] 4_ الإبل والناقة [265]5_ البقر والظباء [268]6_ الظباء والنعام [269]
صدر للمؤلف...........................................................................271

فهرس..................................................................................272
facebook.com/abuawwad1982

15‏/08‏/2014

الجزء الأول من أعمالي الشعرية الكاملة

الجزء الأول من الأعمال الشعرية الكاملة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد 

......................

محاولة لفهم لغة البحر
أموت في كومة الأنقاض واقفاً
أغنيات للطوفان القادم من وراء التل
يوم تزوج الخليفة الذي لم نبايعه
الطريق إلى الطريق
تناول الديمقراطية على الغداء
دمي ليس شاطئاً للعشاق
بلبل يهزم الطاغية
خواطر جندي فرنسي
انتحار الجنرال
الرحيل قبل الأخير

اغتيال العُصفور تحت نجمات الدمع

المنارة والرمال
خشبة المسرح وخشبة الإعدام
أمام قبر النبي شُعَيْب
الساعة الرملية تعلن موعد بكائي
رسالة من النمر إلى اللبؤة
ذاكرة بين الشفق والقبور
السَّفر والأرض القادمة
زنزانة في الزنزانة
غَزالة فارسية في عُلبة الكِبريت
نشيد الرفض
منفى على شكل عُشبة
كشمير تَلبسني
سِفر الرؤيا
عُصفورة تبكي اسمها الأرض
الحضارة المحنَّطة في الدموع
الأغراب والمزهريات المخدوشة
ليالي المايسترو المشلول
عشتُ غريباً ومِتُّ غريباً
نقوش على جسد الرياح
الحب في غرفة العناية المركزة
المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة

أصواتُ الموْتى تَنطلقُ مِن رِئتي